أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2019
2912
التاريخ: 8-8-2019
3765
التاريخ: 9-8-2019
4893
التاريخ: 7-8-2019
9167
|
قال تعالى : { مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [التوبة : 120 ، 121] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
لما قص الله سبحانه قصة الذين تأخروا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك ، ثم اعتذارهم عن ذلك ، وتوبتهم منه ، وأنه قبل توبة من ندم على ما كان منه لرأفته بهم ، ورحمته عليهم ، ذكر عقيب ذلك على وجه التوبيخ لهم ، والإزراء على ما كانوا فعلوه ، فقال : {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله} ظاهره خبر ، ومعناه نهي ، مثل قوله : {ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} أي : ما كان يجوز ، وما كان يحل لأهل مدينة الرسول ، ومن حولهم من سكان البوادي ، ان يتخلفوا عنه في غزاة تبوك وغيرها ، بغير عذر . وقيل : انه مزينة ، وجهينة ، وأشجع ، وغفار ، وأسلم .
{ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه} أي : ما كان يجوز لهم ، ولجميع المؤمنين أن يطلبوا نفع نفوسهم بتوقيتها دون نفسه ، وهذه فريضة ألزمهم الله إياها لحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما دعاهم إليه من الهدى الذي اهتدوا به ، وخرجوا من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان . وقيل : معناه ولا يرضوا لأنفسهم بالخفض والدعة ، ورسول الله في الحر والمشقة . يقال : رغبت بنفسي عن هذا الأمر أي : ترفعت عنه ، بل عليهم أن يجعلوا أنفسهم وقاية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم {ذلك} أي : ذلك النهي لهم ، والزجر عن التخلف {بأنهم لا يصيبهم ظمأ} أي : عطش {ولا نصب} أي : ولا تعب في أبدانهم {ولا مخمصة في سبيل الله} أي : ولا مجاعة وهي شدة الجوع في طاعة الله {ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار} أي : لا يضعون أقدامهم موضعا يغيظ الكفار وطؤهم إياه ، يعني دار الحرب ، فإن الانسان يغيظه ويغضبه أن يطأ غيره موضعه {ولا ينالون من عدو نيلا} أي : ولا يصيبون من المشركين أمرا ، من قتل ، أو جراحة ، أو مال ، أو أمر يغمهم ، ويغيظهم {إلا كتب لهم به عمل صالح} وطاعة رفيعة {إن الله لا يضيع أجر المحسنين} أي : الذين يفعلون الأفعال الحسنة التي يستحق بها المدح والثواب . وفي هذا تحريض على الجهاد وأعمال الخير .
{ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة} أي : ولا ينفقون في الجهاد ، ولا في غيره من سبل الخير والمعروف؟ نفقة قليلة ولا كثيرة ، يريدون بذلك اعزاز دين الله ، ونفع المسلمين ، والتقرب بذلك إلى الله تعالى {ولا يقطعون واديا} أي : ولا يجاوزون واديا {إلا كتب لهم} ثواب ذلك {ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون} أي : يكتب طاعاتهم ليجزيهم عليها بقدر استحقاقهم ، ويزيدهم من فضله حتى يصير الثواب أحسن وأكثر من عملهم . وقيل : إن الأحسن من صفة فعلهم ، لأن الأعمال على وجوه : واجب ، ومندوب ، ومباح . وإنما يجازي على الواجب والمندوب ، دون المباح ، فيقع الجزاء على أحسن الأعمال . وقيل : معناه ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون .
قال ابن عباس : يرضيهم بالثواب ، ويدخلهم الجنة بغير حساب . والآيتان تدلان على وجوب الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وحظر التخلف عنه ، وقد اختلف في ذلك ، فقيل : المراد بذلك جميع من دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجهاد ، وهو الصحيح . وقيل : المراد به أهل المدينة ، ومن حولها من الأعراب .
ثم اختلف فيه من وجه آخر فقيل : إنه خاص في النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ليس لأحد أن يتخلف عنه في الجهاد إلا لعذر . فأما غيره من الأئمة فيجوز التخلف عنه ، عن قتادة . وقيل : إن ذلك لأول هذه الأمة وآخرها من المجاهدين في سبيل الله ، عن الأوزاعي ، وابن المبارك . وقيل : إن هذا كان في ابتداء الاسلام ، وفي أهله قلة ، فأما الآن وقد كثر الاسلام وأهله ، فإنه منسوخ بقوله : {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} الآية ، عن ابن زيد . وهذا هو الأقوى ، لأنه لا خلاف أن الجهاد من فروض الكفايات ، فلو لزم كل أحد ، لصار من فروض الأعيان .
______________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 141-142 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هاتين الآيتين (1) :
{ ما كانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ومَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ } . ما كان لأهل المدينة ، اللفظ إخبار ، ومعناه النهي أي لا يجوز لهم التخلف ، وكلمة محمد اسم لشخص الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، والمراد بها هنا دين اللَّه والحق ، لأن دين الحق مجسم في شخصه الكريم . ونصرة الحق تجب على كل مسلم ، ولا تختص بأهل المدينة ومن حولهم ، وانما خص هؤلاء بالذكر لقربهم وجوارهم ولمناسبة الحديث عن غزوة تبوك ، والمعنى ان على كل مسلم أن يناصر الحق ، ويكافح الباطل ، ولا يؤثر منافعه ومصالحه على دين محمد متعللا بالكواذب كما فعل المنافقون .
{ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ ولا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ ولا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ } .
ذلك إشارة إلى النهي عن التخلف ، والقعود عن جهاد المبطلين وكفاحهم ، والظمأ العطش ، والنصب التعب ، والمخمصة الجوع ، والموطئ الأرض . . وآلم شيء للإنسان ان تطأ أقدام عدوه تراب بلده ووطنه مسلما كان أو غير مسلم ، اللهم الا إذا كان عميلا ، لا دين له ولا ضمير . . والإسلام لا يجيز لأحد كائنا من كان ان يطأ أرضا لغيره الا لسببين : الأول أن يكون ذلك لدفع الضرر عن أهلها ، كما إذا شبت النار في بيت من البيوت ، فتدخله لإطفاء الحريق ودفع الضرر عن المالك والمجاورين . السبب الثاني : ان تدخل قوة عادلة بلدا لتردع أهله عما يبيتون من الظلم والعدوان على بلد آخر ، تماما كما فعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) في غزوة تبوك بعد عزم الروم على غزو المدينة والقضاء على الإسلام ونبيه .
{ إِنَّ اللَّهً لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } . وكفى المرء عظمة ان يراه اللَّه محسنا ، ولا شيء أيسر على الإنسان من عمل الإحسان ، ما دام اللَّه يكتب قعوده وقيامه بل وموطئا واحدا يطأه طاعة للَّه ، يكتب ذلك كله حسنات .
{ ولا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً ولا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ } . هذا وما قبله يتلخص بقوله تعالى : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } ، والغرض من هذا التفصيل الترغيب في عمل الخير ، والتحريض على جهاد من يسعى في الأرض فسادا .
_____________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 116-117 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
قوله تعالى : ﴿ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب﴾ إلى آخر الآيتين الرغبة ميل خاص نفساني والرغبة في الشيء الميل إليه لطلب منفعة فيه ، والرغبة عن الشيء الميل عنه بتركه والباء للسببية فقوله : ﴿ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه﴾ معناه وليس لهم أن يشتغلوا بأنفسهم عن نفسه فيتركوه عند مخاطر المغازي وفي تعب الأسفار ودعثائها ويقعدوا للتمتع من لذائذ الحياة ، والظمأ العطش ، والنصب التعب والمخمصة المجاعة ، والغيظ أشد الغضب ، والموطأ الأرض التي توطأ بالأقدام .
والآية تسلب حق التخلف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل المدينة والأعراب الذين حولها ثم تذكر أن الله قابل هذا السلب منهم بأنه يكتب لهم في كل مصيبة تصيبهم في الجهاد من جوع وعطش وتعب وفي كل أرض يطئونها فيغيطون به الكفار أو نيل نالوه منهم عملا صالحا فإنهم محسنون والله لا يضيع أجر المحسنين ، وهذا معنى قوله : ﴿ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ﴾ إلخ .
ثم ذكر أن نفقاتهم صغيرة يسيرة كانت أو كبيرة خطيرة وكذا كل واد قطعوه فإنه مكتوب لهم محفوظ لأجلهم ليجزوا به أحسن الجزاء .
وقوله : ﴿ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون﴾ غاية متعلقه بقوله : ﴿كتب لهم﴾ أي غاية هذه الكتابة هي أن يجزيهم بأحسن أعمالهم ، وإنما خص جزاء أحسن الأعمال بالذكر لأن رغبة العامل عاكفة عليه ، أو لأن الجزاء بأحسنها يستلزم الجزاء بغيره ، أو لأن المراد بأحسن الأعمال الجهاد في سبيل الله لكونه أشقها وقيام الدعوة الدينية به .
وهاهنا معنى آخر وهو أن جزاء العمل في الحقيقة إنما هو نفس العمل عائدا إلى الله فأحسن الجزاء هو أحسن العمل فالجزاء بأحسن الأعمال في معنى الجزاء بأحسن الجزاء ومعنى آخر وهو أن يغفر الله سبحانه سيئاتهم المشوبة بأعمالهم الحسنة ويستر جهات نقصها فيكون العمل أحسن بعد ما كان حسنا ثم يجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون فافهم ذلك وربما رجع المعنيان إلى معنى واحد .
______________________
1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 336-337 .
تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :
معاناة المجاهدين لا تبقى بدون ثواب :
كان البحث في الآيات السابقة حول توبيخ وملامة الممتنعين عن الاشتراك في غزوة تبوك ، وتبحث هاتان الآيتان البحث النهائي لهذا الموضوع كقانون كلّي .
فالآية الأولى تقول : {ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ومَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ولا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} لأنّه قائد الأمّة ، ورسول اللّه ، ورمز بقاء وحياة الأمّة الإسلامية ، وإن تركه وحيدا لا يعرض حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم للخطر فحسب ، بل يعرّض دين اللّه ، وكذلك وجود وحياة المؤمنين أيضا أمام الخطر الجدي .
إنّ القرآن- في الواقع- يرغّب كل المؤمنين بملازمة النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم وحمايته والدفاع عنه في مقابل كل الأخطار والعقبات باستعمال نوع من البيان والتعبير العاطفي ، فهو يقول: إنّ أرواحكم ليست بأعزّ من روح النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم وحياتكم ليست بأفضل من حياته ، فهل يسمح لكم إيمانكم أن تدعو النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم يواجه الخطر وهو أفضل وأعز موجود إنساني ، وقد بعث لنجاتكم وقيادتكم نحو الهدى وتستثقلون التضحية في سبيله حفاظا على أرواحكم وسلامتكم؟! من البديهي أنّ التأكيد على أهل المدينة وأطرافها إنّما هو لأنّ المدينة كانت مقرّ الإسلام يومئذ ومركزه المشع ، وإلّا فإنّ هذا الحكم غير مختص بالمدينة وأطرافها ، وغير مختص بالنّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم ، فإنّ واجب كل المسلمين ، وفي جميع العصور أن يحترموا ويكرموا قادتهم كأنفسهم ، بل أكثر ، ويبذلون قصارى جهدهم في سبيل الحفاظ عليهم ، ولا يتركوهم يواجهون الصعاب والأخطار وحدهم ، لأنّ الخطر الذي يحدق بهؤلاء يحدق بالأمّة جميعا .
ثمّ تشير الآية إلى مكافآت المجاهدين المعدة مقابل كل صعوبة يلاقونها في طريق الجهاد ، وتذكر سبعة أقسام من هذه المشاكل والصعاب وثوابها ، فتقول : {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ ولا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ ولا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ} ، ومن المحتم أنّهم سيقبضون جوائزهم من اللّه سبحانه ، واحدة بواحدة ، ف {إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} . وكذلك فإنّهم لا يبذلون شيئا في امر الجهاد : {ولا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً} ولا يقطعون أرضا في ذهابهم للوصول إلى ميدان القتال ، أو عند رجوعهم منه إلّا ثبت كل ذلك في كتبهم : {ولا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ} وإنّما يثبت ذلك {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} .
وهنا يجب الانتباه لمسائل :
1- إنّ جملة {لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا} قد فسّرها أغلب المفسّرين كما ذكر أعلاه ، وقالوا: إنّ المقصود هو أن المجاهدين في سبيل اللّه لا يتلقون ضربة من قبل العدو ، سواء جرحوا بها أو قتلوا أو أسروا وأمثال ذلك ، إلّا وتسجّل في صحائف أعمالهم ليجزوا عليها ، ومقابل كل تعب وصعوبة ما يناسبها من الأجر ، ومن الطبيعي أننا إذا لا حظنا أنّ الآية في مقام ذكر المصاعب وحسابها ، فإن ذلك ممّا يناسب هذا المعنى .
إلّا أنّنا إذا أردنا أن نفسر هذه العبارة بملاحظة ترتيب الفقرات وموقع هذه الجملة منها ، وما يناسبها لغويا ، فإنّ معنى الجملة يكون : إنّهم لا ينزلون بالعدو ضربة إلّا كتبت لهم ، لأنّ معنى نال من عدوه في اللغة : ضربه ، إلّا أن النظر إلى مجموع الآية يرجح التّفسير الأوّل .
2- ذكر المفسّرون تفسيرين لجملة : {أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} : أحدهما على أساس أن كلمة (أحسن) وصف لأفعالهم ، والآخر على أنّها وصف لجزائهم .
فعلى التّفسير الأوّل وهو ما اخترناه ، وهو الأوفق لظاهر الآية- فأنّ أعمال المجاهدين هذه قد اعتبرت وعرّفت بأنّها أحسن أعمالهم في حياتهم ، وأنّ اللّه سبحانه سيعطيهم من الجزاء ما يناسب أعمالهم .
وعلى التّفسير الثّاني الذي يحتاج إلى تقدير كلمة (من) بعد كلمة (أحسن) فإنّها تعني إن جزاء اللّه أفضل وأثمن من أعمالهم ، وتقدير الجملة : ليجزيهم اللّه أحسن ممّا كانوا يعملون ، أي سيعطيهم اللّه أفضل ممّا أعطوا .
3- إنّ الآيات المذكورة لا تختص بمسلمي الأمس ، بل هي للأمس واليوم ولكل القرون والأزمنة .
ولا شك أنّ الاشتراك في أي نوع من الجهاد ، صغيرا كان أم كبيرا ، يستبطن مواجهة المصاعب والمشاكل المختلفة ، الجسمية منها والروحية والمالية وأمثالها ، إلّا أن المجاهدين أناروا قلوبهم وأرواحهم بالإيمان باللّه ووعوده الكبيرة . وعلموا أن كل نفس وكلمة وخطوة يخطونها في هذا السبيل لا تذهب سدى ، بل إنّها محفوظة بكل دقة دون زيادة أو نقصان ، وإنّ اللّه سبحانه سيعطيهم في مقابل هذه الأعمال- باعتبارها أفضل الأعمال- من بحر لطفه اللامتناهي أنسب المكافئات وأليقها . . .
إنّهم إذا عاشوا هذا الإحساس فسوف لا يمتنعون مطلقا من تحمل هذه المصاعب مهما عظمت وثقلت ، وسوف لا يدعون للضعف طريقا إلى أنفسهم مهما كان الجهاد مريرا ومليئا بالحوادث والعقبات .
_______________________
1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص 339-400 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|