أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015
4194
التاريخ: 26-06-2015
2241
التاريخ: 8-2-2018
1758
التاريخ: 30-12-2015
3269
|
من شعراء يهود. أبوه من طي وأُمّه يهودية من بني النضر. عارض الإسلام وحاربه، وقال أشعاراً كثيرة يحرّض فيها القبائل العربية على قتال المسلمين، يذكر فرسانهم الذين قتلوا ببدر بما يثير حفيظة قريش فيبكيهم بكاءً يستثير به أضغانهم، ويحرّضهم على شنّ الغارة والحرب على يثرب كما يسمّيها: [60]
نبّئت أنّ بني المغيرة كلّهم |
|
خشعوا لقتل أبي الحكيم وجدّعوا |
وابنا ربيعة عنده ومنية |
|
ما نال مثل المهلكين وتبّع |
نبّئت أنّ الحارث بن هشامهم |
|
في الناس يبني الصالحات ويجمع |
ليزور يثرب بالجموع وإنّما |
|
يحمي على الحسب الكريم الأروع |
وقد أورد ابن هشام أحد عشر بيتاً من القصيدة، ولم يشكّك بها. ولم يكتف كعب بالتآمر على الرسولo ومعاداته بل تجاوزها إلى هجائه وذكر نساء المسلمين، والتشبيب بهم. وقد بيّن الرسولo هذا الموقف بقوله معلّقاً على سبب قتل كعب لو أنّه قرّ كما قرّ غيره ممّن هو على مثل رأيه ما اغتيل، ولكنّه نال منّا الأذى وهجانا بالشعر. وهكذا كان أمره عليه الصلاة والسلام لمحمّد بن سلمة ورهط من الأنصار فقتلوه.
ولم يذكر ابن سلام من شعره إلّا خمسة أبيات في الفخر بأخواله ونستطيع أن نتخيّل قوّة أشعاره التي كان يقولها في تحريض العرب واليهود على المسلمين من أمر الرسولo بقتله، ومن فعله أيضاً، لأنّه كان يتآمر مع يهود المدينة ومشركي قريش ويجمعون القبائل لقتال المسلمين.
ومن خلال هذا العرض لأشعار المشركين يتبيّن لنا القدر الهائل من الشعر الذي لم يصل إلينا تحرّجاً من روايته، لما فيه من سبّ للرسولo والمسلمين والدين الإسلامي. نضيف إلى هذا وقوف الخلفاء الراشدين موقفاً حازماً إزاء الشعر الذي قيل أيّام الصراع مع المشركين، لأنّ روايته تثير الحزازة في النفوس بإثارة ما كمن من أحقاد وثأر لقتلى الطرفين، وتداول أي شعر من هذا النوع يؤدّي إلى إثارة خلافات عفى عليها الإسلام. ولهم في ذلك الرسولo القدوة الصالحة الذي عفا عن مشركي قريش جميعهم حين دخل مكّة، بقوله: أقول لكم كما قال أخي يوسف {قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف : 92].
وإذا كانت حروب الردّة قد شغلت المسلمين عن تذكّر تلك المواقف، فإنّنا [61]
لا نعدم إشارات زمن الخليفة عمر بن الخطّاب تظهر في موقفين واضحين إزاء هذا الضرب من الشعر فقد ذكر أنّه مرّ يوماً بمسجد رسول اللهo فرأى حسّان بن ثابت ينشد الشعر، فأخذ بأُذنه منكراً عليه فعله قائلاً أرغاء كرغاء البعير؟. فيجيبه حسّان: دعني عنك ياعمر، فوالله لتعلم أنّي كنت أنشد في هذا المسجد من هو خير منك، فلا يغيّر عليّ، فصدّقه عمر ومن غير المعقول أن ينسى الخليفة عمر سماع الرسولo شعر حسّان، وسماحه لإنشاده على منبر المسجد، ليذكره حسّان به، ولكنّه تصرّف تصرّف الحاكم المسؤول عن رعيته، وعرف بحكمته أنّ ما ينشده حسّان من شعر يثير الأضغان في النفوس. ومن المؤكّد أنّ حسّاناً ما كان ينشد أي شعر قاله في حينها، إنّما كان ينشد شعره في قريش أيّام شركها، وإلّا لما اعترض عليه الخليفة. والدليل على هذا إنّه وصف ما يسمعه من حسّان بأنّه كرغاء البعير لا فائدة منه (ولكن حسّاناً يغفل انّه كان يهاجي بالأمس قوماً مشركين، وقد صاروا اليوم في عداد المسلمين فلا يستساغ بعد ذلك هذا الضرب من الشعر).
والحادثة الثانية التي تذكر عن الخليفة عمر ، ومحاولته الحدّ من رواية الشعر الذي قيل أيّام شرك قريش ما ذكرناه من قبل من مجيء عبدالله بن الزبعرى وضرار بن الخطّاب إلى المدينة، وإرسالهما إلى حسّان بن ثابت ليتناشدوا الأشعار، وحين قدم حسّان قالا له: انّ شعرك كان يحتمل في الإسلام، ولا يحتمل شعرنا، وقد أحببنا أن نسمعك وتسمعنا. فقال حسّان: أتبدآن أم أبدأ؟ قالا: نبدأ نحن، فأنشداه، حتّى فار فصار كالمرجل غضباً، ثمّ استويا على راحلتيهما يريدان مكّة. فما كان من حسّان إلّا أن أسرع إلى الخليفة عمر، وحدّثه بخبرهما. ويتصرّف الخليفة بما يطفئ غضب حسّان، ويبعث في أثرهما من يردّهما، حتّى إذا عادا أمر حسّاناً بأن يسمعهما ما أراد إنشادهما من شعر. ولمّا فرغ حسّان قال له الخليفة: أفرغت؟ قال: نعم. فقال: أنشداك في الخلاء. وأنشدتهما في الملأ، ثمّ خاطب الشاعرين الآخرين: عبدالله بن الزبعرى وضرار بن الخطّاب: إن شئتما فأقيما، وإن شئتما فانصرفا. وقال لمن حضره: إنّي كنت نهيتكم أن تذكروا ما كان بين المسلمين والمشركين شيئاً دفعاً للتضاغن، وبثّ القبيح فيما بينكم، فأمّا إذا أبوا فاكتبوه واحتفظوا به. ونفهم من [62]
هذا الأمر جملة أُمور: أوّلها أنّ الخليفة عمر يصرّح بأنّه نهاهم جميعاً عن رواية الشعر الذي كان بين المشركين والمسلمين. وثانيهما: أنّ هذه الحادثة تمّت لحسّان بعد احتجاج الخليفة عمر في مسجد المدينة، لأنّه حاول أن يكظم غيظه، وأن يكل أمر الشاعرين اللذين حاولا إغضابه فعلا إلى الخليفة الذي منعه أن يرغو كما يرغو البعير، ويرمز رغاء البعير إلى الصوت العالي لا فائدة منه.
وثالثها: إنّ ضراراً وعبدالله بن الزبعرى يعترفان بأنّ شعرهما في الإسلام كان لا يحتمل لأنّه موقوف ضدّ الدعوة، متعرّض لشخص النبيo، وأصحابه الكرام، وأنّ شعر حسّان كان محتملاً مقبولاً.
وتبقى هاتان الحادثتان دليلين على محاولة جادّة لطمس شعر المشركين وبعض شعر المسلمين الذي يثير الحزازات في النفوس، وانّ الخليفة اقترح عليهم جميعاً إن رغبوا في الاحتفاظ بأشعارهم أن يدوّنوه. وقد ذكر راوي الخبر تتمّة: فأدركتهم، والله وإنّ الأنصار لتجدّده عندها إذا خيف بلاه. ولم يقل انّ قريشاً كانت تجدّد شعر شعرائها أيّام شركهم، لأنّها فعلاً كانت راغبة في نسيان تلك المواقف المعادية للإسلام، وما قيل فيها من شعر.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|