أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-6-2017
2765
التاريخ: 11-12-2014
3414
التاريخ: 1-6-2017
2983
التاريخ: 17-5-2017
5375
|
امّا حمزة (رضى اللّه عنه) فقد استشهد على يد وحشي، عبد جبير بن مطعم، و ذلك انّ حمزة بينا كان يهجم على المشركين كالليث الغضوب و يقتلهم و يبددهم، رماه وحشي بحربة في خاصرته فخرجت من مثانته، فسقط على الارض و استشهد، و قيل ضربه في عانته، ثم اتاه وحشي فشقّ صدره، و أخرج كبده و جاء به الى هند زوجة ابي سفيان، فأخذته و وضعته في فمها فجعله اللّه كالحجر، فرمته من فيها و أبى اللّه أن يدخل جزءا من جسمه الشريف في جوف كافر، و لذا سميت بآكلة الاكباد.
ثم جاءت الى مصرع حمزة فقطعت أذنيه و بعض اعضائه فشدتهما في عنقها فتأست بها نساء قريش و ذهبن الى مصارع المسلمين، و أخذن يمثلن بهم و يجعلن اعضاءهم حليّا و أسورة، ثم جاء أبو سفيان الى مصرع حمزة و جعل يضرب فمه برأس النبل و يقول: ذق يا عقق .
فقال حليس بن علقمة: «يا معشر بني كنانة انظروا الى من يزعم انّه سيد قريش ما يصنع بابن عمّه الذي قد صار لحما» ، فاستحى أبو سفيان و خجل و قال: استرها علي.
واستشهد في هذه الغزوة سبعون رجلا من اصحاب النبي (صلّى اللّه عليه و آله)بعدد أسارى بدر من الكفار، بعد أن رضي المسلمون منهم بالفدية دون قتلهم على أن يستشهد منهم في السنة القادمة بعددهم، و لما وصل خبر استشهاد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)الى المدينة خرجت اربع عشرة امرأة من نساء أهل البيت و أقاربهن، و فيهن فاطمة الزهراء (عليها السّلام)الى احد، فجاءت (عليها السّلام)الى ابيها و اعتنقته و أخذت تبكي لمّا رأت جراحاته الكثيرة، فكان علي (عليه السّلام) يجيء بالماء في ترسه و فاطمة تغسل الدم عن وجهه، فلما رأت الدم لا يرقأ أخذت قطعة حصير فاحرقته حتى صار رمادا ثم الصقته بالجرح حتى تماسك و كان (صلّى اللّه عليه و آله) يداوي الجرح في وجهه بعظم بال حتى يذهب أثره.
روى علي بن ابراهيم القمي انّه: «قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) من له علم بعمّي حمزة فقال حارث بن الصمة (بكسر الصاد و تشديد الميم) ، أنا أعرف موضعه فجاء حتى وقف على حمزة فكره أن يرجع الى رسول اللّه فيخبره فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)لأمير المؤمنين (عليه السّلام) يا عليّ اطلب عمّك فجاء عليّ (عليه السّلام) فوقف على حمزة فكره أن يرجع إليه، فجاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) حتى وقف عليه فلمّا رأى ما فعل به بكى ثم قال: و اللّه ما وقفت موقفا قط أغيظ عليّ من هذا المكان لأن امكنني اللّه من قريش لامثلن بسبعين رجلا منهم فنزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال:{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126].
«فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بل أصبر فألقى على حمزة بردة كانت عليه فكانت اذا مدّها على رأسه بدت رجلاه و اذا مدّها على رجليه بدا رأسه، فمدّها على رأسه و القى على رجليه الحشيش، و قال: لو لا انّي احذر نساء بني عبد المطلب لتركته للعادية و السباع حتى يحشر يوم القيامة من بطون السباع و الطير، و امر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بالقتلى فجمعوا فصلّى عليهم و دفنهم في مضاجعهم و كبّر على حمزة سبعين تكبيرة» .
قيل: أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)أن يدفن حمزة و عبد اللّه بن جحش- ابن اخته- في قبر واحد، و كذلك أمر أن يدفن عبد اللّه بن عمرو بن حرام أبو جابر مع عمرو بن الجموح في قبر واحد، و هكذا دفن كلّ مع صاحبه، فكان يدفن في قبر واحد اثنان أو ثلاثة من الشهداء، و كانوا يدفنون مع ثيابهم الملطّخة بالدماء، و كان (صلّى اللّه عليه و آله)يقول:
«زمّلوهم في ثيابهم و دمائهم فانّه ليس من كلم، كلم في اللّه الا و هو يأتي اللّه يوم القيامة
واللون لون الدم و الريح ريح المسك».
وورد في الحديث انّه (صلّى اللّه عليه و آله) كفّن حمزة لأنه سلبت ثيابه و كان عاري الجسد، و قيل انّ قبر عبد اللّه و عمرو كان مما يلي السيل فلمّا جاء السيل على قبرهما أتى بجثة عبد اللّه و كان قد أصابه جرح في وجهه في المعركة و كانت يده على وجهه فاميطت يده عن جرحه فسال الدم، فردّت الى مكانها فسكن الدم.
قال جابر: رأيت أبي بعد ست و عشرين سنة في حفرته كأنه نائم ما تغيّر من حاله كثير و لا قليل، و الحرمل الذي كان على رجليه باق كهيئته.
و لمّا انصرف الرسول (صلّى اللّه عليه و آله)الى المدينة كانت القبائل تخرج إليه و تحمد اللّه على سلامته و تنسى قتلاها، فخرجت الى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) كبيشة أم سعد بن معاذ، فقال سعد و بيده زمام جواد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): يا رسول اللّه، هذه أمّي أتت إليكم، فلمّا دنت عزّاها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)بمصاب ابنها عمرو بن معاذ، فقالت: لا تؤلمني هذه المصائب في جنب سلامتك، فدعا لها الرسول (صلّى اللّه عليه و آله)بالأجر و تخفيف الحزن، ثم أمر (صلّى اللّه عليه و آله)سعد بن معاذ أن يصرف الجرحى من قومه الى منازلهم لمداواتهم.
فذهب الجرحى الى بيوتهم، و هم ثلاثون، بأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)و كان البكاء يسمع من اكثر بيوت المدينة فلما سمع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)بكاء النوائح على قتلاهنّ ترقرقت عيناه و بكى، ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له اليوم، فلمّا سمعه سعد بن معاذ و أسيد بن حضر، قالا لنساء الانصار: لا تبكينّ امرأة حميمها حتى تأتي الى فاطمة (عليها السّلام) فتواسيها في البكاء على حمزة ثم تبكي على قتيلها.
فلمّا سمع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)الواعية على حمزة قال: ارجعن رحمكنّ اللّه فقد آسيتنّ بانفسكنّ.
فاتخذت سنّة، انّه اذا مات الميت منهم بدأن البكاء على حمزة ثم بكين على ميتهنّ.
اعلم انّ فضائل حمزة (رضى اللّه عنه) كثيرة و كثرت المراثي له من الشعراء، و أشرت الى جملة منها في كتاب كحل البصر في سيرة سيد البشر، و ذكرت فضل زيارته و زيارة شهداء احد في مفاتيح الجنان.
وكانت هذه الواقعة في النصف من شوال في السنة الثالثة للهجرة، و قيل انّ قريشا وصلت الى احد في الخامس من شوال في يوم الخميس، و بدأت الحرب في يوم السبت و اللّه العالم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|