المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



الهجرة: الابعاد الدينية والاجتماعية  
  
3389   02:12 مساءً   التاريخ: 17-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 260-264.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

تعني الهجرة حركة الافراد بصورة نهائية الى مكان جديد، بعد ان يقطعوا مسافة طويلة بواسطة أو مشياً على الاقدام. فالافراد الذين ينتقلون من قريتهم الى قرية مجاورة لا يُعتبر تحركهم هجرة، ولا الذين ينتقلون الى منطقة بعيدة بشكل مؤقت مع انه قد يطلق على ذلك «هجرة» مجازاً. ولكن الهجرة تتلب: الابتعاد عن الوطن مسافة بعيدة، والبقاء في الوطن الجديد بصورة دائمية ونهائية. وقد كانت الهجرة من مكة الى يثرب في غرة ربيع الاول من السنة الثالثة عشرة من المبعث النبوي الشريف هجرة حقيقية، لانها كانت تعني الابتعاد عن الوطن مسافة طويلة، ولان النية كانت استحداث مدينة دائمية لعاصمة الاسلام. وقد تحقق ذلك. ولكن الذهاب الى الحبشة من قبل جعفر بن ابي طالب وعدد من المسلمين تسمّى هجرة مجازاً. فهي ليست هجرة حقيقية لان النبي (صلى الله عليه واله) لم يكن يفكر ببناء دولته في الحبشة، ولا الاستقرار فيها. 

1- الهجرة الى المدينة: الهجرة الحقيقية

ولا شك ان الذهاب الى يثرب من قبل المسلمين لم يكن مجرد انتقال عابر من مدينة الى اخرى، بل كانت حركة مخطط لها وكانت هجرة في سبيل الله. وقد أشار القرآن المجيد الى ذلك بالقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ} [التوبة: 20]. وفلسفة الهجرة من مكة الى المدينة _ التي نوّرها رسول الله (صلى الله عليه واله) بوجوده فيها _ تستبطن فكرة تصرح بانه كانت هناك فرصة لتثبيت الاسلام في موقع آمن ونشره في العالم، بعد ان كان محصوراً في بيوت معدودة في مكة. فلم تكن تلك الهجرة اذن اقتصادية او اجتماعية بل كانت دينية وجهادية بكل ما تعنيه الكلمة. وعندما نتحدث عن الهجرة وندرسها، فان ما يعنينا منها هو المهاجر، فهو أصل الهجرة، ومن أجله ومن اجل الفكرة التي يحملها تمت تلك العملية الشاقة.

والمحور في شخصية المهاجر هو شعوره بالطموح نحو المستقبل، وامتلاء نفسه بالامل في التغيير والبناء. فالفرد الذي لا يقتنع بدوره الاجتماعي والديني في بلده، يبدأ بالتفكير بالهجرة الى مكان جديد من اجل غد مشرق ومستقبل أفضل. وقد كان المهاجرون المسلمون الى المدينة يحلمون بتحدي المشركين ومقاتلتهم بالسيف حتى تنتشر كلمة التوحيد في جميع أنحاء الارض. وكان طموحهم يتجاوز اطار الصحراء العربية ليصل الى العالم كله.

ولا شك ان الاضطهاد الديني يُعدّ من اهم العوامل التي تدفع الانسان للهجرة من بلده. وقد عانى رسول الله (صلى الله عليه واله) وعلي (عليه السلام) وبقية المسلمين من ظلم قريش ومحاربتها للدين الجديد. ولذلك فقد كانت الهجرة عملية حتمية. لان التقية مقيدة بعدم القدرة على مواجهة الظالم، ولا يمكن ان تؤدي وظيفتها في ظرف كان يتطلب الانطلاق والتحرك والجهاد في سبيل الله ومقاتلة المشركين. وقد اُستخدمت التقية على نطاق ضيّق في قضية عمار بن ياسر ومسلمين مستضعفين آخرين. ولكن استثمار رخصة التقية لا يمكن ان يستمر هكذا فيختنق الدين، فكان لابد من التحرك باتجاه المدينة.

وكان ذلك التحرك الجماعي للمسلمين في السنة الثالثة عشرة من المبعث قد غيّر الخريطة السكانية والسياسية لمكة والمدينة. ذلك ان المهاجرين المسلمين كانوا اصحاب عقيدة يطمحون من هجرتهم تحقيق اهدافهم في نشر الدين الجديد، ولم يكونوا مجرد مهاجرين من اجل مصالح شخصية محدودة وأمل بالاسترخاء، خصوصاً اهل بيت النبوة (عليه السلام) ابتداءً برسول الله (صلى الله عليه واله) وعلي (عليه السلام) وبقية بني هاشم كحمزة وجعفر الذي كان في الحبشة، مروراً بأصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) كعمار وسلمان وأبي ذر والمقداد وغيرهم، وانتهاءً ببقية المسلمين.

فالهجرة المباركة تلك يمكن تشخيص ملامحها عبر تشخيص اهدافها والقوة التي كانت تضعها في المؤمنين بالدين الجديد. فقد كان الجو الايماني الملتهب ضدّ المشركين، والامداد المعنوي الذي كان يمدّه نزول القرآن المجيد على النبي (صلى الله عليه واله)، وقيادة رسول الله (صلى الله عليه واله) للمواجهة بين الايمان والكفر من العوامل الحاسمة في شحن شخصيات المهاجرين. ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه واله) ليهاجر في البداية ليأمن أذى المشركين، بل كان (صلى الله عليه واله) من أواخر من هاجر. وكان علي (عليه السلام) آخر من هاجر من المسلمين مع الفوطم. وبذلك فقد ضرب رسول الله (صلى الله عليه واله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) أروع الامثلة في القيادة الدينية وعدم الاكتراث بالموت.

وفي ضوء ذلك فاننا عندما ننظر الى تلك الهجرة التأريخية العظمى، فاننا لا ننظر الى حجم المهاجرين وطبيعة شبكتهم الاجتماعية والانسانية، بل ننظر الى النوعية التي هاجرت مع رسول الله (صلى الله عليه واله) وغيّرت وجه التأريخ وأصبحت قدوة للاجيال الانسانية المتلاحقة. وفيهم اهل بيت النبوة (عليه السلام).

ومن اللافت للنظر ان المسلمين هاجروا بشكل مجموعات وجماعات صغيرة وكبيرة، فكان سلوكهم سلوكاً جمعياً يحمي بعضهم بعضاً عدا علي (عليه السلام). فقد هاجر علي (عليه السلام) مع الفواطم وكان حاميهم الوحيد من أعداء جمعوا كل قواهم المعنوية لمحاربة بطل الاسلام. وكان لحوقهم لعلي (عليه السلام) وهو على اطراف مكة ماشياً نحو المدينة خير دليل على ذلك. ولكن علياً (عليه السلام) وشجاعته الاستثنائية المستمدة من الايمان بالسماء، جعلتهم يرجعون عن مطاردته فضلاً عن مقاتلته.

لقد كان الايمان الذي دفعه (عليه السلام) للهجرة بتلك الطريقة العلنية المتحدية لقريش هزيمة نفسية للمشركين وانتصار للاسلام وأبطاله. فقد نام على فراش النبي (صلى الله عليه واله) فادياً نفسه، ومكث ثلاثة ايام يردّ الودائع الى اصحابها، وأخذ الفواطم في هجرته (أمه فاطمة بنت اسد ، وفاطمة الزهراء (عليه السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه واله)، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب وقيل انها فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب) ودافع عنهن دفاع الابطال عندما ارادت قريش مهاجمتهم. فأي اهانة وجهها عليٌ (عليه السلام) لقريش، وأي تمريغ بالتراب مرّغ أنف قريش؟

وأهم من ذلك ان أخطر ما في الهجرة التأريخية من مكة الى المدينة كان: حفظ شخصية رسول الله (صلى الله عليه واله)، وبذلك حُفظت بيضة الاسلام. وتمت صيانة النبوة والامامة الى أجل مرسوم، حتى تحقق أهدافهما على الارض. 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.