أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-9-2016
108
التاريخ: 27-9-2016
119
التاريخ: 27-9-2016
119
التاريخ: 27-9-2016
128
|
المعاونة والإعانة مصدران متقاربا المفهوم في اللغة والعرف، يقال أعانه وعاونه على أمر ساعده عليه، وتعاون القوم عاون بعضهم بعضا.
ثم انه قد وقع العنوان مورد البحث في الفقه فيما إذا لو حظ مضافا إلى الإثم والعدوان، وظاهرهم ان المراد الإعانة على الإثم الصادر من الغير، وان أمكن شمولها للإعانة على إثم نفس الشخص أيضا.
وكيف كان فقد ذكروا حرمة الإعانة على الإثم والعدوان، أي الظلم للنفس والظلم للغير، وانه قد انعقد على ذلك إجماع العلماء كافة، وان الآية الشريفة {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] تدل على حرمة المعاونة على كل ما يعد إثما وعدوانا، وانه قد استفاضت على ذلك الروايات، فصارت قاعدة كلية استدل بها الفقهاء في موارد كثيرة على أحكام عديدة، لكن القاعدة المشار إليها أعني كون كل معاونة على الإثم محرمة في الشريعة مورد اختلاف بين الأصحاب موضوعا وحكما.
أما الموضوع فقد اختلفوا في شرطية القصد في تحققه وتوضيحه انه يعتبر في تحقق مفهوم المعاونة أمور: المعاون، والمعاون له، والمعاون عليه وهو الإثم المفروض الصدور، والمعاونة وهي فعل المعاون، وذكروا ان دخل فعله في الإثم الصادر على أنحاء ومورد الكلام كونه على نحو الشرط أو عدم المانع فاتفقوا على الحرمة فيما إذا تحققا منه بقصد وقوع الإثم من الآثم، لصدق المعاونة حينئذ قطعا واختلفوا فيما إذا لم يقصد ذلك فذهب عدة إلى صدق الإعانة علمه المعين بالدخل، وآخرون إلى عدم صدقها بدونه وان علم بالتأثير، وفصل ثالث كالأردبيلي (رحمه الله) بإضافة قيد في المسألة قال: الظاهر ان المراد الإعانة على المعاصي مع القصد، أو على الوجه الذي يقال عرفا انه كذلك انتهى.
ومثلوا للمقام بأمثلة منها ما ذكره مشترط القصد من انه لا يقال للبائعين والمشترين من التاجر انهم معاونوه على التجارة إلّا إذا باعوا أو اشتروا لترغيبه في التجارة.
ومنها: ما مثل به الأردبيلي في مورد حكم العرف وهو ان طلب الظالم العصا من شخص ليضرب المظلوم فيعطيه، أو يطلب القلم لكتابة ظلم فيعطيه.
ومنها: بيع العنب ممن يعمله خمرا والخشب ممن يصنعه صنما والتاجر يتجر مع علمه بأخذ العشار عشرا والحاجّ مع علمه بأخذ الظالم منه مالا وغير ذلك.
وأما الحكم فقد وقع الاختلاف منهم في حرمة المعاونة على الإثم مطلقا، فمنهم من قال باختصاصها بالتعاون على الإثم، أخذا بظاهر الآية الشريفة، وبما إذا كانت إعانة على ظلم الظالم للنصوص، فلا دليل على حرمة المعاونة على الإثم بمعنى المعصية وظلم الإنسان نفسه، ومنهم من قال بحرمة الجميع لعموم الدليل.
تنبيه: لا يبعد القول بالحرمة مطلقا حتى في معاونة فرد على إثم فرد آخر بدون قصد ذلك في غير صورة الجهل بالترتب، وذلك لتمامية الحجة عليها صغرى وكبرى.
أما الأول: فلصدق المعاونة لغة وعرفا على كل عمل له دخل وتأثير في تحقق الإثم في الخارج من الإنسان المختار بلا دخل لقصد المعين وعلمه وجهله، فعليك بملاحظة صور الدخل والتأثير فإنه يكون تارة على نحو العلة التامة، كإكراه زيد عمرا على شرب الخمر، فإن المؤثر فيه إرادة المكره بالكسر كإرادة الإنسان لفعل نفسه، وارادة المكره بالفتح بمنزلة الآلة، وأخرى بنحو السبب الأقوى كإعطاء الخمر للجاهل وشربه، فان السبب هنا أقوى من إرادة الجاهل، ولذا يستقر الضمان في موارد الأموال على السبب أو يضمن هو ابتداء، وثالثة بنحو السبب الأضعف كما إذا حرّضه على شرب الخمر وأغواه حتى شربه فارادة العاصي هنا أقوى من الآمر، ورابعة بنحو إيجاد الشرط كبيع العنب ممن يعمل خمرا، وخامسة بنحو عدم المانع كسكوته عن النهي عن الإثم فيرتكبه الآخر، ولا إشكال في كون الدخل في الجميع دخلا تكوينيا، ولا في ترتب الحكم على العنوان التكويني كما ستعرف، ولا في ان الأمور التكوينية لا تتغير بالقصد والعلم والجهل، وان كان لبعضها دخلا في الحكم ثبوتا أو نفيا.
وأما الثاني: أعني الكبرى وهي ان كل ما كان إعانة فهي محرمة شرعا، فالظاهر دلالة الآية الشريفة عليها فان اللّه تعالى حرم على الناس التعاون على كل اثم وعدوان، كما حرم ارتكاب كل فرد لذلك، والتعاون يكون تارة بالاشتراك في إيجاد نفس الإثم كالاجتماع على قتل نفس محترمة، أو بناء بيت للفساد، أو محاربة اللّه ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وأخرى يكون بإيجاد بعض الأفراد لمقتضى الإثم وبعضهم شرطه أو عدم المانع عنه، فهذا أيضا تعاون على الإثم وذلك لان الألف واللام في كلمة الإثم ليست بدلا عن المضاف إليه ليكون المعنى لا تعاونوا على إثم أحد ويخرج المعان له عن متعلق الخطاب وتخرج صورة وحدة المعين عن الآية بل المراد بها الجنس، فالنهي متعلق بجنس الإثم، ويتحقق التعاون في فرض وحدة المعين أيضا، فالآية الشريفة دالة على المطلوب.
ثم ان الأصحاب استشكلوا على القاعدة بجريان السيرة على عدم الاعتناء بها في موارد ثبوته، فإن أهل التجارة والحرف كالخباز والخياط وغيرهم يبيعون أمتعتهم من الفساق والفجار مع علمهم بدخل ذلك في معصيتهم وموارد هذا النقض كثيرة، لكن فيه أولا ان الإشكال غير وارد على من يشترط القصد في الإعانة وثانيا انهم كما يعلمون بتحقق العصيان من المشترين مثلا، يعلمون بصدور الواجبات عنهم أيضا فالمعاملة كما ان لها دخلا في الحرام كذلك لها دخل في الواجب فهي واجدة لجهتين متعارضتين فتكون موردا للتخيير فلا حرمة، وثالثا ان المعاملات في الاجتماع واجبة كفاية لدخلها في حفظ النظام الواجب فيدور الأمر بين رعاية حال الإثم لئلا يقع في الخارج ولو انجر الى الخلل في النظام الهرج والمرج، وبين حفظ النظام وان ادى الى وقوع شيء من الإثم، والثاني متعين، ومنه يظهر حال التاجر الذي يلازم تجارته وقوع العشّار في الإثم لأخذه العشر وكذا حال الحاج الذي يؤخذ منه المال ظلما فان تعطيل الحكم المؤكد الإلهي رعاية لحال الظالم ترجيح للمرجوح.
ثم انه لو قلنا بالحرمة مطلقا كما عرفت لزم القول بكون ما دل على جواز بيع العنب ممن يعمل خمرا حتى مع العلم تخصيصا في عموم، الحكم والتفصيل في الفقه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|