أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-6-2019
1563
التاريخ: 17-9-2017
1221
التاريخ: 26-8-2017
985
التاريخ: 17-9-2017
1397
|
جاء [الفضل بن سهل] واستأذن على أبي الحسن (عليه السلام)، قال ياسر: فقال لنا الرضا (عليه السلام): قوموا فتنحوا. فتنحينا، فدخل فوقف بين يديه ساعة، فرفع أبو الحسن (عليه السلام) رأسه، فقال: ما حاجتك، يا فضل؟ قال: يا سيدي، هذا أمان كتبه لي أمير المؤمنين، وأنت أولى أن تعطينا ما أعطانا أمير المؤمنين، إذ أنت ولي عهد المسلمين. فقال له الرضا (عليه السلام): اقرأه، وكان كتابا في أكبر جلد، فلم يزل قائما حتى قرأه، فلما فرغ قال له أبو الحسن (عليه السلام): يا فضل، لك علينا هذا ما اتقيت الله عز وجل. قال ياسر: فنقض عليه أمره في كلمة واحدة، فخرج من عنده، وخرج المأمون وخرجنا مع الرضا (عليه السلام) (1).
خروج المأمون والرضا (عليه السلام) من مرو ومقتل ذي الرياستين:
وعن ياسر الخادم، قال: لما عزم المأمون على الخروج من خراسان إلى العراق، خرج معه الفضل، وخرجنا مع الرضا (عليه السلام)، فورد على الفضل كتاب من أخيه الحسن ونحن في بعض المنازل: إني نظرت في تحويل السنة، فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا وكذا يوم الأربعاء حر الحديد وحر النار، وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا (عليه السلام) في ذلك اليوم الحمام، وتحتجم فيه، وتصب على بدنك الدم ليزول عنك نحسه. فكتب الفضل إلى المأمون بذلك، وسأله أن يسأل الرضا (عليه السلام) ذلك. فكتب المأمون إلى الرضا (عليه السلام)، فأجابه: لست داخلا الحمام غدا. فأعاد إليه الرقعة مرتين، فكتب الرضا (عليه السلام): لست داخلا الحمام غدا، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه الليلة، فقال لي: يا علي، لا تدخل الحمام غدا، فلا أرى لك - يا أمير المؤمنين - ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا. فكتب المأمون: صدقت يا أبا الحسن، وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولست بداخل الحمام غدا والفضل أعلم (2). قال ياسر: فلما أمسينا وغابت الشمس، قال لنا الرضا (عليه السلام): قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة. فلم نزل نقول ذلك، فلما صلى الصبح، قال لي: اصعد إلى السطح فاستمع. فلما صعدت سمعت الضجة والنحيب وكثر ذلك، وإذا المأمون قد دخل من الباب الذي كان من داره إلى دار الرضا (عليه السلام)، فقال: يا سيدي، يا أبا الحسن، آجرك الله في الفضل، فإنه دخل الحمام، ودخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه، وأخذ منهم ثلاثة أحدهم ابن خاله، واجتمع الجند والقواد ومن كان من رجال الفضل على باب المأمون، فقالوا: هو اغتاله وشغبوا وطلبوا بدمه، وجاءوا بالنيران ليحرقوا الباب. فقال المأمون لأبي الحسن (عليه السلام): يا سيدي، ترى أن تخرج إليهم وترفق بهم حتى يتفرقوا؟ قال: نعم. وركب أبو الحسن (عليه السلام)، وقال لي: يا ياسر اركب، فركبت، فلما خرجنا من باب الدار نظر إلى الناس وقد ازدحموا عليه، فقال لهم بيده (3): تفرقوا، قال ياسر: فأقبل والله بعضهم على بعض، وما أشار إلى أحد إلا ركض ومر، ولم يقف له أحد (4). قال الطبري: وكان الذين قتلوا الفضل من حشم المأمون، وهم أربعة نفر: أحدهم غالب المسعودي الأسود، وقسطنطين الرومي، وفرج الديلمي، وموفق الصقلبي، فقالوا للمأمون: أنت أمرتنا بقتله، فأمر بهم فضربت أعناقهم، وبعث برؤوسهم إلى الحسن بن سهل (5). أقول: ترى مثل هذا السفاك الداهية يسلم حكم بني العباس للإمام (عليه السلام) طعمة باردة. قال الصدوق والسلامي: كان ذلك في شعبان سنة 203، وقال الطبري: كان ذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شعبان سنة 202، ولعل رواية الصدوق أقرب إلى الصواب. وحكى الصدوق في (العيون) عن أبي علي الحسين بن أحمد السلامي في كتابه (تأريخ نيسابور) أنه قال: احتال المأمون على الفضل بن سهل حتى قتله غالب خال المأمون في الحمام بسرخس مغافصة (6) في شعبان سنة 203 (7). ومن هذا نتبين أن للمأمون أساليبه الخاصة في القضاء على خصومه، فاتبع أسلوبا غامضا في القضاء على الفضل بن سهل وقتل قتلته رغم اعترافهم بأنه هو الذي دفعهم لاغتياله. لقد كان الدافع في قتل الفضل من قبل المأمون هو إرضاء العباسيين في بغداد، وفي نفس الوقت أرضى أخاه الحسن بن سهل بأن قتل قاتليه وأبرد رؤوسهم إليه، وبهذا أرضى الخراسانيين أيضا.
وعندما قرر أن ينقل مركز الخلافة من مرو إلى بغداد، فكر في قتل الإمام (عليه السلام)، فغدر به وقتله بالسم، جاعلا ذلك ثمنا لصلحه مع العباسيين، وسيأتي تفصيل ذلك في شهادته (عليه السلام). وبعد مقتل الفضل بن سهل رجع المأمون من سرخس إلى طوس، وأقام عند قبر أبيه أياما، وخلالها دس إلى الإمام (عليه السلام) السم بالعنب - وقيل: بالرمان - فقضى عليه شهيدا مسموما، ودفن عند قبر هارون الرشيد كما أخبر.
المأمون يعود إلى بغداد:
وهكذا، مات اللذان تكرههما بغداد في نفس طريق بغداد... ولم يعد هناك ما يعكر صفو العلاقات بينه وبين بني أبيه العباسيين وأشياعهم، وأصبح باستطاعته أن يكتب إليهم: إن الأشياء التي كانوا ينقمونها عليه قد زالت، وأنهم ما نقموا عليه إلا بيعته لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وقد مات، فارجعوا إلى السمع والطاعة، وإنه يجعل ولاية العهد في ولد العباس (8). لقد أسرع المأمون في تنفيذ ما كان قد أعده للإمام الرضا (عليه السلام)، وعاد إلى بغداد لتلافي ما تركته الأحداث من آثار سيئة على خلافته، فلم يجد صعوبة في دخولها، ولا مقاومة جادة لمنعه عنها، سيما وإن مخاوفهم من انتقال السلطة إلى البيت العلوي قد تبددت بعد وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)، وبعد أن عادوا إلى طاعة المأمون، واختفى خليفتهم الخليع ابن شكلة المغني، فجلس لبني العباس وجمعهم، ودعا بحلة سوداء فلبسها، وترك الخضرة، ولبس الناس كذلك (9). وأخيرا، تحقق ما تنبأ به الإمام (عليه السلام) من أن أمر البيعة بولاية العهد لا يتم، وأنه يقتل ويدفن إلى جنب هارون الرشيد، ولم يكتف المأمون بالغدر بالإمام (عليه السلام) ودس السم إليه، بل أراد أن ينال منه ميتا بدافع من حقده الدفين، فكتب إلى السري عامله على مصر، يخبره بوفاة الرضا (عليه السلام)، ويأمره بغسل المنابر التي دعي له عليها، فغسلت.
_____________
(1) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 159 / 24، بحار الأنوار 49: 164 / 5، العوالم 22: 359 / 1.
(1) في رواية الشيخ الصدوق: والفضل فهو أعلم وما يفعله.
(3) أي: أشار لهم بيده.
(4) كشف الغمة 3: 69، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 164، بحار الأنوار 49: 168، العوالم 22: 364.
(5) تأريخ الطبري 8: 565.
(6) غافصه: فاجأه وأخذه على غرة.
(7) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2: 165 و166، بحار الأنوار 49: 143، العوالم 22: 279، إعلام الورى: 337.
(8) الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام): 394.
(9) تذكرة الخواص: 356.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|