أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-9-2021
2129
التاريخ: 21-4-2016
2330
التاريخ: 13-12-2016
2209
التاريخ: 13-8-2022
1291
|
يكاد يكون عمر الإنسان عبارة عن توافقات متتابعة، مع تطور مراحل العمر، ويشار إلى أن أول عملية توافق يقوم بها الطفل الحديث الولادة تلقائياً هي توافقه مع نظام الغذاء، والخضوع لنظام الوجبات، ونذكر الأم هنا بعدم الرضوخ لصراخ الطفل المطالب بالغداء حفاظاً على نظام التكيف، الذي يتطور تدريجياً حتى ينجح كنظام الكبار (أي ثلاث وجبات في اليوم)، وبذلك تتلاءم الوجبات مع نظام المدرسة أيضاً، وما يقال عن تناول الوجبات، يقال عن موعد الذهاب إلى النوم في ساعة محددة.
ونشير هنا إلى مراحل عمر الإنسان. مع امتداداتها، وفق جدول خاص بذلك(*).
اسم المرحلة امتداداتها
1ـ مرحلة ما قبل الولادة من الحمل إلى الميلاد
2- الوليد من الميلاد إلى نهاية الأسبوع الثاني
3- الرضيع من الأسبوعين إلى السنتين
4- الصبا المبكّر من 2 - 6 سنوات
5- الصبا المتأخر من 6 ـ 12 سنوات
6- البلوغ من 12 ـ 14 سنة
7- المراهقة الأولى من 14 ـ 17 سنة
8- المراهقة الثانية من 17 ـ 21 سنة
9 - نضج الرشد من 21 ـ 60 سنة
10- الهرم من 60 حتى الوفاة.
وتأتي الخطوة الثانية من التوافق الطفولي، وهي ضبط التبول والإخراج والنظافة بشكلٍ عام، وأن يأخذ دوره تدريجياً في عملية تنظيف نفسه، وبالمناسبة يجب أن يلفت الطفل وبعناية وهدوء إلى مكان الاخراج والأمهات لا يتدخلن كثيراً في هذه العملية، ويتركن الطفل ليتكيف آلياً، ومع تطور نموه الجسدي - وهذا صحيح - لكن على أن تضبط هذه العمليات في المراحل الأولى من قبل الأم وتحت إشرافها وتوجيهها فإن ذلك من شأنه أن يحقق سمة الدقة والتنظيم في حياة الطفل، وفي كيفية قضاء حاجاته بالذات. ويجب أن يعرف الطفل، ومنذ نعومة أظفاره أن للأشياء حدوداً وقيوداً لا يمكن تجاوزها. فالأكل والنوم، والصياح... وغيرها، هي ليست مجالات مفتوحة أمامه بشكل دائم، وبالقدر الذي يريده الطفل، فلا بد أن يوجه إلى وجوب أخذ القسط الكافي من ذلك كله، ولا يتجاوزه حفاظاً على صحته، وصحة الآخرين، وعلى راحته وراحة الآخرين. ويجب أن يدرب على الاعتقاد بأنه لا يعيش لذاته فقط بل، ولغيره، وهذا الغير يعمل من أجله، وهذه أولى محاولات التفاعل الاجتماعي بصورتها المبدئية. وهذه بالتالي هي الخطوات الأولى نحو معرفة الخطأ والصواب، الخير والشر.
أما ذلك الإزعاج الذي يشعر به الوالدان بسبب مخالفة الأطفال لهذه الضوابط، فلا يدرك الطفل سببه تماماً. فهو لا يدرك مثلاً أن الأمر الذي أحدثه مزعج، وكل ما يدركه أن الأهل قد غيروا سلوكهم نحوه، من السلوك الايجابي إلى السلوك السلبي، ولذا كانت عمليات الضرب والقسوة في قصاص الطفل ليست ذات فائدة، إذا لم تكن مقترنة بالتوجيه وربط القصاص بالذنب، على أن تكون القصاصات طبعاً بمقدار الذنب، لا أن تكون تعبيراً عن درجة انفعال الأم وعدم ارتياحها من أمر ما، فتسقط انفعالاتها على رأس الطفل المسكين.
وكعملية تساهل من أحد الوالدين أو كليهما، يهملان القصاص أو يتجاهلانه مرة ويطبقانه مرة أخرى بحجة أنهما لا يريدان الإكثار من القصاص لسلامة صحة الولد النفسية، ولكن مثل هذا التسامح - الذي هو في غير محله - يضر بتربية الطفل، واختلال مفاهيم القصاص في ذهنه، لذلك يقتضي ألا تترك غلطة إلا ويلفت النظر إليها ويعطى التوجيه اللازم ثم يطلب التصحيح. أما استعمال القصاص الجسدي أو عدم استعماله فيعود تقديره للأهل ولكن لا بد من موقف يسجله الأهل تجاه عمل الطفل ليشعر أن أفعاله كلها مرتبطة إن لم نقل بالثواب والعقاب، فهي على الأقل مرتبطة بمفهوم (المقبولة وغير المقبولة)، التي يجب أن يدلي بها الأهل صراحة إزاء عمل الطفل.
وفي غمرة الحديث عن التوافق الطفولي نشير أيضاً إلى مسألة لا يمكن أن نغفلها، وهي ضرورة إحاطة الطفل في هذه المرحلة التوافقية التطبيقية بكثير من العطف والحنان وخاصة من الأم. فحبها لطفلها أكثر أهمية في نموه النفسي والجسدي من الفيتامينات على أنواعها. وعلى الأم أن تدرك أنها ليست مجرد أداة للتغذية والمحافظة على المأكل والمشرب والملبس الخاص به، بل هي ينبوع متدفق من حنان وعطف، فهو يأنس بقربها، ويفزع إليها إذا أحس بألم أو خوف أذى.
إن في معانقته لها بشوق ولهفة، وهو قادم من غياب ساعات في روضة الأطفال لدليل على ذلك الجوع العاطفي الذي لا تشبعه ألعاب الدنيا وزينتها، وحلواها ومباهجها. وأكثر الأمهات جهلاً هي تلك التي تميل بوجهها عن الطفل عندما يهرع إليها بحجة أنها منهمكة بالعمل البيتي أو بالمطالعة، أو بأي عمل آخر، إنها تحرم الطفل من حق مقدس من حقوق الطفولة، فهي والحال هذه تفقد رمز الأمومة ولم تعد سوى مولدة بيولوجية لإنجاب الأطفال فقط. وأما الطفل المسكين الذي يلقى مثل هذه المعاملة من مثل هذه الأم فسيقابل ذلك بالاحتجاج وعلى طريقته الطفولية بالصراخ أو الرفض، أو بالعبث بأواني المنزل، أو بالاكتئاب ومشاعر الخيبة والمرارة. وقد يتحول عن أمه إلى أشياء أخرى، إلى اللعب، والحلوى، ولكن أنى لهذه الأشياء أن تحل محل الأم وتشبع الرغبات التي تشبعها الأم.
وعلى الأم ألا تنسى المعاناة التي عانتها في حمله والتي يشير إليها القرآن الكريم: {... حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ...}[الأحقاف: 15]، وهي أول لفظة درجت على لسانه منذ قدومه إلى هذا العالم (ماما)، وإليها قدم أول ابتسامة رضا إبتسمها لهذا العالم المليء بالقهر والعذاب. وماذا بعد ذلك؟!.
وتترافق مسألة حاجة الطفل إلى حب وحنان الأم مع موضوع حب الاستئثار بالأم أو بالأب، فالطفل يرغب في أن تكون الأم أمه وحده، وكثيراً ما يزعجه أن تكون أماً للآخرين، إنها ملكيته الخاصة، وهو غير مستعد للتنازل عنها لأحد. ويرى علماء علم النفس التربوي في هذا الموضوع أنه من المفضل أن يترك الطفل ليكتشف تدريجياً أن أمه هي أم لغيره أيضاً، ووالده هو والد لغيره، ومع هذا الاكتشاف تكون النقلة من الأنانية إلى الغيرية، وهي مراحل حتمية لا بد من أن يمر بها الطفل.
وينتقل هذا الشعور عند الطفل من الأبوين إلى المعلم في السنوات الأولى من مراحل التعليم حيث يتمنى الطفل ويرغب في أن يكون المعلم - وهو هنا البديل المؤقت للأب - أن يكون له وحده لكنه سيدرك أيضاً وبعد وقت قصير أن المعلم هو كوالد الجميع، وليس وقفاً عليه وحده، وعلى الآباء والمدرسين اعتماد الحكمة والروية إزاء هذه المرحلة الانتقالية في حياة الطفل فلا يكثروا من الزواجر والنواهي الجافة المتشددة، وأن يساعدوا الطفل على اجتياز هذه المرحلة بروح العطف والمودة حتى يبلغ أشده.
استمرار عملية التوافق بين سن 3 سنوات وحتى البلوغ:
تبدأ حلقة الذاتية أو الأنانية، وحالة الاستئثار عند الطفل بالاتساع نحو الغيرية، وكذلك فالحلقة الاجتماعية هي الأخرى تزداد اتساعاً، فيدخل في قائمة العلاقات الاجتماعية غير الأم والأب والأخوة والأخوات، والأقارب والجيران، إذ ما إن تأتي سن الدراسة، وإذا بعالم جديد يفتح مصراعيه فجأة أمام الأولاد، إنه المدرسة، حيث هناك بدائل للأم والأب. أناس غرباء لم يرهم الطفل من قبل، وزملاء جدد في مثل عمره (من الجنسين).
وبالانتقال من سنة دراسية إلى أخرى تزداد الرقعة الاجتماعية اتساعاً لتشمل زملاء جدد في صف جديد، وتتطور مع ذلك الأساليب الكلامية، واللغة، التي تنمو، وتزداد الثروة اللغوية فيها. والابتسامة تتحدد ملامحها، ومواقعها، فهي لم تعد كما كانت في مرحلة ما قبل المدرسة يمنحها الطفل لمن يشاء وأنى يشاء. فهي هنا مقصورة لرفاق معينين، وتصبح ذات دلالة نفسية واجتماعية، لها سمة تعبيرية عن الشعور الصافي البريء، والتي تختلف عن الابتسامات الماكرة الكاذبة عند بعض الراشدين المتحرفين لهذا النوع من الابتسامات، ومع ذلك تتطور وتتسع المدارك العقلية فنطلق الأسماء على مسمياتها الحقيقية بعد أن تكون قد اكتملت صورتها في الذهن.
يرافق النمو العقلي هذا، النمو الخلقي، حيث يبدأ الضمير الخلقي بالتكون، إلى جانب بعض المبادئ والقيم، ويتدرج المثل الأعلى في الاتساع بعد أن كان محصوراً بالأب ويتوسع ليشمل المعلم، وبعد ذلك عظماء التاريخ والأبطال ونجوم الرياضة والفن وما لم يستطع تحقيقه في الواقع يلجأ إلى تحقيقه في الخيال.
وتأتي اللعب على اختلاف أنواعها ليشكل معها الأولاد توافقاً جديداً، فهي تعتبر بمثابة تعويض عن محبة الأم التي أضعفها اشتراك آخرين، وهم الأب والمولود الجديد والأخوة والأخوات، فضلاً عما تحققه هذه اللعب من مهارة ورياضة الحواس، والمعرفة والاستطلاع. ويترك الصبيان اللعب إلى ما هو أكثر تعويضاً في المراحل التالية كالقراءة والهوايات مما يوجد في الجو المدرسي.
وما يعرف (بسن اللعب)، يبدأ في الخامسة، عندما يبدأ الطفل بالخروج من البيت وحده ليشارك في ألعاب جماعية مع رفاقه، من أطفال الحي، وفي هذا الانتقال من اللعب الجامدة إلى الأشخاص الأحياء، نقلة من اللعب الخيالي، إلى اللعب الواقعي.
والطفل في التاسعة أو العاشرة من العمر هو كلما كبر يقل ارتباطه بالأسرة ليتوجه إلى أسرة المدرسة، وبالتحديد إلى رفاق السن الذين يفهمهم ويفهمونه ويكتمون سره، ويكتم أسرارهم، ويتحول شيء من الولاء للأسرة إلى ولاء للعصبة وقائدها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) جلدارد، وايلي، أسس علم النفس 1963.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|