أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2018
7299
التاريخ: 17-1-2019
2542
التاريخ: 25-6-2018
2092
التاريخ: 25-6-2018
2749
|
لقد انتهجت الولايات المتحدة الامريكية في نظامها القضائي ذات المنهج الذي اعتمده النظام الإنجليزي بصفة عامة فالمحاكم الامريكية – العادية – تفصل في جميع المنازعات أيا كانت طبيعتها. كما يأخذ النظام الأمريكي بمبدأ مسؤولية الموظف الشخصية عن الاضرار التي تلحق بالافراد جراء تصرفاته، كما ان القاضي الأمريكي يتمتع بالسلطات الواسعة ذاتها التي يتمتع بها القاضي الإنجليزي في مواجهة موظفي الإدارة، فيملك توجيه أوامر مكتوبة الى الموظفين تتضمن امرهم بفعل شيء او الامتناع عن فعل شيء او بتعديل قراراتهم التي اصدروها. ومن الغريب ان يعتنق النظام الأمريكي مبدا عدم مسؤولية الدولة الذي كان سائدا في إنجلترا والذي يستند الى قاعدة ان التاج او الملك لا يخطئ في الوقت الذي تأخذ فيه الولايات المتحدة الامريكية بالنظام الجمهوري، ويفسر البعض هذا التشابه – الغريب – بين النظامين بالاعتبارات التاريخية، اذ يعد مبدا عدم مسؤولية التاج او الملك من بين المبادئ التي ورثتها الولايات المتحدة عن القانون العرفي الإنجليزي منذ عهد الاستعار. ولم يكن هذا التشابه بين النظامين في اعتناق المبدأ المذكور فحسب، بل واجه النظام الأمريكي في مجال تقرير مسؤولية الدولة التطور نفسه الذي واجهه النظام الإنجليزي. فكما تضاءل مبدا عدم مسؤولية الدولة في إنجلترا بما ورد عليه من استثناءات، انتهت بالقضاء عليه بمقتضى قانون سنة 1947، فقد وردت على هذا المبدا في الولايات المتحدة الامريكية استثناءات مماثلة تخفف من حدته وتفتح الباب امام الافراد لمساءلة الدولة والحصول على التعويض عن الاضرار التي تلحقهم اما امام المجالس النيابية، واما امام اللجان والهيئات الإدارية ذات الاختصاص القضائي، واما امام المحاكم العادية ذاتها، وقد بلغت هذه الاستثناءات من الكثرة مبلغا أدى الى ان تطغى على القاعدة، وقد أدى هذا التطور الى صدور قانون سنة 1946، الذي تقررت بموجبه مسؤولية الدولة، والذي يعد نقطة تحول هامة وبداية مرحلة جديدة في مجال الرقابة القضائية على اعمال الإدارة في الولايات المتحدة الامريكية (1). ويلاحظ ان المجالس النيابية كانت – حتى قبل صدور القانون المذكور وما زالت – تنظر في دعاوى او طلبات المسؤولية التي تتضمنها عرائض الافراد التي تقدم اليها، بناء على قوانين خاصة تقرر مسؤولية الدولة في حالات معينة، وتسمح بمقاضاتها بواسطة ما يقدمونه الافراد لتلك المجالس من عرائض، ولذلك فان هذه المسؤولية لا تتقرر بحكم قضائي وانما تختص بتقريرها المجالس النيابية باعتبارها لوحدها تستطيع ان تامر الدولة بدفع مبلغ من المال، اعمالا لمبدا الفصل بين السلطات. ويلاحظ على الوضع المتقدم انه ينطوي على خلط واضح بين امرين مستقلين، الأول تقرير الدين في ذمة الدولة، والثاني الامر الى الخزانة العامة بدفع هذا الدين، فالثاني وحده الذي يختص به البرلمان، اما تقرير المديونية فهو امر يدخل بطبيعته في صميم الوظيفة القضائية، ولا تعد مباشرة المحاكم العادية له بالنسبة للدولة خرقا لمبدا الفصل بين السلطات. وقد أدى هذا الخلط الذي وقع فيه القانون الأمريكي الى حرمان المحاكم العادية من نظر دعاوى المسؤولية التي يرفعها الافراد على الدولة، ومن ثم اصبح على الفرد الذي يدعي حقا ماليا قبل الدولة، كتعويض عن ضررر سببته له الإدارة، ان يرفع الامر في شكل عريضة الى البرلمان(2). ونظرا لتعذر فحص جميع الطلبات او العرائض بصورة جدية، فقد انشات المجالس التشريعية – بداخلها – هيئات اطلق عليها اسم محاكم الطلبات، تقوم بفحص الطلبات وتقديم تقرير عنها الى البرلمان. لكن هذه الهيئات، بالرغم من تسميتها بالمحاكم وان أعضائها يتمتعون ببعض امتيازات الهيئات القضائية، الا انها في الحقيقة ليست محاكم بالمعنى الصحيح لان رايها استشاري وان ما يصدر عنها مجرد مقترحات تعرض على البرلمان ليصدر فيها قراره النهائي. ومع ذلك فقد تحولت بعض (محاكم الطلبات) في بعض الولايات من هيئات استشارية الى محاكم قضائية بالمعنى الصحيح، اذ منحت سلطة اصدار احكام لا معقب عليها من اية جهة أخرى، لكن هذه المحاكم وان كانت تفصل في منازعات إدارية – كون الدولة طرفا فيها – لا يمكن ان تعد محاكم إدارية مستقلة عن القضاء العادي، بل هي محاكم عادية لان احكامها قابلة للطعن فيها امام المحاكم العليا التي توجد على راس هيكل القضاء العادي في الولايات المختلفة(3). فمحاكم الطلبات تعد هيئات استشارية تستعين بها المجالس التشريعية في بعض الولايات، وتعد محاكم حقيقية في البعض الاخر، ولكنها محاكم عادية – وليست جهة قضاء اداري – لانها خاضعة من حيث الطعن في احكامها للمحاكم العليا التي تدخل في تكوين هيكل القضاء العادي في تلك الولايات(4).
______________
1- يعرف هذا القانون، بالقانون الاتحادي لدعاوى (او طلبات) المسؤولية (the federal torst claims act) د. محمود محمد حافظ، القضاء الإداري، ط5، دار النهضة العربية، القاهرة، 1972، ص95.
2- د. محمود محمد حافظ، المصدر السابق، ص96.
3- تعد محاكم الطلبات في الولايات المتحدة الامريكية صورة من صور (المحاكم الإدارية المتخصصة) التي نظمت احكامها العامة في إنجلترا، بالقانون الذي صدر سنة 1958. راجع ما عرضنا له حول سلطة القاضي الإنجليزي تجاه الإدارة في المطلب السابق.
4- د.محمود محمد حافظ، المصدر السابق، ص97.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|