أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-07-2015
1048
التاريخ: 11-4-2017
2206
التاريخ: 9-08-2015
958
التاريخ: 6-12-2018
1451
|
...الدليل على إمامة [علي بن أبي طالب] (عليهما السلام) ، أدلة نقلية متكاثرة تفيد القطع بإمامته ، وإن لم يكن كل واحد منها قطعي المتن والدلالة .
منها : قوله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] وجه الدلالة : أن الآية باتفاق المفسرين نزلت في شأن علي (عليه السلام) بعد ما أعطى السائل خاتمه راكعا ، وحصر الولاية في الله ورسوله والذين آمنوا قرينة على كون الولاية بمعنى الأولى والأحق ، لأن حصر الولي بمعنى الناصر والمحب المطلق مع دلالة آية {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] .
لا يقال : هذا المعنى لا يناسب الآية السابقة ، وهي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51] واللاحقة وهي قوله تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } [المائدة: 56] .
لأنا نقول : في عدم المناسبة نظر ، أما اللاحقة فلأن معنى " ومن يتول الله " حين إرادة الأولى من الآية التي نحن فيها ، ومن اتخذ الله ورسوله والذين آمنوا أولى به فهو من حزب الله ، وحزب الله هم الغالبون بالمعنى الذي نذكره ، لأن أي معنى يقصد من الولي يجب أن يقصد من التولي معنى يناسبه ، فكما يحمل التولي في " ومن يتولهم منكم " على معنى يناسب الأولياء في الآية الأولى ، فكذلك التولي في الآية التي نحن فيها يحمل على معنى يناسب الولي في هذه الآية، فبظهور معنى الولي يظهر معنى التولي .
وأما السابقة ، فلعدم بعد أن يقال : إنه تعالى لما نهى عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء بمعنى المحبة أو النصرة أو الأعم ، مقرونا بالمبالغة المدلول عليها بالنداء ، وبقوله " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " أكد النهي المذكور زائدا عما ظهر بأن الأولى منحصر في الأولياء المذكورين ، لظهور البينونة التامة بين رعاية مقتضى أولوية هؤلاء الأولياء وبين محبة اليهود والنصارى ونصرتهما ، فبآية الولاية ظهر مع تأسيس حكم الأولوية الحكم السابق وتعليله .
فإن قلت : ما تصنع بقرينة قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: 57] لبعد إرادة الأولى من الولي هاهنا .
قلت : هذا تعليل آخر للحكم الأول ، بعدم مناسبة اتخاذ أهل الكتاب الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا محبين مثلا ، مع مزيد تأسيس هذا الحكم في الكفار الذين هم غير أهل الكتاب ، فظهر أن شيئا من السابقة واللاحقتين لا يأبى عن حمل الولي في الآية على معنى الأولى .
ومع ذلك نقول : على تقدير حمل الولي على المحب والناصر يمكن أن يقال : إن المراد من الولاية ليست المحبة والنصرة المطلقتين ، بل المحبة الكاملة التي هي في شأن الله تعالى باعتبار الأثر الذي هو إعطاء أسباب المعرفة والإطاعة والألطاف اللايقة ، والبيان المناسب بلا غاية عائدة إليه ، وفي شأن رسوله والذين آمنوا ، إما باعتبار الأثر الذي هو البيان والمعاونة المناسبة في الأمور النافعة بلا طلب أجر من الرعية ، أو المحبة الكاملة المستلزمة للأثر أو كليهما .
وعلى التقادير يناسب الحصر المستفاد من الآية ، فيجب أن يكون محبة الرعية إياهم على وجه يليق محبتهم الرعية ، وظاهر أن هذه المحبة تكون باعثة على الإطاعة والانقياد ، حتى أنه إن ترك أحد إطاعة حبيب شفيق يسلب عنه المحبة ، ومنه نسبة عداوة الله إلى الكفار والفساق ، وإذا كانت حال المحبة الناشئة عن المحبة المختصة ما عرفته ، فلا يجوز ترك مقتضى محبته ونصرته ، فلا يجوز لهم عقد الخلافة لأبي بكر من غير إذن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وبعد ما عقدوا له يوم السقيفة لما ظهر لهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) كراهة الأمر - كما نذكره إن شاء الله تعالى في مبحث إبطال إمامة أبي بكر وغيره - يجب التوبة عن إطاعة أبي بكر ، وتفويض الأمر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) .
وأمثال هذا الحصر كما يمكن اجراؤه لدفع توهم سابق يمكن اجراؤه لتأسيس حكم لاحق ، فعدم كون إمامة الثلاثة حين نزول الآية لا ينافي دلالة الآية على الإمامة كما توهمت ، وصرف الآية عن ظاهرها الذي هو الولاية في الحال لدليل ، مع عدم احتماله في شأن الله ورسوله ، لا يوجب صرفها عن ظاهرها فيما لا دليل عليه ، مع أن كون ولايته ( عليه السلام ) بعد نزول الآية في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عاما بالنسبة إلى جميع أمته ليس بعيدا أصلا .
والظاهر من السياق على تقدير حمل الآية على المحبة والنصرة أن يقال : بعد النهي عن تولي اليهود والنصارى لما كان مظنة أن يتوهم ولاية كل من أظهر الإسلام ، دفع توهم ولاية المرتدين من أهل الإسلام بقوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54] فلعله قال : من يرتد منكم عن دينه ، فلا يعود ضرره إلا إليه ، لأن الله تعالى يأتي بجماعة موصوفين بصفات شريفة يظهر بهم ما يجب إظهاره ويتم به الحجة تماما وافيا كاملا .
وهذه الصفات الشريفة إنما يظهر انطباقها على أمير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه ، كما يظهر لمن تتبع سيرتهم وسيرة غيرهم ، لأنه (عليه السلام) كان يسوي في العطاء ويجاهد الناكثين والمارقين والقاسطين ، ويلام بترك سيرة السابقين في العطاء وبمجاهدة المسلمين ، ولا يخاف (عليه السلام) ومن اتبعه من كمل المؤمنين لومة لائم ، وشدته (عليه السلام) على الكفار وذلته على المؤمنين غنيتان عن البيان .
فظهر أن الآية الشريفة لا تنطبق على أحد من الثلاثة ، وبعد ما أبطل إطاعة المرتدين ومحبتهم بحسب السياق ، حصر المحبة والنصرة الكاملتين الباعثتين على الإطاعة والانقياد لأصحاب الحزم والتدبر في الله ورسوله والذين آمنوا ، فبشر الذي لا يضر معه شئ .
ويمكن وجه آخر للآية يجري على تقدير إرادة الأولوية أو المحبة والنصرة ، وهو : أنه يظهر من نسبة ولاية طائفة هم فيما نحن فيه المخاطبون إلى واحد بعد نسبتها إلى الله ورسوله وحصرها فيهم ، مزية تامة لهذا الواحد بالنسبة إلى كل الطائفة ، بحيث يعد العقل قباحة جعل أحد من الطائفة رئيسا على الواحد المذكور قباحة واضحة ، سواء جعلت الولاية بمعنى الأولوية والأحقية أو المحبة والنصرة .
وبالجملة في اشتراك الثالث مع الله ورسوله في صفة إضافية يختصون بها ولا يتجاوز عنهم ، دلالة واضحة على مزية الثالث على الباقين مزية واضحة ، بل خروجه من أن ينسب إلى أحد الباقين ، فكيف يجعل أحدهم رئيسا عليه ؟
اعلم أن النقل المستفيض من المفسرين وغيرهم على نزول الآية في شأن علي (عليه السلام) بعد تصدقه بالخاتم حال الركوع، حتى أن جماعة من أهل السنة نقلوا الاتفاق على هذا . وموافقة أسلوب " وهم راكعون " الحالية خصوصا مع ملاحظة سبب النزول وعدم تجويز المحققين عموم الآية ، تدفع ما ذكره شارح التجريد على وفق صاحب المغني بقوله : وأيضا والذين آمنوا صيغة جمع ، فلا يصرف إلى الواحد إلا بدليل ، وقول المفسرين أن الآية نزلت في حق علي (عليه السلام) لا يقتضي اختصاصها واقتصارها عليه ، ودعوى انحصار الأوصاف فيه مبنية على جعل " وهم راكعون " حالا من ضمير " يؤتون " وليس بلازم ، بل يحتمل (1) العطف بمعنى أنهم يركعون في صلاتهم ، لا كصلاة اليهود خالية عن الركوع ، أو بمعنى أنهم خاضعون انتهى .
وأيضا أنتم قائلون باشتراك كثير من الصحابة في التصدق والخضوع ، خصوصا أبي بكر ، فلم لم يقل أحد باشتراك أحدهم مع أمير المؤمنين (عليه السلام) والبشارة بنزولها في شأنه منفردا أو منضما ؟
وأيضا قوله " إنما وليكم الله " يقتضي الأولياء والمخاطبين ، وظاهر أن الكفار ليسوا مخصوصين بالخطاب ، فالمخاطبون هم المؤمنون فقط كما هو الظاهر ، أو مطلق المكلفين .
على التقديرين فالأولياء خارجون عن المخاطبين ، كما هو مقتضى المخاطبة والقرينة ، فقوله تعالى * (والذين آمنوا) * ليس إشارة إلى كل مؤمن يفعل الأفعال المذكورة من أقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، والركوع بمعنى الانحناء أو الخضوع ، أو من شأنه ذلك ، فهو خاص به ( عليه السلام ) لعدم القول بشموله جماعة مخصوصين مضبوطين معروفين في زمانه ، ولا وجه له أيضا .
وأما استعمال لفظ الجمع في الواحد ، فمع شيوعه في موارد التعظيم وكون نكتة إيراد الذين آمنوا بلفظ الجمع مع كون المورد واحدا ، مذكورة في كتب تفاسيرهم أيضا ، لو لم يصرف عن ظاهره فلا انتفاع لهم أيضا ، لعدم اندراج الثلاثة بل واحد منهم (2) في الآية البتة ، نعم لا يبعد عمومها بالنسبة إلى الأولياء المعصومين الذين لا يخلو زمان منهم حتى يكون المخاطبون المؤمنين ، أو المكلفين والأولياء بعد الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ذريته المعصومين .
وبعد ما ذكرته بطلان توهم كون مقتضى الآية هو الإمامة في وقت ما ، فلا ينافي مقتضاها تقدم الثلاثة عليه (عليه السلام) ، أوضح من أن يحتاج إلى البيان .
________________
(1) ذكر هذين الاحتمالين مع تسليم كون نزولها في شأنه ( عليه السلام ) بعد إعطاء الخاتم في حال الركوع ، ونقل الاجماع عليه بلا نقل خلاف ، من الغرائب التي لا شبهة في بطلانها ، لكن الأهواء الباطلة تمنعهم عن إدراك الواضحات المتعلقة بالإمامة " منه " .
(2) لعدم كون أحد منهم أولى بالمؤمنين ، وكذلك عدم كون محبة أحد منهم المحبة التامة الكاملة التي يصح جعلها تالية محبة الله ورسوله ، كما أومأت إليه " منه " .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|