أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-8-2020
4220
التاريخ: 2024-10-20
871
التاريخ: 2024-06-10
629
التاريخ: 28/12/2022
1324
|
الاخبار متظاهرة في مدح الحب في اللّه و البغض في اللّه و عظم فضيلته و ثوابه ، و معناه لا يخلو عن إبهام ، فلا بد أن نشير إلى بعض هذه الاخبار، ثم نبين حقيقته و نكشف عن معناه.
أما الاخبار : كقول النبي (صلى الله عليه واله): «ودّ المؤمن للمؤمن في اللّه أعظم شعب الايمان الا و من أحب في اللّه.
و أبغض في اللّه , و أعطى في اللّه , و منع في اللّه فهو من اصفياء اللّه», و قال (صلى الله عليه واله) لاصحابه : «أى عرى الايمان اوثق؟» , فقالوا : اللّه و رسوله اعلم - فقال بعضهم : الصلاة ، و قال بعضهم ، الزكاة ، و قال بعضهم : الصيام ، و قال بعضهم : الحج و العمرة ، و قال بعضهم : الجهاد - فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «لكل ما قلتم فضل و ليس به ، و لكن اوثق عرى الايمان الحب في اللّه و البغض في اللّه ، و توالى أولياء اللّه و التبري من اعداء اللّه».
و قال (صلى الله عليه واله): «المتحابون في اللّه يوم القيامة على ارض زبرجدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه - و كلنا يديه يمين - وجوههم أشد بياضا و أضوأ من الشمس الطالعة يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب و كل نبي مرسل، يقول الناس : من هؤلاء؟ , فيقال : هؤلاء المتحابون في اللّه» , وقال سيد الساجدين (عليه السّلام) : «اذا جمع اللّه - عز و جل- الأولين و الآخرين ، قام مناد فنادى ليسمع الناس ، فيقول : اين المتحابون في اللّه؟ , قال : فيقوم عنق من الناس ، فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنة بغير حساب , قال : فتلقاهم الملائكة ، فيقولون : الى اين؟ فيقولون : الى الجنة بغير حساب ، فيقولون : أى حزب انتم من الناس : فيقولون : نحن المتحابون في اللّه , قال : فيقولون : و اى شيء كانت أعمالكم؟ , قالوا : كنا نحب في اللّه و نبغض في اللّه , قال : فيقولون : نعم اجر العاملين».
وقال الباقر (عليه السلام): «اذا ردت ان تعلم ان فيك خيرا فانظر الى قلبك ، فان كان يحب أهل طاعة اللّه و ببغض أهل معصيته ففيك خير و اللّه يحبك ، و إذا كان يبغض أهل طاعة اللّه و يحب أهل معصيته فليس فيك خير و اللّه يبغضك , و المرء مع من أحبه» , و قال (عليه السلام): «لو ان رجلا أحب رجلا للّه ، لأثابه اللّه على حبه إياه ، و ان كان المحبوب في علم اللّه من أهل النار، و لو ان رجلا ابغض رجلا للّه ، لاثابه اللّه على بغضه إياه ، و ان كان المبغض في علم اللّه من أهل الجنة».
وقال الصادق (عليه السلام): «من أحب للّه ، و ابغض للّه ، و أعطى للّه ، فهو ممن كمل ايمانه», و قال (عليه السلام): «ان المتحابين في اللّه يوم القيامة على منابر من نور، قد اضاء نور وجوههم و نور اجسادهم و نور منابرهم كل شيء ، حتى يعرفوا به ، فيقال : هؤلاء المتحابون في اللّه» , و قال (عليه السلام): «و هل الايمان الا الحب في اللّه و البغض في اللّه؟ ثم تلا هذه الآية : {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ } [الحجرات : 7] .
وقال (عليه السلام): «ما التقى المؤمنان قط إلا كان افضلهما أشدهما حبا لأخيه», و قال (عليه السلام): «من لم يحب على الدين و لم يبغض على الدين فلا دين له».
والاخبار بهذه المضامين كثيرة .
وإذا عرفت ذلك ، فلنشر إلى معنى الحب في اللّه و البغض في اللّه فنقول : الحب الذي بين انسانين ، اما يحصل بمجرد الصحبة الاتفاقية ، كالصحبة بحسب الجوار، او بحسب الاجتماع في سوق ، او مدرسة ، او سفر، او باب سلطان ، او أمثال ذلك ، و معلوم ان مثل هذا الحب ليس من الحب في اللّه بل هو الحب بحسب الاتفاق ، أو لا يحصل بمجرد ذلك ، بل له سبب و باعث آخر، و هذا على أربعة اقسام : الأول- أن يحب انسان إنسانا لذاته ، لا ليتوصل به إلى محبوب و مقصود وراءه ، بأن يكون هو في ذاته محبوبا عنده ، بمعنى انه يلتذ برؤيته و معصيته و مشاهدة اخلاقه ، لاستحسانه له ، فان كل جميل لذيذ في حق من أدرك جماله ، و كل لذيذ محبوب ، و اللذة تتبع الاستحسان ، و الاستحسان يتبع المناسبة و الموافقة و الملائمة بين الطباع.
ثم ذلك المستحسن ، اما أن يكون جمال الصورة ، و كمال العقل ، و غزارة العلم ، و حسن الأخلاق و الافعال ، و كل ذلك يستحسن عند الطباع السليمة ، و كل مستحسن مستلذ به و محبوب ، و من هذا القسم أن يحبه لأجل مناسبة خفية معنوية بينهما ، فانه قد تستحكم المودة بين شخصين من غير حسن في خلق و خلق ، و من دون ملاحة في صورة ، و لا غيرها من الأعضاء ، بل المناسبة باطنة توجب الألفة و الموافقة و المحبة ، فان شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع ، و الأشياء الباطنة خفية ، و لها أسباب دقيقة ليس في قوة البشر أن يطلع عليها ، و إلى هذا القسم من الحب و الموافقة أشار رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بقوله : «الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، و ما تناكر منها اختلف» , فالحب نتيجة التناسب الذي هو التعارف ، و البغض نتيجة التناكر, و معلوم ان هذا القسم من الحب لا يدخل في الحب للّه ، بل هو حب بالطبع و شهوة النفس ، لذا يتصور ممن لا يؤمن باللّه ، إلا انه ان اتصل به غرض مذموم صار مذموما ، و إلا فهو مباح لا يوصف بمدح و ذم.
الثاني - أن يحبه لا لذاته ، بل لينال منه محبوبا وراء ذاته ، و كانت لهذا المحبوب فائدة دنيوية. ولا ريب في أن كلما هو وسيلة إلى المحبوب محبوب ، و عدم كون هذا الحب من جملة الحب في اللّه ظاهر.
الثالث - أن يحبه لا لذاته ، بل لغيره ، و ذلك الغير راجع إلى حظوظه في الآخرة دون الدنيا وذلك كحب التلميذ للاستاذ ، لأن يتوسل به إلى تحصيل العلم و تحسين العمل ، و مقصوده من العلم و العمل سعادة الآخرة.
وهذا الحب من جملة الحب في اللّه ، و صاحبه من محبي اللّه ، و كذلك حب الأستاذ للتلميذ لأنه يتلقف منه العلم ، و ينال بواسطته مرتبة التعليم ، و يترقى به إلى درجة التعظيم في ملكوت السماء.
قال عيسى (عليه السلام): «من علم و عمل و علم ، فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء».
ولا يتم التعليم إلا بمتعلم ، فهو إذن آلة في تحصيل هذا الكمال ، فان أحبه لأنه آلة إذ جعل صدره مزرعة لحرثه ، فهو محب للّه.
بل التحقيق : أن كل من يحب أحدا لصنعته ، أو فعله الذي يوجب تقربه إلى اللّه ، فهو من جملة المحبين في اللّه ، كحب من يتولى له إيصال الصدقة الى المستحقين ، و حب طباخ يحسن صنعته في الطبخ لأجل طبخه لمن يضيفه تقربا إلى اللّه ، و حب من ينفق عليه و يواسيه بكسوته و طعامه و مسكنه و جميع مقاصده التي يقصده في الدنيا ، و مقصوده من ذلك الفراغ لتحصيل العلم و العبادة ، و حب من يخدمه بنفسه من غسل ثيابه و كنس بيته و طبخ طعامه و أمثال ذلك من حيث إنه يفرغه لتحصيل العلم و العمل , و قس على ما ذكر أمثاله ، و المعيار أن كل من أحب غيره من حيث توسله لأجله الى فائدة أخروية فهو محب اللّه و في اللّه.
الرابع - أن يحبه للّه و في اللّه ، لا لينال منه علما أو عملا ، أو يتوسل به إلى امر وراء ذاته ، و ذلك بأن يحبه من حيث إنه متعلق باللّه و منسوب اليه ، إما بالنسبة العامة التي ينتسب بها كل مخلوق إلى اللّه ، أو لأجل خصوصية النسبة أيضا ، من تقربه إلى اللّه ، و شدة حبه و خدمته له تعالى .
ولا ريب في أن من آثار غلبة الحب أن يتعدى من المحبوب إلى كل من يتعلق به و يناسبه ، و لو من بعد ، فمن أحب إنسانا حبا شديدا ، أحب محب ذلك الإنسان و أحب محبوبه و من يخدمه ومن يمدحه و يثنى عليه أو يثنى محبوبه ، و أحب أن يتسارع إلى رضاء محبوبه ، كما قيل :
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار و ذا الجدارا
و ما حب الديار شغفن قلبي و لكن حب من سكن الديارا
واما البغض في اللّه ، فهو ان يبغض انسان إنسانا لأجل عصيانه للّه و مخالفته له - تعالى-، فان من يحب في اللّه لا بد ان يبغض في اللّه ، فانك إن أحببت إنسانا لأنه مطيع للّه و محبوب عنده فان عصاه لا بد ان تبغضه ، لأنه عاص فيه و ممقوت عند اللّه ، قال عيسى (عليه السلام): «تحببوا إلى اللّه ببغض أهل المعاصي ، و تقربوا إلى اللّه بالتباعد عنهم ، و التمسوا رضاء اللّه بسخطهم».
وروى : «انه - تعالى- اوحى إلى بعض أنبيائه ، اما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة ، و اما انقطاعك إلى فقد تعززت بي ، و لكن هل عاديت في عدوا ، او واليت وليا؟».
ثم للمعصية درجات مختلفة ، فانها قد تكون بالاعتقاد ، كالكفر و الشرك و البدعة ، و قد تكون بالقول و الفعل ، و هذا إما ان يكون مما يتأذى به غيره ، كالقتل و الغضب و الضرب و شهادة الزور وسائر أنواع الظلم ، او لا يكون مما يتأذى به غيره ، و هذا إما يوجب فساد الغير كالجمع بين الرجال و النساء ، و تهيئة أسباب الشر و الفساد على ما هو دأب صاحب الماخور أو لا يوجب فساد الغير، كالزنا و شرب الخمر، و هذا أيضا إما كبيرة أو صغيرة.
وإظهار البغض أيضا له درجات مختلفة ، كالتباعد و الهجران ، و قطع اللسان عن المكالمة و المحادثة ، و التغليظ في القول ، و الاستخفاف و الاهانة ، و عدم السعي في إطاعته ، و السعي في اساءته و افساد مآربه ، و بعض هذا أشد من بعض ، كما أن درجات الفسق و المعصية أيضا كذلك ، فينبغي أن يكون الأشد من درجات البغض بإزاء الأشد من درجات المعصية و الفسق ، و الوسط بإزاء الوسط ، و الأضعف بإزاء الأضعف ، و ينبغي ألا يترك أولا النصيحة والأمر بالمعروف ، و النهى عن المنكر، و تغليظ القول في الوعظ و الإرشاد ، لا سيما إذا كان العاصي ممن بينه و بينه صحبة متأكدة.
ثم العاصي إن كان ممن له صفات محمودة ، كالايمان و العلم و السخاء و العبادة و الطاعة أو أمثال ذلك ، ينبغي أن يكون مبغوضا لأجل معصيته و محبوبا لأجل صفته المحمودة ، وهذا كما أن من وافقك في غرض و خالفك في آخر تكون معه على حالة متوسطة بين التردد إليه و التوحش عنه ، فلا تبالغ في إكرامه مبالغتك في إكرام من يوافقك في جميع اغراضك ، ولا تبالغ في اهانته مبالغتك في إهانة من خالفك في جميع اغراضك.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|