أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2022
2104
التاريخ: 17-1-2022
1552
التاريخ: 24-7-2019
23994
التاريخ: 13-1-2022
1608
|
الأزمة المالية العالمية 2008
المبحث الأول : جذور الأزمة ومظاهرها وأسبابها الرئيسية
أولاً : أسباب وجذور أزمة عام 2008
ثانياً : مظاهر الأزمة المالية العالمية 2008
تمهيـد
ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاهـﻦ ﻣﻦ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺑﺪأت ﻓﻲ أﻗﻮى اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وهـﻮ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺛﻢ اﻧﺘﻘﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺪول اﻷورﺑﻴﺔ ﺛﻢ إﻟﻰ ﺑﻘﻴﺔ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ .
وﻣﻊ إن اﻷزﻣﺔ ﻗﺪ ﺑﺪأت ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻓﻲ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻋﺎم 2008 ، إﻻ إن ﺑﻮادرهـﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ كـﺎﻧﺖ ﺗﺘﺰاﻳﺪ ﻳﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮم ﻣﻨﺬ ﻋﺎم 2007 ، وﻟﻜﻦ رﺳﻤﻴًﺎ ﺑﺪأت ﻓﻲ ﻳﻮم 15 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻋﺎم 2008 ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻋﻠﻦ ﺑﻨﻚ (ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮذر) وهـﻮ أكـﺒﺮ ﺑﻨﻚ اﺳﺘﺜﻤﺎري ﻓﻲ أﻣﺮﻳﻜﺎ ﻋﻦ إﻓﻼﺳﻪ وﺿﺮورة ﺣﻤﺎﻳﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺪاﺋﻨﻴﻦ ﻓﻲ هـﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ .
واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن هـﺬﻩ اﻷزﻣﺔ هـﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺠﺪﻳﺪة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻌﺪ اﻷﺻﻌﺐ واﻷﻗﻮى ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻣﻨﺬ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ (كـﻤﺎ ذكـﺮﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺴﺎﺑق). وﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أﻧﻬﺎ أزﻣﺔ ﻣﺮكـﺒﺔ إذ ﻟﻬﺎ ﺗﺸﺎﺑﻜﺎت وﺗﺮاﺑﻄﺎت ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﻊ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪهـﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻣﺜﻞ ( أزﻣﺔ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﺮكـﻮدي ، أزﻣﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ ، أزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺪوﻟﻲ ، أزﻣﺔ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ، أزﻣﺔ اﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ،...اﻟﺦ ) وكـﻠﻬﺎ أزﻣﺎت هـﻴﻜﻠﻴﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑﺎﻟﻎ اﻟﻌﻤﻖ واﻟﺘﻌﻘﻴﺪ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺮاهـﻦ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻣﺘﻤﺜًﻼ ذﻟﻚ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎد اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻧﻲ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻇﺎهـﺮة (اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ، اﻟﻌﺠﺰ اﻟﺘﺠﺎري ، ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﺎﺋﺪة ، اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﺘﺰاﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻮازﻧﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ)....
اﻧﻄﻼﻗًﺎ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻳﺮﻏﺐ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ أن ﻳﺨﺼﺺ هـﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ إﻟﻰ ﺗﺤﻠﻴﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻋﺎم 2008 ودراﺳﺘﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺼﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻟﻸزﻣﺔ وﺗﺪاﻋﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت دول اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﻣﺎ هـﻲ اﻟﺴﺒﻞ واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺪروس واﻟﻌﺒﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻵﺛﺎر اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻟﻸزﻣﺔ ﻣﻊ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﺮؤﻳﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ واﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ هـﺬﻩ اﻷزﻣﺔ .
ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎء هـﺬا اﻟﻔﺼﻞ ﻣﺘﻀﻤﻨًﺎ اﻟﻤﺒﺎﺣﺚ اﻵﺗﻴﺔ :
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول : ﺟﺬور اﻷزﻣﺔ وﻣﻈﺎهـﺮهـﺎ وأﺳﺒﺎﺑﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻧﻲ : اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ اﻵﺛﺎر اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻸزﻣﺔ
اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻟﺜﺎﻟﺚ : أﺛﺮ اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
المبحث الأول :
ﺟﺬﻭﺭ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﻭﻣﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ﻭﺃﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ
ﹰ ﺃﻭﻻً : ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻭﺟﺬﻭﺭ ﺃﺯﻣﺔ ﻋﺎﻡ 2008
ﻳﻮاﺟﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺪة اﻟﺮاهـﻨﺔ أزﻣﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﺼﻔﺖ ﺑﺎﻷﺳﻮاق اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وأﺛﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻨﻮك واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ وﺑﺸﻜﻞ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ ﻣﻨﺬ أزﻣﺔ ﻋﺎم 1929 ، وﺗﻌﻮد ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ إﻟﻰ ﺁب / ﻋﺎم 2007 ﻋﺒﺮ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺄزﻣﺔ اﻟﺮهـﻦ اﻟﻌﻘﺎري أو اﻟﻘﺮوض اﻟﺴﻴﺌﺔ ذي اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ، إذ ﺗﻮﺳﻌﺖ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺢ ﻗﺮوض ﺳﻜﻨﻴﺔ ﻟﻌﺪد كـﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد ﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﺷﺮاء دور ﺳﻜﻨيـﺔ وارﺗﻔﻊ ﻓﻲ ﺿﻮء ذﻟﻚ ﻣﻌﺪل اﻟﺘﻤﻠﻴﻚ اﻟﺴﻜﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ من 64 % ﻓﻲ ﻋﺎم 1996 إﻟﻰ 69.2 % ﻓﻲ ﻋﺎم 2004 ، وﺗﻢ ﺗﺸﺠﻴﻊ هـﺬﻩ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﺎدر ﺳﻨﺔ 1977 ، واﻟﺬي ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ أن ﺗﺤﺼﻞ أي ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﻤﺎﻧﺎت ﻟﻮداﺋﻌﻬﺎ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ مـﻦ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻔﺪراﻟﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻮداﺋﻊ إذا اﻟﺘﺰﻣﺖ ﺑﺎﻹ ﻗﺮاض إﻟﻰ أﺳﺮ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻣﻦ ذوي اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ(1) .
وﻣﻊ ﺗﻮﺳﻊ اﻟﺒﻨﻮك واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﺴﺐ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻌﻘﺎري دون ﺿﻤﺎﻧﺎت كـﺎﻓﻴﺔ أﺛﺮ ذﻟﻚ ﺳﻠﺒًﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ رﻏﻢ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﺎ اﻻﻗﺘﺮاض ﻣﻦ ﺑﻨﻮك أﺧﺮى ﻋﺒﺮ اﻟﺴﻮق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ورﻓﻀﻬﺎ إﻗﺮاﺿﻬﺎ ، وﺗﺪﺧﻞ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﻤﺮكـﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻠﻴﺎرات اﻟﺪوﻻرات كـﻘﺮوض ﻟﻠﺒﻨﻮك ، إﻻ أﻧﻪ اﺗﺴﻌﺖ رﻗﻌﺔ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺠﺰ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ اﻷﻣﺮاﻟﺬي أدى ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ إﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﺣﺎﻻت اﻹﻓﻼس اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪهـﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ واﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺣﻴﺚ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻓﻠﺴﺖ أو أﺻﺒﺤﺖ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ اﻹﻓﻼس ﺣﻮاﻟﻲ (120) ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ إﻓﻼس ﻣﺆﺳﺴﺘﻲ (ﻟﻴﻨﺶ ﻟﻴﻤﺎن ﺑﺮذر و ﻣﻴﺮل) ووﺻﻠﺖ أكـﺒﺮ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺗﺄﻣﻴﻦ أﻣﺮﻳﻜﻴﺔ AIG American International Group ﺣﺎﻓﺔ اﻹﻓﻼس ﻟﻮﻻ ﺗﺪﺧﻞ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ واﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﻔﺪراﻟﻲ ﻹﻧﻘﺎذهـﺎ(2) .
وﻳﻜﻔﻲ اﻹﺷﺎرة هـﻨﺎ إﻟﻰ ان اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ كـﻠﻔﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺣﻮاﻟﻲ 1000 ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣﻤﺎ اﺳﺘﺪﻋﻰ ﺗﺪﺧًﻼ ﻣﺒﺎﺷﺮًا ﻣﻦ اﻹدارة اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻹﻳﺠﺎد ﺣﻞ ﻟﻬﺬﻩ اﻷزﻣﺔ ، وﺧﺼﺼﺖ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﺿﺨﻤﺔ ﻟﺘﺠﺎوزهـﺎ ﻗﺪرت ﺑﺤﻮاﻟﻲ (800) ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ، وﻳﻘﺪر ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺎﺿﺨـه اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻲ اﻟﻔﺪراﻟﻲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺣﺘﻰ اﻵن ﺣﻮاﻟﻲ 180 ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ، كـﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺨﺰاﻧﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻄﺮح ﺳﻨﺪات ﻣﺰﻳﻔﺔ وﺷﺮاء اﻟﻘﺮوض اﻟﻤﺘﻌﺜﺮة ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﻤﺼﺎرف واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ (3) .
وﺳﺎهـﻢ ﺗﺤﺮﻳﺮ أﺳﻮاق اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ اﻟﻌﻘﺎري ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﺤﺪ اﻷﻗﺼﻰ ﻟﻼﻗﺮاض ، ﻷﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻮداﺋﻊ ، وإﻟﻐﺎء اﻟﻘﻴﻮد ﻋﻠﻰ اﻻﺋﺘﻤﺎن ﻓﻲ ﻓﺘﺢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﺰﻳﺎدة اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﻨﻮك واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت وﺳﺮﻋﺔ ﻧﻤﻮ اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﻌﻘﺎري .
واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ أﻓﻀﺖ إﻟﻰ زﻳﺎدة ﻧﻤﻮ اﻻﺋﺘﻤﺎن واﻟﺘﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻳﺮﺟﻊ ﻟﻜﻮن أﺳﻮاق اﻟﺮهـﻦ اﻟﻌﻘﺎري ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻧﺬكـﺮ ﻣﻨﻬﺎ :
أ ـ ارﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻘﺮض إﻟﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ ( أي ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻘﺮض اﻟﻌﻘﺎري إﻟﻰ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺴﻜﻦ ) وﻣﺪة اﻟﻘﺮض ﻓﺎرﺗﻔﺎع ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻘﺮض إﻟﻰ اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻳﻔﺴﺢ اﻟﻤﺠﺎل أﻣﺎم اﻟﻤﻘﺘﺮﺿﻴﻦ ﻹﻗﺮاض اﻟﻤﺰﻳﺪ ، بينما ﺗﺴﻤﺢ ﻣﺪد اﻟﺴﺪاد اﻷﻃﻮل ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ (اﻟﻤﻘﺼﻮد ﺑﺨﺪﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ ﺳﺪاد اﻟﻘﺴﻂ ﻣﻀﺎﻓًﺎ إﻟﻴﻪ اﻟﻔﺎﺋﺪة اﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ) إﻟﻰ اﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﺪود ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﻴﻌﺎﺑﻬﺎ.
ب ـ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻜﺮار اﻻﻗﺘﺮاض ﺑﻀﻤﺎن ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺴﻜﻦ واﻟﺴﺪاد اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻟﻠﻘﺮض ﺑﺪون رﺳﻮم ﻓﺈﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻻﻗﺘﺮاض ﺑﻀﻤﺎن اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﻤﺘﺮاكـﻤﺔ ﻟﻠﺴﻜﻦ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻠﺠﻬﻮد ﺑﺎﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﺛﺮواﺗﻬﻢ اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ، واﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض ﻋﻨﺪ ارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻤﺴﺎكـﻦ ، وﺗﺴﺒﺐ رﺳﻮم اﻟﺴﺪاد اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﺪ ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة ﺗﻤﻮﻳﻞ ﻗﺮوﺿﻬﻢ اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة .
ت ـ إﻧﺸﺎء أﺳﻮاق ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ ﻟﻠﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ازداد ﺗﻄﻮر أﺳﻮاق اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺳﻴﺠﺪ اﻟﻤﻘﺮﺿﻮن ﺳﻬﻮﻟﺔ أكـﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻋﺒﺮ أﺳﻮاق رأس اﻟﻤﺎل وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻘﺮوض ﻟﻠﺠﻬﻮد إذا ﻣﺎ ﺗﺴﺎوت اﻟﺸﺮوط اﻷﺧﺮى.
واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﺟﺬور أزﻣﺔ ﻋﺎم 2008 ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻗﺮار اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ رﻳﺘﺸﺎرد ﻧﻴﻜﺴﻮن ﻓﻲ ﺁب ﻋﺎم 1971 اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﻔﺼﻞ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﺬهـﺐ واﻟﺪوﻻر إذ إن هـﺬا اﻟﻘﺮار كـﺎن ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻳﻤﺜﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ ﻋﻤﻠﻴًﺎ . ﻓﻀًﻼ ﻋﻦ ﺗﻘﻠﺐ أﺳﻌﺎر اﻟﺼﺮف وأﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة واﻟﻤﻀﺎرﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺠﺮت ﻓﻘﺎﻋﺔ اﻟﻌﻘﺎرات ﻓﺄﻧﻔﺠﺮت أزﻣﺔ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ وأﺳﻮاق اﻟﺴﻨﺪات واﻷﺳﻬﻢ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ وأﻳﻀًﺎ ﻓﻲ ﻇﺎهـﺮة اﻟﻔﺴﺎد اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺢ ﻗﺮوض ﻋﻘﺎرﻳﺔ ﺳﺨﻴﺔ (كـﺒﻴﺮة ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ) ﻟﺰﺑﺎﺋﻦ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺪاد ﻃﻤﻌًﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ هـﺬﻩ اﻟﻘﺮوض إﻟﻰ ﺳﻨﺪات ﻋﻠﻰ أﻣﻞ إﻏﺮاق اﻷﺳﻮاق ﺑﻬﺎ ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺪﻓﻖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮال إﻟﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ دول (اﻟﺪوﻣﻦ) واﻟﺼﻴﻦ واﻟﻴﺎﺑﺎن ودﺧﻮﻟﻬﺎ واﺳﺘﺜﻤﺎرهـﺎ ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ذات ﻣﺨﺎﻃﺮ كـﺒﻴﺮة كـﺴﻮق اﻟﺮهـﻦ اﻟﻌﻘﺎري .
وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺄن ﺟﺬور اﻷزﻣﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺮاهـﻨﺔ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺛﻼث ﻋﻘﻮد ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻤﺎﻟﻲ ﺗﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺼﺮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﺎﻟﺰراﻋﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﺗﻄﻮر اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ (ﺷﺮكـﺎت اﺳﺘﺜﻤﺎر ، ﺑﻨﻮك وﺑﻮرﺻﺎت وﺷﺮكـﺎت ﺗﺄﻣﻴﻦ واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﻣﻊ ﻇﺎهـﺮة اﻟﻌﻮﻟﻤﺔ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ) وﺗﺤﻮل ﻣﻌﻈﻢ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻮق ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ، وﻣﻊ وﺟﻮد ﻣﻮﺟﺔ ﻏﻠﻴﺎن ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻓﻲ أﺳﻌﺎر اﻟﻌﻘﺎر ﻓﻲ ﻇﻞ وﺟﻮد ﺳﻴﻮﻟﺔ ﻓﺎﺋﻀﺔ ﻟﺪى ، اﻟﻤﺼﺎرف ﻻ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﻔﺬ اﺳﺘﺜﻤﺎري ﻟﻬﺎ (وﺑﻤﺎ أن اﻟﻌﻘﺎر ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻼذ ﻟﻼﺳﺘﺜﻤﺎر) اﺗﺠﻬﺖ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك ﻓﻲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺳﻴﻮﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ وﺗﻢ إﻳﺠﺎد اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﻄﺎء واﻹﻋﻼﻧﺎت ﻟﺘﻘﺪﻳﻢ أﻓﻀﻞ اﻟﻌﺮوض دون اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻀﻤﺎﻧﺎت أو ﺗﻌﻬﺪ أو ﺣﺘﻰ اﻟﺘﺄكـﺪ ﻣﻦ ﻣﻘﺪرة اﻟﻤﻘﺘﺮﺿﻴﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺪاد Credit history (4).
اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي أدى إﻟﻰ إﻗﺒﺎل اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ أﻓﺮادًا وﺷﺮكـﺎت ﻋﻠﻰ ﺷﺮاء اﻟﻤﺴﺎكـﻦ واﻟﻌﻘﺎرات ﺑﻬﺪف اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻃﻮﻳﻞ اﻷﺟﻞ وزادت وﻓﻘًﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻗﺮاض ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺒﻨﻮك وازداد اﻟﺘﻮﺳﻊ واﻟﺘﺴﺎهـﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺢ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ﻣﻦ ذوي اﻟﺪﺧﻮل اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ وذﻟﻚ ﻣﻦ دون ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺪرة اﻷﺳﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺪاد وﻋﺪم ﻣﻌﺮﻓﺔ هـﻮﻳﺘﻬﻢ اﻻﺋﺘﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻮال .
ﻓﻔﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم 2006 وﺣﺪوث ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺒﻊ اﻟﺘﻤﻮﻳﻠﻲ اﻟﻌﻘﺎري ارﺗﻔﻌﺖ أﺳﻌﺎر اﻟﻔﺎﺋﺪة اذ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ 5.2 % وأﺻﺒﺢ اﻷﻓﺮاد اﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮوض اﻟﺮدﻳﺌﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺪاد اﻷﻗﺴﺎط اﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﺣﺠﺰ اﻟﺒﻨﻮك ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻘﺎرات ﺑﻨﺴﺒﺔ 93 % وﻓﻘﺪ أكـﺜﺮ ﻣﻦ (2)ﻣﻠﻴﻮن أﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻠﻜﻴﺘﻬﻢ ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻌﻘﺎرات وأﺻﺒﺤﻮا ﻣﻜﺒﻠﻴﻦ ﺑﺎﻟﻐﺮاﻣﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻃﻴﻠﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ، وﻣﻤﺎ زاد ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﺗﺠﺎﻩ اﻟﺒﻨﻮك ﻓﻲ ﺗﺠﻤﻴﻊ اﻟﻘﺮوض اﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻟﻤﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ ﺳﻠﺔ واﺣﺪة وإﻋﺎدة ﺑﻴﻌﻬﺎ ﻟﻠﻤﺆﺳﺴﺎت واﻟﺸﺮكـﺎت اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ واﻟﻌﻘﺎرﻳﺔ اﻷﺧﺮى ﻟﺘﻘﻮم اﻷﺧﻴﺮة ﺑﺘﺠﻤﻴﻊ أﻗﺴﺎط اﻟﻘﺮوض ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻧﻴﻦ ، ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ اﻣﺘﺪاد ﺁﺛﺎر اﻷزﻣﺔ ﻟﻌﺪد كـﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻮك واﻟﺸﺮكـﺎت ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ودول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺧﺮى .
ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل أﻧﻪ ﻓﻲ ﺿﻮء هـﺬﻩ اﻟﻤﻈﺎهـﺮ ﻗﺪ ﺗﻨﺒﺄ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻴﻦ ﺑﺤﺪوث اﻧﻬﻴﺎرات ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ وﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮهـﻢ ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺪث اﻻﻗﺘﺼﺎدي (ﻣﻮرﻳﺲ اﻟﻴﻪ) اﻟﺤﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻗﺎﺋًﻼ ( أن ﻧﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ ﻳﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺎهـﻴﻢ واﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ هـﻲ أﺳﺎس ﺗﺪﻣﻴﺮﻩ إذا ﻟﻢ ﺗﻌﺎﻟﺞ وﺗﺼﻮب ﺗﺼﻮﻳﺒًﺎ ﻋﺎﺟًﻼ (5) ) إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﺑﻌﺾ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﻴﻦ قد ﺷﺨﺺ أن هـﻨﺎﻟﻚ ﺧﻠﻞ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮة اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﺗﻘﻮدﻩ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ وهـﺬا اﻟﺨﻠﻞ ﺳﻴﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﺣﺪوث كـﺎرﺛﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﺟﻤﻴﻊ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ.
وﻗﺪ ﺻﺎﺣﺐ هـﺬﻩ اﻟﺘﻨﺒﺆات دﻋﻮات ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ ﺗﻐﻴﺮ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ واﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻋﺘﻤﺎد على ﻣﻔﺎهـﻴﻢ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﻘﺪ ﺗﺤﺪث اﻟﻜﺎﺗﺐ (ﻳﻮﻓﻴﺲ ﻓﺎﻧﻮن) رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺻﺤﻴﻔﺔ (ﺗﺸﺎﻟﻴﺨﺮ) ﻣﻦ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ ﻟﻬﺎ مـﻮﺿﻮع(اﻟﻘﺮﺁن اﻟﺒﺎﺑﺎ) ﺣﻴﻦ ﻗﺎل (أﻇﻦ أﻧﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ أكـﺜﺮ ﻣﻦ هـﺬﻩ اﻷزﻣﺔ إﻟﻰ ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮﺁن ﺑﺪًﻻ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻴﻞ ﻟﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﺣﺪث ﺑﻨﺎ وﺑﻤﺼﺎرﻓﻨﺎ ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﺣﺎول اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎرﻓﻨﺎ اﺣﺘﺮام ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁن ﻣﻦ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ وأﺣﻜﺎم وﻃﺒﻘﻮهـﺎ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻨﺎ ﻣﻦ كـﻮارث وأزﻣﺎت وﻣﺎ وﺻﻞ ﺑﻨﺎ اﻟﺤﺎل إﻟـى هذا الحد المزري لان النقود لا تلد ﻧﻘﻮدًا (6) ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ فريد كورتل ، الأزمة المالية ، مفهومها أسبابها وانعكاساتها على الأزمة العربية ، بحث مقدم الى المؤتمر العلمي الثاني ، جامعة الاسراء ، عام 2008 ، ص2 .
2ـ فريد كورتل ، الأزمة المالية ، مفهومها أسبابها وانعكاساتها على الأزمة العربية ، مصدر سبق ذكره ، ص4 .
3ـ فريد كورتل ، المصدر السابق ، ص6 .
4ـ احمد حيان ، التجارة الدولية والأزمة المالية ، 2008 ، شبكة الانترنت الدولية .
5ـ Http//www.chka net articles .
6ـ سامي قنطقجي ، ضولبط الاقتصاد الاسلامي في معالجة الأزمات المالية ، دمشق ، دار النهضة ، 2007 ، ص16.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|