أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2017
7600
التاريخ: 7-2-2017
8239
التاريخ: 27-2-2017
7624
التاريخ: 3-2-2017
3531
|
قال تعالى : {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء : 13، 14] .
لما فرض الله فرائض المواريث عقبها بذكر الوعد في الائتمار لها والوعيد على التعدي لحدودها ، فقال ﴿تلك حدود الله﴾ : أي هذه التي بينت في أمر الفرائض وأمر اليتامى ، حدود الله : أي الأمكنة التي لا ينبغي أن تتجاوز عن الزجاج واختلف في معنى الحدود على أقوال (أحدها) : تلك شروط الله عن السدي . (وثانيها) : تلك طاعة الله عن ابن عباس . (وثالثها) : تلك تفصيلات الله لفرائضه ، وهو الأقوى . فيكون المراد هذه القسمة التي قسمها الله لكم والفرائض التي فرضها الله لأحيائكم من أمواتكم فصول بين طاعة الله ومعصيته فإن معنى حدود الله حدود طاعة الله وإنما اختصر لوضوح معناه للمخاطبين ﴿ومن يطع الله ورسوله﴾ فيما أمر به من الأحكام . وقيل فيما فرض له من فرائض المواريث ﴿يدخله جنات تجري من تحتها﴾ أي من تحت أشجارها وأبنيتها ﴿الأنهار﴾ : أي ماء الأنهار حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في الموضعين ﴿خالدين فيها﴾ : أي دائمين فيها ﴿وذلك الفوز العظيم﴾ : أي الفلاح العظيم وصفه بالعظيم ولم يبين بالإضافة إلى ما ذا والمراد أنه عظيم بالإضافة إلى منفعة الحيازة في التركة من حيث كان أمر الدنيا حقيرا بالإضافة إلى أمر الآخرة وإنما خص الله الطاعة في قسمة الميراث بالوعد مع أنه واجب في كل طاعة إذا فعلت لوجوبها أو لوجه وجوبها ليبين عن عظم موقع هذه الطاعة بالترغيب فيها والترهيب عن تجاوزها وتعديها .
﴿ومن يعص الله ورسوله﴾ فيما بينه من الفرائض وغيرها ﴿ويتعد حدوده﴾ : أي ويتجاوز ما حد له من الطاعات ، ﴿يدخله نارا خالدا﴾ أي دائما ﴿فيها وله عذاب مهين﴾ سماه مهينا لأن الله يفعله على وجه الإهانة كما أنه يثيب المؤمن على وجه الكرامة ومن استدل بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة من أهل الصلاة مخلد في النار ومعاقب فيها لا محالة فقوله بعيد لأن قوله ﴿ويتعد حدوده﴾ يدل على أن المراد به : من تعدى جميع حدود الله ، وهذه صفة الكفار ، ولأن صاحب الصغيرة بلا خلاف خارج عن عموم الآية وإن كان فاعلا للمعصية ومتعديا حدا من حدود الله . وإذا جاز إخراجه بدليل جاز لغيره أن يخرج من عمومها من يشفع له النبي أو يتفضل الله عليه بالعفو بدليل آخر وأيضا فإن التائب لا بد من إخراجه من عموم الآية لقيام الدليل على وجوب قبول التوبة وكذلك يجب إخراج من يتفضل الله بإسقاط عقابه منها لقيام الدلالة على جواز وقوع التفضل بالعفو فإن جعلوا للآية دلالة على أن الله لا يختار العفو جاز لغيرهم أن يجعلها دلالة على أن العاصي لا يختار التوبة . على أن في المفسرين من حمل الآية على من تعدى حدود الله وعصاه مستحلا لذلك ومن كان كذلك ، لا يكون إلا كافرا .
___________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 38-39 .
المعنى واضح ، ويتلخص بأن اللَّه سبحانه بعد أن بيّن سهام المواريث وفق علمه وحكمته وعد المطيع بالثواب ، وتوعد العاصي بالعقاب ، ترغيبا في الطاعة ، وترهيبا عن المعصية . وقال عن أهل الجنة خالدين بالجمع ، وعن أهل النار خالدا بالأفراد ، لأن أهل الجنة يتمتعون بالاجتماع ، أما أهل النار فكل في شغل بنفسه عن غيره .
وتجدر الإشارة إلى بعض الأحاديث الواردة في علم الفرائض - أي المواريث - وفضله ، لأنه يراعي مصلحة الأسرة والمجتمع ، ويضع كل فرد في مرتبته من الميت ، ولا يحرم امرأة ولا صغيرا ، ويفتت الثروات ، ولا يدع مجالا لتضخمها وتكدسها في أيدي قلة ، كما هو الشأن في بعض الأنظمة الغربية التي حصرت الميراث بالابن الأكبر .
قال رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : « تعلموا الفرائض ، وعلموها للناس ، فاني امرؤ مقبوض ، وان العلم - أي علم الشريعة الإسلامية - سيقبض ، وتظهر الفتن ، حتى يختلف الاثنان في الفريضة ، فلا يجدان من يفصل بينهما . . تعلموا الفرائض فإنها من دينكم ، وان علمه نصف العلم ، وانه أول ما ينتزع من أمتي » .
وقوله : أول ما ينتزع من أمتي إشارة إلى هذه القوانين الوضعية التي حلت محل الشريعة الإسلامية .
________________________
1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 269 .
قوله تعالى : { تِلْكَ حُدُودُ اللهِ } إلى آخر الآيتين الحد هو الحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر وارتفاع التمايز بينهما كحد الدار والبستان ، والمراد بها أحكام الإرث والفرائض المبينة ، وقد عظم الله أمرها بما ذكر في الآيتين من الثواب على إطاعته وإطاعة رسوله فيها والعذاب الخالد المهين على المعصية .
______________________
1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 181 .
«الحدود» جمع حدّ ، ويعني في أصل اللّغة لمنع ، ثمّ اُطلق على كلّ حائل وحاجز بين شيئين يفصل بينهما ويميز ، فحدّ البيت والبستان والدّولة يراد منه الموضع الذي يفصل هذه النقطة عن غيرها من النقاط الأخرى .
هذا ولقد بدأت الآية الأُولى من هاتين الآيتين بالإِشارة إِلى قوانين الإِرث التي مرّت في الآيات السابقة بلفظة «تلك» إِذ قال سبحانه : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) أي تلك حدود الله التي لا يجوز تجاوزها وتجاهلها لأحد ، فإِن من تعدى هذه الحدود كان عاصياً مذنباً .
وقد وردت هذه العبارة (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) في مواضع عديدة من القرآن الكريم ، وقد جاءت دائماً بعد ذكر سلسلة من الأحكام والقوانين والمقررات الإِجتماعية ، ففي الآية 187 من سورة البقرة مثلا تأتي هذه العبارة بعد الإِعلان عن حرمة اللقاء الجنسي بين الزوجين حال الإِعتكاف ، وبعد ذكر سلسلة من الأحكام المتعلقة بالصوم ، كما جاءت في الآيات (229 و 230) من سورة البقرة، والآية (10) من سورة الطلاق بعد بيان قسم من أحكام الطلاق ، وفي الآية (4) من سورة المجادلة بعد بيان كفارة «الظهار» .
وفي جميع هذه الموارد أحكام وقوانين مُنع من تجاوزها ، ولهذا وصفت بكونها «حُدُودُ اللَّهِ» (2) .
ثمّ بعد الإِشارة إِلى هذا القسم من حدود الله يقول سبحانه : (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا) ، وهو بذلك يشير إِلى النّتيجة الأُخروية للإِلتزام بحدود الله واحترامها ، ثمّ يصف هذه النتيجة الأُخروية بقوله : (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .
ثمّ يذكر سبحانه ما يقابل هذا المصير في صورة المعصية ، وتجاوز الحدود الإِلهية إذ يقول : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا).
على أنّنا نعلم أن معصية الله (مهما كانت كبيرة) لا توجب الخلود والعذاب الأبدي في النار، وعلى هذا الأساس يكون المقصود في الآية الحاضرة هم الذين يتعدون حدود الله عن تمرد وطغيان وعداء وإِنكار لآيات الله، وفي الحقيقة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يستبعد هذا المعنى إِذا لاحظنا أن «حدود» جمع ، وهو مشعر بأن يكون التعدي شاملا لجميع الحدود والأحكام الإِلهية ، لأن الذي يتجاهل كل القوانين الإِلهية لا يؤمن بالله عادة ، وإِلاّ فإِنّه يحترم ولو بعضها ـ على الأقل .
إِنّ الملفت للنظر في الآية السابقة أنّ الله تعالى عبّر عن أهل الجنّة بصيغة الجمع حيث قال تعالى : (خالدين فيها) بينما عبر عن أهل النّار بصيغة المفرد حيث قال (خالداً فيها) .
إِنّ هذا التفاوت في التعبير ـ في الآيتين المتلاحقتين ـ شاهد واضح على أن لأهل الجنّة إِجتماعات (أو بعبارة أُخرى أنّ هناك حالة إِجتماعية بين أهل الجنّة ونزلائها) وتلك هي في حد ذاتها نعمة من نعم الجنّة ، ينعم بها ساكنوها وأصحابها ، بينما يكون الوضع بالنسبة إلى أهل النار مختلفاً عن هذا ، فكل واحد من أهل النار مشغول بنفسه ـ لما فيه من العذاب ـ بحيث لا يلتفت إِلى غيره ، ولا يفكر فيه ، بل هو مهتم بنفسه ، يعمل لوحده ، وهذه هي حالة المستبدين المتفردين بالرأي والموقف ، والجماعات المتحدة والمجتمعة في المقابل ، في هذه الدنيا أيضاً ، فالفريق الأول يمثل أهل جهنم ، بينما يمثل الفريق الثاني أهل الجنّة .
__________________
1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 58-59 .
2. لقد مرّ حول " حدود الله " وتفسيره بحث أكثر تفصيلاً ذيل الآية 229 من سورة البقرة من هذا التفسير .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|