أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-08-2015
631
التاريخ: 5-08-2015
679
التاريخ: 3-07-2015
501
التاريخ: 25-10-2014
1594
|
ان [الله] تعالى مريد كاره ، أي مريد لأفعاله ، تصدر منه أفعاله بالإرادة و الاختيار ، أو مريد لطاعات عبيده لا على سبيل الحتم بل باختيارهم ، وإرادته لأفعال ذاته عبارة عن علمه الموجب لوجود الفعل في وقت دون وقت بسبب اشتماله على مصلحة داعية إلى الإيجاد في ذلك الوقت دون غيره ، و معنى إرادته لأفعال عبيده انه أراد إيقاع الطاعات منهم على وجه الاختيار، و معنى كراهته تعالى علمه الموجب لانتفاء الفعل في وقت دون وقت بسبب اشتماله على مفسدة في الإيجاد قبل وقته ، و معنى كراهته تعالى لأفعال غيره نهيه إياهم عن إيقاع المعاصي المفسدة لهم على وجه الاختيار. و الدليل على أنه تعالى مريد لأفعاله أنه خصص إيجاد الحوادث بوقت دون وقت وعلى صفة دون أخرى مع عموم قدرته و كون الأوقات و الصفات كلها صالحة للإيجاد بمقتضى القدرة ، فلا بد من مرجح للوقت و الشكل و الصفة لاستحالة الترجيح بلا مرجح عقلا و ذلك هو الإرادة ، فيكون تعالى مريدا لأفعاله و هو المطلوب . و الدليل على أنه تعالى كاره لأفعال ذاته أنه ترك إيجاد الحوادث في وقت دون وقت و الأوقات كلها صالحة للترك بمقتضى القدرة فلا بد من مخصص و مرجح و هو الكراهة. والدليل على أنه تعالى مريد لأفعال عبيده و كاره لبعضها أنه تعالى أمرهم بالطاعة فيكون مريدا لها ، و نهاهم عن المعصية فيكون كارها لها ، إذ الحكيم لا يأمر إلا بما يريد ولا ينهى إلا بما يكره ، و حينئذ فإرادته تعالى ترجع إلى العلم بالأصلح ، وكراهيته إلى العلم بالمفسدة . وقد صرح بهما في الكتاب و السنة قال تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [البقرة: 185] . و قال تعالى : {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] . وقال تعالى : {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [التوبة: 55].
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [الحج: 14] وقال تعالى : {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} [الحج: 16] .و قال تعالى: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38] . و قد ورد في جملة من الأخبار أنه لا يقع في الوجود شيء إلا بإرادة اللّه تعالى . و قد ثبت أن اللّه لا يريد المعاصي و الشرور و الكفر و الزندقة و ان جميع ذلك غير مراد له تعالى وغير مرضي له ، ويمكن التطبيق بين ذلك بأحد وجوه:
الأول : إن مشيئته تعالى و إرادته متعلقة بجميع الموجودات ، و لكن بهذا المعنى و هو أنه أراد تعالى أن لا يكون شيء إلا بعلمه كما يرشد إليه بعض الأخبار.
الثاني : إن الإرادة متعلقة بالأشياء كلها لكن تعلقها بها على وجوه مختلفة لأن تعلقها بأفعال نفسه بمعنى إيجادها و الرضا بها لكونها كلها حسنة واقعة على وجه الحكمة ، و الشر القليل تابع لخيرات كثيرة فيه و ليس مرادا بالذات ، وتعلقها بأفعال العباد ، إما بالطاعات فهو إرادة وجودها ، و إما بالمعاصي فهو إرادة أن لا يمنع منها بالجبر و القهر كما صرح به الصدوق في العقائد ، أو إرادة عدمها كما فسر به قوله تعالى : {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا } [الأنعام: 107] أي لو شاء اللّه عدم شركهم على سبيل الإجبار ما أشركوا ، و لكن لم يشأ على هذا الوجه لمنافاته غرض التكليف ، و إنما شاء على سبيل الاختيار لتكون لهم القدرة على الفعل و الترك. و يدل على ذلك ملخص ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن الرضا عليه السّلام قال : إرادة اللّه تعالى و مشيئته في الطاعات الأمر بها و الرضا لها و المعاونة عليها ، و إرادته و مشيئته في المعاصي النهي عنها و السخط لها و الخذلان عليها ، قال السائل فلله فيه قضاء. قال : نعم ما من فعل يفعله العباد من خير أو شر إلا و للّه فيه قضاء. و قال السائل ما معنى هذا القضاء. قال: الحكم عليهم بما يستحقونه من الثواب و العقاب في الدنيا و الآخرة.
الثالث: أن نعلقها بأفعاله تعالى ... و تعلقها بأفعالهم على سبيل التجوز باعتبار إيجاد الآلة و القدرة عليها و عدم المنع منها فكأنه أرادها.
الرابع: ان إرادته تعالى عبارة عن العلم بما في الفعل من المصلحة.
الخامس: ان إرادة العبد لأفعاله مخلوقة للّه تعالى كما صرح به السيد الداماد في تفسير قول الصادق عليه السّلام: خلق اللّه تعالى المشيئة بنفسها، ثم خلق الأشياء بالمشيئة، حيث قال المراد بالمشيئة هنا إرادة المخلوقين، و المراد أنه تعالى خلق إرادتهم بنفسها لا بمشيئة أخرى مباينة لها، ثم خلق الأشياء يعني أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشيئة بتلك المشيئة. و اعلم أنه قد ورد في جملة من الأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السّلام الملك الغفار ان إرادته عبارة عن إيجاده و احداثه، و أنها من صفات الفعل الحادثة كالخالقية و الرازقية و نحوها، لا من صفات الذات بمعنى العلم بالأصلح، و يكفي المكلف أن يعتقد أن أفعال اللّه تعالى تصدر منه بالإرادة و الاختيار، بمقتضى الحكمة و المصالح، و أنه تعالى ليس بمقهور فيها، و قد عقد الكليني لذلك في الكافي بابا، فعن صفوان قال قلت لأبي الحسن عليه السّلام أخبرني عن الإرادة من اللّه و من الخلق, فقال: الإرادة من الخلق الضمير و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل. و أما من اللّه فإرادته احداثه لا غير. و عن عاصم بن حميد عن الصادق عليه السّلام قال: قلت لم يزل اللّه تعالى مريدا، قال إن المريد لا يكون إلا المراد معه، لم يزل اللّه عالما قادرا ثم أراد، قال المحقق المدقق المازندراني في شرح هذا الحديث فالإرادة من صفات الفعل التي يصح سلبها عنه في الأزل و لا يلزم منه نقص لا من صفات الذات كالعلم و القدرة، فإن نفيهما عنه يوجب النقص و هو الجهل و العجز، و ثبوتهما له لا يوجب وجود المعلوم و المقدور معه في الأزل. لا يقال قوله ثم أراد دل على اتصافه بإرادة حادثة كما هو مذهب طائفة من المعتزلة و هو باطل لاستحالة اتصافه بالحوادث، لأنا نقول المراد بالإرادة الحادثة نفس الإيجاد و الإحداث كما ينطق به الحديث الأول. ولا يقال تخصيص الإيجاد بوقت دون وقت لا بد من مخصص و المخصص هو الإرادة فلو كانت الإرادة نفس الإيجاد دار، لأنا لا نسلم أن المخصص هو الإرادة بل هو الداعي أعني العلم بالمصلحة و النفع في الإيجاد في هذا الوقت دون غيره. و في هذا الحديث دلالة واضحة على أن الإرادة غير العلم و القدرة كما هو مذهب الأشاعرة خلافا للمحققين، منهم المحقق الطوسي، فإنهم ذهبوا إلى أن الإرادة هي الداعي أعني العلم بالنفع و المصالح، قال و يمكن أن يقال الإرادة تطلق على معنيين كما صرح به بعض الحكماء الإلهيّين، أحدهما الإرادة الحادثة و هي التي فسرت في الحديث بأنها نفس الإيجاد و إحداث الفعل، و ثانيهما الإرادة التي هي من الصفات الذاتية التي لا تتصف الذات بنقيضها أزلا وأبدا، وهي التي وقع النزاع فيها. فذهب جماعة منهم المحقق إلى أنها نفس علمه الحق بالمصالح و الخيرات و عين ذاته الأحدية. و ذهب الأشاعرة إلى أنها صفة غير العلم. وأيد ذلك بعض المحققين بما رواه الكليني عن الفتح بن يزيد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: إن للّه تعالى إرادتين إرادة حتم و إرادة عزم، بأن المراد بالحتم القديمة و بالعزم الحادثة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|