أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2016
2388
التاريخ: 19-8-2020
2502
التاريخ: 19-10-2016
2030
التاريخ: 1-7-2017
3861
|
النظام الديني
اولاً: بدايات الديانة.
تميز الانسان بحاجاته ونزعاته الطبيعية المتزايدة مع الزمن وتفاعله مع بيئته واحواله الحياتية، ومع ذلك فحو يعبر عن مشاعره ويظهر حاجاته ويستجيب للأخرين والاشياء المحيطة به (1) وفي هذه الاحوال يأتي الدين ليلعب دوراً فعالً في اشباع هذه الحاجات الاساسية، وهذا يعني ان للدين وظائف استوجبت بقاءه منذ وجوده واستمراره، اذ ان من المتفق عليه ان الشيء الذي لا وظيفة له لا ضرورة لبقائه (2).
ان حاجة الانسان الى الدين تنتج عن حقائق اساسية للوجود البشري، فالانسان يعيش في احوال غير ثابتة ومحاطاً بظروف وحوادث مهمة لسلامته وبقائه لكنها فوق طاقته وبصيرته . وهذا هو حال الفرد العراقي القديم الذي صور لنا صراعه مع محيطه وبيئته الطبيعية وكيفية التغلب عليها كما جاء في اساطير وملاحم بلاد الرافدين (3).
وفي الوقت الذي نجد فيه قدرة الفرد للسيطرة على حياته محدودة ، فأن عليه ان يعيش في مجتمعه الذي يجد فيه تحديداً مظلما للوظائف الجماعية والمساعدة وتقسيم العمل والانتاج ، وكل هذا يتطلب توازناً الزامياً اساسيا وسيطرة في علاقاته مع الاخرين . وهنا يأتي الدين المرتبط اساساً بالبشر ليساعد الانسان على التكيف مع احواله وضمان عدم الاحباط في الحياة (4).
وفي الواقع يعد الجانب الديني في حياة الامم القديمة من ابرز العوامل المؤثرة في تحديد حياة المجتمعات على اختلاف عاداتها وتقاليدها والقوانين المتحكمة بها. لذا فان دراسة النظام الديني يمثل القدر الاكبر من تاريخ الشعوب ، مهما اختلفت الديانات وتباينت فانها تشترك في وجود قوة او قوى غيبية عليا يسعى الانسان دائماً الى التقرب اليها عن طريق العادات والطقوس الخاصة لكل ديانة (5).
لم تكن الديانة في بلاد الرافدين قد نشأت بشكل فردي او في مرحلة تاريخية محددة (6)، بل كانت عبارة عن ردود فعل مشتركة لاقوام ما قبل التاريخ تظافرت افكارهم واحاسيسهم بعضها ببعض ممزوجة بثقافتهم التقليدية والمتوارثة ، لذا فقد جاء الدين متناغماً مع عادتهم الطبيعية في التفكير والشعور والحياة (7).
وفي الحقيقة يمكن تصوير الواقع الموضوعي لفكر الانسان الديني لا سيما في النظام الديني لبلاد وادي الرافدين ، من خلال استقراء المخلفات المادية واعمال معينة تجسدت في صور فنية (8) باعتبار ان الفن في العصور القديمة ما هو الا انعكاس للحياة الاجتماعية والدينية والدعامة الاساسية لكل حضارة (9)، لذا فقد عمل الانسان على تصوير متاعبه ومعاناته وانتصاره على تلك المتاعب ، فحفر ورسم اشكالاً للحيوانات المختلفة وبوضعيات وواقعية متناهية واقتنع بأن الاشياء الطبيعية يمكن ان تتحول الى ادارات قادرة على التأثير بالعالم الخارجي وتغييره (10).
وبعد تفكر وتأمل استنتج ان الاشياء المستحيلة يمكن الوصول اليها بأدوات سحرية ما دامت تلك الاشياء متشابهة او متطابقة، لذا فان قوته ازاء الطبيعة قادرة على التحكم بالاشياء والسيطرة عليها حتى اعتقد ان القوى السحرية هي قوى شاملة وغير محدودة (11) . فأخذ يرسم انواعاً مختلفة من الطيور والحيوانات والأسماك التي يقتات عليها وقد رسمها بدافع سحري (12) ، اعتقاداً منه بان رسم تلك الصور سيجعلها تحت سيطرته وبهذا فان الانسان قد وجد بهذا الطريق ما يعتقده بانه عوناً له في مواجهة الطبيعة.
مع استقرار الانسان في مستوطنات زراعية وانتقاله في مرحلة جمع القوت، اخذت الافكار الدينية تتبلور بصورة اوضح وذلك لارتباط الطبيعة وتداخلها بصورة اعمق في الحياة اليومية (13) . لذا فقد مثلت الارض الزراعية وما يرتبط بها العنصر الاساس والمحور التي دارت حولها بدايات الديانة والعبادة الاولى (14) فعمل الانسان انذاك على تجسيد القوى المهيمنة والمؤثرة في الانتاج بهيئة الهة تصورها قياساً على الجنس البشري (ذكر وانثى)، فكان هذا هو الحال بالنسبة لبداية الديانة والمعتقدات الدينة في بلاد وادي الرافدين. حيث انتخب القوم اهم الظواهر الطبيعية التي كانت لها اثر قوي في حياتهم وجسدوها بعدئذٍ وشخصوها على هيئة الهة (15) فعبدوها واقتربوا اليها ابتغاءاً لرضاها واتقاءاً لشرها (16).
اذن بالنتيجة فقد نسب الفرد العراقي القديم كل مظاهر الخصب والانماء والتكاثر بما في ذلك تكاثر الانسان والحيوان الى قوى الخصب المتمثلة بالالهه الام حيث تجسدت في هذه الالهة امرأة حبلى عارية شخصت فيها بمبالغة معالم الانوثة والخصوبة والولادة . وقد وجدت الكثير من هذه الدمى في قرى زراعية يرقى زمنها الى الاف السادس قبل الميلاد مثل قرية جرمو وحسونة وتل الصوان وحلف والعبيد (17). بالمقابل نجد هناك دمى ونقوش على شكل رأس ثور وجدت في فخار عصر حلف (18) حيث كانت هذه الرموز تشير الى العنصر الذكري في الطبيعة وانه عد نظيراً للالهة الام (19).
وتشير الاواني التي وجدت في قبور حسونة وحلف، والتي ربما احتوت على بعض المواد الغذائية والماء، الى نوع من الاعتماد بحياة ما بعد الموت (20) وكذلك الامر بالنسبة للحلي والادوات الاخرى التي لا بد وان الغاية من دفنها مع الموتى هي استخدامها من قبل الاموات في العالم الاخر (21).
مع ذلك فان هذه التصورات لم تحدد معالم الفكر الديني الواضح في بلاد الرافدين اذ انها مثلت ممارسات سحرية او سبه سحرية ذات طابع تعبدي شأنها السيطرة على قوى الطبيعة فضلاً عن التركيز عبى الارض عن التركيز على الارض وخصوبتها وما ارتبط بها من تقديس مصور على شكل المرأة أي ملامح الديانة لم تكن قد نضجت بعد حسبما اشارت اليه المكتشفات الاثرية العائدة الى تلك الفترة (العصر الحجري المعدني) .
لن الاثار المادية والمخلفات الصورية لا تعطي شرحاً واضحاً للنظام الديني او المعتقدات الدينية لعصور ما قبل التاريخ ، لذا فان معرفة الباحثين بالحياة الدينية اخذت تزداد تدريجياً بالنسبة لظهور الكتابة وشيوع استخدامها في شتى أضاف المعارف والعلوم وفي الواقع ان المصادر المدونة عن الحياة الدينية عند العراقيين القدماء كثيرة جداً حتى باتت تشكل مشكلة للباحثين لتنوع النصوص وكثرتها (22).
اذن فقد احتوت النصوص المكتوبة بالخط المسماري باللغتين السومرية والاكدية اهم ما كتب عن المعتقدات والمتمثلة بالطقوس والشعائر الدينية والاراء الفلسفية حتى اصبح من النادر ان يخلو نص مسماري مهما كانت طبيعته ومضمونه من اشارة مباشرة او غير مباشرة من ذكر للديانة الرافدينية القديمة. والنصوص التي كانت ذات صلة مباشرة بالنظام الديني في العراق القديم تتنوع من حيث المضمون فمنها الاساطير الخاصة بخلق الكون والانسان وعالم ما بعد الموت ومنها ما يذكر اسماء الالهة والقابهم وعلاقتهم مع بعضهم ومنها ما نص على الادعية والتراتيل والنصوص التي تصدر من الكهنة حول كيفية اقامة الشعائر والاحتفالات الدينية وكيفية بناء المعابد وما يتعلق بادارة المعبد وشؤون موظفيه على مختلف اصنافهم (23) .
مع وجود هذه المصادر اصبح من الممكن رسم صورة عن الواقع الديني الشامل لديانة بلاد الرافدين وعن النظام الديني والمعتقدات الخاصة بالعراقيين القدماء . ومن الطبيعي ان تكون هناك مستويات للديانة جاءت الالهة في مقدمتها كونها الاكثر تقدسياً و تكريماً في المجتمعات القديمة.
ثانياً : الالهة السلطوية.
لم تكن الالهة في وادي الرافدين متساوية من حيث المكانة والمركز الديني والاجتماعي في مجمع الالهة ( Pantheon ) فبعضها كان قليل الاهمية نسبياً وتنحصر عبادته في منطقة معينة ومقتصرة اهميتها على المدن التي تعبد فيها مثل الالهة ( ننجرسو ) اله مدينة لكش والاله (شارا) اله مدينة اوما (24) . في حين هناك الهة اخرى على الرغم من تخصصها في مدن معينة الا انها كانت بسبب طبيعتها معبودات جماهيرية تكاد تعم عبادتها بلاد الرافدين كلها (25).
لقد تم تنظيم الالهة في المجتمع السومري قياساً على التنظيم السياسي في دولة المدينة (26)، وكان من الطبيعي الافتراض بانه يوجد على راس المجتمع الالهي الهاً اعترقت به جميع الالهة الاخرى كملك او حاكم عليها. وكانت من اهم مجموعة في مجتمع الالهة هي المجموعة المؤلفة من الالهة الستة التي (تقدر المصائر) (27)، ثم مجموعة الخمسين التي عرفت بـ (الالهة العظيمة) (28) . لكن اهم تقسيم داخل مجمع الالهة هو الذي يفرق بين الالهة الخلاقة وغير الخلاقة ، وهو تصور وصل اليه العراقيون القدماء نتيجة لاراهم وافكارهم حول اصل الكون وعناصره الاساسية ( السماء – الارض – البحر – الجو ) وبذلك تكون كل ظاهرة طبيعية كونية خصصت لأحد الالهة كونها تشكل العنصر الاساس لهذه الآلهة (29).
اخذت الالهه الخلاقة تعبد على صعيد البلاد كله وهي ( آن – انليل – انكي ) ، اذ كانت هذه الالهة تقسم فيما بينها حكم وتنظيم الكون (30) وان قدم اشارة لهذا الثالوث ترجع الى الالف الرابع قبل الميلاد جاءت ضمن اثار مدينة كيش ( تل الأحيمر ) (31) .
اعتبر سكان بلاد الرافدين وجود الالهة من الامور الازلية التي لا يمكن مناقشتها ، وان الالهة هي التي قامت بخلق الكون والانسان وما يحمهم هو تأثير هذه الالهة في حياتهم لا سيما الزراعة وما يرتبط بها من امور متصلة بالطبيعة (32) .
عموماً فان الالهة ( آن ) وبالاكدية ( آنو ) كان يمثل اله السماء وهو الحاكم الاعلى في مجمع الالهة ، وكانت مركز عباداته في مدينة الوركاء في المعبد المسمى ب ( أي انا ) E – ANA معناه بيت السماء (33) وباعتباره مصدر الالوهية فان الاله الوحيد الذي يسثنى اسمه من العلامة الدالة على الالوهية والتي تكتب عادة قبل اسماء الالهة الأخرى (34).
ويعد الاله ( آن ) اباً للالهة وملكههم وهو اصل الملوكية وعرشه على قمة قبة السماء (35) وفي اسطورة ( إدبا EDBA ) نجد ان الاله ( آن ) مسؤولا عن نظام الكون والتوازن بين الفناء المقرر للانسان والخلود المقرر للالهه (36). وقد استمرت عبادة هذا الاله في بلاد سومر فترة طويلة، ثم اخذ يفقد تدريجيا الشيء الكثير من مكانته البارزة واخذ الالهة (انليل) ينافسه بالسلطات والنفوذ ، كما ان المكانة المرموقة التي اكتسبتها الالهه ( اينانا = عشتار ) في مدينة الوركاء واسهمت دون شك في اضعاف مركز الاله ( آن ) في تلك المدينة (37)، حتى صار فيما بعد شخصية مبهمة في المجمع الالهي ؛ بل اصبح من النادر ان يذكر في تراتيل العصور المتأخرة واساطيرها حيث اعطيت في هذه الفترة معظم سلطاته الى الاله انليل (38).
اما الاله ( انليل ) فهو يأتي في المركز الثاني في مجمع الالهة بعد الاله ( آن ) وهو الابن الاكبر له ويتكون اسمه من مقطعين هما ( EN ) بمعنى سيد و ( LIL ) بمعنى الريح او الهواء وبذلك يكون معنى اسمه سيد الريح او الهواء (39) وقد اختص هذا الاله بكل سلطة فاعلة في الجو والمناخ وما ينتج عنها من تنظيم الطقس والفصول والحرارة وغيرها من الامور الطبيعية الجغرافية المتعلقة بحياة الافراد اليومية (40) .
لقد ظهر الاله انليل في العصور السومرية المبكرة ( جمدة نصر ) وكان معبده الرئيس في مدينة ( نفرت نيبور ) وهو معبد بيت الجبل ( E – Kur ) فضلا عن العديد من المعابد الاخرى المنتشرة في المدن السومرية (41) وهذا ما يدل على كونه الها قومياً وتعد قوة الاله انليل العنصر الاساس في المجتمع الالهي. وعلى الرغم من وجود الاله ( آن ) فان البعض يصوره هو القوة المتممة والمحددة للكون (42) . اذ كان ابوه (آن) يترك له الممارسة الفعلية في السلطة ويتضح ذلك من خلال بروز دوره واسمه في الاساطير السومرية والبابلية.
ونتيجة لذلك فقد اخذ يلقب بالقاب ابيه ( آن ) كلقب ملك السماء والارض ولقب ملك جميع البلاد . وعد مانح السلطة وراعي شؤون البلاد ومعاقب الملوك المخطئين والفاسدين (43). وبسببه اكتسبت مدينة نفر ( مركز عبادته ) شهرة واسعة حتى كانت تكتب باسمه ( مدينة انليل ) وقد بقيت هذه المدينة نواة الحياة الدينية والثقافية لكل العصور التي مرت على تاريخ العراق القديم (44) .
ويبدو ان الاله انليل كان ذو شخصية مزدوجة ، الاولى كانت تمثله بانه اله الاحسان والمدبر لأكثر الظواهر الكونية انتاجاً وفائدة للانسان . في حين نجد الشخصية الثانية له تمثله بانه اله العواصف العنيفة وال مدمرة وانه كان يقوم بتنفيذ الدمار واحلال الخراب في المدن وانه كان سبب الطوفان ونتيجة لذلك فقد وصِـم بانه اله عنيف ومخرب (45) .
اما الاله الثالث في مجمع الالهة فهو الاله أيا EA وبالسومرية انكي En – ki والذي يعني سيد الارض (46) وقد ظهر هذا الاله في العصر المبكرة في حضارة وادي الرافدين محتلا المركز الرابع في مجمع الالهة بعد ننخرساك والتي عرفت باسم ننماخ أي السيدة العظيمة. لكن فيما بعد اخذ يحتل المركز الثالث وازاح الالهة ننماخ وبقي مع الاله آن وانليل يشكلون ثالوث القمة في ديانة بلاد وادي الرافدين (47) .
كانت عبادة الالهة انكي في مدينة اريدو ( ابو شهرين ) والتي تعدها النصوص من اقدم المدن السومرية وثاني المدن الدينية (48). وقد اعتبها السومريون والبابليون هذا الاله الهاً للارض والحكمة ايضاً فصوروه من خلال قصصهم وأساطيرهم بانه اله محب لعمل الخير وتقديم يد المساعدة (49) وباعتباره اله الحكمة فقد صار الها مثاليا ونموذجاً طيبا للالهة والبشر لا سيما وانه ساعد في الخلاص من الازمات في مجتمع الالهة والبشر (50). ومع ذلك فان الالهة انكي لم يكن ملكا ولا حاكما بذاته لان الموضع التي يحتله من الدولة الالهية انما قد حاز عليه بالتعيين اذ ان سلطته مستمدة من آن وانليل فهو بمثابة وزير لهما (51). فقد عهد اليه الاشراف على الانهار والقنوات وتنظيم قوى البلد الإنتاجية (52) فضلاً عن استخدامه للحكمة والنصح والدور الاهم الذي لعبه في قصة الطوفان البابلي (53) .
ان اهم وظيفة للاله انكي ( أيا ) هي الاشراف على نظام الارواء والمياه ، وعندما انضج الفكر الديني اكثر اتضحت اهمية المياه في حيات الموجودات ازدادت مكانة واهمية هذا الاله وارتفع شأنه وتعددت وظائفه في مقدمتها وظيفة الخصب كما جاءت في اسطورة انكي ونظام الكون :-
" عندما يظهر الاب انكي في الارض التي بذرت فيها البذور ، فانها تنتج بذور كثيرة النمو " (54).
فضلا عن ذلك فقد ورد اسم هذا الاله في قصة الخليفة البابلي باسم ( نو – دي – مود ) ومعناه الذي خلق الانسان وكذلك الاوامر بالنسبة لاسطورة انكي وتنظيم الكون (55) .
مع ظهور بابل على مسرح التاريخ السياسي كان الاله ( مردوخ ) Marduah او كما كان يسمى ( اما اوتوك ) ومعناه ثور الشمس الصغير ، حتى هذا الوقت ذو مكانة بسيطة نسبياً ، وكما هو معلوم فان مكانة الالهة تفاوتت تبعاً لتفاوت المدن السياسية. ونظراً لسيطرة بعض المدن على الأخرى نتيجة الحروب ، فقد ترتفع مكانة اله المدينة المنتصرة على اله المدينة المغلوبة أي ان مركز الالهة المغلوبة يتغير بتغير الظروف السياسية (56) ، وهذا ما حصل لألهة مردوخ الذي اصبح وبواسطة القوة الشعبية لرجال الدين البابليين اله معترفاً وسيداً مطلقاً للعالم في حين نرى ( انليل ) بدوره يتخلى له عن عرشه لكي ينسحب اله جانب ابيه ( آن ) وهذا ما جاء متضمناً في قصة الخليفة البابلية التي كتبت لتكوين شرعية هذه الترقية (57) .
وفي الواقع ان هذا الارتقاء في المنزلة والمكانة الدينية كان يرافق التطور المستمر في حياة مدينة بابل والتي اصبحت مركزاً سياسياً وعالمياً ذات اهمية كبيرة، وبهذا فان مردوخ (اله مدينة بابل) اصبح الاله الرسمي لجميع سكان بابل والمدن والاقاليم التابعة لمركزيتها . من جانب اخر فان اسطورة الخليفة البابلية ما هي الا انعكاساً لسيرة الملك البابلي وترسيخ سلطانه. ويبدو ان هذا الامر – أي ظهور مردوخ زعيماً للمجمع الالهي - كان قد برز بشكل جلي بعد تنامي قوة حمورابي، ففي القوانين التي سنها حمورابي نجد ان السلطة العليا قد بقيت مع ( آن و انليل ) وان مردوخ يتبعهما رسمياً كما جاء في نص مقدمة الشريعة (58) .
اما عن اهم الامتيازات التي تمتع بها مردوخ فمنها تفويض الاله له واعطاءه الاسماء الخمسين او جعل اخر اسم له هو ( الخمسين ) فادمج رسمياً مع الاله انليل الذي يعود اليه ذلك الرقم المميز . من جانب اخذ يطلق عليه لقب ( انليل الاله ) (59) وبذلك فقد حل مردوخ محل انليل في السيادة على مجمع الالهة . كما حدث ان حل انليل مكان اباه ( آن ) في عصر سابق. وكذلك الامر بالنسبة للاله (نابو NAbu) ابن مردوخ الذي كان الدور نفسه في العصر البابلي الحديث (625 – 539 ق. م) (60).
وان تزعم الاله البابلي مردوخ للالهة السومرية كان جزءا من الذوبان الديني البابلي في الديانة السومرية ، فالبابليون باعتبارهم من الاقوام الجزرية ( السامية ) تركوا صبغتهم الدينية ( جزئياً ) والمقتبسة من الحياة الصحراوية ، ومع ذلك فقد كان من الصعب عليهم نكران الهتهم حتى وصل الامر بهم الى خلط هذه الالهة مع نظراءها من حيث الصفات عند السومريين وتكملة ما بدأه السومريون من خطوات في تطور الفكر الديني في بلاد الرافدين ، لذا فقد كان على البابليين تطوير المذهب الديني بجميع جوانبه التي اقتبست من الديانة السومرية (61) .
من خلال ذلك اصبحت الديانة البابلية والهتهم ديانة سومرية مع بعض التعديلات فالاله ( آن ) اصبح يسمى ( آنو ) . وانليل بقي على اسمه وانكي اصبح أيا مع انتقال السيادة كما مر بنا – الى مردوخ ويعلق الاستاذ جان بوتيرو على هذه التحولات بقوله: " لو بقي السومريون وحافظوا على استعمال ديانتهم حتى النهاية لتطورت هذه الديانة بشكل اخر كلياً " (62) ، رغم ذلك فقد بقيت الالهة السلطوية في العصر البابلي القديم محافظة على شكلها في العهود السابقة واستمرت بدون تغيير واصلاح حتى عهود السلوقيين في العراق . وان أي تحول مهم لم يحدث ليغير المسيرة الدينية التي ابتدئها السومريون اذا ما استثنينا اعادة تنظيم الالهة السياسية في البلاد.
ومما يلاحظ ايضاً في العصر البابلي القديم ان الالهة السلطوية اصبحت ليس فقط قوى طبيعية ، بل اخلاقية ايضاً ، فقد وضع تحت مسؤوليتهم كل ما يتعلق بالحياة الاجتماعية والخلقية وقد اختصت طبيعتهم المرتبطة بالارض والخصب والزواج المقدس كما كان سائداً في العصور السومرية المبكرة (63) .
اذن يمكن القول بان الالهة السلطوية في العصور السومرية وتوسعت باتجاهات عميقة الصلة مع الشخصية والعنصر الذي ساد فيما بعد ( الجزري = السامي ) وطبيعي ان يرافق هذا التوسع انعكاسات سياسية وتنظيمية بالنسبة الى مجمع الالهة ( البانثيون ).
ثالثاً / الهيكل الاداري للمعبد
احتل المعبد في المجتمع العراقي القديم مكانة بارزة ومتعددة خصوصاً في المراحل التاريخية الاولى ، حيث مثل النقطة المركزية التي تدور حولها الامور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومن الطبيعي ان يكون الافراد القائمين عليه يتصفون باهمية خاصة ومتميزة ، خصوصا في مرحلة سيادة المعبد (64). ومع ذلك فان هذه الفئات لم تكن متساوية جميعها لا من حيث الممارسات الدينية ولا من ناحية المسؤولية الادارية للمعبد، حيث ان المركز الوظيفي هو الذي يحدد اهمية الفرد في المعبد وترتيبه الكهنوتي (65) .
لقد احتوى المعبد وما ارتبط به من امور على فئة اجتماعية متميزة (66)، حيث ان لكل معبد هيئة ادارية (Staff) متكاملة من الكهنة الرجال والنساء ايضاً، تساعد في تنظيم شؤون المعبد وعلاقتها بالمجتمع من حيث الواجب المتبادل بين الناس والمعبد وهؤلاء الكهنة الاداريين في مراتب مختلفة يقع على رأسهم ال (إين EN) (67) وبقية الفئات الكهنوتية المتصلين مباشرة مع الالهه، تشترك غالبيتهم الادارية في تنظيم ورعاية آلية عمل المعبد والاشراف على ممارساته الكهنوتية (68). وعلى هذا الاساس وجد الكهنة انفسهم مكلفين بإدارة الثروات المتراكمة وتخصيصها والعمل على استثمارها كل حسب واجبه . وقد كانت هذه العملية تتطلب جهداً من قبل موظفي المعبد لكي يعم الفهم الصحيح لجميع واردات وصادرت ومختلف شؤون المدن العراقية القديمة (69) .
كان كاهن السنكا SANGA (70) بالاكدية Sangum (71) يقف على راس موظفي المعبد من حيث الاشراف والادارة وقد ظهرت عدة مراتب لهذا اللقب فكثرت الدلالات على هذه الوظيفة في الادوار التاريخية المتعاقبة ، ومع ذلك كان السنكا Sanga يحتل اعلى منصباً في المعبد وقد تمتع بامتيازات رفيعة بحيث لم يكن هناك حداً فاصلاً بين هذا المنصب والملوكية خصوصاً في العصور السومرية الاولى (72)، بل ان هذا المنصب قد تعدى في بعض الاحيان الى تسنمه الزعامة السياسية في بعض المدن السومرية (73) .
ويرى الأستاذ كريمر بان السنكا كان يمثل الرئيس الاداري للمعبد والذي كان من ضمن واجباته الحفاظ على ابنية المعبد وتنظيمه ومتابعة الشؤون المالية فضلاً عن التأكد من قيام موظفي المعبد باداء واجباتهم وادوارهم فيه (74)، في حين يرى الاستاذ فلكنشتاين ان السنكا كان المشرف المالي (المحاسب) على اموال المعبد (75).
ويكاد يتفق معظم الباحثون على دور السنكا في عصر فجر السلالات فهو الرئيس الاعلى في الادارة المعبد وموظفيه، ولكن هذا لم يمنعه من تأدية واجباته الكهنوتية وممارسة الطقوس والشعائر الدينية، حيث يمكن ملاحظة ذلك الامر من خلال تقديم القرابين والاضاحي في الاحتفالات الدينية وهذا الاجراء لا يمكن ان يضفي الصفة الكهنوتية المطلقة على هذا الكاهن لأنه ملزم كما في افراد المجتمع على دفع جزء من امواله او تقديم القرابين للالهه او الملوك كجزء من الممارسات التعبدية للفرد العراق القديم (76).
ومن الامور التي تقع على عاتق كاهن سنكا والتي اختلطت بالصفة الدينية الأدارية ‘هي الاشراف على جميع الكهنة ليس من حيث انتظامهم في المعبد لا بل ربما يتعدى ذلك الى الاشراف على بعض الامور الطقسية التي يزاولونها. ومع ذلك فان السنكا وان لم تحدد وظيفة الدينية الا ان الطابع الإدارية (الاشراف) قد غلب على وظيفته في المعبد (77). وقد استمرت هذه الصورة حتى في العصر الاكدي وكذلك بقي الشكل الاداري لهذا اللقب الى عهد سلالة اور الثالثة (78) .
اما في العصر البابلي القديم فقد اصبح كاهن السنكا موظفاً ملكيا يعين من قبل ملك بابل وذلك تبعاً للمركزية الادارية التي امتاز بها هذه الفترة والتي امتدت الى ادارة المعبد من اجل تحقيق الشكل الكامل لسلطة الدولة . فبعد ان كانت وظيفة هذا الكاهن وغيره من الكهنة مكرسة لخدمة الالهة فقد اضيفت اليها خدمة اخرى وهي خدمة الملك وافراد اسرته (79) .
وبعد ان كان كاهن السنكا يختم بعبارة ( خادم الالهة ) اصبح في العهد البابلي القديم لا سيما في عصر حمورابي يختم بعبارة ( خادم الملك ) وهذا ما يؤخذ انتقال الولاء المباشر من الالهة الى الملك (80) ، على ان هذه الاشارات كانت لها جذور منذ عهد الملك نرام سين (81) .
وتظهر المنزلة الاجتماعية العلية لكاهن السنكا خلال الممارسات الادارية والاجتماعية والدينية التي يقوم بها والتي كانت ذات تأثير على طبيعة المجتمع الذي جعله يحتل مكانة اجتماعية عالية عند الناس وذلك لمشاركته في كثير من الامور الاجتماعية والتجارية والقانونية وغيرها . فمثلا نراه يتصدر قائمة الشهود في المعاملات التجارية والقضايا القانونية (82).
وبغض النظر عن المعابد التي تتم فيها تلك المعاملات والقضايا المختلفة (83). وفي مجال القضاء فهناك اشارات بشأن تسنم كاهن السنكا في العصر البابلي القديم منصباً في مجال القضاء بصفة قاضٍ مستقل او مستشار قضائي (84).
ومما يؤكد الصفة الادارية لكاهن السنكا هو المعنى الدقيق لهذه الكلمة ( Sanga ) حيث ان العلامة الدالة عليها تقرأ أيضاً ( SID ) بالسومرية و( Manu) بالاكدية (85) ومعناها يعد ويحسب . وبهذه اشارة الى كون كاهن السنكا محاسباً او مشرفا مالياً عاماً في المعبد.
ونظرا لاهمية هذا المنصب ( sanga ) في المجتمع العراقي القديم فقد كان ينتقل وراثياً من الاب الى الابن او من الاخ الاكبر الى الاصغر سناً . وهناك اشارات تدل على ان هذا المنصب بقي متوارثا في عائلة واحدة مدة ثلاثة اجيال في العصر البابلي القديم (86) .
ومن الطبيعي ان يكون هناك كبير لكهنة السنكا وهو ما اطلق عليه ( Sangamah ) وبالاكدي ايضا ( Sanga – Mah ) و ( Mah ) في اللغتين تعني الكبير او العظيم (87) . اذن فان هذا السنكا الكبير هو الذي كان يشرف على ما دونه من الكهنة السنكا (88) وابرز ذكر لها المنصب ما جاء في لقب الكاتب المعروف ( دودو ) كاهن مدينة لكش حيث نقرا في الكتابات النذرية للعصور السومرية الاولى عن هذا الكاهن ( دودو ) ما نصه :
" لننجرسو في معبد انينو جلب سانجا ... هذا الحجر ... وصنع منه هراوته، دودو سانجا ننجرسو الاول " (89).
من قراءة لارشيف مدينة لكش يتبين ان الكاهن دودو كان يتمتع بمكانة اجتماعية مهمة في مجتمع المدينة تضاهي مكانة الملوك والامراء انذاك (90) .
وتتجلى اهمية هذا المنصب من خلال اهتمام العائلات المالكة له ، فالبعض من الملوك كان يتلقب به ، والاخر جعله حكرا على اولاده وبناته احياناً . فالملك لوكال زاكيزي كان ممن تلقب به . ويبدو ان هذا اللقب كان يحظى بالوقت نفسه بمنصب او صلاحيات ( Isaku = insi ) وخصوصا في الفترات السومرية الاولى (91) .
اذن فان اهمية كاهن السنكا متأتية عن الدور الاداري الذي يقوم به هذا الكاهن في المعبد والاشراف على الطقوس الدينية ومراقبة اقتصاديات المعبد ومنجزاته وهذا ما جعله يتمتع اجتماعية متصدرة وبارزة وجعل الكهان الذين يتولون هذا المنصب طبقة اجتماعية قائمة بذاتها ضمن اطار البنية الاجتماعية في العصور السومرية الاولى (92) .
ويأتي ايضا ضمن الفئات الادارية في المعبد الكهنة المشرفون على الواجبات الاقتصادية للكهان. وهم ما يطلق عليهم اسم (كودو أبسو) gudapsum يقابلها بالسومري (كودا Guda) (93) وقد ورد هذا المصطلح كثيرا في النصوص المسمارية للعهود المبكرة للسومريين (94).
وتتلخص وظيفة كاهن gudapsum وبكونها وظيفة اقتصادية إدارية يعمل الكاهن فيها على جمع الضرائب لصالح المعبد عن طريق ممارسة مقدسة يقوم خلالها بتأجير السلاح الإلهي أو الرمز الإلهي للأله شمش والمتوفر في جميع المعابد تقريباً (95) .
وتتم الاستفادة من هذا الشعار أو الرمز الهي من خلال قيام كاهن gudapsum بالتجول والترحال بين الحقول الزراعية والمناطق الريفية في فترة الحصاد لا سيما حصاد القمح (96) . ويبدو ان هذا العمل كان مقتصراً على هذه الفئة من الكهنة دون سواها (97) كما ان عملية تأجير السلاح المقدس من المعبد كان بمثابة عملية ضمان للاراضي الزراعية والتي يمكن ملاحظتها في كثير من العصور التاريخية المختلفة الا ان الامر اكتسب طابعاً قدسياً من خلال الممارسات الطقوسية لهذه العملية . حيث يتم توقف الركب الكهنوتي لكاهن (gudapsum) الحقول فيعلن صاحب الحقل او المحصول بان العشر من هذا المحصول من نصيب الاله المدينة (المعبد) (98).
اما المدة التي يتم خلالها تأجير هذا الشعار الالهي الخاص بالاله شمش فانه كانت تشمل فترة حصادية واحدة ‘أي لموسم حصاد واحد يقوم كاهن ( gudapsum) بدفع ما يقارب (3كور) (99) من القمح في النهاية كل رحلة لجبي الضرائب وهناك اشارة الى مثل هذا الأجراء في عهد الملك البابلي (سمو ديتانا) يذكر فيه ان اكثر من متعهد لجبي الضرائب عن طريق تأجير السلاح الالهي المقدس (100) وربما يرد ذلك الى التوسع الكبير في استصلاح الأراضي الزراعية في العهد البابلي القديم.
وعلى الرغم من ارتباط كاهن gudapsum بالاله شمش او بالسلاح الالهي المقدس لهذا الاله‘ الا ان استخدامه الرمزي كان سائراً عند الكثير من الملوك والامراء مع اسماء الالهه الاخرى كنوع من الخضوع او التفاخر ربما ان هذا اراجع الى كون هذا اللقب ( GUDU) او هذه الوظيفة قد وردت ضمن النواميس المقدسة (ME ) والتي كانت تعبر عن القواعد و الاحكام الدينية والدنيوية المفضلة عند الهه العراق القدي (101) . فمن الاشارات الملكية لهذا اللقب والذي يعبر عن ارتباطهم بالالهه هو ما ذكره الملك سرجون الأكدي على لوح طيني يذكر فيه:
" سرجون ملك أكد ‘ مشكينم اينانا ‘ملك كيش ‘كاهن الـ (كودا) للاله آن " (102).
واحياناً نجد ان الكاهن (gudapsum=GUDU) يذكر في النصوص على انه من سكان العالم السفلي الى جانب اصناف الكهنة الوارد ذكرهم في ملحمة كلكامش ‘والذين يقومون بالخدمة المقدسة للاهه والملوك في ذلك العالم (103) .
ومن الكهنة الإداريين أيضا هو كاهن (pasisu ) والذي يقابله بالسومرية مصطلح (GUDU4 ) وعلى الرغم من ان الترجمة الحرفية لهذه الكلمة تعني (المسح بالزيت) (104) مما يشير الى الطهارة الواجبة في أداء الشعائر الدينية ‘الا ان ملاحظة الوظائف التي يتولاها كاهن (pasisu ) يمكن ان تدل على مركزه الإداري في المعبد . ويتجلى هذا الامر كثيراً في الامور الاقتصادية التي تخص واردات المعبد من هدايا وقرابين ؛ اذ يقوم هذا النوع من الكهنة باستلامها وتسجيلها وفقاً لقوائم استلام خاصة بهم ‘ تختم باختامهم الخاصة والتي تذكر عليها اسمائهم مع صنفهم الكهنوتي في المعبد (105).
وربما ان هذا المنصب من الكهانة الإدارية كان يشارك فيه الابناء آبائهم الكهنة pasisuحيث نجد بعض الابناء يستخدمون اختام ابائهم (106) وربما يضيفون اسمائهم بدلاً من اسماء ابائهم وقد يتدرج الابن في وضيفة حتى يصل ربما الى درجة كهنوتية اعلى مما كان عليه اباه (107).
إن ما يثبت الصفة الإدارية العالية على الأداء الطقوسي لهذا الكاهن هو التسلسل والتدرج الوظيفي في ادارة المعبد و المحتم المرور بة والتدرج الى صنف كاهن pasisu حيث يرى احد الباحثين ان لهذا المنصب مراتب يجب التدرج بها قبل الوصول اليه بعد بوظيفة كاتب لشؤون المعبد ثم موظف مسؤول في الجهاز الاداري للمعبد وصولاً الى درجة الكاهن Pasish وهناك مثال على هذا التدرج الوظيفي حيث نجد هناك كاتباً في السنة الحادية عشر من حكم الملك سمسو ايلوما (خليفة حمورابي) تولى منصب Pasisu في السنة الثالثة عشر من حكم الملك نفسه ، مما يدل على التدرج الوظيفي الاداري السابق لتولي منصب كاهن (Pasisu) وبقية المناصب الكهونية الأخرى (108) . وهذا الاداء الوظيفي المتسلسل يعبر عنه بـ (فترة الخدمة الوظيفية) والتي يقابلها أصطلاح (bala – gub – ba) (109).
وغالباً ما كان هذا المنصب الكهنوني (Pasisu) يباع ويشتري وهذا الامر طبيعي اذا ما نظرنا الى الربح الوفير الذي يهيئه هذا المنصب لصاحبه خصوصاً وان كاهن Pasisu كان يدير الكثير من الامور الاقتصادية في المعبد الى درجة انه كان يعين الى جانبه وكيلاً (UGULA) او عدة وكلاء يعملون تحت امرته ، حيث تشير بعض الوثائق الى ذكر نوع من الضرائب التي كانت تدفع على شكل هدايا من الفضة الى وكيل كاهن Pasisu من قبل بعض النساء في العهد البابلي القديم (110) .
وعلى الرغم من الامور الادارية التي كانت من اهم واجبات كاهن Pasisu الا انه كان كباقي المنتمين الى المعبد يمارس الطقوس الكهنوتية التعبدية لاسيما وان الاسم الاصطلاحي لهذا الكاهن يشير الى النظافة والطهارة والشخصية الواجب توفرها في المعبد . لذا نرى ان الكثير من الملوك والامراء قد تلقبوا بهذا اللقب (Pasisu) لما له من انعكاس ديني على شخصية الملوك الحاكمين والمفتخرين بخدمة الالهة او على الاقل المتظاهرين بذلك فضلاً عد ورود هذا اللقب (Pasisu = GUDU4) ضمن النواميس الالهية (me) وهي دستور الالهة في العراق القديم (111).
ويبدو ان هذا المنصب Pasisu كان يمارس بصورة جماعية وعلى شكل جماعات من الكهنة ، يقسم العمل فيما بينهم على ان العدد يتناسب دائماً مع حجم المعبد واهمية الاله المعبود فيه (112) .
ويدخل ضمن النظام الاداري للفئات الكهنوتية للمعابد في العراق القديم نوع آخر من الكهنة وهو كاهن (ايرب بيتي eribbiti) يقابله باللغة السومرية مصطلح (LU – KU – E ) (113). والذي يعني (الرجل الداخل للمعبد) (114). . ويمكن تحديد الدور الوظيفي لهذا الكاهن من خلال تسميته، فهو كاهن يسمع له بالدخول الى جميع اجزاء المعبد او على الاقل الغالبية منها ، وهذا يرجع الى المؤهلات الخاصة التي يتمتع بها (115) فضلاً عن الوضع الاجتماعي الذي يميزه للقيام بهذا الدور (116).
ان الوظيفة الادارية التي يمارسها كاهن (eribbiti) هي الاشراف الاداري على جميع الكهنة الذين يشاركون في فعاليات احتفال عيد الاكيتو (Akkitu) (117). وعلى مختلف درجاتهم واصنافهم (118). وربما ان هذا الكاهن كان بمثابة منسق للأعمال الكهنوتية او مشرفاً على العلاقات الداخلية في المعبد والتنسيق بين الكهنة في فترات الاحتفال او غيرها من المناسبات الدينية بأعتباره الكاهن الذي يصل بحكم وظيفته الى معظم الاجزاء الداخلية في المعبد . على ان ذلك العمل الاداري لا يمنعه (كباقي الكهنة) من تأدية شعائره وعبادته الدينية في المعبد .
وفي رسالة موجهة الى موظفي مدينة سبّـار ، نلاحظ فيها تعداد لاسماء الموظفين حسب درجاتهم الوظيفية سواء كانوا موظفي معبد او قصر وقد جاء تربيهم كالاتي :-
( كاهن Sanga ، القضاة ، وكيل المعبد Ugula ، موظفون اداريون Satam ، كاهن الايريب بيتي eribbiti ، كهنة كودو آبسو Gudapsu) (119) .
من جانب آخر نجد ان بعض الباحثين يعدون كاهن eribbiti يأتي بعد الرتب العليا في المملكة مستندين الى بعض النصوص والتي منها :-(سيذهب الملك والايريب بيتي الى الهيكل ، ويقدم ( الايريب بيتي ) حوض الماء الخاص بغسل الايدي الى عشتار) (120) .
اما على المستوى النسوي فقد كان للكاهنات نصيب من العمل الاداري في المعبد ويبدو ان صنف ( سال زكرو Sal – Zikru) ، كانت لها الحصة الاكبر في التنظيم الاداري وخصوصاً فيما يتعلق بأمور الكاهنات (121).
واذا رجعنا الى الاصل اللغوي لهذا المصطلح او ما يشير اليه نجد ان يشير الى معنى (الخنثى epicene) (122) اعتماداً على المقطع السومري (SAL) والذي يعني أمراه (123) والمقطع الاكدي (Zikru) والذي يعني الرجل (124). على ان الاشارة الاكيدة لهذا المصطلح بقيت تتأرجح بين كونها أمرأه عوملت كرجل او بالعكس (125) .
ومن جانبنا نرجح كونها رجل أتصف بصفات المرآة بدليل ان الخدمة الإدارية للسال زكرو كانت مخصصة لنساء المعبد (126) وهذه الخدمة لابد ان تكون متواصلة ومشتملة على جميع اجزاء المعبد الكهنوتية المقدسة والإدارة على حد سواء وهذا الامر لا يتفق مع النساء المنتميات للمعبد لما يتطلبه الامر من طهارة ونظافة مستمرة في ممارسة عملهن في جميع الأوقات .
ان تسمية السال زكرو Sal - Zikru بـ (الكاهنة) جاءت مجازاً من اجل الفصل بين النظير الاخر (الخنثي) الذي يقوم بخدمة الاميرات ونساء البلاط في القصر (127) فضلاً عن اشتراك السال زكرو Sal – Zikru في بعض الحقوق والتسميات الخاصة بالكهنة (128).
ويظهر من دراسة المواد القانونية الخاصة بالسال زكرو Sal – Zikru (129) بأن هذه الكاهنة كانت ذات مركز أجتماعي اقل من بقية الكهنة كونها تذكر عادة في قائمة النسوة التابعات للمعبد ، كما انها لم تكن منذورة لخدمة آله معين كباقي الكاهنات (130) وهذا يدل على ان هذا اللقب (Sal – Zikru) كان وظيفة أدارية اكثر من كونه وظيفة كهنوتية طقوسية. ومن الجدير بالذكر إن السال زكرو SalZikru كانت تعيش في الـ (كاكو gagu ) (131) الى جانب كاهنة الناديتوم Naditum ومن المحتمل أن هذا إشارة الى الجانب الإداري للسال زكرو في دير (gagu) في حين أن كاهنة الناديتيوم كانت تمارس طقوس الكهونية البحتة في الدير و المعبد (132).
ومما يشير إلى الدور الوظيفي هو أرتباط السال زكرو (SAL Zikru) مع حاجب الملك (تابع القصر) girsequ عند الحديث عن حقوق كليهما حيث تشير المادة 187 من قانون حمورابي إلى ذلك الأمر: " لا يمكن المطالبة (إرجاع) أبن تابع القصر الميتم في القصر (المتبنى ) ولا ابن سال زكروم (المتبنى) " (133).
وكذلك نقرأ في المادة 192 من القانون نفسه: " أذا قال ابن تابع القصر (girsequ) او ابن سال زكرو Sal Zikru لأبيه الذي رباه …(134) ويمكن معرفة الصلة التي تربط السال زكرو مع تابع القصر girsequ من خلال المعنى الاصطلاحي لكليهما. فالسال زكرو حرفياً تعني(الرجل المرأة) أي الرجل الذي فقد رجولته خلال عملية الاخصاء أو إنه ولد أساساً مخصياً ( Eunuch) (135) لذلك فقد خصصت هذا النوع من المتخنثون (effeminates) للخدمة في المعبد وبالأخص في بيت الكاهنات (gagu) اللاتي لايمكن أن يتواجد بينهن رجال للخدمة الداخلية الخاصة بهن. وعلى هذا الاساس فقد اعطيت ضمانات وحقوق في الميراث وغيرها من امور التي تخص الكاهنات (136) أما مصطلح(girsequ) بالسومرية (GIR-SE-GA) فقد ترجم على انه حاجب الملك (chamberlain) (137) في حين ترجمها البعض على انه موظف البلاط او التشريفات (courtier) (138) ويبدو ان الترجمة الثانية أقرب الى المعنى باعتبار ان (girsequ) هو الشخص الذي يسمح له بالتجوال ليس فقط في حظرة الملك بل وفي غرف الأميرات ونساء البلاط (139) وهذا الامر يؤكد حقيقته(girsequ) الذي ترجم بعض على انه من صنف المخنثين اللذين لهم حق الاختلاط مع الحريم الملكي بدون ان يكون هناك أي نوع من الاحراج.
من خلال هذا القاسم المشترك بين (Sal-Zikru ) وبين (girsequ) نجد ان التشريع البابلي القديم قد اوردها مشتركين في المواد القانونية (140) لاسيما في المسائل المتعلقة بالتبني Adoption (141) ؛ كما إن ذكر سال زكرو وحاجب القصر معاً في المواد القانونية يشير بوضوح الى التشابه في الوظيفة (142) حيث ان سال زكرو هي حاجب للبيت الذي تعيش فيه الكاهنات كما ان girsequ حاجب القصر .وان التشريع البابلي فعدها في مسألة التبني من اجل توفير أجيال متعاقبة في المعبد او الدير او القصر عن طريق التبني والتوارث العائلي لهذه الوظيفة (143) ومهما يكن من أمر فأن كاهنة السال زكرو Sal-zZikruكانت تعد من ضمن الجهاز الإداري للمعبد باعتباره من الهيكل الوظيفي التابع للمعبد الأجزاء وملحقاته مثل(gagu)
بقي ان نذكر ان جميع أصناف الكهنة ينالهم شيئ مما يدخل الى المعبد من واردات وكل حسب وظيفته ودرجته وفي الفترات التي ضعف فيها الدين اخذت هذه الوظائف الكهنوتيه تباع وتشترى فضلاً عن كون البعض ادمج ضمن التعيين الملكي .
________________
(1) احمد الخشاب : علم الاجتماع الديني . ط1 ( القاهرة – 1973 ) . ص 6
(2) م . ن . ص 4
(3) فاضل عبد الواحد علي : سومر اسطورة وملحمة ، ص 64
(4) جيمس فريزر : الغصن الذهبي ، جـ 1 ، ص 82
(5) م . ن , ص 83
(6) على الجانب العقائدي التوحيدي يعد الدين موجوداً بقدم البشرية أي ان الانسان عندما خلت كان قد سبقه الدين الى الوجود لذا فما كان على الانسان الا ان يطبق تعاليم الدين ليصل الى حالة العبادة المفروضة عليه كما جاء في قوله الكريم :- " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ " سورة الذاريات / الاية 56.
(7) جان بوتيرو : بلاد الرافدين ، ص 246
(8) ليوا وبنمايم : بلاد ما بين النهرين ، ص 218
(9) انطوان مورتكات : تاريخ الشرق الادنى القديم ، ص 69
(10) جيمس فريزر : الغصن الذهبي ، جـ 1 ، ص 243 وما بعدها .
(11) م. ن ، ص 245
(12) فاضل عبد الواحد علي: المعتقدات الدينية ، موسوعة الموصل الحضارية ( الموصل – 1991 ) جـ 1 ، ص 304.
(13) طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات ، جـ 1 ، ص 366 .
(14) تقي الدباغ : الثورة الزراعية ، حضارة العراق ، جـ 1 ، ص 121.
(15) جان بوتيرو واخرون : الشرق الادنى ، ص 334.
(16) نائل حنون : شخصية الاله الام ، مجلة سومر ، العدد 34 ، 1987 ، ص 22 .
(17) للتفصيل ينظر تقي الدباغ : الثورة الزراعية ، ص 11 وما بعدها ، طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات ، جـ 1 ، ص 224
فوزي رشيد : الديانة ، حضارة العراق ، ج_ 1 ، ص 146.
(18) يذكر ان الثور اصبح فيما بعد احد القاب اله الخصب . طه باقر واخرون : تاريخ العراق القديم , جـ 2 ، ص 7 .
(19) Mallowan M.E.L : Twenty Five years in Mesopotamia Discovery . London 1965 . P.5
(20) هاري ساكنر : عظمة بابل : ص 31 – 33.
(21) جان بوتيرو واخرون : الشرق الادنى ، ص 45.
(22) طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات ، جـ 1 ، ص223 . عامر سليمان العراق في التاريخ ، جـ 2 ، ص 109 ومابعدها.
(23) حول هذه النصوص ينظر ، صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 147 – 223.
فاضل عبد الواحد علي : سومر اسطورة وملحمة : ص 58 – 316.
(24) نجيب ميخائيل ابراهيم / مصر الشرق الادنى ، جـ 6 ، ص 137 – 147.
(25) اندريه آيمار : الشرق واليونان القديمة ، ص 164 ومابعدها .
(26) جان بوتيرو : بلاد الرافدين ، ص 258 – 260.
(27) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 152.
(28) م. ن والصفحة
(29) جان بوتيرو: الديانة في بلاد الرافدين ، ص 15
(30) London , S.H : " The mythology of all Race Semitic " in Archeology institute of American . Boston – 1931 . P 89.
(31) Ibid : P- P 89 – 90 .
(32) فوزي رشيد المعتقدات الدينية، ص 149
(33) PSD : letter ( A) .
(34) طه باقر و اخرون : تاريخ العراق القديم ، جـ 2 ، ص 11 .
(35) نجيب ميخائيل ابراهيم : مصر والشرق الادنى ، جـ 6 ، ص 113.
(36) حول اسطورة (إدبا)ينظر ستيفاني دالي : اساطير بلاد ما بين لنهرين ، ترجمة نجوى نصر ، ( أكسفورد 1991 ) ص 223 وما بعدها.
(37) سامي سعيد الاحمد : المعتقدات الدينية في العراق القديم ، دار الشؤون الثقافية ( بغداد – 1981 ) ، ص 20
(38) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 157.
(39) Halloran , A, Jon : Sumerian lexicon , p. 114 .
(40) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 158.
(41) فوزي رشيد : المعتقدات الدينية : موسوعة حضارة العراق ، جـ 1 ، ص 153.
(42) ل . ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ، ص 168.
(43) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 159.
(44) دروثي مكاي : مدن العراق القديم ، ص 57س.
(45) سامي سعيد الاحمد : المعتقدات الدينية ، ص 22.
(46) Halloran , A, Jon : Sumerian lexicon , p. 122 .
(47) صموئيل نوح كريمر : السومريون : ص 162 – 163.
(48) دروثي مكاي : مدن العراق القديم ، ص 89.
(49) طه باقر واخرون : تاريخ العراق القديم ، جـ 2 ، ص 14 .
(50) ديلا بورث : بلاد مابين النهرين ، ص 169 .
(51) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 162 .
(52) فاضل عبد الواحد علي : سومر اسطورة وملحمة ، ص 93 – 94 .
(53) صموئيل نوح كريمر : من الواح سومر ، ص 91 .
(54) ينظر نص الاسطورة في صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 169.
(55) م . ن . والصفحة .
(56) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص 393 – 395.
(57) م .ن . ص 394 – 395.
(58) جان بوتيرو : الديانة عند البابليين ، ص 61 .
(59) نجيب ميخائيل ابراهيم : مصر والشرق الادنى ، ص 150 .
(60) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص 397 .
(61) جان بوتيرو : بلاد الرافدين ، ص 247 وما بعدها .
(62) جان بوتيرو : الديانة ، ص 22 .
(63) عامر سليمان , احمد الفتيان : محاضرات ، ص 189 .
(64) حسن فاضل جواد : الاخلاق ، ص 207 .
(65) علي محمد مهدي : دور المعبد ، ص 117.
(66) عبد الرضا الطعان : الفكر السياسي ، ص 157.
(67) يرى الاستاذ كوردن تشايلد ان فئة المعبد لا يمكن ان تكون طبقة اجتماعية متميزة ، معتمدا في ذلك على التشابه النسبي بين قبورهم وقبور العامة مقارنا بذلك التفاوت الواضح بين قبور الفراعنة والنبلاء وقبور العامة في الحضارة المصرية . انظر كودن تشايلد : التطور الاجتماعي ، ص 82 . وللرد على هذا الراي ينظر المبحث الاول ، الفصل الاول وايضا جورج رو : العراق القديم ، ص 189
(68) ل. ديلابورت : بلاد ما بين النهرين ، ص 75 .
(69) هاري ساكز : الحياة اليومية ، ص 228 .
(70) كوردن تشايلد : ماذا حدث في التاريخ ، ص 102 .
(71) ومن اللطيف بالذكر ان كلمة sage في اللغة الانكليزية تعني ( حكيم ) انظر قاموس أكسفورد ( قاموس القارئ ) ، أكسفورد – 1980 ، ص 607
(72) PSD : letter (S) .
(73) عبد الرضا الطعان : الفكر السياسي ، ص 159.
(74) ليث مجيد حسين : الكاهن في العصر البابلي القديم رسالة ماجستير غير منشورة , جامعة بغداد كلية الاداب – 1991 , ص24.
(75) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 188.
(76) Fleckenstein , A : The Sumerian temple . P8 .
(77) ايفون روزنكارتين : نظام القرابين في المجتمع السومري.ترجمة خليل سعيد عبد القادر دائرة الشؤون الثقافية ‘بغداد-1990‘ص30.
(78) صموئيل نوح كريمر : السومريون ‘ص188.
(79) Douglas .R.F : The Royal Inscription of Mesopotamia ( Ur III period ) ; University of Toronto Canada – 1997 . p . 52
(80) Ibid . p.55 .
(81) هورست كلنغل : حمورابي , ص98 .
(82) Douglas : The Royal Inscription . P . 55 .
(83) Ibid . p. 56 .
(84) تختلف اهمية كاهن السنكا من معبد لاخر حيث كان سنكا معبد الاله شمش اكثر اهمية من غيره ينظر ليث مجيد حسين : الكاهن: ص 33 .
(85) احمد مجيد حميد : دراسات ، ص 240 .
(86) PSD : LETTER ( S ) .
(87) ليث مجيد حسين : الكاهن ،ص 32 .
(88) PSD : letter ( M ) .
(89) فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة ، ص 99 .
(90) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 454 .
(91) جورج رو : العراق القديم ، ص 191.
(92) ل . ديلابورت: بلاد ما بين النهرين، ص 180 .
(93) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 453 ، هامش المترجم .
(94) PSD :letter( G ) ..
(95) ringer, Helmer : Religions of the Ancient Near east , Sumerian section , " cults and priests " in http//www. gateways to Babylon.com
(96) Harris , R: The Journey of Divine weapon . Chicago – 1965 . P.222.
(97) Ibid : P . 223
(98) ليث مجيد جسين: الكاهن، ص 60 .
(99) Harris , R: The journey of Divine weapon .p.222.
(100) الكور kur هي وحدة قياس المكاييل وتعادل في وقتنا الحاضر حوالي 252.6 لتر . وقد خضع هذا المقياس الى عدة تغييرات في العصور التاريخية المتعاقبة. للتفصيل ينظر فوزي رشيد: الشرائع , ص 38
(101). p.224. Harris , R: The journey
(102) صموئيل نوح كريمر : السومريون ‘ ص468.
(103) م . ن . والصفحة
(104) محمد خليفة حسن احمد: الاسطورة والتاريخ دار الشؤون الثقافية، بغداد -1988، ص111.
(105) PSD : letter ( P ) .
(106) Harris ,R :Ancient sippar . Istanbul . 1975.p.169.
(107) I bid : p.. 170.
(108) I bid : p. 171.
(109) Renger ; J. Priesthood in Ancient Mesopotamia . (Unpublished Article) , 1985 نقلاً عن ليث مجيد حسين : الكاهن ، ص72
(110) م . ن . والصفحة
(111) م.ن. والصفحة
(112) صموئيل نوح كريمر : السومريون ، ص 154
(113) ليثمجيد جسين : الكاهن ، ص 71 .
(114) PSD : letter ( P ) .
(115) Ringger ; H : Cults and Priests.
(116) هاري ساكز: عظمة بابل ، ص 400
(117) ليث مجيد حسين : الكاهن ، ص 97 .
(118) عبد الاكيتو : هو عيد رأس السنة الجديدة والذي يرتبط بفكرة الزواج المقدس وماله علاقة بالزراعة والخصب يتكون من اثنتي عشر يوم ( 1 – 12 ) نيسان وقد تطور العيد واصطبغ بصبغة المرحلة التاريخية التي مر بها . هاري ساكز ، عظمة بابل ، ص 438 .
(119) شببان ثابت الراوي : الطقوس الدينية في بلاد الرافدين ، أطروحة دكتوراه غير منشورة ، جامعة بغداد ، كلية الاداب ، 2001 ، ص 81 .
(120) Harris : Ancient sippar . P. 154
(121) هاري ساكر ، عظمة بابل ، ص 400 . رضا الهاشمي : النظام الكهنوتي ، ص 16
(122) Driver , G. & Milles , J. The Sal – Zikru (Women – man) ; Iraq . 1939 . Vol 6
(123) Drover and milles : BL . Vol 2 . P . 71
(124) PSD : letter ( S ) .
(125) Halloran A. Jon : Sumerian lexicon . p233.
(126) أميره عبدان الذهب : الكاهنات ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد كلية الاداب ، 2001 ، ص144
(127) Driver and Milles : The Sal – Sikru . P. 66
(128) أميرة عبدان الذهب : الكاهنات ، ص148 .
(129) ثلما ستيان عقراوي : المرأة دورها ومكانتها في وادي الرافدين ، منشورات وزارة الثقافة والفنون ، بغداد ، 1978 ، ص185
(130) ينظر شريعة حمورابي ، المواد ( 178 - 180 و 192 – 193 )
(131) ثلما ستيان عقراوي ، المرأة ، ص185
(132) (gagu) عبارة بناية تلتحق بالمعبد خصصت لسكن الناديتو وتعني حرفياً (البيت المغلق ) وكان يقوم عليه موظف خاص يشرف على شؤون هذه البناية التي هي بمثابة دير للكاهنات. ينظر:
(133) Driver and milles : BL. Vol. 2.p.7.
(134) للتفصيل حول هذه الكاهنة ينظر؛أميرة عيدان الذهب : الكاهنات‘(الناديتيوم).
(135) Driver & Mills: BL. Vol.2.p.77.
(136) Ibid.p.77.
(137) Meier ;G: Eunuchs “in Reallexikon der Assyriologie. edit by Erich Ebelingetal .Berlin 1928-2000 .in http// www.??? .com
(138) "male daughters and female sons" in . www?????.com
(139) Driver and Milles:BL.v.2.p.77.
(140) Meier , G : Eunuchs.p.1 .
(141) Ibid : p.1 .
(142) انظر المواد 187,192,193,من شريعة حمورابي
(143) Bottero ; J and petschow. H :"Homosixuallity”in. ww botteropetschow .htm.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|