المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

حق الملكية الخاصة في النظام الرأسمالي .
1-6-2016
تعريفات الإعلام الجديد
2023-04-12
القصد الجنائي
24-3-2016
المحور العقائدي السياسي في عصر الإمام الصادق ( عليه السّلام )
26/11/2022
Marine Biotechnology
3-1-2019
Kummer,s Theorem
13-6-2019


الديانة في مكة قبل الاسلام  
  
2267   01:13 مساءاً   التاريخ: 14-11-2016
المؤلف : أنمار نزار عبد اللطيف سعود الحديثي
الكتاب أو المصدر : الديانة الوضعية عند العرب قبل الاسلام,
الجزء والصفحة : ص148-159
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / مدن عربية قديمة / مكة /

بعد ان استطاع  عمرو بن لحي أن يستلم زمام الامور في مكة راى اقتصار مكة على دين الحنيفية (دين إبراهيم) يجعلها محدودة الأهمية ضعيفة الشأن ويحجم دورها في مجتمع وثني يحيط بها  فاتجه إلى التوفيق بين دين إبراهيم وبين أديان العرب الوثنية فجعل التوحيد الإطار العام لأديان العرب ورمزه (البيت) ، وعُدّ آلهة القبائل جزء من المنظومة التي يؤطرها التوحيد وان الأصنام هي التعبير عنها وبين الاثنين قاسم مشترك هو التعظيم والحج فسعى الى جمعها بوضع الأصنام في البيت الحرام وجمعها في ممارسة حج واحدة (1) . والراجح أنه كان يفكر باحتواء العرب جميعاً وإبقائهم بعيدين عن اليهودية والنصرانية اللتان تعتنقهما أو تساندهما القوى الكبرى ذات النفوذ وتبشر بهما أو تمنحهما حمايتها الرسمية لاسيما بعد ضعف دور اليمن ، وظهور محاولات فرض التجزئة على العرب .

أتجه عمرو بن لحي إلى إدخال عبادة الأصنام في مكة إلى جانب التوحيد ولدينا إشارة إلى أنه جلب هبل من هيت وقيل من البلقاء (2) واستحدث بعض الأصنام مثل  اللات والعزى ومناة حسب زعم الروايات (3) . وهو الذي أخرج أصنام قوم نوح بعد أن عفى عليها الزمن (4) . وأخرج أساف ونائلة ونصبهما في موضع يقال له الحطيم وقيل على الصفا والمروة (5) . ونصب ذو الخلصة بأسفل مكة (6) ، ونصب نهيك مجاود الريح على الصفا ومطعم الطير على المروة (7) . وكان له دور مباشر في تنصيب سبعة أصنام في منى بيد ان رواية الأزرقي عن ابن اسحق لم تشر الى اسماء تلك الأصنام وأكدت فقط أماكنها . فنصب عمرو صنماً على القرين الذي بين مسجد منى والجمرة الاولى على بعض الطريق ، ونصب على الجمرة الاولى صنما ، وعلى المدعا صنما ، وعلى الجمرة الوسطى صنما ، ونصب على شفير الوادي صنما ، وفوق الجمرة العظمى صنما ، وعلى الجمرة العظمى صنما (8) . وتعطي الروايات انطباعاً عن علاقة عمرو بن لحي بإدخال عبادة (360) صنما إلى مكة (9) .

تدل هذه الروايات دلالة واضحة على اتساع عدد المعبودات وهو أمر يكشف تدني مستوى الوعي أو سذاجة المعتقد . فالأرجح ان هذه الآلهة هي من نوع الصفات أو من الصغر الى حد التعبير عن قضية غير مهمة الا في عقلية التجزئة . غير أن عمرو بن لحي وجد أن جمع العرب يقتضي هذه الخطوة التي بموجبها يصبح بيت الله مجمعاً لآلهة العرب وتتعايش الحنيفية مع آلهة العرب تحت هذه الخيمة ، وهو أمر فعال في اجتذاب الأقوام العربية إلى مكة لما كانت تظهره من التقدير لهذه الآلهة والحج إليها بمعنى آخر أنه كان يهدف إلى جمع الصلات الدينية مع الصلات الاقتصادية . وإكثار القواسم المشتركة بين العرب على اختلاف آلهتهم ومعبوداتهم ، وبين مكة من أجل توسيع حجم الحج إلى مكة وهو أمر يصب في  زيادة النذور (ابل الهدي) فيوفر ظروف حياتيه  لأهل مكة ويؤدي إلى نشاط التجارة واستهلاك البضائع .

تكشف لوحة رقم (10) المستجيبين لعمرو بن لحي (10) والآلهة التي عبدوها عن حجم التنظيم الاجتماعي الذي ارتكز عليه التنظيم الديني غير أننا لا نملك فكرة عن نوع الإجراءات الإدارية أو السياسية التي اتبعها في ضوء الإجراءات الدينية . ولا ثمة معلومات عن تحالفات يمكن أن تفيد في فهم طبيعة الإجراءات الأخرى غير أن ما قام به في حدود الوظائف وتأمين المياه ، واستحداث الرفادة وإكساء الحجيج وتنظيم مسألة (الهدي) تدلل على رؤية للأمور تهدف إلى تعزيز وضع مكة ومكانة خزاعة وقيادة عمرو بن لحي وهي أمور كان لها الأثر الكبير في توجيه أنظار العرب إلى مكة في وقت تساقطت فيه الدويلات العربية وأفل نفوذ اليمن مما أتاح نوعاً من الحراك الاجتماعي (اقتصادي - ديني) وسط الإمبراطوريات الكبرى ومحاولتها فرض سياستها وأنظمتها الدينية على المنطقة العربية خاصة وأن منطقة  شبه الجزيرة كانت وما زالت تتمتع بأهمية كبيرة من حيث توسطها الطرق التجارية وتخصص العرب بتجارة البضائع الحضارية المهمة مثل البخور واللبان .

أدرك عمرو بن لحي الحاجة إلى دور تجاري وكيان سياسي يصلح قاعدة لنظام عربي جديد في مكة والظاهر أنه نجح في ذلك، فما بدأه عمرو بن لحي من تنظيمات تخص الحج وتنشيط التجارة وتنمية الثروة ساهم بشكل فعال في تطوير مكانة  مكة . وأدت إجراءاته الدينية دوراً في شد القبائل إلى مكة من خلال توزيع الآلهة وتعيين السدنة والكهان وتطوير النذور وتنشيط الحج ونشوء الأسواق والدور التجاري سواء في الطرق التجارية أم الأسواق على اختلاف حجومها وأعظمها سوق عكاظ .

لم يقتصر أثر إجراءات عمرو بن لحي على تعاظم أهمية مكة وازدياد مكانتها بين العرب ، ودورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، إنما تجاوز ذلك إلى حد أصبح العرب ينظرون إلى الكعبة نظرة تقدير وتعظيم فكان لسان حال العرب يقول " لا يتم حجنا حتى نأتي مكان الكعبة فنمك فيه " (11) . ومع ان الروايات أشارت إلى اتخاذ العرب بيوتاً عُرفت بالطواغيت وسماها البعض كعبات (12) إلا ان نظرتهم إلى الكعبة كانت تختلف فعندما أراد عبد الدار بن حديب الجهني ان يبني بيتاً " في الحوراء من بلاد جهينة يضاهي به الكعبة " رفض قومه إعظاماً للكعبة " (13) وشبيه بهذا ما فعله ظالم بن اسعد بن ربيعة بن مالك بن مرة بن عوف الغطفاني عندما بنى بيت (بس) على غرار الكعبة ونقل لها حجارة من الصفا والمروة حدد بها المسعى ليثني قومه عن الحج فأغار عليه زهير بن جناب الكلبي فقتله وهدم بيته (14) .        

وأدت هذه الإجراءات إلى تغيرات سكانية لصالح النظام الجديد فظهرت مراكز نفوذ مؤازرة لمكة ساهمت بشكل فعال في تنشيط مكانة مكة لتصبح ذات قيمة . ولابد أن الحج الذي تطور وظيفياً صاحبه تطور عددي في شكل زيادة للحجاج وزيادة في تصريف البضائع وزيادة ثروة مكة من الحيوانات المهداة . فأصبحت مكة مركز قيادة حراك عربي ديني وتجاري وسياسي واجتماعي .

ظهر لإجراءات عمرو بن لحي أثرها في حياة مكة وحياة العرب في شبه الجزيرة العربية . وكان الدور الذي لعبه عمرو في الأحداث انه رسم صورة لمستقبل أمة كانت مقومات نشوءها حاضرة غير انها لم تكن فاعلة وكان لإجراءات عمرو أثرها في تجميع تلك المقومات وتفعيلها وتحويلها إلى واقع تأريخي ، وضع مستوى من الوعي بواقع عربي له مساره التاريخي الخاص ومع ان هذه الرؤية لدور عمرو بن لحي لا تتفق مع التفسير الديني للتاريخ الذي نظر إلى إجراءات عمرو بن لحي نظرة آحادية الجانب ومن زاوية الأصنام . إلا أن هذا التفسير يهمل قيمة الرابط بين أديان العرب وبين قيمة ومكانة البيت العتيق لاسيما إذا تذكرنا رواية ابن إسحاق عن وثنية بني إسماعيل .

قريش ومكة:

انتهت سيطرة خزاعة على مكة في أواخر القرن الخامس الميلادي  (15) ومع ان الروايات ساقت الحدث من دون التوقف عنده بما يكفي ليكشف أسبابه الجوهرية ، إلا أنه كان حدثاً غير اعتيادي فهو يعني انهيار قوة خزاعة أمام قوة جديدة (قبيلة قريش) لم تكن موجودة بفاعلية قبل قصي وتم تشكيلها في ظرف ارتبط بهدف من دون أن نعرف أين تمت عملية التشكيل إذ من غير المعقول أن تسمح خزاعة بتشكيل قوة في مكة تلتقي مع قوة قادمة من تيماء خارج مكة (بني عذرة) لتنتزع مكة من سيطرتها من دون أن تتحرك . والراجح أن سيطرة خزاعة ضعفت داخلياً ربما لأن إجراءات عمرو بن لحي لم تتطور بما يلائم الأوضاع الجديدة في مكة أو حواليها ، وربما ان سقوط اليمن بيد الأحباش أفقد خزاعة القوة التي كانت ترتكز عليها وأُطلق بدء تغيرات كانت قضاعة الأقرب لها من خلال  قصي وتشكيله ذراع قوة في مكة لاسيما وان علاقات المصاهرة بين قريش  وقضاعة كانت مستمرة فاختارت التحالف معه كي ينفذ أهدافها . جميع هذه الاحتمالات واردة غير أنها تحتاج إلى مزيد من البحث والتقصي لإثباتها . المهم أن حدث إنهاء سيطرة خزاعة على مكة ترافق مع نجاح الأحباش في فرض الاحتلال على اليمن وإطلاق يد الرومان في الشمال الأمر الذي أثر على توازن القوى في الجزيرة (16) ، ومع أننا لا نعرف كم استغرقت الأوضاع الجديدة لتنضج وتظهر نتائجها ، إلا أن الحركة التي قام بها قصي بن كلاب بمعونة بني عذرة في منطقة تيماء لانتزاع  السيادة على مكة من يد خزاعة يرجح هذا الاحتمال . فخطوته هي الاولى من نوعها وهي النتيجة التي تأخر ظهورها كثيرا بعد يوم خزاز (17) ، ويبدو انها ما كانت لتظهر لولا التطورات الجديدة . وجاء ظهورها بمعونة قضاعة التي تستقر في الشمال  مجاورة للنفوذ البيزنطي .

لا نعرف أيضاً الكثير عن وضع قريش وقصي قبل انتزاع السيادة على مكة من يد خزاعة . ولا الزمن الذي استغرقه في تجميع بطون قريش والانقضاض على مكة غير أن قصي مَثّلَ جيلاً جديداً من القادة فكانت له مواهبه وأبرزها قراءته للأحداث العالمية والتوفيق بين ما يريد وما تساعد عليه هذه الأحداث . يبدو ان سياسة قصي كانت في اتجاهين الأول توحيد قريش وتجميعها والثاني انتزاع مواقع أفضل في مكة وكانت خطوته في محاربة صوفة والتغلب عليهم خطوة مهمة لأنها قادت إلى التفرد بخزاعة وبكر (18) .

سار قصي بن كلاب على نهج عمرو بن لحي وطبق معظم أفكاره ضمن الإطار العام للفهم الذي تحدثنا عنه لتطوير مكة . وأضاف إلى هذا الإطار السبل الكفيلة بتسريع عجلة التقدم. وكانت أعماله إكمالاً للأساس الذي أرساه عمرو. ولم يخالفه فيما فعل ، فرغم كونه من أبناء اسماعيل الا انه لم يلغ عبادة الأوثان التي قيل ان عمرو بن لحي جاء بها ، على العكس طوّرها عندما نقل اساف ونائلة الى الكعبة . فكان بناؤه متينا رصيناً . ولأنه أجاد اقتناص اللحظة المواتية للنقلة المهمة في حياة مكة فقد نجح في توظيف التحولات الخارجية لصالح مشروعه .

سار قصي في نفس المسار الذي ساره عمرو بن لحي فاهتم بالجبهة الداخلية لمكة ، وعد ذلك أساس اكتساب احترام المجاورين . وكما فعلت خزاعة عندما انتصرت على جرهم بزواج لحي من ابنه مضاض الجرهمي تزوج قصي من حبى ابنة حبشية وهي مصاهرة سياسية (19) ، أبقى نفوذ خزاعة إكراماً منه لقوم عمرو الذين حفظوا حرمة أبناء إسماعيل ، فأبقاهم على ربوعهم (20) غير أن انتماءه إلى إسماعيل فرض عليه أخذ الولاية وحجابة البيت فضلاً عن الوظائف الأخرى (السدانة والنسيء والإفاضة) لأنه كان يعتقد بأحقية أبناء إسماعيل بهذه الوظائف فأسند الإجازة لآل صفوان والتحكيم لآل عدوان وأقر النسأة (لبني حذيفة ابن عبد بن قثيم من كنانة ومرة بن عوف) على ما كان عليه من البسل (21) . غير أنه طوَّر أسلوب ممارستها . وحقق نقلة حضارية عندما نقل السكن من الجبل إلى الوادي في الحرم حول الكعبة (22) وقام بتقسيم الحرم إلى أرباع أسكن فيها بطون قريش الأقرب له وعلى الأرجح هي البطون التي تحالفت معه (قريش البطاح) (23). وأمرهم  بقطع الشجر وبناء الدور فنقل أهل مكة نقلة حضارية من الكهوف إلى المساكن وظهرت مدينة مكة المستقر الجديد (24)  ، ووزع البطون الأخرى حولها (الظواهر) (25) . ويكشف خطابه النظرة الجديدة في القيادة : " أرى أن تصبحوا بأجمعكم في الحرم حول البيت فوالله لا تستحل العرب قتالكم ولا يستطيعون إخراجكم منه وتسكنونه فتسودوا العرب أبداً " (26)  . فهو إذا ربط لأول مرة بين التخطيط الحضري والدين واستخدم فكرة الحرم لتكريس سيادة قريش . واستحدث دار الندوة فأوجد مجلس إدارة مكة (27) . وزادت الحاجة إلى الماء فاتجه قصي إلى حفر الآبار كبئر العجول وبئر آخر عند الردم الأعلى (28) . ويبدو ان قادة مكة ومتنفذيها استمروا بعد قصي بحفر الآبار فضلاً عن الاهتمام بسقاية الحاج (29) . ففي حين وضع قصي بن كلاب حياضاً من أدم يسقي منها الماء العذب (30) . زاد خلفاؤه هذا الاهتمام حيث تشير المصادر إلى أنهم كانوا يأتون بالزبيب من الطائف ويمزجوه بالماء ليكسر غلظ الماء فيسقون الحاج منه (31) .

طور قصي وظيفة الرفادة التي كانت في زمن عمرو بن لحي تكفيها أبل الهدي فأصبحت في زمن قصي غير كافية فأكد قصي ما عمل به عمرو سابقاً فقال لقريش : " أنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم وأن الحاج ضيف الله وزوار الله وهم أحق الضيف بالكرامة ، فاجعلوا له طعاماً وشراباً أيام الحج حتى يصدروا عنكم " (32)  . فبدأ كل شخص من قريش يخرج ما يقدر عليه فيجمع من ذلك مالاً عظيماً أيام الموسم فيشترون للحاج الجزور والطعام (33) .

ومن تنظيمات قصي بن كلاب الأخرى عقد الأحلاف (34) التي أصبحت أساس الإيلاف لاحقاً وأنشأ وظيفة عسكرية لأول مرة (اللواء) (35)  ولم يظهر تناقضاً مع إجراءات عمرو في الجمع بين الوثنية والتوحيد فأسماء أبنائه تحمل أسماء آلهة وثنية (عبد الدار ، وعبد مناف ، وعبد شمس ، وعبد قصي) (36) بل أنه تدخل في تحديد قيمة الأصنام كما فعل بأساف ونائلة (37).

استمرت الوثنية في مكة حتى نهاية القرن السادس الميلادي ، وانتهت بثورة الإسلام . وفي الإسلام لدينا مسألتين مهمتين ذات صلة بالوثنية الأولى تتعلق بطبيعتها من خلال المقارنات التي حواها القرآن الكريم بين التوحيد والوثنية والثانية تتعلق بتصور للعرب للوثنية من خلال المعلومات التي دونوها عن الوثنية في القرنين الأول والثاني من الهجرة .

يكشف القرآن الكريم أحد أبرز العناصر المشكلة للوثنية وعبادة الأصنام وهو (الوراثة) أو مبدأ الاعتياد بالوراثة فالناس وجدت آبائها على دين فاعتنقته وراثةً واعتياداً (38) . غير أن هذا لا يعني ان الوثنية احتفظت بثبات مطلق إنما نسبي وان حيويتها التي أشار لها القرآن الكريم تعود إلى الحقبة التي سبقت الإسلام التي اصطلح عليها بالجاهلية وليست الجاهلية الأولى فكانت الوثنية التي أشار لها القرآن هي ما ارتبط بحيوية المرحلة من تاريخ مكة زمن هاشم بن عبد مناف الذي خرج بالنظام العربي من إطاره القومي إلى إطاره العالمي بعقده الاتفاقيات .

وإلى جانب حيوية الوثنية كانت ديانة إبراهيم الخليل هي الأخرى تتمتع بحيوية ربما كانت بسيطة لكنها ذات طبيعة توليدية أبقتها مرتبطة بالمستقبل  ويشير ابن إسحاق (39) إلى مؤتمر للمعارضين للوثنية في مكة : " اجتمعت قريش يوماً في عيد لهم عند صنم من أصنامهم ، كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون به وكان ذلك عيداً لهم ، في كل سنة يوماً ، فخلص منهم أربعة نفر نجياً ، ثم قال بعضهم لبعض : تصادقوا ، وليكتم بعضكم على بعض . قالوا أجل . وهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وعبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب ، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصي . وزيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن عبد بن قرط بن رباح بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي فقال بعضهم لبعض : تعلموا والله ما قومكم على شيء لقد اخطأوا دين أبيهم إبراهيم ، ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ، يا قوم التمسوا لأنفسكم فأنكم والله ما أنتم على شيء . فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم " .  وكانوا في تجوالهم وبحثهم إنما ينشرون وعياً بالتغيير ويبشرون به .

يمكن القول ان هذه النتيجة كانت محصلة للتطور الذي حصل في الاعتقاد الديني في مكة من الآلهة المستقلة أو المحلية أو القبلية إلى الآلهة المشتركة ومن الاله القائم بذاته إلى الاله الصفة ثم الاله الوسيط ثم الاله الابن وفي كل الأحوال يبقى هذا الإله محدود الحيز وليس مطلق . الإسلام هو الذي نقل الوعي إلى مستوى الإيمان بأن هناك الهاً مطلقاً واحداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .

_________________________

( 1)  الأزرقي ، تاريخ ، 1/100 ؛ سلامة ، قريش ، ص 278 .

( 2)   الشريف ، مكة ، ص 102 .

( 3)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 100 ، 117 ، 193 ؛ اليعقوبي ، تاريخ ، 1/ 217 ؛ المسعودي ، مروج ، 2 / 238 ؛ أبو الفداء ، تاريخ ، 1 / 124 ؛ علي ، المفصل ،

6 / 250 وما بعدها ؛ خير الدين الزركلي ، الاعلام (قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمتعربين والمستشرقين) ، (بيروت : دار العلم للملايين ،

1999)  ، 5/ 84 .

( 4)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 125 ، 126 .

( 5)  أبن الكلبي ، الأصنام ، ص 54 وما بعدها ؛ الفاكهي ، أخبار ، 5 / 161 ؛ السويدي ، سبائك ، ص 104 ؛ علي ، تاريخ ، 5/ 73 – 75 .

( 6)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 119 وما بعدها ؛ اليعقوبي ، تاريخ ، 1/ 217 ؛ البكر ،

معجم ، ص 3  .

( 7)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 124 .

( 8)   الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 124  ؛ اليعقوبي ، تاريخ ، 1/ 217  ؛ علي ، تاريخ  ،

5 / 117 .

( 9)  الأزرقي ، تاريخ ، 2 / 176 ؛ العلي ، محاضرات ، ص 180 – 181.

( 10)  الأزرقي ، تاريخ  ، 1 / 116 – 117 ؛ علي ، المفصل ، 4 / 80 .

( 11)  مختار ، مصادر ، 1 / 209  وما بعدها .

( 12)   الحموي ، معجم ، 4 / 616 .

( 13)   والكعبات التي ذكرتها الروايات هي : كعبة اياد في سنداد بين الكوفة والبصرة ، كعبة الحارث بن كعب في نجران ، بيت ذو الخلصة في تبالة بين مكة واليمن (الكعبة

اليمانية) ، بيت عبد رضى ، بيت العزى في حراض بني سليم ، بيت اللات لثقيف

في الطائف ، بيت مناة في المشلل بين المدينة ومكة ، بيت ريام لحمير في صنعاء ؛ انظر ابن الكلبي ، الأصنام ، على التوالي الصفحات  45 ، 44، 43 ، 30،17 –22،27 ، 16،13 –15،11 ؛ ابن هشام ،السيرة ، 1 / 106 .  

( 14)   ابن الكلبي ، الأصنام ، ص 45 .

( 15)   علي ، المفصل ، 6 / 444 .

( 16)   الجميلي ، الأزد ، ص 146 ، 163 .

(1) Ibrahim , Merchant , P 40.

( 17) خزاز : يعد يوم خزاز من أهم الأيام العربية خاصة للقبائل العدنانية حيث انتصرت فيه ولأول مرة على القبائل اليمانية وتخلصت من حكم اليمن . ووصف جواد علي هذا اليوم بأنه من أيام معد الكبرى قبل الإسلام وانه كان لجموع ربيعة ومضر وقضاعة على مذحج وغيرهم من اليمن وقد اختلف الرواة في هذا اليوم من حيث قائد قبائل معد وملك اليمن والأسباب التي أدت إليها . انظر أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي  (ت 209هـ) ، كتاب  أيام العرب قبل الإسلام (ملتقطات من الكتب والمخطوطات) ، عادل  جاسم البياتي ، (بغداد : مطبعة دار الجاحظ  للطباعة والنشر ، 1976) ، ص 379 وما بعدها ؛ أحمد بن محمد بن عبد ربه  الأندلسي (ت 328هـ) ، العقد الفريد ، تحقيق  د. عبد المجيد الترحيني ، ط3 ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، 1987) ، 6/ 97 ؛ الحموي ، معجم ، 2 / 432 – 433 ؛ علي ، المفصل ، 5/ 347 وما بعدها .   

( 18)  ابن هشام ، السيرة ، 1/ 147 - 148 .    

( 19)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 105 ؛

 ( 20) الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 107 ؛ الجميلي ، دور ، ص 30 .

( 21) ابن هشام ، السيرة ، 1 /62-64، 126، 145، 147، 148.

( 22)   الجميلي ، دور ، ص 30 – 32 .

( 23)   المصدر نفسه ، ص 33 .

( 24)   المصدر نفسه ، ص 32 .

( 25)   المصدر نفسه ، ص 34 .

( 26)   المصدر نفسه ، ص 31 .

( 27)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 107 ؛ الطبري ، تاريخ ، 2 / 258 ؛ الجميلي ، دور ،

ص 190 – 193 ؛                                    Ibrahim , Merchant , P 39 .

( 28)  الأزرقي ، تاريخ ، 2 / 215 – 216 ؛ أبو العباس أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري  (ت 270هـ) ، فتوح البلدان ، تحقيق عبد الله وعمر أنيس الطباع ، (بيروت : دار النشر للجامعيين ، 1957) ، ص64 ؛ الشريف ، مكة ، ص 170؛ الجميلي ، دور، ص 32 ؛

Ibrahim, Merchant, P 39

( 29)  الأزرقي ، تاريخ ، 2 / 216 وما بعدها ؛ البلاذري ، فتوح ، ص 65 وما بعدها ؛

Ibrahim , Merchant , P. 39.

( 30)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 110 ؛ الجميلي ، دور ، ص 182 .

( 31)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 113 – 114 ؛ الجميلي ، دور ، ص 183 .

( 32)  الأزرقي ، تاريخ ، 1 / 195 ؛ الطبري ، تاريخ ،1 / 260 ؛ الجميلي ، دور ،

ص 184 .

( 33)  الأزرقي ، تاريخ ، 1/195 ؛ الطبري ، تاريخ ، 1/ 260؛ الشريف ، مكة ، ص 170.

( 34)   الجميلي ، دور ، ص 65 وما بعدها ، 136 .

( 35)  المصدر نفسه ، ص 188 – 189 .

(36 )  الزبيري ، نسب ، ص 14 . 

( 37)  الأزرقي ، تاريخ ، ص 120 .

( 38)   سورة البقرة ، الآية 170 ؛ سورة المائدة ، الآية 104 ؛ سورة يونس ، الآية 78؛ سورة الأنبياء ، الآية 53 ؛ سورة لقمان ، الآية 21 ؛ سورة الأعراف ، الآية 71؛ سورة يوسف ، الآية 40 ؛ سورة النجم ، الآية 23 ؛ لمزيد من المعلومات انظر عبد الباقي ، المعجم ، ص 3-4 . 

( 39)   ابن هشام ، السيرة ،1/ 253 .

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).