أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1821
التاريخ: 26-8-2016
1258
التاريخ: 3-7-2020
1575
التاريخ: 9-8-2016
1431
|
الأمر:
الامر تارة يستعمل بمادته فيقال: (آمرك بالصلاة) وأخرى بصيغته فيقال: (صل).
أما مادة الامر فلا شك في دلالتها بالوضع على الطلب، ولكن لا بنحو تكون مرادفة للفظ الطلب، لان لفظ الطلب ينطبق بمفهومه على الطلب التكويني كطلب العطشان للماء والطلب التشريعي سواء صدر من العالي أو من غيره، بينما الامر لا يصدق إلا على الطلب التشريعي من العالي، سواء كان مستعليا أي متظاهرا بعلوه أو لا. كما أن مادة الامر لا ينحصر معناها لغة بالطلب، بل ذكرت لها معان أخرى كالشيء والحادثة والغرض، وعلى هذا الاساس تكون مشتركا لفظيا وتعيين الطلب بحاجة إلى قرينة، ومتى دلت القرينة على ذلك يقع الكلام في أن المادة تدل على الطلب بنحو الوجوب او تلائم مع الاستحباب؟ فقد يستدل على إنها تدل على الوجوب بوجوه: منها: قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } [النور: 63] وتقريبه أن الامر لو كان يشمل الطلب الاستحبابي لما وقع على إطلاقه موضوعا للحذر من العقاب.
ومنها قوله: (صلى الله عليه وآله ) (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك).
وتقريبه أن الامر لو كان يشمل الاستحباب لما كان الامر مستلزما للمشقة كما هو ظاهر الحديث.
ومنها: التبادر فإن المفهوم عرفا من كلام المولى حين يستعمل كلمة الامر أنه في مقام الايجاب والالزام والتبادر علامة الحقيقة.
وأما صيغة الامر فقد ذكرت لها عدة معان كالطلب والتمني والترجي والتهديد والتعجيز وغير ذلك، وهذا في الواقع خلط بين المدلول التصوري للصيغة، والمدلول التصديقي الجدي لها بإعتبارها جملة تامة وتوضيحه أن الصيغة - أي هيئة فعل الامر - لها مدلول تصوري ولا بد أن تكون من سنخ المعنى الحرفي كما هو الشأن في سائر الهيئات والحروف، فلا يصح أن يكون مدلولها نفس الطلب بما هو مفهوم إسمي، ولا مفهوم الارسال نحو المادة، بل نسبة طلبية أو ارسالية توازي مفهوم الطلب أو مفهوم الارسال، كما توازي النسبة التي تدل عليها (إلى) مفهوم (الانتهاء)، والعلاقة بين مدلول الصيغة بوصفه معنى حرفيا ومفهوم الارسال أو الطلب تشابه العلاقة بين مدلول (من) و (إلى) و (في) ومدلول (الابتداء) و (الانتهاء) و (الظرفية). فهي علاقة موازاة لا ترادف.
ونقصد بالنسبة الطلبية أو الارسالية الربط المخصوص الذي يحصل بالطلب أو بالإرسال بين المطلب والمطلوب منه، أو بين المرسل والمرسل إليه، وهذا هو المدلول التصوري للصيغة الثابت بالوضع.
وللصيغة باعتبارها جملة تامة مكونة من فعل وفاعل، مدلول تصديقي جدي بحكم السياق لا الوضع، إذ تكشف سياقا عن أمر ثابت في نفس المتكلم هو الذي دعاه إلى استعمال الصيغة، وفي هذه المرحلة تتعد الدواعي التي يمكن أن تدل عليها الصيغة بهذه الدلالة، فتارة يكون الداعي هو الطلب، وأخرى الترجي وثالثة التعجيز، وهكذا مع انحفاظ المدلول التصوري للصيغة في الجميع.
هذا كله على المسلك المختار المشهور القائل بأن الدلالة الوضيعة هي الدلالة التصورية. وأما بناء على مسلك التعهد القائل بأن الدلالة الوضعية هي الدلالة التصديقية، وأن المدلول الجدي للجملة التامة هو المعنى الموضوع له إبتداء فلابد من الالتزام بتعدد المعنى في تلك الموارد لاختلاف المدلول الجدي. ثم إن الظاهر من الصيغة أن المدلول التصديقي الجدي هو الطلب دون سائر الدواعي الاخرى، وذلك لانه ان قيل بأن المدلول التصوري هو النسبة الطلبية، فواضح أن الطلب مصداق حقيقي للمدلول التصوري دون سائر الدواعي، فيكون أقرب إلى المدلول التصوري وظاهر كل كلام أن مدلوله التصديقي أقرب ما يكون للتطابق والمصداقية للمدلول التصوري، وأما إذا قيل بأن المدلول التصوري هو النسبة الارسالية، فلان المصداق الحقيقي لهذه النسبة إنما ينشأ من الطلب لا من سائر الدواعي فيتعين داعي الطلب بظهور الكلام.
ولكن قد ينفق أحيانا أن يكون المدلول الجدي هو قصد الاخبار عن حكم شرعي آخر غير طلب المادة أو إنشاء ذلك الحكم وجعله، كما في قوله: (اغسل ثوبك من البول) فإن المراد الجدي من إغسل ليس طلب الغسل، إذ قد يتنجس ثوب الشخص فيهمله ولا يغسله ولا إثم عليه، وإنما المراد بيان أن الثوب يتنجس بالبول.
وهذا حكم وضعي وإنه يطهر بالغسل، وهذا حكم وضعي آخر، وفي هذه الحالة تسمى الصيغة بالأمر الارشادي لأنها إرشاد وإخبار عن ذلك الحكم. وكما أن المعروف في دلالة مادة الامر على الطلب أنها تدل على الطلب الوجوبي، كذلك الحال في صيغة الامر بمعنى أنها تدل على النسبة الارسالية الحاصلة من إرادة لزومية، وهذا هو النسبة للتبادر بحسب الفهم العرفي العام.
وكثيرا ما يستعمل غير فعل الامر من الافعال في إفادة الطلب، أما بإدخال لام الامر عليه فيكون الاستعمال بلا عناية، وأما بدون إدخاله، كما إذا قيل يعيد ويغتسل، ويشتمل الاستعمال حينئذ على عناية، لان الجملة حينئذ خبرية بطبيعتها، وقد إستعملت في مقام الطلب. وفي الاول يدل على الوجوب بنحو دلالة الصيغة عليه، وفي الثاني يوجد خلاف في الدلالة على الوجوب، ويأتي الكلام عن ذلك في حلقة مقبلة إن شاء الله تعالى.
دلالات أخرى للأمر:
عرفنا أن الامر يدل على الطلب ويدل على أن الطلب على نحو الوجوب. وهناك دلالات أخرى محتملة وقع البحث عن ثبوتها له وعدمه.
منها: دلالته على نفي الحرمة بدلا عن دلالته على الطلب والوجوب في حالة معينة، وهي ما إذا ورد عقيب التحريم أو في حالة يحتمل فيها ذلك.
والصحيح أن صيغة الامر على مستوى المدلول التصوري لا تتغير دلالتها في هذه الحالة، بل تظل دالة على النسبة الطلبية، غير أن مدلولها التصديقي هنا يصبح مجملا ومرددا بين الطلب الجدي وبين نفي التحريم، لان ورود الامر في إحدى الحالتين المذكورتين يوجب الاجمال من هذه الناحية.
ومنها: الادلة الامر بالفعل الموقت بوقت محدد على وجوب القضاء خارج الوقت، على من لم يأت بالواجب في وقته. وتوضيح الحال في ذلك أن الامر بالفعل الموقت تارة يكون أمرا واحدا بهذا الفعل المقيد فلا يقتضي إلا الاتيان به، فإن لم يأت به حتى إنتهى الوقت فلا موجب من قبله للقضاء، بل يحتاج إيجاب القضاء إلى أمر جديد، وتارة أخرى يكون الامر بالفعل الموقت أمرين مجتمعين في بيان واحد، أحدهما: أمر بذات الفعل على الاطلاق، والآخر أمر بإيقاعه في الوقت الخاص، فإن فات المكلف إمتثال الامر الثاني بقي عليه الامر الاول، ويجب عليه أن يأتي بالفعل حينئذ ولو خرج الوقت فلا يحتاج إيجاب القضاء إلى أمر جديد.
وظاهر الدليل الامر بالموقت هو وحدة الامر، فيحتاج إثبات تعدده على الوجه الثاني إلى قرينة خاصة.
ومنها: دلالة الامر بالأمر بشيء، على الامر بذلك الشيء مباشرة بمعنى أن الآمر إذا أمر زيدا بأن يأمر خالدا بشيء فهل يستفاد الامر المباشر لخالد من ذلك أو لا؟ فعلى الاول لو أن خالدا أطلع على ذلك قبل أن يأمره زيد لوجب عليه الاتيان بذلك الشيء، وعلى الثاني لا يكون ملزما بشيء.
ومثاله في الفقه أمر الشارع لولي الصبي بأن يأمر الصبي بالصلاة، فإن قيل بأن الامر بالأمر بشيء أمر به كان أمر الشارع هذا أمرا للصبي - ولو على نحو الاستحباب - بالصلاة.
النهي:
كما أن للأمر مادة وصيغة، كذلك الحال في النهي، فمادته نفس كلمة النهي وصيغته من قبيل لا تكذب، والمادة تدل على الزجر بمفهومه الاسمي، والصيغة تدل على الزجر والامساك بنحو المعنى الحرفي، وإن شئت عبر بالنسبة الزجرية والامساكية. وقد وقع الخلاف بين جملة من الاصوليين في أن مفاد النهي هل هو طلب الترك الذي هو مجرد أمر عدمي، أو طلب الكف عن الفعل الذي هو أمر وجودي وقد يستدل للوجه الثاني، بأن الترك استمرار للعدم الازلي الخارج عن القدرة فلا يمكن تعلق الطلب به. ويندفع هذا الدليل بأن بقاء ه مقدور فيعقل التكليف به، ويندفع الوجه الثاني، بأن من حصل منه الترك بدون كف لا يعتبر عاصيا للنهي عرفا.
والصحيح أن كلا الوجهين باطل، لان النهي ليس طلبا لا للترك ولا للكف، وإنما هو زجر بنحو المعنى الاسمي - كما في مادة النهي - أو بنحو المعنى الحرفي - كما في صيغة النهي - وهذا يعني أن متعلقه الفعل لا الترك. ولا اشكال في دلالة النهي مادة وصيغة على كون الحكم بدرجة التحريم، ويثبت ذلك بالتبادر والفهم العرفي العام.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|