أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2016
895
التاريخ: 5-9-2016
2606
التاريخ: 18-8-2016
874
التاريخ: 19-7-2020
2053
|
من جملة ما قيل بخروجه عن بحث الأصل السابق الإجماع المنقول، وتتميم الكلام فيه يحتاج إلى طي مقامات: المقام الأول: في بيان أن دليل حجية الخبر الواحد [هل] يختص بخصوص الحسي، أو [يشمل] الحدسي المحض - أيضا - بعد إلحاق الحدسي القريب بالحس، بل وما شك في حسيته وحدسيته - أيضا - بالحسي؟ الذي يقتضيه النظر في الأدلة المزبورة عدم الشمول للحدسي المحض، لأن عمدة الدليل على خبر الواحد هو السيرة العقلائية والإجماعات، وحيث إنهما لبيان [يقتصر] فيهما على المتيقن من كون المستند حسيا أو ما هو قريب بالحسي، كما يشهد به قبول الإخبار في الملكات الباطنية من قبل آثارها الظاهرية، فراجع (1). كما أن في غالب أخبار الآحاد يحتمل اتكاله على حدسه - أيضا -، ومع ذلك ليس بناؤهم على طرد مثل هذا الخبر، بل يأخذون به بمجرد احتمال [حسيته]، فيكشف ذلك - أيضا - [عن] أن المدار في حجية الخبر عندهم ليس على الجزم بحسيته، لقلة موارد هذا الجزم في أخبارهم، وهو الشاهد على إلحاق مشكوك الحسية - أيضا - بالحسية، فما هو مشكوك في بنائهم يختص بالحدسية المحضة، فيقتصر - حينئذ - في هذه الأدلة اللبية بغيرها. نعم قد يتوهم الإطلاق في الأدلة اللفظية من الأخبار والآيات. وفي كونها في مقام البيان - من هذه الجهة - إشكال، لإمكان حمل سوقها على امضاء طريقة العقلاء، المشكوك اندراج المورد في بنائهم على الطريقية. ومع الاغماض عن هذه الجهة نقول: إن آية النبأ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] في مقام التفكيك بين الفاسق والعادل، ولا يكون [لها] نظرة إلى كيفية خبر العادل من حيث المستند، خصوصا مع [اقترانها] بالتعليل المنصرف إلى الجهالة العقلائية، [غير] الآبي عن الشمول للأخبار الحدسية المحضة، فتأمل. نعم: آية السؤال {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] والإنذار {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] ربما يتوهم شمولهما للخبر الحدسي، ولكن لما كان فهم المنذرين وأهل الذكر في الصدر الأول - غالبا - مستندا إلى المبادئ الحسية، لوضوح المأخذ لديهم بإحساساتهم، فيدخل مثلهم في الحداسين بحدس قريب إلى الحس، ولا [يشمل] الحدسي المحض، وذلك أيضا لولا شبهة قابلية حملهما على حجية الفتوى لا الرواية، كما سيأتي إن شاء الله.
وأما المقام الثاني: ففي أن الظاهر من لفظ الإجماع هو اتفاق أهل الحل والعقد [الذين] منهم الإمام الملازم لوجوده فيهم. وقد يستعمل في اتفاق جماعة فيهم الإمام، لاتحاده - مناطا - مع اتفاق الكل، إذ مناط حجيته - أيضا - تضمنه لوجود الإمام المشترك بين الفرضين. ثم إن طريق إحراز وجوده [فيهم] تارة حسي من جهة وجدانه اتفاق الكل الملازم لوجوده فيهم، أو وجدانه جماعة فيهم الإمام، ولو بسماعه من [سفرائه] و[أصحابه]، واخرى حدسي ولو من جهة حدسية اتفاق الكل لديه، أو [تحصيل] اتفاق جماعة فيهم الإمام بحدسه، [ففي] هاتين الصورتين يكون الإخبار بقول الإمام حدسيا. ونظيره في الحدسية المحضة لو كان المراد من الإجماع اتفاق جماعة يلازم قول الامام: إما بقاعدة اللطف، أو بصرف حسن الظن بالمتفقين، ولا اشكال في عدم شمول دليل الخبر مثل [هذا] الإخبار عن الامام، ولو بالملازمة الحدسية. نعم لا بأس بحجية خبره في مقدار من الاتفاق المحتمل فيه تحصيله بالحس أو بمبادئ قريبة إلى الحس، ثم يلاحظ أن هذا المقدار يلازم - لدى المنقول إليه - قول الامام، أو يضم ما حصله هو بوجدانه ولو بالملازمة الشخصية الاتفاقية، فيؤخذ بخبره في المحسوس، ويحصل بحدسه القطعي المقصود ويعمل به، وإلا فلا حجية فيه أبدا. وأما في بقية الصور [فبمحض] احتمال حسية الخبر يؤخذ به كما يؤخذ بما كان حدسيا قريبا إلى الحس، كما أشرنا إليه في المقام السابق، فراجع. المقام الثالث: في أن [ناقل] الإجماع ربما يختلف بقرب زمانه إلى المعصوم أو سفرائه أو بعده في احتمال حسية [خبره] أو حدسيته محضا، فبالنسبة إلى قريبي العهد - ولو بمثل زمان الغيبة الصغرى - الواصلين إلى سفرائهم عادة - كزمان السيد ومن تبعه - أمكن عادة احتمال إحراز الإمام في المتفقين أو احراز ملازمة قولهم لقول الإمام بمبادئ عادية حسية، أو قريبة إليها. وهذا المقدار يكفي للحجية، لأنه من مصاديق محتمل الحسية والحدسية. وأما بالنسبة إلى من كان من طبقات بقية الأعلام [بعيد] العهد بالنسبة إلى زمان الحضور، كمن كان في زمان الغيبة الكبرى بنحو لا [تقتضي] العادة إحراز الإمام في المتفقين في هذا الزمان، بل غاية الأمر: طريقهم لإحرازه امور حدسية، كالشيخ (2) ومن تبعه المتشبثين في احراز رأي الإمام بقاعدة اللطف، أو بصرف حسن ظنه باتفاق الجماعة، كمن تأخر عن زمان الشيخ (3)، ففي مثلهم: لا مجال لاحتمال حسية خبره، فضلا عن إحراز حسيته، ففي أمثالهم لا يبقى لنا مجال الأخذ بإخبارهم عن رأي الإمام، بل ليس إخبارهم - من هذه الجهة - إلا حدسيا محضا، غير [مندرج] في أدلة حجية الخبر الواحد. نعم في إخبارهم عن اتفاق الجماعة حيث ربما يكون حسيا أو حدسيا قريبا [من الحس]، أمكن الأخذ به لو انتهى إلى احراز قول الإمام، ولو بالملازمة الشخصية عند المنقول إليه، ولو ببركة حسن ظنه بهم بنحو يقطع بالملازمة بين هذا الاتفاق ورأي الإمام. نعم لا [تكفي] الملازمة الظنية المحضة إلا إذا كان هذا الظن حجة لديه بالدليل، إذ حينئذ كان ذلك أيضا بمنزلة الإحراز الوجداني الجزمي، كما أنه لو كان هذا المقدار من الاتفاق ملازما عند المنقول إليه لوجود دليل معتبر عنده، لكان كافيا في أخذه بنقل الفتاوى. وهذا كله جار - أيضا - في فرض احتمال حسية الناقل في احراز الفتاوى، بلا لزوم الجزم بالحسية، لما تقدم. نعم لو فرض الجزم بحدسية إحرازه الفتاوى في المورد بحدسه محضا، كما لو رأى فقيها متبحرا جعل المسألة في سلك المسلمات، أو طبق اطباقهم على المورد لمحض اتفاقهم على قاعدة منطبقة - بخياله واجتهاده - على المورد [فلا] مجال للاعتناء بمثل هذه الاخبار عن اتفاقهم، فضلا عن حيث إخباره عن رأي الإمام (عليه السلام) وحينئذ فللفقيه ان يشمر [عن] ساعده في ميدان الاجتهاد، ولا يرفض الإجماع المنقول بقول مطلق، ولا يأخذه على الاطلاق، بل يلاحظ طبقات المدعين للإجماع، وسعة [باعهم] في تحصيل الاتفاق. [فيتم] احراز الملازمة عنده لقول الإمام ولو بطريق تعبدي أو لوجود أمارة معتبرة - ولو عند المنقول إليه - فيأخذ به، ومع عدم إحراز هذه الجهات يرفض نقل الإجماع جدا، والله العالم بمواقع الامور. ثم إن ما ذكرنا كله بتفصيله [جار] في نقل التواتر، فيرفض النقل المزبور في فرض، ويؤخذ في فرض، من دون فرق بين كون الأثر مترتبا على نفس التواتر - عند المنقول إليه - أو على مؤدى الخبر المتواتر. نعم لا بأس بأخذه لو كان الأثر مترتبا على التواتر عند [الناقل]، كما أن في الأخير ربما يتفق الوثوق الإجمالي بالمحكي عن الحس أو [محتمل] الحسية من الأخبار المتعددة المجملة، فيؤخذ به بدليل حجية الخبر الموثق، بشرط كونه أخص مضمونا عن البقية، أو مطابقا معها، وإلا فلا مجال لتشخيصه، فتدبر في هذا المقام أيضا. بقي الكلام في فرض تعارض الإجماعين أو المتواترين المنقولين، فنقول:
أما صورة حدسية الخبرين - [حتى] من حيث السبب، فضلا عن [مرحلة] استكشاف رأي الإمام - فلا إشكال في طرحهما. وأما لو كانا من حيث السبب وتحصيل الاتفاق حسيا أو محتمل الحسية، فمع فرض ملازمة أحد الطرفين لقول الإمام [بنظر] المنقول إليه، فيؤخذ به ويطرح الآخر. وأما لو كان كل واحد من الطرفين ملازما لقول الإمام أو لوجود دليل معتبر، فلا محيص في الأول حينئذ من التساقط، للعلم بكذب أحدهما المانع عن حجية كل واحد، وأما في الثاني، فمن الممكن صدقهما، غاية الأمر ينتهي الأمر إلى تعارض [النصين]، فلا بأس حينئذ [بشمول] دليل الخبر لمثله بعد فرض عدم مرجح في البين، وإلا [فيقدم ذو] المرجح، ولو من مثل موافقة الكتاب أو مخالفة العامة، كما لا يخفى.
_____________
(1) ويدل عليه ما جاء في الوسائل 18: 288، الباب 41 من ابواب الشهادات.
(2) انظر عدة الاصول: 246 - 247.
(3) راجع معارج الاصول: 126 و131. وراجع لتفصيل الأقوال قوانين الاصول 1: 349. ومفاتيح الاصول: 496 - 497.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|