شح المياه

تشكل المياه فرصة إما لصنع السلام وإما للتسبب بصراع مستقبلي، وإما لكليهما معا. وسوف يحاج أكاديميون مرموقون وبأسلوب مقنع أنه وعلى مدى آلاف السنين لم تخض الدول حربا على موارد المياه بحد ذاتها (2005 ,Wolf et al). ولكن صانعي السياسات أمثال آرييل شارون وبطرس بطرس غالي يتحدثون بالحاسة نفسها عن دور المياه في الصراعات الدولية. فالصراعات التي تنشب داخل الدولة على المياه وقعت بالتأكيد، وشارون يوضح أن حرب عام 1967 في الشرق الأوسط بدأت فعلية قبل سنتين عندما تدخلت إسرائيل لمنع تحويل منابع نهر الأردن من قبل سوريا  (1989  Sharon and Chanoff). ولهذه الأسباب، وسواء كانت قضية قائمة بحد ذاتها أو أنها آثار مضاعفة لتوترات موجودة مسبقا، ستؤدي المياه دورة متزايد الأهمية في الاستقرار والأمن الإقليميين. كما ثبت أن المياه أداة ممتازة للتفاوض على اتفاقيات التعاون بين الدول التي بينها عداوات، ولتعزيز التواصل والتعاون.

يعتبر أمن المياه متغيرة حاسمة في استدامة الثقافات والحكومات. ويؤثر تغيير المناخ في توزيع المياه والاحتفاظ بها في مجالات أساسية كثيرة. فارتفاع الحرارة العالمية يؤدي إلى ذوبان الجبال الجليدية التي كانت تخزن المياه لسكان المدن ذوي الأعداد الكبيرة والمتزايدة وللزراعة. والتحولات الجغرافية في أناط الهطولات المطرية تؤدي أصلا إلى الهجرة القسرية، وتسبب الصراع في الدول الإسلامية التي لها دور حاسم في جهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. فالمياه ضرورية للإنتاج الصناعي والزراعي، وكثيرا ما تتحكم بأمكنة الصناعات المربحة. ويعتمد النمو الاقتصادي لكل من الهند والصين على موارد المياه العذبة التي يتزايد شحها. كما أن اتباع النمط الدينامي لشح المياه في المناطق التي تعتبر مهمة المصالح الأمن القومي الأمريكي، يعتبر مهمة لإدارة الصراع والحفاظ على الاستقرار.

تعد الإشكالات السياسية العالمية للأمن البيئي مهمة بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية. تقدم التهديدات البيئية التي نوقشت أعلاه إطارة للتحليل يجري من خلاله تحديد المناطق والوظائف والدول ذات الأولوية للشؤون الخارجية الأمريكية. وسوف تختلف تأثيرات هذه التوجهات من حيث الزمان والمكان في المناطق التي تتسم بالأهمية للأمن القومي للولايات المتحدة.