أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2017
722
التاريخ: 12-1-2017
639
التاريخ: 18-11-2016
498
التاريخ: 18-11-2016
500
|
[جواب الشبهة]
التوسّل بغير الله سبحانه، والاستغاثة، والاستشفاع ـ المعمولة عند المسلمين، في جميع الأزمان، بالنسبة إلى الأنبياء والأولياء ـ ليس بمعنى التشريك في أفعال الله تعالى.
بل الغرض أن يفعل الله فعله ويقضي الحاجة ببركتهم وشفاعتهم، حيث إنّهم مقرّبون لديه، مكرمون عنده، ولا مانع من أن يكونوا سبباً ووسيلة لجريان فيضه.
هذا، ومن المركوز في طباع البشر توسّلهم في حوائجهم التي يطلبونها من العظماء والملوك والأمراء إلى المخصوصين بحضرتهم، ويرون هذا وسيلة لنجح حاجتهم، وليس ذلك تشريكاً لذلك المخصوص مع ذاك الأمير أصلاً.
فلماذا يعزل أنبياء الله والأولياء من مثل ما يصنع بمخصوصي العظماء؟! إنْ هذا إلاّ اختلاق، وقد قال الله عزّ وجلّ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] فاستثنى، وقال سبحانه: {لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28]
وممّا ذكر ظهر أن قول القاضي: «ودعائها مع الله» يعني الضرائح، افتراءٌ على المسلمين من جهتين:
الأولى: دعوى تشريك غير الله معه في الدعاء : مع أنّهم لا يدعون إلاّ الله الواحد القّهار، ويتوسّلون بأوليائه إليه.
وإن كان المراد أنّهم يدعون الله عز وجلّ لقضاء الحاجات، ويدعون أولياءه ليكونوا شفعاء لديه سبحانه، فاختلفت جهتا الدعوة، فهذا حقّ وصدق، ولا مانع منع أصلاً.
بل الوهّابيّة ما قدروا الله حقّ قدره إذ قالوا: لا ضرورة في استنجاح الحاجة عنده إلى شفيع! ولا حسن في ذلك، ويرون ذلك أمراً مرغوباً مطلوباً بالنسبة إلى غيره سبحانه!.
فإذا كان لهم حاجة إلى الناس، يتوسّلون في نجاحها إلى المقرّبين لديهم، ولا يرون في ذلك بأساً!
فما بال الله عزّ وجلّ يقصر به عمّا يصنع بعباده؟!
الجهة الثانية:
إضافة الدعوة إلى الضرائح والحال أنّهم لا يدعون الضريح للشفاعة، بل يدعون صاحب الضريح ؛ لأنّه ذو مكان مكين عند الله وإن كان متوفّىً {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ ... } [آل عمران: 169، 170]. وبالجملة: فالتوسّل وطلب الشفاعة من أولياء الله أمر مرغوب فيه عقلاً وشرعاً، وقد جرت سيرة المسلمين عليه قديماً وحديثاً.
* فعن أنس بن مالك، أنّه قال : «جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله، هلكت المواشي وتقطّعت السبل، فادع الله.
فدعا الله، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة.
فجاء رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، تهدّمت البيوت وتقطّعت السبل وهلكت المواشي.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللهم على ظهور الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر.
فانجابت عن المدينة انجياب الثوب».
رواه البخاري في الصحيح، (1) ، وروى عدّة أحاديث في هذا المعنى يشبه بعضها بعضاً.(2) .
* وفيه أيضاً: حدّثنا عبدالله بن أبي الأسود، [ حدّثنا حرميٌّ،] حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: «قالت أميّ: يا رسول الله، خادمك [ أنس ]، ادع الله له.
قال: اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته»(3) .
* وقال البخاري: حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا حاتم، عن الجعد بن عبدالرحمن، قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: «ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله، إنّ ابن أختي وجعٌ.
فمسح رأسي، ودعا لي بالبركة، ثمّ توضأ فشربت من وضوئه، ثمّ قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه مثل زرّ الحجلة»(4) .
* وروى البيهقي، أنّه جاء رجل إلى قبر النبّي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا محمد، استق لأمّتك؛ فسقوا(5) .
* وروى الطبراني وابن المقرئ وأبو الشيخ، أنّهم كانوا جياعاً، فجاؤا إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله، الجوع الجوع ؛ فأشبعوا(6) .
* ونقل أنّ آدم لمّا اقترف الخطيئة قال: يا ربّي أسألك بحقّ محمد لمّا غفرت لي.
فقال: يا آدم، كيف عرفته؟
قال: لأنّك لما خلقتني نظرت إلى العرش فوجدت مكتوباً فيه: «لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله» فرأيت اسمه مقروناً مع اسمك، فعرفته أحبّ الخلق إليك. صحّحه الحاكم(7) .
* وعن عثمان بن حنيف، أنّ رجلاً ضرير البصر أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ادعُ الله أن يعافيني.
فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إن شئت صبرت فهو خير لك، وإن شئت دعوت.
قال: فادعه.
فأمره أن يتوضّأ ويدعو بهذا الدعاء:
«اللّهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك محمّد، نبيّ الرحمة، يا محمد، إنّني توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي ليقضيها لي. اللهمّ شفِّعه».
رواه الترمذي والنسائي(8) ، وصحّحه البيهقي وزاد: فقام وأبصر(9) .
* ونقل الطبراني، عن عثمان بن حنيف، أنّ رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفّان في حاجة، فكان لا يلتفت إليه، فشكا ذلك لا بن حنيف، فقال له: اذهب وتوضّأ وقل:... وذكر نحو ما ذكر الضرير.
قال: فصنع ذلك، فجاء البوّاب فأخذه وأدخله إلى عثمان، فأمسكه على الطنفسة وقضى حاجته(10) .
* وفي رواية الحافظ، عن ابن عبّاس، أنّ عمر قال: اللّهم إنّا نستسقيك بعمّ نبيّنا، ونستشفع بشيبته فسقوا(11) .
الشفاعة :
وأخبار الشفاعة متواترة:
* روى البخاري، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه: من سمع الأذان ودعا بكذا حلّت له شفاعتي يوم القيامة (12) .
* وروى مسلم، عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه: ما من ميّت يموت يصلي عليه أمّة من الناس يبلغون مائة، كلّهم يشفعون له، إلاّ شفّعوا فيه (13) .
* وروى الترمذي والدارمي، عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه: يدخل بشفاعتي رجال من أمّتي أكثر من بني تميم(14) .
* وروى الترمذي، عن أنس، أنّه قال: سألت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يشفع لي يوم القيامة.
فقال: أنا فاعل.
قلت: فأين أطلبك؟
قال: أولا على الصراط.
قلت: فإن لم ألقك.
قال: عند الميزان.
قلت: فإن لم ألقك؟
قال: عند الحوض، فأنّي [ لا ] أُخطئ هذه المواضع(15) .
وقد نقل عن الصحابة، بطرق عديدة، أنّ الصحابة كانوا يلجأُون إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويندبونه في الاستسقاء ومواقع الشدائد وسائر الأمراض(16) .
ولا يخفى أنّ وفاة المتوسَّل به لا تنافي التوسّل أصلاً، فإنّ مكانه عند الله لا يزول بالموت، كما هو واضح.
هذا، مع أنّهم في الحقيقة أحياء كما ذكر الله عزّ وجلّ في حال الشهداء، فالشهداء إذا كانوا أحياءً فالأنبياء والأولياء أحقّ بذلك.
هذا كلّه مع أنّ الأرواح لا تفنى بالموت، والعبرة بها لا بالأجساد، وإنْ كان أجساد الأنبياء لا تبلى كما نصّ عليه في الأخبار(17) .
* وفي خبر النسائي وغيره، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: إنّ لله ملائكة سيّاحين في الأرض يبلّغونني من أُمّتي السلام(18) .
والأخبار في هذا الباب كثيرة(19) .
* وأخرج أبو نعيم في «دلائل النبوّة» عن سعيد بن المسيّب، قال: لقد كنت في مسجد رسول الله فيما يأتي وقت صلاة إلاّ سمعت الأذان من القبر(20) .
* وأخرج سعد في «الطبقات» عن سعيد بن المسيّب، أنّه كان يلازم المسجد أيّام الحرّة، فإذا جاء الصبح سمع أذاناً من القبر الشريف(21) .
* وأخرج زبير بن بكّار في «أخبار المدينة» عن سعيد بن المسيّب، قال: لم أزل أسمع الأذان والإقامة من قبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيّام الحرّة حتّى عاد الناس(22) .
* ونقل أبو عبدالله البخاري، أنّ الشهداء وسائر المؤمنين إذا زارهم المسلم وسلّم عليهم عرفوه وردّوا عليه السلام(23) .
* وروى الثعلبي في تفسيره، وابن المغازلي الشافعي الواسطي في «المناقب» أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه لمّا حملهم البساط وصلوا إلى موضع أهل الكهف، فقال: سلّموا عليهم، فسلّموا عليهم، فلم يردّوا، فسلّم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليهم، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته(24) .
* ونقل أبوبكر محمد بن عبدالله الشافعي، أنّ عيسى عليه السلام لمّا دفن مريم عليها السلام قال: السلام عليك يا أمّاه؛ فأجابته من جوف القبر: وعليك السلام حبيبي وقرّة عيني... إلى آخره(25).
* وروى الحاكم، عن سالم بن أبي حفصة، قال: توفّي أخ لي فوضعته في القبر وسوّيت عليه التراب، ثمّ وضعت أذني على لحده فسمعت قائلاً يقول له: من ربّك؟ فسمعت أخي يقول بصوت ضعيف: ربّي الله... إلى آخره(26) .
والأخبار التي يستدلّ بها على الدعوى أكثر من أن تحصى.
________________
(1) صحيح البخاري 2/ 37.
(2) صحيح البخاري 2/ 34 ـ 38.
(3) صحيح البخاري 8/ 93.
(4) صحيح البخاري 8/ 94، والحجلة: بيت كالقبة يستر بالثياب ويكون له أزرار كبار.
انظر: لسان العرب 11/ 144 ـ حجل.
(5) انظر قريباً منه في الوفا 4/ 1374.
(6) انظر: وفاء الوفا 4/ 1380.
(7) المستدرك على الصحيحين 2/ 615 باختلاف يسير، وانظر: دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ 5/ 489، ووفاء الوفا 4/ 1371 ـ 1372.
(8) سنن الترمذي 5/ 569 تح 3578 باختلاف يسير، ورواه النسائي في كتاب «اليوم والليلة»، وفي سنن ابن ماجة 1/ 441 ح 1385 باختلاف يسير أيضاً.
(9) انظر: وفاء الوفا 4/ 1372.
(10) المعجم الكبير 9/ 30 ـ 31 ح 8311 باختلاف يسير، وانظر: وفاء الوفا 4/ 1373.
(11) دلائل النبوّة ـ للأصبهاني ـ 2/ 725 ح 511 باختلاف يسير.
(12) صحيح البخاري 1/ 159 باختلاف يسير.
(13) صحيح مسلم 2/ 654 ح 947، باختلاف يسير.
(14) سنن الترمذي 4/ 626 ح 2438، وسنن الدارمي 2/ 328، باختلاف يسير فيهما.
(15) سنن الترمذي 4/ 621 ـ 622 ح 2433، الوفا بأحوال المصطفى 2/ 824 باختلاف يسير.
(16) انظر: وفاء الوفا 4/ 1372 ـ 1387.
(17) سنن ابن ماجة 1/ 524 ح 1637، وانظر مؤدّاه في وفاء الوفا 4/ 1350 ـ 1356.
(18) سنن النسائي 3/ 43، مسند أحمد 1/ 441، سنن الدارمي 2/ 317.
(19) انظر: وفا الوفا 4/ 1349 ـ 1354.
(20) دلائل النبوّة ـ للأصبهاني ـ 2/ 724 ـ 725 ح 510 باختلاف يسير.
(21) الطبقات الكبير 5/ 132.
(22) انظر: وفاء الوفا 4/ 1356.
(23) انظر: وفاء الوفا 4/ 1351.
(24) مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام: 232 ـ 233 ح 280، وفيه: «عليّ عليه السلام» بدل «النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم».
(25) لم أعثر على تخريج له في المصادر المتوفّرة لديّ.
(26) المتسدرك على الصحيحين، وروي قريب منه و بسند آخر وباختلاف يسير في كتاب من عاش بعد الموت: 86 و 87 ح 42 و 43.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|