أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-9-2016
2426
التاريخ: 24-9-2016
2762
التاريخ: 24-9-2016
1235
التاريخ: 24-9-2016
1836
|
فيما يتعلق بحضارات جنوب العراق، فهي تتمثل في الحضارات التالية:
حضارة تل العبيد:
تتميز حضارة تل العبيد بوضوح في شمال وجنوب العراق معا . ففي الشمال ، تظهر حضارة تل العبيد في تل حسونة وتل الاربجية جوراً ، ونينوى وغيرها .
أما في جنوب العراق، فيظهر هذا التطور الحضاري في اريدو وتل العبيد وأور والوركاء . ويميز حضارة العبيد في الشمال، تواجد الاواني المصنوعة من الحجر والاواني الفخارية التي كانت منتظمة الاشكال وكانت مزينة برسوم مختلفة وملونة بالأسود والاحمر (1). وكذلك الادوات المصنوعة من النحاس والطين. أما العمارة الدينية، فقد تميزت بوجود الفجوات المنتظمة. وقد ميزت هذه الظاهرة المعمارية المجتمعات السومرية ابتداء من عصر حضارة العبيد. ويعتبر ظهور المعبد في عصر حضارة العبيد ذا أهمية خاصة نظراً لارتباطه بكافة نواحي الحياة الاجتماعية والفنية. وقد عثر في معبد اريدو على طبقة سميكة من عظام الاسماك (2) تغطى مائدة القرابين وارضية المعبد (3). هذا بالاضافة الى ما تخلف عن تلك الحضارة من مقابر، حيث كان الدفن يتم في هذا العصر في صناديق مصنوعة من الآجر وتدفن في الارض. كما عثر على بعض المدافن المحتوية على بعض الاواني الفخارية التي زودت بها المقابر بغرض مد المتوفى باحتياجه الدنيوية من طعام وشراب (4) وأدوات الزينة الشخصية (5).
أما بالنسبة لحضارة العبيد الجنوبية ، فتعتبر أقدم حضارة في جنوب العراق . وقد توصلت تلك الحضارة الى الفخار الملون المزين ، والادوات الحجرية والتماثيل البشرية والحيوانية. وأما في مجال العبارة الدينية ، فتتميز حضارة العبيد بالمعابد ذات الفجوات المنتظمة مما يشير الى احتمال انتماء معبد الاله آنو في الوركاء الى تلك الحضارة. كما يمكن القول بأن المخلفات الاثرية الموجودة في أسفل طبقة الطوفان، تحمل الكثير من أوجه الشبه مع حضارة العبيد مما يدل على احتمال حدوث الطوفان في تلك المرحلة (6). هذا بالاضافة الى أن عملية بناء المدن قد تحققت لأول مرة في الجنوب ابتداء من عصر حضارة العبيد . فقد عثر في احدى قرى العبيد على نماذج من بيوت هذا العصر على جانبي شوارع ضيقة. وكانت تلك البيوت تتميز بوجود أبواب مصنوعة أما من الخشب أو من القصب ولها سطوح مستوية ويحتوي كل منها على أربع أو ست حجرات منسقة التخطيط. كما كانت تلك المنازل مزودة بدرج للوصول الى السطوح (7). وعثر أيضا على بقايا مساكن مصنوعة من الآجر وتنتمي الى حضارة هذا العصر.
حضارة الوركاء من حوالي (3500 - 3200 ق . م) :
تميز تلك الحضارة عصر ما قبل الاسرات الاوسط في بلاد العراق القديم. وتتمثل تلك الحضارة في موقع الوركاء التي تقع الى شرق الفرات ، ومواقع حضارية اخرى مثل الوركاء واور وأريدو وتل العقير. ويعتبر عصر حضارة الوركاء من أهم المراحل الحضارية في العراق القديم فقد عرف انسان تلك الحضارة تشييد الابنية من اللبن المجفف ، واستخدام الفسيفساء (8) في زخرفة المباني. ويعتبر عصر حضارة الوركاء من اهم المراحل الحضارية في تاريخ العراق ، حيث بدأت المدن في التكوين وحيث توصل انسان هذا العصر الى معرفة الكتابة . وقد كانت كتابة صورية على ألواح من الطين ينقش الكتاب صورها بقلم من الخشب أو القصب. ثم تطورت بعد ذلك الى كتابة على المعادن، والاحجار بالنقش أو النحت . ثم تحولت الكتابة الى علامات تنتهي بما يشبه المثلثات أو المسامير. لأننا أذا تأملنا شكل القلم نجد حافته يتخذ هيئة المثلث أو المسمار لأن رأسه أعرض من الناحية الاخرى. ومن هنا سميت بالكتابة المسمارية أو الاسفينية وهي ترجمة لكلمة Cuneiform وأصلها من Cuneus باللاتينية ومعناها مسمار. وهذه الرموز المسمارية كانت أما رأسية، أو أفقية، أو مائلة وهكذا يمكن القول بأن أهم الآثار الفكرية لعصر حضارة الوركاء ، ظهور فكرة الكتابة التي تعتبر في حقيقة الامر خطوة فعالة نحو تطور المجتمع من الحياة العامة ، الى مرحلة أكثر تنظيماً وتسجيلاً لكافة جوانب نشاطه ، مما أدى الى دفع حياته الى بداية العصر التاريخي. غير هذا تتميز حضارة الوركاء باللوحات المرسومة بصور بشرية وحيوانية بارزة ، كما توجد بعض الصناعات النحاسية البسيطة (9) . هذا بالاضافة الى أنواع من الفخار المصقول الخالي من الرسوم (10) ، والاواني الحجرية المصنوعة على هيئة طيور أو حيوانات لتستخدم كأوان للعصور والدهون. وبعضها كان يستخدم في النذور حيث يبدو النقش البارز المعبر عن بعض الطقوس الدينية. وهذا النحت الدقيق في الاواني الصغيرة أدى الى تطور صناعة الاختام (11). وكانت هناك أنواع من الاختام شبيهة بالنوع المستخدم حاليا (12) وقد استخدمت تلك الاختام في نقش صور تمثل الحياة الدنيوية والدينية . فالدنيوية منها مثل الحياة اليومية فمثلا تمثل احداها ميدان معركة يظهر في مقدمته قائد يبدو عليه الثقة بالنفس ومظاهر القوة ويرتدي نقبة وعمامة ويستعرض اسرى الحرب أمامه . كما تصور بعض النقوش الاخرى حيوانات البيئة (13) في حياتها العادية مثل صور الاسود والافاعي وتبدو في مناظر الاختام نقوش للمراكب . أما بالنسبة للمناظر الدينية فقد صورت أعياد الالهة وتقوي الحكام وزيارتهم للمعابد وتضرع الحكام للالهة . وبعض الاختام كانت تعبر بصورة اسطورية عن المفاهيم الدينية فبعضها يوجد عليه نقش لقارب مقدس والبعض الآخر يبدو فيه منظر ديني أمام معبد.
ويتميز عصر حضارة الوركاء بالنهوض في العمارة الدينية ولا سيما تلك المعابد المصنوعة من الآجر فوق أساس مبنى من الحجر الجيري. ومن المظاهر المميزة لتلك المعابد أقامتها على مصاطب متعددة الطبقات مما يمكن اعتباره أصلا للمعابد المدرجة (الزقورة). وفي الامكان الاشارة الى انه قد روعي في تشييد المعبد ان تتجه اضلاعه الى الجهات الاربع الاصلية وله ثلاث درجات بينهما سلم يؤدي الى القمة والتي كانت تحتوي على المعبد .
وهو عبارة عن حجرة مستطيلة الشكل وبجانبها بعض الحجرات الجانبية . ويوجد من المخلفات الاثرية في ارض الوركاء معبد عرف بالمعبد الابيض (14) .
وفي العقير ، تم العثور على معبد صغير مشيد فوق مصطبتين (15) احداهما أصغر من الثانية وكان على المتعبد أن يصعد الى المعبد بواسطة سلالم. وكانت جدران المعبد مزينة برسوم ملونة بعضها الكيشي والاشوري وزيد عليها تزيين الجدران بالمنحوتات وتطعيم الآجر بالميناء. ويبدو هذا الاتجاه الفني في معبد سرجون الثاني في خرسباد وفي باب عشتار في بابل . وتوجد آثار أعمدة من اللبن مزينة بالفسيفساء في معبد الوركاء وكانت تلك الاعمدة تستعمل للتسقيف والزينة في وقت واحد
.
المعبد الابيض على قمة زقورة آنو في الوركاء.
حضارة جمدة نصر :
تتعاصر هذه المرحلة زمنيا من حوالي (3200 الى 3 آلاف ق. م) وتمثل هذه المرحلة عصر ما قبل الاسرات الاخير في العراق. وتبدو مظاهر حضارة هذا العصر في مواقع حضارية مثل الوركاء والعقير وتل أسمر وأور. وقد تمكن انسان هذه المرحلة من انتاج الاواني الحجرية المزينة والاواني الفخارية المزينة بزخارف هندسية، وبعض هذه الاواني كانت مخروطية الشكل. هذا بالاضافة الى انتاج اللوحات المنقوشة بالنقش البارز . كما ازداد التبادل التجاري مع البلاد المجاورة مثل مصر وبلاد السند. ولقد تفوق انسان تلك الحضارة في فن النحت، فقد استخدم الطين لتمثيل الصور الآدمية والحيوانية في أشكال ومواضع مختلفة بعضها للالهة والبعض الآخر للشياطين. وبعد مرحلة استخدام الصور الطينية، بدأ فن النحت على الحجر. وقد تخلف عن عصر جمدة نصر رأس رخامية منحوتة نحتا مجسماً لفتاة وهي موجودة حاليا بالمتحف العراقي. وترجع أهميتها لكونها أقدم نحت مجسم في تاريخ الفن. وزيادة على النحت ، فقد تفوق انسان تلك المرحلة في صناعة الادوات والاواني الحجرية المرصعة بالأحجار الجميلة . كما تطورت العمارة الدينية التي تتمثل في مجموعة من المعابد وتندمج بقاياها فيما يسمى زقورة آنو(16)(Anu) والتي يبلغ ارتفاعها حوالي اربعين قدما يعلوها المعبد الابيض الذي يؤرخ بمرحلة الوركاء والذي تقوده الى داخله ثلاثة سلالم ، كما يؤدي باب في جانبه الطولي الى داخل المعبد الابيض عن طريق ممر موصل لوسط المعبد الذي ينفتح عليه حجرات صغيرة (17) ومن مظاهر حضارة مرحلتي الوركاء وجمدة نصر في الوركاء، تجدر الاشارة الى بناء يبلغ مساحته 18 × 20 متر بني في الركن الشمالي من المبعد ذو المخاريط الحجرية ويطلق عليه اسم Riemchengebäude والمبنى يتكون من مجموعة من الحجرات والممرات، والحجرة الداخلية منه محاطة تماما بممر ويبدو على أحد جدرانها مظاهر احتراق ، وربما كانت مخصصة لبعض الطقوس الدينية مثل حرق الحيوانات. وقد عثر داخل هذا المبنى على مئات الاواني الفخارية والحجرية والنحاسية والمخاريط الطينية وأوراق مذهبة ، وبعض
الاسحلة وبعض عظام الحيوانات (18) . وهذه الادوات تنتمي الى حضارة جمدة نصر ولو ان بعض من قاموا بالحفريات الاثرية في هذا الموقع ، اعتقدوا ان هذا البناء ينتمي الى عصر حضارة الوركاء 4 (19) أما فيما يتعلق بالكتابة ، فإن الجذور الاولى لنشأتها يمكن ارجاعها الى مرحلة الوركاء 4 . وكانت الكتابة في أول امرها صورية ، ثم تطورت حتى وصلت الى الناحية النطقية وأصبح من الميسور التعبير بها عن شتى أنواع النشاط البشري . وهكذا أظهرت الواح جمدة نصر المرحلة التي تطورت اليها اللغة السومرية (20) .
آنية فخارية مزينة بزخارف
هندسية من عصر حضارة جمدة نصر
مما سبق يمكن القول بأن بلاد العراق كانت مهدا لحضارات قديمة ، وان انسان تلك المرحلة قد استطاع ان يقيم حياته على اسس حضارية متقدمة منذ اول عصور فجر التاريخ . وان هذه الاسس قد تطورت تطوراً زمنيا خلال المراحل الحضارية السالفة الذكر مما أدى في النهاية الى مرحلة النقلة لبداية العصر التاريخي في العراق القديم. تلك المرحلة التي تتمثل في عصر بداية الاسرات السومرية وتتعاصر هذه المرحلة زمنيا من حوالي 3000 - 2350 ق . م .
_________
(1). ليونارد وولى ، وادي الرافدين مهد الحضارة ، دراسة اجتماعية لسكان العراق في فجر التاريخ ، تعريب أحمد عبد الباقي ، طبعة أولى ، بغداد 1948 ، ص 17 .
(2). من المحتمل ان تكون تلك العظام بقايا قرابين قدمت للاله أنكى
" عندما كان انكى ينهض كانت الاسماك تنهض وتسكن له كان يقف ، اعجوبة في عيني ابسو (الاعماق) " .
هنري فرانكفورت ، المرجع السابق ، ص 57 .
(3). Frankfort, H., The Art and and Architecture of the Ancient Orient, London, 1954, p. 4.
(4). Mallowan, M., The Development of Cities from Al-Ubaid to the end of Uruk 5, (in) C.A.H. Vol. 1, Part 1, Cambridge 1970, p. 347.
(5). ليونارد وولى ، المرجع السابق ، ص 18 .
(6). رشيد الناضوري ، جنوب غربي آسيا وشمال أفريقيا ، بيروت 1967 ، ص 190 .
(7). طه باقر ، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة - تاريخ العراق القديم ، القسم الاول ، طبعة ثانية ، بغداد 1955 ، ص 64 .
(8). الفسيفساء عبارة عن مخروطات مختلفة الالوان بين الاحمر والاسود والابيض . وكانت هذه المخروطات تثبت داخل الجدران بحيث لا يبدو منها غير نهايتها .
(9). أنظر :
Mallowan, M., OP. Cit., PP. 355-356.
(10). يتميز فخار الوركاء بأنواعه المختلفة مثل البسيط كالأواني الجرار وأيضا الفخار ذو اللون الواحد أو الاسود أو المزخرف بأشكال هندسية .فرج بصمة جى ، بحث في الفخار ، صناعته ونواعه في العراق القديم ، مجلة سومر عدد 4 ، 1948 ، ص 24 .
(11). Pritchard, J.B., the Aneient near East, An Anthology of Texts and Pictures, Princeton 1973, Fig. 57.
والختم الاسطواني عبارة عن قطعة اسطوانية صغيرة محفور بها رسوم وصور متعددة الاشكال . فاذا تحرك على لوح طيني ، تظهر على اللوحة الصورة الاصلية . وكانت تعادل توقيع صاحب الختم .
Frakfort, H., OP. Cit., P14..
(12). طه باقر ، المرجع السابق ، ص 69 .
(13). عبد العزيز صالح ، الشرق الادنى القديم ، مصر والعراق ، الجزء الأول ، القاهرة 1979 ، ص 378 .
(14). Frankfort, H., OP. Cit., p. 4.
(15). Frankfort, H., bid, P. 6.
(16). Frankfort, H. ‹‹The Last Predynastic Period in Babylonia›› (in) C.A.H., 3rd ed. Vol. 1, part 2 A, Early History of the Middle East, Cambridge 1971, p. 81.
(17). Frankfort H., Ibid, p. 82.
(18). Frankfort H., Ibid, p. 82.
(19). Frankfort H., Ibid, p. 82.
(20). Frankfort H., Ibid, p. 81.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|