المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



تصوير الشرط المتأخر في الاحكام الوضعية  
  
467   12:46 مساءاً   التاريخ: 3-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ص.286
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016 952
التاريخ: 16-10-2016 796
التاريخ: 3-8-2016 489
التاريخ: 3-8-2016 3198

واما الاحكام الوضعية فهي باعتبار كونها من الاعتبارات الجعلية يكون امر تصوير الشرط المتأخر فيها اوضح مما في باب التكاليف. ولتوضيح المرام في المقام لابد من الاشارة الاجمالية إلى حقيقة الاحكام الوضعية كالملكية والزوجية ونحوهما، فنقول: اعلم ان الاحكام الوضعية كالملكية والزوجية وان كانت من سنخ الاضافات والاعتبارات ولكنها لا تكون من سنخ الاضافات الخارجية المقولية المحدثة لهيئة في الخارج التي قيل بان لها حظا من الوجود وان الخارج ظرف لوجودها، كالفوقية والتحتية والتقابل ونحوها من الاضافات والهيئات القائمة بالأمور الخارجية كالإضافة الخاصة بين ذوات اخشاب السرير المحدثة للهيئة السريرية في الخارج وذلك لما نرى بالعيان والوجدان من عدم كون الملكية كذلك وانه لا يوجب ملكية شيء لشخص احداث هيئة خارجية بينه وبين الشخص كما يوجبه الاضافات الخارجية، إذ يرى ان المال المشتري بعد صيرورته ملكا للمشترى بواسطة البيع كان على ما له من الاضافة الخارجية بينه وبين البائع قبل ورود الشراء عليه من دون ان يكون صيرورته ملك للمشترى منشأ لتغير وضع أو هيئة بينهما في الخارج اصلا.

 نعم لا تكون ايضا من سنخ الاعتباريات المحضة التي لا صقع لها الا الذهن ولا كان لها واقعية في الخارج، كالنسب بين الاجزاء التحليلية في المركبات العقلية كالإنسان والحيوان الناطق وكالكلية والجزئية وكالوجودات الا دعائية التنزيلية التي لا واقعية لها في الخارج وكان واقعيتها بلحاظها واعتبارها. بل وانما تلك الاحكام سنخها متوسطة بين هاتين فكانت من الاضافات التي لها واقعية في نفسها مع قطع النظر عن لحاظ لا حظ واعتبار معتبر في العالم وكان الخارج تبعا لطرفها ظرفا لنفسها ولو لا لوجودها، نظير كلية الملازمات، فكما ان الملازمة بين النار والحرارة مما لها واقعية في نفسها بحيث كان اللحاظ طريقا إليها لا مقوما لها كما في الاعتباريات المحضة ولذا لو لم يكن في العالم لا حظ كانت الملازمة المزبورة متحققة كذلك الملكية والزوجية ونحوهما ايضا فأنها ايضا بعد تحقق منشأ اعتبارها الذي هو الجعل مما لها واقعية في نفسها حيث كانت مما يعتبرها العقل عند تحقق منشأ اعتبارها بنحو كان اللحاظ طريقا محضا إليها لا مقوما لها، كما هو الشأن في العلقة الوضعية الحاصلة بين اللفظ والمعنى من جهة تخصيص الواضع أو كثرة الاستعمال فانها ايضا مما لها واقعية في نفسها غير منوطة بلحاظ لا حظ واعتبار معتبر بل كان اللحاظ والاعتبار بعد تحقق منشأ اعتبارها الذي هو الوضع طريقا إليها، ومع ابائك عن تسميتك هذه بالإضافة وتقول بان المصطلح منها هي الاضافات الخارجية، فسمها بالإضافة النحوية أو بغيرها مما شئت، حيث لا مشاحة في الاسم بعد وضوح المعنى. وبعد ذلك نقول: بان مثل هذه الاضافات النحوية لكونها خفيف المؤنة جدا يكفى في اعتبارها وتحققها تحقق منشأ اعتبارها فيتحقق بمجرد جعل الجاعل واعتباره من دون احتياج إلى مؤنة زائدة بوجه اصلا، كما في قولك: المال لزيد، فانه بهذا التخصيص يتحقق الملكية له، كما كان هو الشأن ايضا في العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى حيث كان تحققها بتحقق منشأ اعتبارها الذي هو وضع الواضع أو كثرة الاستعمال.

وحينئذ فإذا كانت هذه الاضافات من الاعتباريات الجعلية التي قوام تحققها بالجعل، نقول: بانها لا محالة تكون تابعة لكيفية جعل الجاعل واعتباره، وحينئذ فمتى اعتبرا لجاعل بجعلة الملكية السابقة أو المتأخرة أو المقارنة يلزمه تحقق الملكية واعتبارها على نحو كيفية جعله ولا يمكن اعتبارها بوجه آخر غير ما يقتضيه الجعل.

 فعلى ذلك نقول: بانه لو انيط اصل جعل الملكية برضا المالك واجازته بمقتضي قضية (تجارة عن تراض) لا يلزمه ان يكون المجعول والمحكوم به وهو الملكية ايضا من حين تحقق الرضا، نظرا إلى وضوح كون المحكوم به حينئذ عاريا عن القيد المزبور كما هو الشأن في كلية شرائط الوجوب في الواجبات المشروطة - كما سنحققه من امتناع رجوعها إلى الموضوع بل لابد حينئذ من لحاظ ان المجعول والمحكوم به في هذا الجعل هو الملكية المقارنة أو الملكية المتأخرة أو المتقدمة، فإذا كان المحكوم به هو الملكية من حين العقد ولو من جهة اقتضاء الاطلاق لا جرم يلزمه اعتبار الملكية من الحين بمعنى الحكم في ظرف الاجازة بتحقق الملكية حقيقة من حين العقد، ولا يكون فيه محذور، من جهة ان غاية ما في الباب حينئذ انما هو اختلاف ظرف منشأ الاعتبار وهو الجعل مع ظرف المعتبر وهو الملكية زمانا، ومثل ذلك مما لا ضير فيه بعد عدم جريان المؤثرية والمتأثرية في الامور الاعتبارية بالنسبة إلى مناشئه.

وعلى ذلك فيمكن لنا الالتزام بالكشف الحقيقي المشهوري من دون لزوم انخرام قاعدة عقلية اصلا، فان مبنى الإنخرام انما هو جعل دخل الشرائط دخلا تأثيرها، والا فعلى ما ذكرنا من رجوعها إلى مقام الدخل في القابلية ولو من جهة محدديتها لدائرة الماهيات المنوط بها القابلية المزبورة، فلا مجال لدعوى انخرام القاعدة اصلا، خصوصا في الاعتباريات الجعلية التي عرفت خروج شرائطها واسبابها عن حيز المؤثرية وامكان اختلاف ظرف الجعل زمانا مع ظرف المجعول، كما في المقام، حيث كان الكاشف فيه كما عرفت من باب تقدم المجعول زمانا على الجعل الذي هو منشأ اعتباره. ثم لا يخفى عليك ان هذا المعنى من الكشف غير مرتبط بالكشف على مذاق الفصول الذاهب إلى شرطية التعقب بالإجازة المتأخرة، إذ على ما ذكرنا يكون اصل الجعل حسب اقتضاء اناطة التجارة بالرضا في ظرف الاجازة، ولكن المجعول والمحكوم به انما هو الملكية من حين العقد، على معنى انه في ظرف الاجازة يتعلق الجعل بالملكية من حين العقد فيتحقق من حين الرضا حقيقة الملكية من حين العقد، والا فقبل الاجازة حيثما لا تحقق للجعل كان المال باقيا على ملك البائع حقيقة، فكان الاجازة من حين وجودها موجبة لقلب الملكية السابقة التي كان للبائع إلى ملكية اخرى للمشترى، لكن ذلك بخلافه على مشرب الفصول، إذ على مسلكه (قدس سره) كان اصل الجعل واعتبار التجارة والمجعول الذي هو الملكية متحققة للمشتري من حين العقد على تقدير تحقق الاجازة فيما بعد، ومن ذلك على مسلكه لو علم بتحقق الاجازة من المالك فيما بعد يجوز للمشتري التصرف والمبيع باعتبار كونه ملكا له حقيقة دون البائع، بخلافه على ما ذكرنا، فانه لا يجوز له ذلك ولو مع القطع بتحقق الاجازة من المالك في الموطن المتأخر نظرا إلى كونه بعد ملكا للبائع.

 ومن ذلك البيان ظهر الفرق بين ما ذكرنا وبين الكشف الحكمي الذي هو مسلك الشيخ (قدس سره) فانه على الكشف الحكمي يكون كل من الجعل والمجعول وهو الملكية من حين الاجازة كما على النقل الا انه تعبدا يترتب عليه احكام الملكية من حين العقد، بخلافه على ما ذكرنا، فانه عليه يكون ترتيب آثار الملكية من حين العقد، من جهة تحقق الملكية حقيقة بهذا الجعل المتأخر من حينه لا من جهة التعبد الشرعي وتنزيل ما لا يكون ملكا بمنزلة الملك. نعم على ما ذكرنا ربما يتوجه اشكال، وحاصله: هو لزوم ملكية العين المبيعة في الازمنة المتخللة بين العقد والاجازة على هذا المعنى من الكشف الحقيقي لمالكين وهما البائع والمشتري، بخلافه على الكشف الحكمي أو الكشف الحقيقي بمذاق الفصول حيث لا يلزم منه هذا المحذور. ولكنه يندفع هذا المحذور ايضا باختلاف الرتبة بين الملكيتين، حيث كان ملكية البائع للمبيع في رتبة قبل الاجازة وملكية المشتري لها في الرتبة المتأخرة عنها، ومع هذا الاختلاف بحسب الرتبة لا مانع من ذلك كما لا يخفى. ثم ان ذلك كله انما هو بحسب مقام الثبوت ونفس الامر، ولقد عرفت ان كون الشيء شرطا متأخرا للشيء سواء في الاحكام التكليفية أو الوضعية بمكان من الامكان بعد اخراج الشرائط عن حيز المؤثرية. واما بحسب مقام الاثبات والدلالة : ففيما لم يكن في البين قرينة واضحة على مدخلية الشيء منوط به بوجوده المتأخر امكن استفادة الشرط المقارن بمقتضي ظهور الهيئة الكلامية في اتحاد ظرف وجود المنوط به مع ظرف الاناطة، كما هو كذلك في كلية العناوين الاشتقاقية وغيرها، ولذلك قلنا في مبحث المشتق، بانه لابد في استنتاج النتيجة المعروفة في مثل كراهة البول تحت الشجرة المثمرة ووجوب اكرام العالم من اثبات ظهور الهيئة الكلامية في اتحاد ظرف النسبة وهى اضافة البول إلى الشجرة والاكرام إلى العالم مع ظرف جرى العنوان وتطبيقه على الذات الملازم لاتصاف الشجرة فعلا بالمثمرية في حال اضافة البول إليه، والا فمع قطع النظر عن ظهور الهيئة الكلامية في ذلك لا مجال لإنتاج النتيجة المعروفة بين القولين في النزاع المعروف في مدلول كلمة المشتق، من جهة احتمال كون الجري في الحكم بالكراهة فعلا على المصداق المتلبس بالمبدء سابقا أو المصداق المتلبس به فيما يأتي من الزمان أو المصداق الحالي. وحينئذ ففي المقام ايضا نقول بان طبع الاناطة بشيء وان كان يلائم ثبوتا مع التقدم والتقارن والتأخر من جهة ما ذكرنا من عدم اقتضائها الا تقدم المنوط به على المنوط رتبة لا زمانا، الا انه في مرحلة الاثبات ظهور الهيئة الكلامية في اتحاد ظرف المنوط به مع ظرف الاناطة التي هي عبارة عن نسبة المنوط به إلى الشيء يقتضى كون المنوط به شرطا مقارنا، فبمقتضى هذا الظهور لابد في جميع الموارد من المصير إلى استفادة كون المنوط به شرطا مقارنا الا إذا كان هناك قرينة على خلاف الظهور المزبور تقتضي كونه شرطا متقدما أو متأخرا. نعم في مثل الرضا والاجازة في بيع الفضولي يمكن ان يقال بعدم اقتضاء البيان المزبور في اناطة التجارة بالرضا في قوله تجارة عن تراض الا كون الاجازة شرطا مقارنا في اصل الجعل واعتبار المبادلة بثبوت التجارة التي هي مضمون عقده، واما اقتضائه لكون المحكوم به وهو الملكية ايضا من حين الاجازة والرضا، فلا، وحينئذ فإذا اقتضى العقد ثبوتها من حينه ولو من جهة اعتبار العقد علة لوجودها المستتبع لتوجه القصد إلى الملكية من الحين فلازمه ليس الا الحكم في ظرف الرضا بثبوت الملكية وتحققها من حين العقد لا من حين الاجازة كما ذكرنا، ولازمه هو المصير في مثله إلى الكشف الحقيقي دون النقل ودون الكشف الحكمي أو الكشف الحقيقي بمذاق الفصول. نعم لو كان القيد وهو الرضا في قوله: تجارة عن تراض راجعا إلى المحكوم به وهو الملكية لا إلى اصل اعتبار المبادلة والحكم بثبوت التجارة، يتعين بمقتضي الظهور المزبور في الجملة الكلامية القول بالنقل إذا لم يكن في البين دليل على التنزيل في لزوم ترتب آثار الملكية من حين العقد، والا فالقول بالكشف حكما بمقتضي دليل التعبد. ولكنك عرفت عدم رجوعه ال إلى اصل الجعل وان المجعول وهو الملكية كان عاريا عن القيد المزبور كما هو شأن جميع الواجبات المشروطة، ومعه لا بد من القول بالكشف الحقيقي عند المشهور لا غير، فتدبر.

( تذييل ) قد يظهر مما قدمناه سابقا من اختلاف المقدمات في كيفية دخلها في المطلوب من حيث كونها مؤثرات ومعطيات الوجود تارة كما في المقتضي، ومعطيات القابلية اخرى باعتبار محدديتها للماهية المنوط به القابلية المزبورة كما في الشرائط والموانع طرا اختلافها لا محالة في مناط ترشح الوجوب الغيري إليها ايضا، فإذا كان للمطلوب حينئذ مقدمات عديدة راجعة بعضها إلى مقام الدخل في التأثير وبعضها إلى مقام الدخل في حدود الماهية والمطلوب على اختلاف انحاء الحدود والاضافات التي بها يكون المطلوب قابل للتحقق فلا جرم يلزمها حينئذ اختلافها بحسب مناط الوجوب الغيري الملازم لاختلافه بحسب الوجوب الغيري المترشح إليها ايضا، فيكون من تعلق الوجوب النفسي بالمطلوب يترشح وجوبات غيرية متعددة بالنسبة إلى كل مقدمة وجوب مستقل بلحاظ ما فيها من المناط الخاص في قبال المقدمة الاخرى.

 نعم لو فرض تركب مقدمة من تلك المقدمات من اجزاء متعددة كالوضوء والغسل فحينئذ تكون اجزاء هذه المقدمة واجبة بوجوب ضمني غيرى لا بوجوبات غيرية مستقلة، نظرا إلى ان دخل الجميع حينئذ نحو دخل واحد في المطلوب، فمن ذلك لا يترشح إليها وجوب واحد غيرى، ولازمه صيرورة كل واحد من الاجزاء واجب بوجوب ضمني غيرى لا بوجوب غيري استقلالي، كما هو واضح. ولا يخفى انه على ذلك البيان يندفع الاشكال المعروف على وجوب المقدمات من تقريب: ان مناط ترشح الوجب الغيري على المقدمة ان كان هو ترتب الوجود عليه مستقلا يلزمه في فرض تعدد المقدمة عدم وجوب شيء منها باعتبار عدم كون هذه المقدمات شيء منها مما يترتب عليه الوجود، وان كان مناط الوجوب الغيري هو ترتب الوجود ولو على مجموع المقدمات في صورة تعددها فحينئذ يلزمه تعلق وجوب واحد بمجموع المقدمات ولازمه هو اتصاف كل واحد منها بوجوب ضمني غيرى لا بوجوب غيري مستقل، وهو ايضا مما لا يمكن الالتزام به - لان كل من قال بوجوب المقدمة قال بوجوب كل مقدمة في صورة تعددها مستقلا لا ضمنا وان كان المناط الوجوب الغيري من جهة لزوم الانتفاء عند الانتفاء فعليه وان يصحح هذا اللازم ولكنه يترتب عليه محذور آخر وهو لزوم وجوب كل واحد من اجزاء المقدمة بوجوب غيري مستقل، لان الاجزاء كل واحد منها مما فيه المناط المزبور وهو الانتفاء عند الانتفاء مع ان ذلك ايضا كما ترى، فانه مضافا إلى عدم التزامهم به لعله يكون من المستحيل باعتبار استلزامه حينئذ لاجتماع المثلين فيها: احدهما الوجوب الضمني الغيري باعتبار تعلق الوجوب الغيري بالمجموع، والآخر الوجوب الغيري المستقل باعتبار ما في كل واحد منها من الملاك المزبور. وتوضيح الدفع يظهر مما ذكرنا، فانه على ما ذكرنا من اختلاف المقدمات في مناط الدخل في المطلوب لا يكاد مجال لتوجه الاشكال المزبور، إذ نقول حينئذ : بان وجوب كل واحد من هذه المقدمات بوجوب غيري مستقل انما هو باعتبار ما يخصه من الملاك الخاص المغاير مع الملاك الخاص في المقدمة الاخرى، لأنه باختلاف تلك المناطات يختلف تلك الوجوبات الترشحية ايضا فيتعلق بكل مقدمة وجوب مغاير مع الوجوب المتعلق بالمقدمة الاخرى، واما عدم وجوب اجزاء المقدمة الا بوجوب ضمني غيرى فإنما هو باعتبار قيام مناط خاص وحداني بالمجموع وعدم تصور نحو دخل على حدة للأجزاء يوجب ترشح الوجوب الغيري المستقل إليها، فتمام المنشأ حينئذ لتوهم الاشكال المزبور انما هو من جهة عدم التفرقة بين المقدمات في مناط دخلها في المطلوب وتخيل اتحاد الجميع في كيفية الدخل في المطلوب الذي هو مناط ترشح الوجوب الغيرى إليها، والا فبناء على ما ذكرنا من اختلافها في مناط الدخل لا يكاد مجال لأصل الاشكال كما لا يخفى، كيف وانه لو اغمض عما ذكرنا لا يكاد يجدي ايضا ما افيد في التفصي عنه كما في التقريرات من دعوى المغايرة باعتبار لحاظ الاجزاء منضما تارة ومستقلا اخرى، ووجهه يظهر مما قدمناه سابقا في بيان امتناع اتصاف الاجزاء في الواجبات النفسية بالوجوب الغيري ولو مع تسليم ملاك المقدمية فيها، فراجع هناك تعرف.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.