أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-3-2018
1577
التاريخ: 20-3-2018
1243
التاريخ: 14-3-2018
1042
التاريخ: 22-9-2017
1067
|
[ولاية محمد المعتصم]:
فلما مات هو على نهر البذندون جمع أخوه أبو إسحق محمد بن هرون المعتصم بالله إليه وجوه القواد والأجناد، فدعاهم إلى بيعته، فبايعوه.
فسار من طرسوس حتى وافى مدينة السلام، فدخلها، وخلع العباس بن المأمون عنها، وغلبه عليها، وبايعه الناس بها.
وكان قدومه بغداد مستهل شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين، فأقام بها سنتين، ثم مر بأتراكه إلى (سر من رأى) فابتناها، واتخذها دارا ومعسكرا.
وكانت في خلافته فتوحات لم تكن لأحد من الخلفاء الذين مضوا مثلها قبله.
فمنها فتح بابك، وأسره وقتله إياه، وصلبه، ومنها (مازيار) صاحب قلعة طبرستان، فإنه تحصن في القلاع والجبال، فما زال به حتى أخذه، فقتله، وصلبه إلى جنب بابك، ومنها جعفر الكردي، وقد كان أخرب البلاد وسبى الذراري، فوجه الخيول في طلبه، ولم يزل به حتى أخذه وقتله، وصلبه إلى جنب بابك ومازيار، ومن ذلك فتح (عمورية) وهي القسطنطينية الصغرى، والأخرى فتحها الله على يديه.
وكان ابتداء أمر بابك، أنه تحرك في آخر أيام المأمون وقد اختلف الناس
في نسبه ومذهبه، والذي صح عندنا، وثبت، أنه كان من ولد مطهر بن فاطمة بنت أبي مسلم، هذه التي ينتسب إليها الفاطمية من الخرمية، لا إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنشأ بابك، والحبل مضطرب، والفتن متصلة، فاستفتح أمره بقتل من حوله بالبذ، (1) وإخراب تك الأمصار والقرى التي حواليه، لتصفو له البلاد، ويصعب مطلبه، وتشتد المئونة في التوصل إليه، واشتدت شوكته، واستفحل أمره.
وقد كان المأمون وجه إليه حين اتصل به خبره عبد الله بن طاهر بن الحسين في جيش عظيم.
فسار إليه، ونزل في طريقه الدينور (2)، في ظاهرها، في مكان يعرف إلى يومنا هذا بقصر عبد الله بن طاهر، وهو كرم مشهور، ومكان مذكور.
ثم سار منها حتى وافى البذ، وقد عظم أمر بابك، وتهيبه الناس، فحاربوه، فلم يقدروا عليه، ففض جمعهم، وقتل صناديدهم.
وكان ممن قتل في تلك الوقعة محمد بن حميد الطوسي.
وهو الذي رثاه أبو تمام بقصيدته التي يقول فيها: كان بني نبهان يوم وفاته نجوم سماء خر من بينها البدر وفيها يقول: فاثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصك الحشر، فلما أفضى الأمر إلى أبي إسحق المعتصم بالله لم تكن همته غيره، فأعد له الأموال والرجال، وأخرج مولاه الأفشين حيدر بن كاوس، فسار الأفشين بالعساكر والجيوش حتى وافى برزند (3)، فأقام بها حتى طاب الزمان، وانحسرت الثلوج عن الطرقات، ثم قدم خليفته [يوباره] (4) وجعفر بن دينار، وهو المعروف بجعفر الخياط في جمع كثير من الفرسان إلى الموضع الذي كان فيه معسكر، وأمرهما أن يحفرا خندقا حصينا، فسارا حتى نزلا هناك، واحتفرا الخندق.
فلما فرغا من حفر الخندق استخلف الأفشين ببرزند المرزبان، مولى المعتصم في جماعة من القواد، وسار هو حتى نزل الخندق، ووجه يوباره، وجعفر الخياط في جمع كثيف إلى رأس نهر كبير، وأمرهما بحفر خندق آخر هناك فسارا حتى احتفراه.
فلما فرغا وافاهما الأفشين، ثم خلف في موضعه محمد بن خالد بخار اخذاه، وشخص إلى درود (5)، في خمسة آلاف فارس وألفي راجل، ومعه ألف رجل من الفعلة حتى نزل درود، واحتفر بها خندقا عظيما وبنى عليها سورا شاهقا، فكان بابك وأصحابه يقفون على جبال شاهقة، فيشرفون منها على العسكر، ويولولون.
ثم ركب الأفشين يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شعبان في تعبية، وحمل المجانيق، وأمر بابك آذين أن يحصن تلا مشرفا على المدينة، ومعه ثلاثة آلاف رجل، وقد كان احتفر حوله الآبار ليمنع الخيل منهم.
فانصرف الأفشين يوما إلى خندقه، ثم غدا عليه يوم الجمعة في غرة شهر رمضان، فنصب المجانيق والعرادات (6) على المدينة، وأحدقت القواد والرؤساء.
وأقبل بابك في أنجاد أصحابه، وعباهم، فقاتله (7) القواد قتالا شديدا إلى العصر، ثم انصرفوا، وقد نكوا في أصحابه.
وأقام الأفشين ستة أيام، ثم ناهضه يوم الخميس لسبع ليال خلون من شهر رمضان، واستعد له بابك، فوضع على البذ عجلا عظيما ليرسله إلى أصحاب الأفشين.
ثم أرسل بابك رجلا يقال له (موسى الأقطع) إلى الأفشين، يسأله أن يخرج إليه ليشافهه بما نفسه، فإن صار إلى مراده وإلا حاربه، فأجابه الأفشين إلى ذلك، فخرج بابك حتى صار بالقرب من الأفشين في موضع بينهما واد.
فلما رأى الأفشين كفر له، فبسطه الأفشين، وأعلمه ما في الطاعة من السلامة في الدنيا والآخرة، فلم يقبل ذلك.
فانصرف إلى موضعه، وأمر أصحابه بالحرب، فتسرعوا إلى ذلك، ودهدهوا (8) العجل الذي كانوا أعدوه، فانكسر العجل، وثاب أصحاب الأفشين، فدفعوهم إلى رأس الجبل.
وقد كان يوباره وجعفر الخياط وقفا بحذاء عبد الله أخي بابك، فحملا، وحمل عليهم القواد من جميع النواحي، فقتلوهم قتلا ذريعا، وانهزموا حتى دخلوا المدينة، فدخلوا خلفهم في طلبهم، وصارت الحرب في ميدان وسط المدينة.
وكانت حربا لم ير مثلها شدة، وقتلوا في الدور والبساتين، وهرب عبد الله أخو بابك.
فلما رأى بابك أن العساكر قد أحدقت به، والمذاهب قد ضاقت عليه، وأن أصحابه قد قتلوا وفلوا توجه إلى أرمينية، وسار حتى عبر نهر الرس متوجها إلى الروم.
فلما عبر نهر الرس قصد نحوه سهل بن سنباط صاحب الناحية، وقد كان الأفشين كتب إلى أصحاب تلك النواحي، وإلى الأكراد بأرمينية، والبطارقة بأخذ الطرق عليه.
فوافاه سهل بن سنباط، وقد كان بابك غير لباسه، وبدل زيه، وشد الخرق على رجليه، وركب بغلة بإكاف (9)، فأوقع به سهل بن سنباط، فأخذه أسيرا.
ووجه به إلى الأفشين، فاستوثق منه الأفشين، وكتب إلى المعتصم بالفتح، واستأذنه في القدوم عليه، فأذن له، فسار حتى قدم عليه، ومعه بابك وأخوه، فكان من قتل المعتصم لبابك وقطع يديه ورجليه وصلبه ما هو مشهور.
قالوا: ولما قدم الأفشين ومعه بابك أجلسه المعتصم على سرير أمامه، وعقد التاج على رأسه.
وفي ذلك يقول إسحق بن خلف الشاعر في قصيدته التي مدح فيها المعتصم بالله:
ما غبت عن حرب تحرق نارها *** بــالبذ كنت هنــا وأنت هناكا
عـــزت بأفشين حســـامك أمــة *** والدين ممتسك به استمساكا
لمــــا أتـــــــاك ببـــــابك توجته *** وأحق مــن أضحى له تاجاكا
ثم إن أحمد بن أبي داود وجد على الأفشين لكلام بلغه عنه، فأشار على المعتصم أن يجعل الجيش نصفين نصفا مع الأفشين، ونصفا مع أشناس، ففعل المعتصم ذلك.
فوجد الأفشين منه، وطال حزنه، واشتد حقده.
لما أتاك ببابك توجته وأحق من أضحى له تاجاكا ثم إن أحمد بن أبي داود وجد على الأفشين لكلام بلغه عنه، فأشار على المعتصم أن يجعل الجيش نصفين نصفا مع الأفشين، ونصفا مع أشناس، ففعل المعتصم ذلك.
فوجد الأفشين منه، وطال حزنه، واشتد حقده.
فقال أحمد بن أبي داود للمعتصم: يا أمير المؤمنين إن أبا جعفر المنصور استشار أنصح الناس عنده في أمر أبي مسلم، فكان من جوابه أن قال (يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) فقال له المنصور: (حسبك)، ثم قتل أبا مسلم).
فقال له المعتصم: (أنت أيضا حسبك يا أبا عبد الله)، ثم وجه إلى الأفشين، فقتله.
وزعموا، انهم كشفوا عنه فوجدوه غير مختون.
ومات المعتصم بالله يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين (10)، وصلى عليه أبو عبد الله أحمد بن أبي داود، وكان المعتصم أوصى إليه بالصلاة عليه، وكانت ولايته ثماني سنين وثمانية أشهر وسبعة عشر يوما، وكان قد بلغ من السن تسعا وثلاثين سنة.
__________
(1) البز كورة بين إيران وأذربيجان.
(2) بلد أبي حنيفة مؤلف الكتاب، وإليها ينسب.
(3) بلد من بلاد إرمينية.
(4) في الأصل يوناره.
(5) كذا في الأصل، والصواب (دروذ) مكان في ثغر أذربيجان.
(6) جمع عرادة وهي آلة للحرب أصغر من المنجنيق.
(7) في الأصل فقاتلوه القواد.
(8) دهده: دحرج.
(9) الإكناف: بردعة الحمار.
(10) الموافق 9 يناير 842 م.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|