الفصل السابـع 

التحالفات الاستراتيجية 

تشير الدراسات الحديثة اليوم الى وجود علاقة واضحة وراء تطوير المنتجات و خصوصاً ذات المحتوى التكنلوجي والتحالفات الاستراتيجية، حيث اثبتت هذه الدراسات ان أسلوب التحالف الاستراتيجي بين المؤسسات كان له الدور البارز خلف هذه النجاحات المتكررة و لذلك سنعمد في هذا الفصل الى ايضاح التحالفات الاستراتيجية (Strategic Alliances) ومدى دورها و علاقتها في الصناعة المعرفية و المالية عبر عرض موجز و واضح المعالم.

أولاً :

مدخل للتحالفات الاستراتيجية

تعد من ابرز الصفات التي تتسم بها بيئة اعمال القرن الحادي والعشرين هي ان منظمات الاعمال اصبحت ذات قدرات تنافسية عالية وذلك من خلال تحالفها مع منظمات اخرى تزودها بالقابليات والموارد اللازمة للمنافسة في بيئة الاعمال ويعزى السبب وراء تلك التحالفات لارتفاع مستويات التطور التكنلوجي وبروز ظاهرة العولمة مما جعلها ناجحة في العديد من الصناعات اليوم

ولذلك نجد ان العديد من المؤسسات المالية وجدت ضالتها في التحالفات الاستراتيجية كبديل ناجح عن استراتيجية الاندماج وتحديداً تلك المؤسسات المالية التي تود العمل باستقلالية في ظل البيئة الدايناميكية ولما تقدمه التحالفات الاستراتيجية من مرونة عالية (High Flexibility) في التنافس مع المؤسسات المالية الكبيرة وسهولة الولوج الى اسواق جديدة دون تكبد تكاليف كبيرة مع امكانية تنويع خدماتها من خلال التحالفات مع المؤسسات المالية الاخرى مثل صناديق الاستثمار (Mutual Funds) وشركات التأمين (Insurance company)، وهذا ما نجده ايضا عند (Peter Drucker) عندما يقول ان التغيرات في ثقافة المنظمة وطبيعة عملها والتي تؤدي الى زيادة وتيرة نمو المنظمة وعلاقتها لا تأتي من التملك وحسب وانما من خلال عقد الشراكات ايضاً.

وللوقوف على مفهوم التحالفات الاستراتيجية فانه علينا بيان اصل هذه الاستراتيجية حيث ان هذه الاستراتيجية تأتي من مصطلح اكثر عمومية وهو استراتيجيات التعاون المشترك (Cooperative Strategy) والتي تعرف على انها (محاولة المنظمات ادراك اهدافها من خلال التعاون مع المنظمات الاخرى وليس من خلال التنافس معها واما التحالفات الاستراتيجية فانها تعرف على انها (اتفاقية إلزامية بين منظمتين او اكثر تتضمن التبادل والمشاركة والتطور المشترك للمنتجات والخدمات والتكنولوجيا).

اما (Hyder and Abraha) فيعرفانها على انها (اتفاقية تعاونية طويلة الاجل بين منظمتين مستقلتين أو اكثر من خلال تداخل انشطة اعمال للحصول على مكاسب مشركة) وبالتالي فإن التحالفات هي ببساطة مشاركة الموارد والقابليات لتحقيق هدف مشترك لكل المنظمات المتحالفة وهنا التحالف يتباين من تحالف الى آخر فهو يمتد من مجرد التعاون الى إنشاء وحدة مستقلة يشترك في انشائها وادارتها المتحالفين والتي تسمى بالمشاريع المشتركة (Joint Venture) و نجدها كثيراً ما ترد عندما يذكر مصطلح التحالفات الاستراتيجية و التي تعرف بدورها على انها (قيام منظمتين او اكثر بانشاء منظمة جديدة من مواردها والتى يشركون بادارتها و ملكيتها وتقاسم عوائدها) و يعرفها (Schuer et al) بانها (انشاء منظمة منفصلة قانونياً بواسطة منظمتين متحالفتين ومتشاركتين في ادارياً وملكيتها) ووفقا ل (Gaughan) ان التحالف الاستراتيجي ارتباط اقل رسمية مما عليه في المشاريع المشتركة حيث ناتج المشروع المشترك يكون وحدة اقتصادية جديدة منفصلة تتكون نتيجة ثمرة هذا التعاون بينما نجد ان باقي صيغ التحالفات الاستراتيجية تكون بصيغة اتفاق تعاوني لا يرتب عليه سوى الشرع بالتعاون والمشاركة دون انشاء وحدة جديدة ما و ان باقي صيغ التحالفات الاستراتيجية تكون اقل التزاماً واقل تكاليف واقل سيطرة منها في المشاريع المشتركة و بالتالي اقل تعقيداً.

وتُعرف التحالفات الاستراتيجية للمؤسسات المالية وفقاً لـ (Moles and Terry) على انها تحدث (عندما تتحالف مؤسستان أو اكثر لتقديم أو تطوير خدمة معينة) .

في حين يعرفها (al - Huq) بانها (قيام مجموعة من المؤسسات المالية بالعمل معاً و التعاون من خلال علاقات تربطها معاً لتحقيق هدف معين) اما (Stigum and Cresenzi) فيعرفانها على كونها (اتحاد مجموعة من المؤسسات المالية فيما بينها من اجل زيادة مقدرتها الاقراضية و التوسع الى اسواق جديدة و الدخول في مجالات اعمال جديدة).

و من ملاحظة التعاريف اعلاه نجد ان تعاريف (Al-Huqb (Moles and Tery) و (Stigum and Crescenzi) تركز على الصيغة العامة للتحالف الاستراتيجي بين المؤسسات المالية اي التركيز على جوهر موضوع التحالف والذي هو التعاون وليس المنافسة من اجل تحقيق الاهداف المشتركة بين المؤسسات المالية المتحالفة اعتماداً على التداؤبية (synergy) الناجمة من تجمع مواردهم جميعها وتسخيرها لتحقيق تلك الاهداف والغايات المتمثلة بدخول اسواق جديدة او تقديم قروض بكميات كبيرة لا يقوى مصرف واحد على تقديمها او تطوير خدمات واعمال جديدة.

من خلال ما سبق تتضح ان التحالفات الاستراتيجية للمصارف ما هي الا الاستراتيجية البديلة عن الاندماج لتلك المؤسسات المالية التي لا تود الاندماج بسبب تفضيلها البقاء مستقلة او تلك التي تبحث عن المرونة في العمل المؤسساتي ولا تود الارتباط بعلاقة معقدة او التزام مقيد لعملها فنلاحظ ان التحالفات من شأنها ان تزيد من امكانياتها وخبراتها من خلال التعلم من المتحالفين معها من اجل الوصول الى الميزة التنافسية و بناء على ما ورد سابقاً يمكننا ان نعرف التحالفات الاستراتيجية للمؤسسة المالية على انها: ((اتفاقية تعاون مشترك بين مؤسستين او اكثر تقوم من خلالها المؤسسات المالية بمشاركة الموارد والقابليات والخبرات مع بعضها البعض على اساس المنفعة المتبادلة من اجل تحقيق اهداف مشتركة وصولاً لتحقيق الميزة التنافسية)).