أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-29
493
التاريخ: 2024-07-30
366
التاريخ: 3-6-2020
1676
التاريخ: 10-3-2022
1680
|
المعنى : معنى القاعدة هو الحكم بصحة العمل المركب الذي شكّ في صحته بعد الفراغ منه ، كالشكّ في صحة الصلاة (لاحتمال الخلل)، فيحكم بصحة الصلاة و تماميتها ، ولا يترتب الأثر على الشكّ.
ولا تختص القاعدة بالطهارة و الصلاة بل تعمّ جميع العبادات بل المعاملات كما قال سيّدنا الأستاذ: أنّه نتعدّى منهما بواسطة العموم الوارد في موثقة ابن بكير (كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو) و بعموم التعليل في قوله (هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشكّ) و بعموم قوله (و كان حين انصرف أقرب إلى الحقّ) فلا مانع من جريان قاعدة الفراغ في الطواف و غيره، بل لا مانع من جريانها في العقود و الإيقاعات، فتجري قاعدة الفراغ في الجميع بمقتضى عموم الدليل «1».
ولا يخفى أنّ قاعدة الفراغ إنما تجري في عمل النفس لا في عمل الغير، و به تمتاز عن قاعدة الصحة ... و يكون موردها هو الشكّ في الصحة بعد إحراز أصل العمل، ولا بدّ أن يكون الشكّ ناشئا عن الغفلة و السهو، و لم تكن صورة العمل محفوظة، لأنّ القاعدة بحسب الحقيقة تنشئ عن أصالة عدم الغفلة كما قال سيّدنا الأستاذ: أنّ جريان قاعدة التجاوز و الفراغ مختص بما إذا كان الشكّ ناشئا من احتمال الغفلة و السهو، فلا مجال لجريانهما فيما إذا احتمل ترك الجزء أو الشرط عمدا؛ لما ذكرناه من أنّهما ليستا من القواعد التعبّدية بل إمضاء لقاعدة ارتكازية عقلائيّة، و هي أصالة عدم الغفلة، لظهور حالهم حين الامتثال في عدم الغفلة، و لا يستفاد من الأدلة أزيد من هذا المعنى، مضافا إلى دلالة التعليل المذكور في بعض الروايات على الاختصاص فان كونه (اذكر) إنّما ينافي الترك السهوي لا الترك العمدي كما هو واضح «2». والأمر كما أفاده.
ومن المعلوم أن مورد قاعدة الفراغ و التجاوز و الصحة هو الشكّ المتعلق بالموضوع و أمّا في صورة الشكّ في الحكم (الشبهات الحكمية) فلا مجال لهذه القواعد و هناك يتمسك بالأمارات والأصول العملية.
المدرك : يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي :
1- الروايات : و هي الواردة في باب الشكّ في الصلاة و غيرها.
منها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام في الرجل يشكّ بعد ما ينصرف من صلاته، قال: فقال: «لا يعيد و لا شيء عليه» «3». دلّت على عدم الاعتبار بالشكّ في صحة الصلاة بعد الفراغ عنها، و أنّ الحكم عندئذ هو الإجزاء.
ومنها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال : «كلّما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد» «4».
دلّت على أنّ كلّ صلاة شكّ في صحتها بعد الإتيان يحكم بالصحة و التماميّة.
ومنها موثقة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» «5».
دلّت على الحكم بالصحة و التماميّة، بالنسبة إلى العمل الذي شكّ فيه بعد الفراغ عنه، أعم من أن يكون المشكوك هو جزء العمل أو تمامه؛ و ذلك لعموم الأدلّة، و من الأدلة العامة قوله عليه السّلام: كلّما شككت، في هذه الرواية، فيشمل جميع أقسام المشكوك.
توضيح :
قد تقدّم أنّ قاعدة التجاوز لا تجري عند الشكّ في أجزاء الوضوء للنصّ الخاص، و أمّا قاعدة الفراغ فهل تجري في ذلك المقام (الشكّ في أجزاء الوضوء) أم لا؟
التحقيق: هو الجريان؛ لعموم الأدلّة، كما قال سيّدنا الأستاذ: التحقيق هو (الجريان)؛ لعموم الأدلّة و عدم المانع عن العمل بها، أمّا عموم الأدلّة فقد تقدم (كلّما شككت). و أمّا عدم المانع فلأن عمدة الأدلة المانعة عن جريان قاعدة التجاوز في الوضوء هي قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة (فأعد عليها و على جميع ما شككت فيه. إلخ) و مفادها وجوب الاعتناء بالشكّ و الإتيان بالمشكوك فيه فيما إذا كان الشكّ في أصل الغسل أو المسح، لا ما إذا كان الشكّ في صحة الغسل أو المسح. فالصحيحة تدلّ على عدم جريان قاعدة التجاوز فقط في الوضوء، لا على عدم جريان قاعدة الفراغ أيضا، فإذا شكّ في غسل الوجه مع الاشتغال بغسل اليد اليسرى مثلا يجب غسل الوجه مع ما بعده؛ لعدم جريان قاعدة التجاوز. و أمّا إذا شكّ في صحة غسل الوجه كما إذا شكّ في وقوعه من الأعلى مثلا فلا مانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ و الحكم بالصحة، و لا فرق في جريان قاعدة الفراغ في أجزاء الوضوء بين الجزء الأخير و غيره؛ لعموم الأدلّة على ما ذكرنا «6». و الأمر كما أفاده.
2- التسالم: قد تحقق التسالم على مدلول القاعدة (الحكم بالصحة عند الشكّ بعد الفراغ) عند الفقهاء و لا خلاف فيه بينهم فالأمر متسالم عليه.
توضيح: لا يخفى أنّه لا فرق بين قاعدتي الفراغ و التجاوز في مقام الثبوت و الفرق بينهما إنّما هو في مقام الإثبات كما قال سيّدنا الأستاذ: أنّ المستفاد من ظواهر الأدلّة (مقام الإثبات) كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال و أنّ ملاك إحداهما غير ملاك الأخرى فإنّ ملاك قاعدة الفراغ هو الشكّ في صحة الشيء مع إحراز وجوده و ملاك قاعدة التجاوز هو الشكّ في وجود الشيء بعد التجاوز عن محله «7».
فرعان :
الأوّل: قال السيّد اليزديّ رحمه اللّٰه: و إن شكّ بعد الفراغ في أنّه (الحاجب) كان موجودا أم لا؟ بني على عدمه و يصح وضوءه ، و كذا إذا تيقن أنّه كان موجودا و شكّ في أنّه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا؟ و قال السيّد الحكيم رحمه اللّٰه: أنّ الحكم يكون كذلك؛ لقاعدة الفراغ «8».
الثاني: قال السيّد اليزديّ رحمه اللّٰه: إذا علم بوجود مانع و علم زمان حدوثه و شكّ في أنّ الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده يبني على الصحة لقاعدة الفراغ «9».
_________________
(1) مصباح الأصول: ج 3 ص 268.
(2) مصباح الأصول: ج 3 ص 321.
(3) الوسائل: ج 5 ص 342 باب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1.
(4) نفس المصدر السابق: ص 343 ح 2.
(5) الوسائل: ج 5 ص 336 باب 23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 3.
(6) مصباح الأصول: ج 3 ص 290.
(7) مصباح الأصول: ج 3.
(8) مستمسك العروة: ج 2 ص 524.
(9) العروة الوثقى: ص 69 شرائط الوضوء.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|