أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-04-2015
3220
التاريخ: 23-02-2015
2419
التاريخ: 29-04-2015
1929
التاريخ: 19-11-2020
9772
|
مؤلفه :
هو ابو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي .
ولد سنة (580هـ) تقريبا ، ونشأ في كنف أبيه ، درس العربية والشعر الى جانب تعلمه القرآن ، واستمر في الدراسة والتدريس حتى رحل الى مصر واستقر بها ، وتلقى فيها ثقافة واسعة في الفقه والكلام ، واللغة والنحو والبلاغة ، والقراءات ، وعلوم القرآن .
وله مؤلفات كثيرة منها : الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ، و التذكرة بأحوال الآخرة وغيرهما .
توفي بالقاهرة سنة (671هـ) (1) .
تفسيره :
يعد من التفاسير الجامعة لكثير من العلوم ؛ كالإعراب واللغة ، والقراءات والعقائد والناسخ والمنسوخ ، وغيرها .
وأكد على الجانب الفقهي بحسب مذهبه المالكي ومناقشة المذاهب الأخرى .
وقد أشار الى هدفه من تأليف هذا التفسير بقوله :
... رأيت أن أشتغل به ـ يعني القرآن ـ هدى عمري ، وأستفرغ فيه منتي بان أكتب فيه تعليقا وجيزا ،يتضمن نكتا من التفسير واللغات ، والإعراب والقراءات ، والرد على أهل الزيغ والضلالات ، وأحاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات ، جامعا بين معانيهما ، ومبينا ما أشكل منهما ، بأقاويل السلف ،ومن تبعهم من الخلف .... (2) .
بدأ كتابه بمقدمة تحتوي على تسعة عشر بابا حول أمور قرآنية مهمة منها : باب ذكر جمل من فضائل القرآن والترغيب فيه وفضل طالبه وقارئه ومستمعه والعامل به ، وباب كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى وما يكره منها وما يحرم واختلاف الناس في ذلك ، وباب تحذير أهل القرآن والعلم من الرياء وغيره ، وباب ما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به ولا يغفل عنه ، وباب ما جاء في إعراب القرآن وتعليمه والحث عليه وثواب من قرأ القرآن معربا ، وباب ما جاء في تفسير القرآن وأهله ... وباب ما جاء في تفسير القرآن بالرأي والجرأة على ذلك ومراتب المفسرين ن وباب تبيين الكتاب بالسنة وما جاء في ذلك ، ...
وباب معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه .... ، وغيرها من الأبواب .
ثم تناول في نهاية المقدمة الحديث عن الاستعاذة والبسملة .
منهجه في التفسير :
يذكر اسم السورة ، وفضلها ، وأسماءها ـ إن كان ـ ومكيها ومدنيها ، ثم يتناولها آية آية ؛ أو آيتين او اكثر ، يعقبها بطرح مسائل يأتي فيها على شرح الآية جملة جملة من حيث القراءة ، واللغة ، والإعراب ، الأقوال فيها ، والمرويات والأحكام الفقهية في آيات الأحكام مع التوسع وذكر الأقوال فيها والرد على من يخالف مذهبه ، بل قد يخرج الى أمور بعيدة عن موضوع آيات الأحكام .
ويمكننا أن نسجل الملاحظات التالية حول منهجه باختصار شديد :
1- مال الى التفسير بالرأي الى جانب التفسير بالمأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي اعتبره الأساس في التفسير ، فإن لم يكن هناك مأثور عنه (صلى الله عليه واله وسلم) ينتقل الى التفسير بالمأثور عن الصحابة والتابعين ، وغيرهم من المفسرين يقارن بين أقوالهم ويختار منها ما تؤيده القرائن .
2- حاول أن يتجنب الإسرائيليات التي تخل بعصمة الأنبياء أو الملائكة ، أو تخل بالعقائد ، كما في قصة هاروت وماروت ، وقصة داود وسليمان ، وغيرهما ، فإنه يرد عليها ويبطلها .
3- اعتمد في نقله لبعض المرويات على أبطال الإسرائيليات والموضوعات أمثال كعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وابن جريج ، وغيرهم .
4- له مواقف سلبيه في تفسيره لبعض الآيات كالآيات التي تؤكد وتدلل على الامامة وغيرها مما يذهب إليه الشيعة ، وينبزهم بالروافض .
ففي قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } [المائدة: 67].
يصرف الآية تماما عن معناها الصحيح ، حيث يقول : دلت الآية على رد قول من قال : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتم شيئا من أمر الدين تقية وعلى بطلانه ، وهم الرافضة ، ودلت على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسر الى أحد شيئا من أمر الدين ؛ لأن المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك ظاهرا ... (الى أن يقول ) : وقبح الله الروافض حيث قالوا : إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كتم شيئا مما أوحى الله إليه كان بالناس حاجة إليه .
وغير ذلك مما يجده المتتبع في تفسيره وإن كان قليلاً .
مثال من تفسيره :
سورة لقمان وهي مكية غير آيتين قال قتادة : أولهما
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ } [لقمان: 27].
الى آخر الآيتين . وقال ابن عباس : ثلاث آيات أولهن : {ولو أنما في الأرض ...}[لقمان : 27] وهي أربع وثلاثون آية .
ثم بدأ بذكر الآيات ...
قوله تعالى : { يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما اصابك إن ذلك من عزم الأمور }[لقمان : 17].
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : { يا بني أقم الصلاة} : وصى ابنه بعظم الطاعات وهي الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وهذا إنما يريد به بعد أن يمتثل ذلك هو في نفسه ويزدجر عن المنكر ، وهنا هي الطاعات والفضائل أجمع ، ولقد أحسن من قال :
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
الثانية : قوله تعالى : {واصبر على ما أصابك } يقتضي حضا على تغيير المنكر وإن نالك ضرر ؛ فهو إشعار بأن المغير يؤذي أحيانا ، وهذا القدر على جهة الندب والقوة في ذات الله ، وأما على اللزوم فلا ، وقد مضى الكلام في هذا مستوفى في آل عمران والمائدة .
وقيل : أمره بالصبر على شدائد الدنيا كالأمراض وغيرها ، وألا يخرج من الجزع الى معصية الله عز وجل ؛ وهذا قول حسن لأنه يعم .
الثالثة : قوله تعالى : { إن ذلك من عزم الأمور } قال ابن عباس : من حقيقة الإيمان الصبر على المكاره . وقيل : إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور ؛ أي مما عزمه الله وأمر به ؛ قاله ابن جريج . ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة ، وقول ابن جريج أصوب (3) .
مثال آخر : قوله تعالى : {وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعلمون }[الأعراف : 180] ، فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : { يلحدون} الإلحاد الميل وترك القصد ؛ يقال : ألحد الرجل في الدين . وألحد إذا مال . ومنه اللحد في القبر ؛ لأنه في ناحيته . وقرئ {يَلحَدُون} لغتان ، والإلحاد يكون بثلاثة أوجه :
أحدهما : بالتغيير فيها كما فعله المشركون ، وذلك إنهم عدلوا بها عما هي عليه فسموا بها أوثانهم ؛ فاشتقوا اللات من الله ، والعزى من العزيز ومناة من المنان قاله ابن عباس وقتادة .
الثاني : بالزيادة فيها .
الثالث : بالنقصان منها ؛ كما يفعله الجهال الذين يخترعون أدعية يسمون فيها الله تعالى بغير أسمائه ، ويذكرونه بغير ما يذكر من افعاله ؛ الى غير ذلك مما لا يليق به .
قال ابن العربي : فحذار منها ، ولا يدعون أحدكم إلا بما في كتاب الله والكتب الخمسة ؛ وهي البخاري ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، النسائي ، فهذه الكتب التي يدور الاسلام عليها ، وقد دخل فيها ما في الموطأ الذي هو أصل التصانيف ، وذروا ما سواها ، ولا يقولن أحدكم اختار دعاء كذا وكذا ، فإن الله قد اختار له وأرسل بذلك الى الخلق رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الثانية : معنى الزيادة في الأسماء التشبيه ، والنقصان التعطيل . فإن المشبهة وصفوة بما لم يأذن فيه ، والمعطلة سلبوه ما اتصف به ، لذلك قال أهل الحق : إن ديننا طريق بين طريقين ، لا بتشبيه ولا بتعطيل . وسئل الشيخ أبو الحسن البوشنجي عن التوحيد فقال : إثبات ذات غير مشبهة بالذوات ، ولا معطلة من الصفات .
وقد قيل في قوله تعالى : { وذروا الذين يلحدون} معناه اتركوهم ولا تحاجوهم ، ولا تعرضوا لهم ، فالآية على هذا منسوخة بالقتال ؛ قاله ابن زيد .
وقيل معناه الوعيد ، كقوله تعالى : { ذرني ومن خلقت وحيداً} [المدثر : 11].
وقوله : {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} [الحجر :3] (4).
_________________________
1- مقدمة تفسيره ، ج1 ، وأعلام الزركلي ، ح5 ، ص : 322 .
2- المقدمة ، ج1 ، ص : 6 ، من تفسيره .
3- الجامع لأحكام القرآن ، ج14 ، ص : 35،46، 47.
4 - ن . م ، ج7 ، ص : 208 .