المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

مخاطبة دوافع الخير والفضيلة في الناس
18-12-2021
الزهد والتعفّف من صفات اعضاء السلطة التنفيذية
15-02-2015
The controversy
10-1-2022
حملة الملك تحتمس الثالث.
2024-04-16
الحوليات الشتوية المزهرة
2024-08-19
ثابت التكاثر اللانهائي infinite multiplication constant
27-5-2020


مصارع آل النبيّ  
  
2783   03:00 مساءً   التاريخ: 7-8-2017
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : العباس بن علي
الجزء والصفحة : ص205ـ 210.
القسم : أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب / دوره الكبير في النهضة الحسينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2017 2642
التاريخ: 12-8-2017 3047
التاريخ: 7-8-2017 2795
التاريخ: 7-8-2017 2676

بعدما سقطت الصفوة الطيّبة من أصحاب الإمام (عليه السلام) صرعى وهي معطرة بدم الشهادة والكرامة هبّت أبناء الأسرة النبوية كالأسود الضارية للدفاع عن ريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) والذبّ عن عقائل النبوة ومخدّرات الرسالة وأول من تقدّم إلى البراز منهم شبيه رسول الله (صلى الله عليه واله) خلقاً وخُلقاً عليّ الأكبر (عليه السلام) فقد آثر الموت وسخر من الحياة في سبيل كرامته ولا يخضع لحكم الدعيّ ابن الدعيّ ولما رآه الإمام أخذ يطيل النظر إليه وقد ذابت نفسه أسىً وحسرات وأشرف على الاحتضار فرفع شيبته الكريمة نحو السماء وراح يقول بحرارة وألم ممض : اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس برسولك محمّد (صلى الله عليه واله) خلقاً وخُلُقاً ومنطقاً وكنّا اذا اشتقنا إلى رؤية نبيّك نظرنا إليه ... اللهمّ امنعهم بركات الأرض وفرقهم تفريقاً ومزّقهم تمزيقاً واجعلهم طرائق قددا ولا ترضي الولاة عنهم أبداً فانّهم دعونا لينصرونا ثم عدّوا علينا يقاتلوننا ... .
لقد تجسّدت صفات الرسول الأعظم النفسية والخلقية بحفيده عليّ الأكبر (عليه السلام) وأعِظم بهذه الثروة التي ملكها سليل هاشم وفخر عدنان وقد تقطع قلب الإمام (عليه السلام) على ولده فصاح بابن سعد : مالك قطع الله رحمك ولا بارك لك في أمرك وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه واله) ثم تلا قوله تعالى : ( ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريّة بعضها من بعض والله سميع عليم )   .. .
وشيّع الإمام (عليه السلام) فلذة كبده وهو غارق بالأسى والحسرات وخلفه عقائل النبوة وقد علا منهنّ الصراخ والعويل على شبيه رسول الله (صلى الله عليه واله) الذي ستتناهب شلوه السيوف والرماح وبرز الفتى مزهواً إلى حومة الحرب لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب وهو يحمل هيبة جدّه الرسول (صلى الله عليه واله) وشجاعة جدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وبأس حمزة عمّ أبيه واباء الحسين وتوسّط حراب الأعداء وهو يرتجز بفخر وعزّة قائلاً :
أنا عليّ بن الحسين بن علي ... نحن وربّ البيت أولى بالنبيّ
تالله لا يحكم فينا ابن الدعي
أجل ـ يا بن الحسين ـ فخر هذه الأمة ورائد نهضتها وكرامتها أنت وأبوك أحقّ بالنبي (صلى الله عليه واله) وأولى بمركزه ومقامه من هؤلاء الأدعياء الذين حوّلوا حياة المسلمين إلى جحيم لا يطاق.
وأعلن عليّ بن الحسين (عليه السلام) في رجزه عن عزمه الجبّار وإرادته الصلبة وانّه يؤثر الموت على الذلّ والخنوع للدعي ابن الدعيّ وقد ورث هذه الظاهرة من أبيه سيّد الأباة في الأرض والتحم فخر هاشم مع أعداء الله وقد ملأ قلوبهم رعباً وفزعاً وقد أبدى من الشجاعة والبسالة ما يقصر عنه الوصف ويقول المؤرّخون : انّه ذكرهم ببطولات جدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي هو أشجع إنسان خلقه الله فقد قتل فيما يقول المؤرّخون مائة وعشرين فارساً   سوى المجروحين وألحّ عليه العطش واُضر به الظمأ فقفل راجعاً إلى أبيه يطلب منه جرعة من الماء ويودعه الوداع الأخير واستقبله أبوه بأسى فبادر عليّ قائلاً : يا أبة العطش قد قتلني وثقل الحديد قد أجهدني فهل الى شربة ماء من سبيل أتقوّى بها على الأعداء ...
والتاع الإمام كأشدّ ما تكون اللوعة ألماً ومحنة فقال له بصوت خافت وعيناه تفيضان دموعاً : واغوثاه ما أسرع الملتقى بجدّك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها أبداً .. .
وأخذ لسانه فمصّه ليريه ظمأه فكان كشقّة مبرد من شدّة العطش ودفع إليه خاتمه ليضعه في فيه.
لقد كان هذا المنظر الرهيب من أقسى ما فجع به ريحانة رسول الله (صلى الله عليه واله) لقد رأى فلذة كبده وهو في ريعان الشباب وغضارة العمر كالبدر في بهائه قد استوعبت الجراحات جسمه الشريف وقد اشرف على الموت من شدّة العطش وهو لم يستطع أن يسعفه بجرعة ماء يقول الحجّة الشيخ عبد الحسين صادق :
يشكو لخير أب ظماه وما اشتكى ... ظمأ الحشا الا الى الظامي الصدي
كُلِّ حشاشته كصالية الغضا ... ولسانه ظمأ كشقّة مبرد
فانصاع يؤثره عليه بريقه ... لو كان ثمة ريقة لم يجمد
وقفل فخر هاشم إلى ساحة الحرب قد فتكت الجروح بجسمه الشريف وفتت العطش قلبه وهو لم يحفل بما هو فيه من آلام لا تطاق وانما استوعبت مشاعره وعواطفه وحدة أبيه يراه وقد أحيط به من كل جانب ومكان وجميع قطعات الجيش متعطشة إلى سفك دمه لتتقرب به إلى ابن مرجانة ... وجعل عليّ بن الحسين يرتجز أمام الأعداء :
الحـرب قد بانت لها حقائق ... وظهرت من بعدها مصادق
والله رب العرش لا نفارق ... جموعكم أو تغمد البوارق  
لقد تجلت حقائق الحرب وبرزت معالمها وأهدافها بين الفريقين فالإمام الحسين إنما يناضل من أجل رفع الغبن الاجتماعي وضمان حقوق المظلومين والمضطهدين وتوفير الحياة الكريمة لهم والجيش الأموي انما يقاتل من أجل استعباد الناس وجعل المجتمع بستاناً للامويين يستغلون جهودهم ويرغمونهم على ما يكرهون وأعلن علي بن الحسين ـ في رجزه ـ أنه سيبقى يناضل عن الأهداف النبيلة والمبادئ العليا حتى تغمد البوارق.
وجعل نجل الحسين يقاتل أشد القتال وأعنفه حتى قتل تمام المائتين   وقد ضج العسكر من شدة الخسائر الفادحة التي مُني بها فقال الرجس الخبيث مرة بن منقذ العبدي عليّ آثام العرب إن لم أثكل أباه وأسرع الخبيث الدنس إلى شبيه رسول الله (صلى الله عليه واله) فطعنه بالرمح في ظهره وضربة ضربة غادرة بالسيف على رأسه ففلق هامته فاعتنق الفتى فرسه ظنا منه أنه سيرجعه إلى أبيه ليودعه الوداع الأخير إلا أن الفرس حمله إلى معسكر الأعداء فأحاطوا به من كل جانب فقطعوه بسيوفهم إربا إربا تشفيا منه لما ألحقه بهم من الخسائر الفادحة ورفع الفتى صوته : عليك مني السلام أبا عبد الله هذا جدي رسول الله (صلى الله عليه واله) قد سقاني بكأسه شربة لا أظمأ بعدها وهو يقول : ان لك كأسا مذخورة ... .
وحمل الأثير هذه الكلمات إلى ابيه فقطعت قلبه ومزقت أحشاءه ففزع إليه وهو خائر القوى مهندّ الركن قد أشرف على الموت فوضع خدّه على خد ولده وهو جثة هامدة قد قطعت شلوه السيوف فأخذ يذرف أحرّ الدموع وهو يقول بصوت خافت قد حمل شظايا قلبه الممزق : قتل الله قوما قتلوك يا بني ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول على الدنيا بعدك العفا ...   .
وكان العباس (عليه السلام) إلى جانب أخيه وقد ذاب قلبه وذهبت نفسه حزنا وأسى على ما حل بهم من عظيم الكارثة وأليم المصاب لقد قتل ابن أخيه الذي كان ملء فم الدنيا في فضائله ومآثره فما أعظم رزيته وما أجلّ مصابه !!
وهرعت الطاهرة حفيدة النبي (صلى الله عليه واله) زينب (عليها السلام) إلى جثمان ابن أخيها فانكبت عليه تضمخه بدموعها وهي صارخة معولة تندبه بأشجى ما تكون الندبة قائلة : وابن أخاه ... .   واثمرة فؤاداه .. .
وأثر منظرها الحزين في نفس الإمام فجعل يعزيها بمصابها الأليم وهو بحالة المحتضر ويردد بأسى : على الدنيا بعدك العفا يا ولدي ... .
لك الله يا أبا عبد الله على هذه الكوارث التي تميد بالصبر وتهتز من هولها الجبال لقد تجرعتها في سبيل هذا الدين الذي عبثت به العصابة المجرمة من الأمويين وعملائهم.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.