المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



قانون الوراثة  
  
2211   01:25 مساءً   التاريخ: 11-2-2017
المؤلف : ام زهراء السعيدي
الكتاب أو المصدر : التربية من منظور اسلامي
الجزء والصفحة : ص182-189
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الصحية والبدنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-1-2018 3253
التاريخ: 2024-10-23 154
التاريخ: 2024-10-02 241
التاريخ: 25-1-2016 1605

ادرك الانسان منذ امد بعيد، ان الموجود الحي ينقل كثير من الصفات والخصائص الى الاجيال التي تأتي بعده، فالجيل اللاحق يكتسب صفات الجيل السابق، فبذرة الزهرة تحفظ في نفسها خصائص الساق والورقة والزهرة والالوان الطبيعية لها، وبعد الإنبات تأخذ بإظهار تلك الخصائص واحدة تلو الاخرى. ان بذرة المشمش تشتمل على جميع الصفات المائزة للشجيرة التي وجدت منها؛ فعندما تزرع هذه البذرة وتنبت، وتأخذ بالنمو تظهر تلك الصفات تدريجياً، وهكذا فالقطة الصغيرة تشبه ابويها في هيكلها وشعرها ومخالبها، وترث صفات اسلافها. وكذلك الطفل الافريقي فهو يشبه ابويه في سواد البشرة وتجعد الشعر، ووضع الانف، ولون العيون في حين ان الطفل الاوروبي يرث المميزات التي يختص بها العنصر الذي ينتمي اليه ابواه في لون البشرة والعيون والشعر ووضع الانف وما شابه ذلك. بصورة موجزة نقول : ان قانون الوراثة من القوانين المهمة في حياة الموجودات الحية، وهكذا القانون هو الذي يكفل للنبات والحيوانات والانسان بقاء صورها النوعية الخاصة بها... وعلى هذا الاساس يكتسب الابناء صفات الاباء من دون حاجة الى أي نشاط ارادي منهم. عوامل الوراثة ان الاكتشافات العلمية الحديثة اوضحت لنا الحقيقة التي كانت الشريعة المقدسة تحث عليها وتشير الى الاثار المترتبة عليها عندما تقدم للأمة الوصايا القيمة لاختبار كل من الزوجين، بعد ان ثبت ان الصفات والخصال التي يتحلى بها الابوان واصولهم وحواشيهم، منتقلة الى ابنائهم نتيجة لتأثير عوامل الوراثة، والمحيط في بلورة النسل لإخراجه من مجرد كائن بشري حي الى كائن اجتماعي ينتفع به مجتمعه، وللإلمام بحقيقة هذين العاملين لا بد من بيان مقدمة وجيزة ليتسنى لنا الاطلاع على الاسباب التي تأخذ بأيدينا الى اقامة كيان زوجي مقدس تجتمع فيه اواصر الخير والفضيلة.

يقسم علماء النفس الوراثة على قسمين(1):

الأول : الوراثة البيولوجية.

الثاني : الوراثة البيئية.

ويقصدون بالوراثة البيولوجية قانون انتقال صفات الوالدين ويضمنها الصفات النفسية الفطرية الى ذريتهما بواسطة التناسل. وبتعبير ادق يقصد بكلمة (بيولوجية) العلم الذي يبحث عن الحياة، والكائنات الحية، وطريقة حياتها في نموها، وتطورها، وفنائها، والتأثيرات الكيمياوية، والتكوينية التي تطرأ عليها. ومنها جميع الصفات التكوينية التي يحملها الطفل من ابويه او اجداده، بواسطة (الكروموزمات) مثل لون العين والبشرة، ولون الشعر، وصورة الوجه، وغيرها. اما الوراثة الاجتماعية فهي قانون انتقال العادات، والتقاليد والنظم والدين، وغير هذه مما يأخذه الفرد من محيطه، وبيئته.

ـ عامل الوراثة البيولوجية :

واذا ما لاحظنا هذا العامل، الذي يكون التناسل هو واسطة الانتقال لصفات الابوين. او اصولهما الى الجنين فان العلماء يقسمونه على نوعين :

الأول : الوراثة المباشرة.

الثاني : الوراثة غير المباشرة(2).

ويراد من الوراثة المباشرة ما يتلقاه الجنين من صفات الابوين من دون توسط شخص اخر في ذلك الانتقال، اما الوراثة غير المباشرة فهي انتقال الصفات، ولكن من الاجداد او الاقارب ممن يجمعهم اصل واحد في نطاق الاسرة، اما كيف تتم هذه العملية فهذا ما يقرر على النحو التالي: يقول العلماء ان التناسل هو الطريق لإيجاد هذه العملية الوراثية اذ تتم بواسطة الخلايا التناسلية من الجانبين الذكر والانثى؛ لان العملية التلقيحية في الانسان تواجد تقابلا بين الحيوان المنوي للرجل مع بويضة المرأة فتتكون من هذا الاتصال الجنسي خلية جديدة يطلق عليها في المصطلح الطبي اسم (الزايكوت) وهذه الخلية هي اولى مراحل تكوين الجنين وتحتوي على (48) من الكرموسومات وهي اجسام صغيرة، او عصيات دقيقة تكون ازواجا متماثلة وعددها محدود حسب نوع الحيوان، وهي عند الانسان كما بيناه تحتوي على (24) زوجا، نصفها مأخوذ من الرجل والنصف الاخر من المرأة، وبهذا يشترك الابوان مناصفة في تكوين الجنين وفي نقل الصفات الوراثية اليه(3).

ولكن طريقة الانتقال تتوقف على وجود جينات كيماوية صغيرة، وقد تكون في منتهى الدقة يطلق عليها اسم (الجينات) وعلى عاتق هذه الاكياس الدقيقة تقع مسؤولية ومهمة العملية الوراثية من الابوين، وحينئذ فكل صفة موروثة لا بد لها من وحداة من هذه الاكياس الناقلة، او مجموعة منها بحسب الحاجة. ولهذا قال بعضهم: (ان ما يرثه الجنين من صفات الام او احد اصولها يتكون من جينات الحويمن)(4). وتبلغ وحدات الجينات (الوحدات الوراثية) من الدقة انها ـ وهي المسؤولة عن المخلوقات البشرية جميعها التي على سطح الارض من حيث خصائصها الفردية واحوالها النفسية، والوانها، واجناسها ـ لو جمعت كلها ووضعت في مكان واحدة لكان حجمها اقل من حجم (الكشتبان).وهذه الجينات (الميكروسكوبية) البالغة من الدقة هي المفاتيح المطلقة لخواص البشر جميعا، والحيوانات والنباتات، ان الجنين، وهو يخلص في تطوره التدريجي من النطفة (البروتوبلازم) الى الشبه الجنسي انما يقص تاريخاً مسجلا قد حفظ وعبر بالتنظيم الذري في الجينات منذ حملت به ليس لها كبير نفوذ لان الجينات، هي التي تقرر هل الطفل يشبه اباه، او امه. وليس هناك دليل على ان هذا الشبع تقدره البيئة السابقة للولادة. والتطور يحتاج الى فترات طويلة من الزمن حتى يستقر كل تغيير، انه عملية يراد منها العمل على بقاء الجنس، وتشابهه، وهو يصل الى درجة الكمال بحلول الروح. والخالق عز وجل قد رتب ذلك ونظمه فهو لا يسرع بهذه العملية لان الانسان لا يفهمها، او لأنه خلق عجولا... فالمصادفة، والحادث اذن ليس لها سوى قليل دخل في التطور الا من حيث الاختلافات بين الوالدين التي تحد بالفوارق التي تورث وقتئذ، ولإثبات تأثير الوراثة، وصحة اقوال العلماء في هذا الخصوص ينقل كثير من العلماء نتائج وحصيلة دراستهم الكلاسيكية لدراسة المجرمين، وضعاف العقول من اسرتي (كاليكاك)، والقصة التي تروى في هذا الخصوص هي : ان جنديا يدعى (مارتن كاليكاك) كان قد انجب طفلا غير شرعي من فتاة ضعيفة العقل، وامكن تتبع (480) فردا من ذراري هذه البنت من اجيال متعاقبة، فوجد ان بينهم (64) شخصا فقط يمكن اعتبارهم عاديين، واما الباقون فبينهم من هو مبتل بحالات صرع، والاجرام، والبغاء، والادمان على الخمر، وضعف العقل وغير ذلك(5). وبعد مرور مدة من الزمن كان (مارتن) قد تزوج بفتاة عادية من اسرة طيبة، وامكن تتبع (496) فردا من ذراري هذه السيدة الثانية في طبقات الاجيال المتعاقبة، فوجد بين افراد المجموعة ان عدد العاديين (491) فردا، نجح كثير منهم في الحياة نجاحا باهرا أما الخمسة الباقون فبينهم حالة ضعف عقلي واحدة، وحالة استهتار جنسي، وحالة ادمان على الخمر، (6) وعلى ذلك يمكن موازنة بعضهما ببعض، فنحن امام مجموعتين تختلفان اختلافا واضحا في الاصل الوراثي من ناحية الام. ومن هنا يتضح لنا قول امير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول : (اياكم وتزويج الحمقاء، فان صحبتها بلاء، وولدها ضياع)(7) ولنفرض ان صحبتها بلاء لأنها حمقاء وسيئة التصرف والصحبة مع الاحمق لا تطاق، ولكن ما علاقة ذلك بضياع الولد؟. اليس لعامل الوراثة تأثير في تكوين الجنين؟ فلو لم تنتقل الصفات من الام الى وليدها لما كان ولد الحمقاء ضياعا. ان هذا الضياع الذي يصرح به الامام لا معنى له الا مسالة تحول الصفات ومنها الحمق الذي تتصف به الام الى الوليد، وحينئذ فيكون الضيف الجديد عالة على المجتمع. ان ما اكتشفه علماء الوراثة اليوم، وتوصلوا اليه بأبحاثهم الدقيقة من وجود موجودات صغيرة تنقل الصفات الوراثية والتي اسموها (الجينات) ليس امرا جديدا كل الجدة. فالرسول الاعظم والائمة الطاهرون (عليهم السلام) الذين كانوا يكتشفون الحقائق بنور الوحي والالهام لم يغفلوا عن هذا القانون الدقيق، بل اشير اليه في بعض النصوص واطلق على عامل الوراثة فيها اسم (العرق)، وبعبارة ادق : فان المعنى الذي يستفيده علماء الوراثة اليوم من كلمة (الجينة) هو المعنى نفسه الذي استفادته الاخبار من كلمة (العرق) وعلى سبيل المثال تذكر بعض تلك الروايات.

1ـ عن النبي (صلى الله عليه واله) (انظر في أي شيء تضع ولدك فان العرق دساس)(8) (العرق دساس أي : ان اخلاق الاباء تنتقل الى الابناء.

2- عن الإمام امير المؤمنين (عليه السلام) : (حسن الاخلاق برهان كرم الاعراق)(9).وهناك حديث يبين الاعجاز العلمي للرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) : عن ابي جعفر (عليه السلام) قال : (اتى رجل من الانصار رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : هذه ابنة عمي وامراتي، لا اعلم منها، الا خيرا. وقد اتتني بولد شديد السواد، منتشر المنخرين جعد قطط، افطس الانف لا اعرف شبهه في اخوالي ولا في اجدادي. فقال لامرأته: ما تقولين؟ قالت : لا والذي بعثك بالحق نبيا ما اقعدت مقعده مني- من ملكني - احد غيره قال : فنكس رسول الله راسه مليا. ثم رفع بصره الى السماء ثم اقبل على الرجل فقال: يا هذا انه ليس من احد بينه وبين ادم تسعة وتسعون عرقا كلها تضرب في النسب، فاذا وقعت النطفة في الرحم اضطربت تلك العروق تسال الله الشبه لها. فهذا من تلك العروق التي لم يدركها اجدادك ولا اجداد اجدادك خذي اليك ابنك فقالت المرأة : فرجت عني يا رسول الله)(10). وهناك حديث لرسول الله (صلى الله عليه واله) يتعرض لهذه الجهة بقوله : (اختاروا لنطفكم، فان الخال احد الضجيعين)(11)، وهنا يبين لنا (صلى الله عليه واله) مدى تأثير الوراثة غير المباشرة، فالخال احد الضجيعين، وصفاته هي صفات الاخت، وحتما ان الصفات الرديئة تنتقل الى الوليد عبر الام، ولذلك لا بد لنا من ملاحظة ما عليه الخال من الصفات، والمزايا، ويتكرر التحذير من النبي (صلى الله عليه واله) في هذا الخصوص فيقول : (اياكم وخضراء الدمن، قيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء)(12)، وغير هذا وذاك من الاحاديث المنظمة للكنايات التي تعطي ما اكتشفه علماء النفس من عامل الوراثة، وان الصفات ان حسنة، او رديئة موروثة للأبناء سواء بالمباشرة، او بغير المباشرة. فالحبيبات الجينية ـ كما عرفت - ناقلة لصفات الاحوال والحواشي الى الابناء مما يمثل خطرا على حياتهم لو كانت تلك الصفات رديئة فان نتيجة ذلك تجعل الابناء مفسدة على المجتمع الانساني، فمن المعروف ان ضعف العقل والجنون والاستعداد الوراثي للنزف الدموي والصمم والبكم نقائص وراثية.. كذلك تنتقل امراض معينة كالسرطان والسل... الخ من الآباء الى الابناء ولكن كاستعداد فقط، وقد تعوق احوال النمو ظهور هذه الامراض او تساعد على تحققها (13)... وكما ان لون البشرة والعين او قصر النظر في العين من الامور الوراثية التي لا تقبل التغيير فان الجنون الوراثي ايضا من العيوب التي لا تقبل التغيير. فالطفل الذي يولد من ابوين مجنونين يظل مجنونا مدى الحياة وهذا هو مصيره الحتمي.

يقول الإمام ابو عبد الله الصادق (عليه السلام): (الشجاعة في اهل خراسان والباه في البربر والسخاء والحسد في العرب فتخيروا لنطفكم)(14) البيئة الجغرافية، او البيئة المحلية، او بيئة القرية، او المدينة سواء كانت منحطة، او عالية كل هذه لها الدخل الكامل في بناء الطفل حيث تنطبع العادات، والتقاليد على نفسية الابوين... وفي ذلك الجو ينصهر الوليد، ويكون متأثراً بكل ما يظهر عليه في الحضن الذي يضمه ، لا بين جوانبه فالطفل المتولد من ابوين صالحين يملك تربة مساعدة لنشوء الصفات الخيرة في نفسه، ولكن اذا ترك في بيئة فاسدة منذ الصغر، او سلم الى افراد خبثاء بذيئي الأخلاق فان النتيجة ستكشف عن فرد فاسد شرير الصفات الموروثة والفضائل العائلية لا يستطيع المقاومة امام قوة التربية. اصدق شاهد على ذلك قصة (ابن نوح) حيث جالس الملحدين وخالط الفساد فاختفت معالم الفضائل التي ورثها عن ابيه في سلوكه وهكذا اتصف بصفات قرنائه وصار ملحد مثلهم، وحينما دعاه ابوه الى ان يركب السفينة لينجو من السيل ولا يصيبه عذاب الله، اجابه بما يحكي القرآن بالقول {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}[هود: 43] وبالرغم من ان نوحاً قال له : {قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}[هود: 43] لم يلتفت الى كلام ابيه، وكانت نتيجته الغرق. وعلى النقيض من ذلك فان الاطفال الذين يولدون من ابوين فاسدين ويملكون التربة المساعدة لنشوء الاثار السيئة في سلوكهم، لو تركوا في محيط مليء بالصلاح والخير وسلموا الى مربيين صالحين من الممكن ان تختفي تلك الاثار السيئة عنهم وينشأوا افرادا يتسمون بالفضيلة والايمان، وتؤثر العوامل السيكولوجية تأثيراً اكبر على الفرد، فهي التي تكسب حياتنا شكلها العقلي والادبي. اذ انها تولد النظام او التفرق، وهي التي تدفعنا الى اهمال انفسنا او السيطرة عليها، وانها تغير شكل تكوين الجسم ووجوه نشاطه بواسطة الدورة الدموية والتغييرات الغددية، فان لنظام العقل والاستعداد الفسيلوجي تأثيراً قاطعا ليس على حالة الفرد السيكولوجي فقط بل ايضا على تكوينه العضوي والأخلاقي، ومع اننا لا نعلم الى أي مدى تستطيع التأثيرات العقلية التي تنشأ من البيئة ان تحسن او تقضي على الميول المستمدة من الاسلاف، فانه لا شك ان لها اثرا رئيسياً في مصير الفرد فهي احيانا تبدد أسمى الصفات العقلية، وتجعل افرادا معينين ينمون بدرجة لم تكن متوقعة على الاطلاق.. وهي تساعد الضعيف وتجعل القوي اكثر قوة.

_______________

1ـ الطفل بين الوراثة والتربية : ص58.

2- الزواج في القران والسنة : ص92.

3- المصدر نفسه.

4- المصدر نفسه ص93.

5-  العلم يدعو الى الايمان : 139-140 الطبعة الخامسة.

6- اسس الصحة النفسية ص108.

7- وسائل الشيعة : ج20، باب33،ح27،ص84.

8- المستطرف من كل فن مستطرف : 2/218.

9- غرر الحكم ودرر الكلم الأمدي:167.

10- وسائل الشيعة : ج10، باب105،ج 210 ، ص219.

11- المصدر نفسه : ج14، باب 13، ح2 ، ص29.

12- المصدر نفسه : ج13 ، باب 7 ، ح7، ص19.

13- الانسان ذلك المجهول : 196.

14- وسائل الشيعة : ج14، باب 13 ،ح6، ص29.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.