المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8091 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

Cannizzaro Reaction
11-10-2019
أخصائي العلاقات العامة- خصائصه ومؤهلاته
27-7-2022
العقل شرط في الامام.
17-1-2016
هل هناك فرق بين كتاب علي والجامعة والصحيفة؟
2024-10-02
Compositionality
10-2-2022
السيد ميرزا شمس الدين محمد التقوي الرضوي.
28-1-2018


تقسيمات مقدّمة الواجب  
  
497   01:07 مساءاً   التاريخ: 3-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني بقلم الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج1. ص.289
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016 620
التاريخ: 25-8-2016 540
التاريخ: 25-8-2016 827
التاريخ: 3-8-2016 560

منها : تقسيمها إلى الداخلية والخارجية

يظهر من المحقّق صاحب «الحاشية» خروج الاُولى من حريم النزاع ; بتقريب أنّ الأجزاء بالأسر عين المركّب في الخارج ، فلا معنى للتوقّف حتّى يترشّح الوجوب . مع أ نّه يستلزم اجتماع المثلين ، وهو محال(1) .

وربّما يقال : إنّ المقدّمة هي الأجزاء بالأسر لا بشرط ، والواجب هي الأجزاء بشرط الاجتماع; فتحصل المغايرة الاعتبارية(2) .

ولا يخفى ما فيه من التكلّف ، والذي يقتضيه الذوق العرفي ويساعده البرهان : أنّ المقدّمة إنّما هو كلّ واحد واحد مستقلاّ ، لا الأجزاء بالأسر حتّى يصير المقدّمة عين ذيها . وبعبارة اُخرى : ليس هنا مقدّمة واحدة ; وهو الأمر الوحداني من الأجزاء بل هنا مقدّمات ، وكلّ جزء مقدّمة برأسها ، وفي كلّ واحد ملاك الغيرية ، والجزء يغاير الكلّ الاعتباري في وعاء الاعتبار .

وتوضيح المقام يتوقّف على بيان كيفية الإرادة الفاعلية ; كي يعلم منه حال الإرادة الآمرية ، فنقول : تعلّق الإرادة بشيء إمّا لأجل إدراك مصلحة فيه نفسه ، فيطلبه بذاته ، وإمّا لأجل كونه ممّا يتوصّل به إلى ما فيه المصلحة .

ثمّ إنّه ربّما تتعلّق الإرادة بالواحد البسيط واُخرى بالمركّب ، والأوّل خارج من المقام ، والثاني على أقسام :

قسم يكون تركيبه تركيباً حقيقياً ; لتألّفه ممّا هو شيء بالقوّة ; أعني المادة ، وممّا هو شيء بالفعل ; أعني صورته وفصله .

وقسم يكون تركيبه تركيباً صناعياً ، وهو المؤلّف من أجزاء ملتئمة ومجتمعة ، على ما يقتضيه الاُصول الفنّية ، لا كالتئام اللامتحصّل بالمتحصّل حتّى يحصل الفناء والاندكاك ، بل لها بعد التركيب أيضاً فعلية ، إلاّ أنّ الفاعل الفنّي قد ألصق بعضها بعضاً ; بحيث قد حصل له نحو وحدة وتركيب مع قطع النظر عن اعتبار المعتبر ، كالمعاجين والسيّارة والبيت والمسجد .

وقسم ثالث يكون التأليف اعتبارياً ، مثل اجتماع الاُمور المتغايرة التي اعتبرت أمراً جملياً وواحداً اعتبارياً ، ومنه الفوج والعسكر والماهيات الاختراعية كالصلاة والحجّ ; فإنّ الوحدة في هؤلاء ليست إلاّ بحسب الجعل والاعتبار ، ومع قطع النظر عن الاعتبار فهي وحدات عديدة مستقلّة ، وهناك وحدات اُخرى ، قد قرّرت في محلّه(3) .

ثمّ إنّ ما هو المنظور من التقسيم إنّما هو القسمان الأخيران ، فنقول :

إنّ الغرض قد يكون قائماً بوجود كلّ واحد من الأفراد ـ وإن كان بينها وحدة وارتباط ـ كدفع الملالة الحاصل من لقاء الأصدقاء ; إذ هو يحصل بلقاء كلّ واحد منهم مستقلاّ ، فعند تصوّر كلّ واحد يريد لقائه بإرادة مستقلّة .

وقد يكون قائماً بالمجتمع لا بالأفراد ، كمن يريد فتح عاصمة أو هزم جند الخصم ; فإنّه لا يحصل إلاّ بالمئات المؤلّفة والوفود المجتمعة من أنصاره وعساكره . فحينئذ كلّ واحد منها غير مراد ولا يحصل به الغرض ، وإنّما المراد والمحصّل له هو الفوج ، فيتصوّره ويشتاقه ويريد إحضاره . ففي هذا التصوّر تكون الآحاد مندكّة في الفوج ، ولا يكون كلّ واحد مشتاقاً إليه ولا متعلّقاً بالإرادة النفسية ; لعدم قيامه بفرد فرد مستقلاّ حتّى يتوجّه إليه الاشتياق والإرادة النفسية .

نعم ، بعد ما أراد إحضار الفوج ثمّ أدرك أنّ وجود الفوج يتوقّف على وجود كلّ واحد واحد ، لا جرم يقع كلّ واحد في اُفق النفس مورد التصوّر ، ويتعلّق به الإرادة لأجل غيره ، لا لأجل نفسه، فيريد كلّ فرد فرد مستقلاّ لأجل المقصود الأسنى . وعليه : ففي الفوج المؤلّف ملاك الإرادة النفسية لا الغيرية ، وفي كلّ واحد ملاك الإرادة الغيرية لا النفسية . فهناك إرادة نفسية واحدة ، وملاك إرادات غيرية بحسب الأفراد ، فيتعلّق الإرادة الفاعلية .

فإن قلت : إنّ هنا شيئاً ثالثاً ; وهو غير الفوج الذي فيه ملاك النفسية ، وغير كلّ فرد فرد الذي فيه ملاك الغيرية ، بل عبارة عن تألّف هذا مع الآخر ; أعني اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة من الأفراد ، فهل فيه ملاك الإرادة أولا ؟

قلت : قد عرفت ما هو الملاك للإرادة في صدر البحث ، وما ذكر ليس فيه ملاك النفسية ـ كما هو واضح ـ ولا الغيرية ; لعدم توقّف العسكر عليهما ، زائداً على توقّفه على الآحاد .

والحاصل : أنّ زيداً موقوف عليه بنفسه ، وعمراً موقوف عليه رأساً بالضرورة ، لكن زيداً وعمراً لا يكونان موقوفاً عليهما ، مقابل زيد منفرداً وعمرو مستقلاّ . وقس عليه المركّبات الصناعية ; أعني ما له وحدة خارجية في نظر أهل الفنّ وغيرهم ، فإذا كان الغرض قائماً بمركّب صناعي كالبيت فيخطر بباله إيجاده وإحداثه ، فإذا وقف على توقّف البيت على الأحجار والأخشاب فلا محالة يدرك فيهما ملاك الغيرية ، فيريد كلّ واحد لأجل تحصيل الغير ، ففي المصنوع ملاك النفسية ، وفي كلّ واحد ملاك الغيرية ، هذا كلّه حال الإرادة الفاعلية .

ويستوضح منها حال الآمرية ، فيقال : إنّ الإرادة الآمرية المتعلّقة بما له وحدة صناعية أو اعتبارية فهل هي ملازمة لإرادة ما رآه مقدّمة ، من غير فرق بين الداخلية والخارجية .

وتوهّم : أنّ ما هي المقدّمة هي عين ما تعلّقت به النفسية ، فكيف تتوارد الإرادتان على أمر واحد ، مدفوع بأنّ ما هي المقدّمة بالحمل الشائع ليس نفس الأجزاء مجتمعة ; إذ هو مصداق لذيها ، بل كلّ جزء جزء ممّا أدرك المولى أ نّه موقوف عليه . والخلط إنّما هو لأجل تخيّل أنّ المقدّمة هي الأجزاء بالأسر ، مع أ نّك قد عرفت : أنّ هنا مقدّمات لا مقدّمة واحدة .

ثمّ إنّ ما ذكرنا هنا لا ينافي مع ما أشرنا إليه سابقاً ، من أنّ الداعي إلى إتيان الأجزاء عين الإرادة المتعلّقة بالكلّ ، ولا تحتاج إلى إرادة اُخرى ; لأنّ الغرض هنا بيان إمكان تعدّد الإرادة بتعدّد متعلّقها ، ودفع ما يتوهّم كونه سبباً للاستحالة .

وهم ودفع :

أمّا الأوّل : فربّما يظهر عن بعض الأعاظم في بيان عدم وجوب الداخلية من الأجزاء ما ملخّصه : أنّ الوحدة الاعتبارية يمكن أن تكون في الرتبة السابقة على الأمر ; بأن يعتبر عدّة اُمور متباينة شيئاً واحداً بلحاظ تحصيلها غرضاً واحداً فيوجّه أمره إليه .

ويمكن أن تكون في المرتبة اللاحقة ; بحيث تنتزع الوحدة من الأمر بلحاظ تعلّقه بعدّة اُمور ، فيكون تعلّقه عليها منشأ لانتزاع الوحدة عنها الملازمة لاتّصافها بعنواني الكلّ والجزء .

فحينئذ فالوحدة بالمعنى الثاني لا يعقل أن يكون سبباً لترشّح الوجوب من الكلّ إلى الجزء بملاك المقدّمية ; لأنّ الكلّية والجزئية ناشئتان من الأمر ـ على الفرض ـ فتكون المقدّمية في رتبة متأخّرة عن تعلّقه بالكلّ ، ومعه لا يعقل ترشّحه إلى مالا يكون مقدّمة في رتبة سابقة على الأمر(4) ، انتهى .

وأمّا الثاني : فلأنّ تقسيم الوحدة على قسمين : قسم يتقدّم على الأمر وقسم يتأخّر عنه ، لا وجه له فيما نحن بصدده ، بل هي متقدّمة على الأمر مطلقاً .

توضيحـه : أنّ المراد مـن لزوم اعتبار الوحـدة في المتعلّق ما هـو وحـدة بالحمل الشائـع ; أعني الوحـدة غير الملحوظـة بالاستقلال ، المندكّـة في الأجزاء ;  بحيث تجعل الآحاد مغفولا عنها أو كالمغفول عنها ، لا ما هي وحـدة بالحمل الأوّلي .

فحينئذ : وحدة الأمر كاشفة عن وحدة المتعلّق ـ ولو اعتباراً ـ إذ مع تكثّره في حدّ كونه متعلّقاً لايعقل تعلّق الإرادة الواحدة على المتشتّتات المتفرّقة التي لا ترتبط بعضها ببعض ، بل لابدّ قبل إنشاء الأمر من تصوّر هذه المتكثّرات بنعت الجمع والوحدة ـ ولو على نحو الإجمال والارتكاز ـ حتّى يوجّه أمره نحوه ، فالوحدة ـ مطلقاً ـ متقدّمة على الأمر .

وبعبارة أوضح : تعلّق الأمر بشيء إنّما هو لأجل كونه محصّلا للغرض ، وهو في البسائط نفس ذاته الواحد البحت ، وفي المركّبات هو المجموع بوصف الاجتماع ، ولو لم يعتبره المعتبر، كفوج من العسكر لفتح الأمصار ; فإنّ الغرض لا يتعلّق بواحد واحد ، بل الفاتح هو المجتمع من الأفراد .

فلو كان الغرض قائماً بفرد من الأفراد فلا يعقل تعلّقه بالمجموع ، ولو كان من قبيل الثاني فلا يتصوّر تعلّقه بكلّ واحد ; لعدم قيامه بالغرض .

فحينئذ : على المفروض ـ من قيام الغرض بالمجموع ـ ليس هنا إلاّ أمر واحد نفسي متعلّق بالمجموع ، فإذا لاحظ محصّل غرضه قبل الأمر فلا محالة يتصوّر المجموع بما هو مجموع ، فعند ذلك تصير الأفراد معتبرة بوحدة اعتبارية بالضرورة ، كما أنّ الأجزاء والأفراد تصير مندكّة فيه مغفولا عنها .

وبذلك يظهر تقدّم الوحدة على الأمر بوجوب تصوّر ما هو الموضوع للأمر ، وتصوّر ما هو المحصّل للغرض قبل إنشاء الأمر . وهذا التصوّر يلازم الوحدة الاعتبارية قبل تعلّقه .

وأمّا اعتبار الكلّية والجزئية للمأمور به ـ بما هو كذلك ـ فهو غير مربوط بما نحن فيه . أضف إليه : ما في استنتاجه عن مبناه من أنّ عنوان الجزئية والكلّية تنتزعان بعد تعلّق الأمر ، وفي مثله لا يعقل ترشّح الوجوب من الكلّ إلى الأجزاء بملاك المقدّمية ; إذ فيه :

أوّلا : أنّ التعبير بالترشّح ومثله ـ كما جرت عليه الألسن ـ في غاية السقوط ; إذ الإرادة ـ سواء كانت نفسية أو غيرية ـ تابعة لمبادئها المقرّرة ، وليست الاُولى مبدأ للثانية حتّى تصير منشأ للترشّح والتولّد كما تقدّم(5) ، وأمّا الوجوب فهو أسوأ حالا منها ; إذ هو ينتزع من تعلّق البعث ، ولا يعقل ترشّح بعث من بعث .

وأظنّ أنّ الذي أوقعه في الاشتباه هو توهّم ترشّح الوجوب من ذي المقدّمة إلى المقدّمة ، وأنّ إرادة المقدّمة مترشحة من إرادة ذي المقدّمة ; ولذلك نفاه فيما يتأخّر انتزاع الوحدة عن الأمر ; لأنّ الكلّية والجزئية ـ  حينئذ  ـ تنتزع بعد تعلّق الأمر ، ولايعقل ترشّحه بما لايكون مقدّمة في رتبة سابقة على الأمر .

وثانياً : أنّ الملاك للوجوب المقدّمي ليس عنواني الكلّية والجزئيـة للمأمور به بما هو كذلك حتّى تكون المقدّمية في رتبة متأخّرة عن تعلّق الأمـر بالكلّ ويمتنع الترشّح ، بل الملاك لتعلّق الإرادة بالمقدّمـة هو الالتفات إلى توقّف ذي المقدّمة عليها في نفس الأمر ، وتوقّف المركّب على كلّ جزء من الأجزاء بحسب الواقع ضروري .

والحاصل : أنّ الجزئية بالحمل الأوّلي ليس فيها ملاك المقدّمية ، بل لا تتأخّر عن عنوان الكلّية;  لأنّهما متضائفان ، وهما متكافئان قوّة وفعلا ، بل ما فيه الملاك هو واقع كلّ جزء جزء ، الذي هو الموقوف عليه ، ونفس الكلّ هو الموقوف ; وإن غفلنا عن عنواني الجزئية والكلّية .

هذا كلّه في المقدّمات الداخلية ، وقد عرفت وجود ملاك النزاع فيها .

وأمّا الخارجية : فالحقّ وجود الملاك في جميعها ; علّة تامّة كانت أم غيرها ، توليدية كانت أم غيرها .

وربّما يقال بخروج العلل التوليدية عن محطّ البحث ـ  كالإلقاء والإحراق  ـ لأنّ العنوان وإن كان متعدّداً إلاّ أنّ المعنون في الخـارج واحد ، يعبّر عنه بتعبيرين(6) .

وفيه : ـ بعد التسليم ـ أنّ تسمية ذلك علّة مع فقدان التأثير والتأثّر وعدم الاثنينية غير وجيهة .

وأمّا ما ربّما يتوهّم من أنّ الأمر في المسبّبات التوليدية يرجع إلى أسبابها ; معلّلا بخروج المسبّبات عن القدرة ; لانعدامها بانعدام أسبابها وحصولها بحصولها فلم يتعلّق به الاختيار والإرادة ، ففي غاية السقوط ; إذ الإرادة المولوية لا تفترق عـن الإرادة الفاعلية ، مع أنّ الثانية تتعلّق ـ بالضرورة ـ على ما هـو غير مقدور إلاّ بأسبابه ، كقتل عدوّه الذي لا يحصل إلاّ بالتوصّل لأسبابه . على أنّ ملاك تعلّق الأمر ليس إلاّ كون المتعلّق مقدوراً في نظر العقلاء ، وهي عندهم كذلك .

والإنصاف : أنّ ذلك يستلزم التصرّف في كثير من الأوامر التي تحتاج إلى مباد ومقدّمات ، وهو أمر غير هيّن .

ومنها : تقسيمها إلى المقدّمة المقارنة والمتقدّمة والمتأخّرة والـذي دعاهم إلى هـذا التقسيم ـ بعد مـا كان مقتضى البرهان عند أكثرهم هـو انحصاره في قسم واحد ; وهو المقارن لئلاّ يلزم تفكيك المعلول عن علّته  ـ هـو الوقوف على عدّة شرائط أو مؤثّرات في الشرعيات متقدّمة ، كالعقود المتصرّمـة غير الباقية إلى زمان حصول الآثار ، وكما في عقد السَلَم وفي الوصيـة ، أو متأخّرة ، كأغسال الليلة المستقبلة بالنسبة إلى صوم المستحاضة ـ على رأي بعض الفقهاء(7) ـ وكالإجازة ـ على القول بالكشف الحقيقي في الأحكام الوضعية ـ وكالقدرة المتأخّرة بالنسبة إلى التكليف المتقدّم في شرائط نفس التكليف .

ثمّ إنّ حلّ العويصة على نحو يطابق البرهان المقرّر عندهم في التكوين جعل القوم في موقف عظيم :

فمنهم : من صار بصدد تصحيح الشرط المتأخّر ، وهم جماعة قليلة .

ومنهم : من تمسّك بأجوبة ; فراراً عن الشرط المتأخّر .

كلام المحقّق العراقي لدفع الإشكال في الشرط المتأخّر وبعض أهل التحقيق من الطائفة الاُولى قد صار بصدد تصحيحه بما حاصله إمكان تقدّم الشرط على المشروط في التكوين والتشريع ; لأنّ المقتضي للمعلول هو حصّة خاصّة من المقتضي لا طبيعية ; لأنّ النار الخاصّة ـ وهي التي تماسّ الجسم المستعدّ باليبوسة للاحتراق ـ تفعل الاحتراق ، لا الحصص الاُخرى .

فتلك الخصوصية التي بها تحصّصت الحصّة لابدّ لها من محصّل في الخارج ، وما به تحصل خصوصية الحصّة المقتضية يسمّى شرطاً ، والخصوصية المزبورة عبارة عن نسبة قائمة بتلك الحصّة حاصلة من إضافتها إلى شيء ما ، فذلك الشيء المضاف إليه هو الشرط ، والمؤثّر في المعلول هو نفس الحصّـة الخاصّـة ، فالشرط هو طرف الإضافة المزبورة ، وما كان شأنه كذلك جاز أن يتقدّم على ما يضاف إليه أو يتأخّر عنه أو يقترن به .

وقس عليه الشرائط الشرعية ; فإنّ شرطية شيء للمأمور به ترجع إلى كون حصّة من الطبيعي متعلّقة للأمر ، وهي تحصل بالتقييد ، وكما يمكن التقييد بأمر مقارن يمكن بالمتقدّم والمتأخّر .

وكذا الحال في شرط التكليف والوضع ; فإنّ قيود الوجوب دخيلة في اتّصاف الشيء بكونه صلاحاً . ومعنى شرطيتها في حال التأخّر ليس إلاّ كونها بحيث تحصل للشيء بالإضافة إليها خصوصية بها يكون ذا مصلحة ، وهذا كما قد يحصل بإضافة الشيء إلى المقارن يحصل بإضافته إلى المتقدّم والمتأخّر سواء(8) ، انتهى .

وفيه أنظار ، قد سبق التنبيه إلى بعضها ، ونعيده توضيحاً :

أمّا أوّلا : فلأنّ إسراء الأمر إلى التكوين ممّا لا مجال له ; لأنّ المقتضي التكويني نحو وجود خاصّ متشخّص ، لايكون تشخّصه بالإضافات والاعتبارات . فما هو المقتضي ليس الحصّة الحاصلة بالإضافة إلى المقارن ولا إلى غيره ، بل المقتضي نحو وجود متشخّص من ناحية علله الفاعلية ، أو هو مع ضمّ القابل إذا كانا مادّيين ، فالنار بوجودها مقتضية لإحراق ما وقع فيها ممّا هو قابل للاحتراق ، من غير أن يكون الوقوع والتماسّ وقابلية المتأثّر محصّلات للحصّة المؤثّرة ، وهو أوضح من أن يحتاج إلى البيان .

والحاصل : أنّ المقتضي في التكوين نحو وجود يكون تشخّصه بمبادئ حقيقية تكوينية ، لا بإضافات واعتبارات تخيّلية ، كما في المقام .

وأمّا ثانياً : فلأنّ الإضافة التي هي من إحدى المقولات هي النسبة الحاصلة للشيء بانتسابه إلى غيره .

وإن شئت قلت : إنّ الحقيقي من المضاف هي النسبة المتكرّرة بين الموصوفين أو المضافين ; مضافاً مشهورياً ، ومعنى تكرّرها أ نّها ماهية معقولة بالقياس إلى ماهية اُخرى معقولة بالقياس إلى الاُولى ، كما تجد صدق المقال في الاُبوّة والبنوّة المتكرّر كلّ واحد بين الموصوفين ، ومن خواصّها كون المتضائفين متكافئين قوّة وفعلا .

فحينئذ فلو كانت تلك الخصوصية حاصلة من إضافتها إلى الشيئين فلا معنى لحصول أحد الطرفين ـ أعني الواجب ـ دون الطرف الآخر ـ أعني الشرط ـ إذ الإضافة الفعلية تستلزم تحقّق الطرفين بالفعل ; فإنّ الاُبوّة والبنوّة الفعليتين يستلزم وجود الأب والابن فعلا حتّى تتحصّل بين الطرفين .

وفي المقام نقول : إنّ الحصّة من طبيعي المقتضي المتّصف بكونه مضافاً فعلا ، وإضافيته حيثية زائدة على ذاته كيف ينتزع منه هذا العنوان ، مع عدم شيء يصلح أن يكون مضافاً إليه بالفعل ؟

فإن قلت : ما ذكرت من التحقيق أمر مسلّم لا غبار عليه ، لكن إسرائه إلى المقام خلط بين الحقائق والاعتباريات ، وقد قرع أسماعنا مراراً : أنّ العلوم الاعتبارية لا تتحمّل أحكام التكوين، كما مرّ أنّ التمييز بين أحكام المقامين هو الحجر الأساسي لحلّ معضلات العلوم ; لا سيّما الاعتباريات .

قلت : نعم ، لكن الإضافة إلى المعدوم ممّا لا يعقل ـ  حتّى الاعتباري منها  ـ لأنّ الإضافة الاعتبارية نحو إشارة ، ولا تمكن الإشارة بالنسبة إلى المعدوم . فما يتخيّل أنّه إضافة إلى المعدوم لا يخرج عن حدّ الذهن والتخييل ، فهي ـ  حينئذ  ـ تخيّل الإضافة لأنفسها .

وبالجملة : أنّ الإضافة بين الشيئين ـ ولو بنحو الاعتبار ـ نحو إثبات شيئية لهما ، وهو إن لم يكشف عن الثبوت في ظرفه لا يكون إلاّ توهّماً وتخيّلا ، ومع كشفه عنه يكون ثبوته له فرع ثبوت المثبت له .

فإذا تحقّقت الإضافة بين الموجود والمعدوم يكون المعدوم مضافاً أو مضافاً إليه في ظرف تحقّق الإضافة ، فلابدّ من صدق قولنا : المعدوم مضاف ومضاف إليه في حال عدمه ; لتحقّق الإضافة في حاله ، فلابدّ من تحقّق المعدوم في حال عدمه ; قضاءً لحقّ القضية الموجبة ، ولقاعدة الفرعية .

وإن شئت قلت : إنّ القضايا المبحوث عنها في الفنّ ـ  سوى السالبة المحصّلة  ـ يجب فيها تحقّق الموضوع في مقام الصدق ، فلو فرض كون الصوم مضافاً بالفعل لزم صدق كون الأغسال مضافاً إليه بالفعل ، وإلاّ تنتقض القاعدة المسلّمة من وجوب وجود الموضوع في الموجبات .

فإن قلت : إنّ العلّية والمعلولية من الاُمور المتضائفة ، مع أنّ العلّة مقدّم على المعلول ـ تقدّماً رتبياً وعقلياً ـ فيكون صدق العلّية عليها قبل صدق المعلولية عليه ، فانتقض القاعدة المبرمة : «المتضائفان متكافئان قوّة وفعلا» . وقس عليهما أجزاء الزمان ; فإنّ لأجزائه تقدّماً على بعض في الوجود ; لكونه متصرّم الذات ، فيصدق كون اليوم متقدّماً على الغد مع معدومية الغد .

قلت : إنّ العلّة لا تكون متقدّمة على المعلول بالمعنى الإضافي ، بل هما في إضافة العلّية والمعلولية متكافئان ، لا يتقدّم أحدهما على الآخر ; حتّى في الرتبة العقلية . نعم ذات العلّة لا بوصفها متقدّم على المعلول تقدّماً عقلياً ، وكذا الزمان لا يكون بين أجزائه الوهمية تقدّم وتأخّر بالمعنى الإضافي ، بل ذات الجزء متقدّم على الآخر على نحو لا ينافي القاعدة الفرعية ، ولا يوجب ثبوت المعدوم واتّصافه بشيء وجودي ، بل سيجيء(9)  على نحو الإجمال أنّ تقدّم بعض أجزائه على آخر بالذات ; لكون ذاته التقضّي والتدرّج ، فهو يكون ذا تقدّم وتأخّر بالذات، لا بالمعنى الإضافي ولا بمعنى صدق التقدّم على الجزء حال عدمه .

هذا ، وإنّي لا اُحبّ أن أحوم حول هذه المباحث ، إلاّ أنّ التنبيه على الخلط في كلمات الأعلام يجرّ الكلام إلى ما هو خارج من وضع الكتاب .

وثالثاً : أنّ جعل جميع الشرائط دخيلـة في اتّصاف الشيء بكونه صلاحاً مـن الغرائب جدّاً ، والمنشأ له هو الخلط بين الشرائط الشرعية التي يصحّ فيها ما ذكر ، وبين العقلية التي لا يصحّ فيها ذلك ; فإنّ القدرة ـ مثلا ـ غير دخيلـة في اتّصافـه بأنّه ذو صلاح ، فإنّ إنقاذ الغريق وإنجـاء النبي فيه كلّ صلاح وخير ; قدر  عليه المكلّف أم لا .

وبذلك يظهر : ضعف ما عن صاحب «الفصول» من أنّ الشرط إنّما هو العناوين الانتزاعية ـ أعني التعقّب والتقدّم ـ وهي كانت حاصلة عند تحقّق الموضوع بعد العلم بوجود المتعقّب المتأخّر(10) .

وإلى ذلك يرجع ما ربّما يقال من أنّ الشرط إنّما ينتزع عمّا يقوم به ، وليس للطرف الآخر دخل في انتزاعه عن منشأ انتزاعه فالسبق إنّما ينتزع عن نفس السابق بالقياس إلى ما يوجد بعد ذلك، وكذا اللحوق بالقياس إلى ما وجد قبله ، ولا دخل للسابق في انتزاع اللحوق عن اللاحق ، ولا للاّحق في انتزاع السبق عن السابق حتّى يلزم دخل المعدوم في الموجود(11) ، انتهى .

قلت : إنّ انتزاع شيء عرضي عن شيء ليس باعتبار ذاته بذاته ، وإلاّ صار ذاتياً وهو خلف ، بل لأجل تحيّثه بحيثية عارضه . فحينئذ : للاّحق دخل في انتزاع السبق وبالعكس . فلو صحّ انتزاع السابقية أو عنوان التعقّب قبل وجود الآخر لزم وجود الإضافة والحيثية الوجودية بين الموجود والمعدوم ، ولزم كون المتضائفين غير متكافئين قوّة وفعلا ، وغير ذلك ممّا هو بديهي لمن ألقى السمع وهو شهيد ، وحذف من نفسه قيود التقليد .

الجواب الحقيق عن الإشكال في الشرط المتأخّر هذا ، ولكن التحقيق في تصحيح الموارد المتوهّم فيها تأخير الشرط عن مشروطه أن يقال :

أمّا في شرائط التكليف كالقدرة مثلا : فلأنّ شرط انقداح الإرادة أو صدور البعث الاعتباري ليس هو القدرة الواقعية ـ علم به المولى أولا ـ بل علمه واستحضاره وقت التكليف بقدرة العبد على إيجاد المأمور به في وقت العمل وإن كان ذلك العلم غير مطابق للواقع ولكن ذلك لا يجعل الإرادة الجدّية صورية ، كما لا يجعل البعث الحقيقي غير واقعي ، بل يلزم لغوية الإرادة والتكليف ، وهو غير القول بأنّ التكليف غير واجد لشرطه .

والحاصل : أنّ الإرادة معلولة علم المولى بالصلاح مع سائر مبادئها ويعقّبه البعث الاعتباري . فظهر : أنّ شرط التكليف أو ما يتوقّف عليه الإرادة موجود مع سائر المبادئ ; وهو علمه بالصلاح وسائر شرائط التكليف ، ولا يتفاوت في ذلك كون الخطاب شخصياً ، كما في الموالي العرفية ; فيشترط علمه بقدرة مخاطبه في ظرف العمل ; واحداً كان المخاطب أو أكثر ، أو كونه مجعولا على العنوان قانوناً ; بحيث يشمل كلّ من دخل تحت العنوان ، نحو قولك «يا أيّها الناس» .

نعم ، يكفي في الثاني العلم بباعثيـة الخطاب لعدّة مـن الأفراد ، والعلم باقتدار جمـع منهم عليه ، وسيوافيك(12)  تفصيل القول فـي مبحث الترتّب عند التعرّض لملاك الخطاب الشخصي والقانوني . فحينئذ : ما هـو شرط التكليف حاصل فيها ، ولا مجال لتوهّم التأخّر أصلا . ولعلّه إلى ذلك يرجع كلام المحقّق الخراساني(13) ; وإن كان إلحاق الوضع بالتكليف ـ كما في ظاهر كلامه ـ وقع في غير محلّه .

وأ مّا شرائط الوضع ، كالإجازة بناءً على الكشف الحقيقي ، وشرائط المأمور  به ، كصوم المستحاضة بناءً على صحّته فعلا لحصول شرطه في المستقبل ـ  أعني أغسال الليلة الآتية ـ فلنا في حلّه وجهان : أحدهما من طريق العقل والبرهان ، وهو حلّ صناعي ، وثانيهما من طريق العرف ، وهو أقرب ; خصوصاً في الاُمور الاعتبارية :

أمّا الأوّل ، فنقول : إنّ الاُمور التدريجية ـ كالزمان والحركة ـ ممّا يعدّ من المتصرّم بالذات ، فلبعض أجزائها تقدّم على البعض ، وهو تقدّم يعبّر عنه في الاصطلاح بواقع التقدّم ، وليس عنوان التقدّم ومفهومه ; إذ عنوان التقدّم والتأخّر من المفاهيم المتضائفة ، ولا يعقل انتزاع التقدّم فعلا بلا انتزاع رديفه ، كما أنّ انتزاع التأخّر من الغد حين انتزاع التقدّم من اليوم يستلزم وجود أمر انتزاعي بلا منشأ انتزاعه ، وهو خلف إلاّ أن يرجع إلى أمر عرفي سيوافيك بيانه .

فظهر : أنّ انتزاع التقدّم بعنوانه من المتقدّم فقط يستلزم وجود أحد المتضائفين بدون الآخر ، والحال أنّ المتضائفين متكافئان قوّة وفعلا ، وانتزاع كليهما يستلزم وجود أمر انتزاعي فعلا ، بلا وجود منشئه .

فإن قلت : نرى بديهة صدق قولنا لدى العرف بأنّ اليوم متقدّم على الغد ، وصدق قولنا : إنّ الغد متأخّر ، فهذا يكشف عن بطلان كلتا القاعدتين .

قلت : الكلام هاهنا في حكم العقل ومقتضى البرهان لا العرف ، ولاريب في أنّ مقتضى العقل والبرهان تكافؤ المتضائفين قوّة وفعلا ، وعدم إمكان اتّصاف المعدوم بشيء ، وسيأتي حال حكم العرف ، فانتظر .

والحاصل : أنّ هذه القطعة الموهومة من الزمان ـ لأنّ الزمان لا ينقسم إلاّ وهماً ، كما ثبت في محلّه(14) ـ له التقدّم بالذات إذا كان القطعة الاُخرى موجودة في محلّه ، ولم ينقطع عمود الزمان عليها ، بل جرى على منواله وطبعه .

ولا يتوهّم من ذلك : أنّ لما يأتي من الأجزاء تأثيراً في كون هذه القطعة متقدّمة بالطبع ، مع أنّ تأثير المعدوم في الموجود واضح الفساد ; إذ المراد : أنّ جوهر الزمان وسنخ وجوده جوهر وسنخ مخصوص ، يكون بعضه متقدّماً جوهراً وبعضه متأخّراً عنه ذاتاً ; بحيث يكون كلّ من التقدّم والتأخّر عين ذاته ، كما هو الحال في بعض الأقسام من المقول بالتشكيك .

فتلخّص : أنّ الزمان وما شابهه أمر متصرّم الذات ومتقضّ بالحقيقة ، له تقدّم وتأخّر بالذات ، لا بالمعنى الإضافي المقولي ; وإن كان عنوان التقدّم والتأخّر من الاُمور الإضافية ، ولايلزم أن يكون مصداق المعنى الإضافي إضافياً ، كالعلّة والمعلول ; فإنّ عنوانهما من الاُمور الإضافية ، ولكن المنطبق ـ بالفتح ـ عليهما أعني ذات المبدأ تعالى وتقدّس مثلا ومعلوله ليسا من الإضافية .

وأوضح من هذا ، مسألة التضادّ ; حيث إنّ بين ذات الضدّين ـ  كالأسود والأبيض  ـ تقابل التضادّ ، مع أنّ مفهوم التضادّ من الاُمور المتضائفة .

هذا حكم الزمان .

وأمّا الزمانيات : فحيث إنّ الحوادث الواقعة في طول الزمان لها نحو اتّحاد مع الزمان ـ على تحقيق مقرّر في محلّه(15) ـ فلا محالة يكون بعضها متقدّماً على بعض بتبع الزمان ، وتصير الحوادث الواقعة في هذا الزمان متقدّمة بواقع التقدّم ـ  لا بمفهومه الإضافي ـ على الحوادث الآتية ، لكن بتبع الزمان .

إذا تمهّد ذلك فنقول : إنّ ما سنرتّب على هذا التدقيق العقلي وإن كان خلاف ظواهر الأدلّة ، لكنّ الكلام هنا في دفع الإشكال العقلي لا في استظهار الحكم من الأدلّة ، وعليه يمكن أن يقال : إنّ الموضوع في الوضعيات وما هو شرط في متعلّق الأحكام هو ما يكون متقدّماً بحسب الواقع على حادث خاصّ .

مثلا الأثر في البيع الفضولي مترتّب على العقد المتقدّم بالحقيقة ـ  تبعاً للزمان  ـ على وقوع الإجازة ; بحيث لا يكون العقد متقدّماً عليها بواقع التقدّم التبعي إلاّ أن تكون الإجازة متحقّقة في ظرفها ، فوقوعها في عمود الزمان المتأخّر يوجب كون العقد متقدّماً حقّ التقدّم .

وقد مضى أنّ ذلك ليس لأجل تأثير المعدوم في الموجود أو لوقوع المعدوم طرفاً للإضافة ، بل مقتضى ما يقع في الزمان أن يكون بعضه متقدّماً وبعضه متأخّراً ; بحيث لو فرض انقطاع سلسلة الزمان بعد ذلك الحادث الأوّل لما اتّصف ذلك الظرف ومظروفه بالتقدّم الواقعي .

وقس عليه مسألة الصوم ; إذ يمكن أن يقال : إنّ موضوع الصحّة في صوم المستحاضة ما يكون متقدّماً بالتقدّم الواقعي على الأغسال الآتية ـ تبعاً للزمان ـ بحيث لولم توجد الأغسال في محلّها لا يصير الصوم متقدّماً بالذات عليها ; وإن كان متقدّماً على سائر الحوادث ، لكن الموضوع هو المتقدّم الخاصّ ; أعني المتقدّم بالذات على الأغسال .

لا يقال : إنّ مقتضى كون الموضوع هو ذات العقد والصوم هو إنكار دخل الشرط ولزومه ; إذ الحامل للأثر ـ حينئذ ـ هو وجوده بلا اقترانه بالتراضي أو تعقّبه بالأغسال .

لأنّا نقول : قد عرفت أنّ تقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض بالتقدّم الواقعي فرع اتّصال أجزاء الزمان وامتداده ; بحيث يكون انقطاعه موجباً لعدم ثبوت التقدّم بالذات له . فحينئذ ذات العقد إنّما يثبت له حقّ التقدّم ـ  ولو تبعاً للزمان  ـ إذا وجدت الإجازة في محلّها لا مطلقاً ، ومثله الصوم .

وإن شئت فاستوضح المقام عن تقدّم العلّة على معلولها ; فإنّه مالم يحصل الثاني لا يصحّ انتزاع عنوان التقدّم عنها ; لقضية التكافؤ بين المتضائفين ، مع أنّ العلّة في حدّ ذاتها مقدّمة على معلولها ; بحيث يتخلّل بينهما «الفاء» عند التعبير .

فتلخّص : أنّ الموضوع على ما حقّقناه مقدّم على حكمه بشراشر أجزائه  وشرائطه .

وأمّا الثاني ـ وهو حلّ الإشكال على مشرب العرف ـ فنقول : إنّ الموضوعات الواقعة في لسان الأدلّة اُمور عرفية ، لا تنالها يد الدقّة العقلية ، بل يقدّم في مبحث الأحكام ; خصوصاً على القول باعتباريتها على ما يثبته البرهان .

فحينئذ بما أنّ العرف يرى الإضافة إلى المتقدّم والمتأخّر كالمقارن ، ويرى العقد متعقّباً بالفعل مع عدم الإجازة الفعلية يصحّ انتزاع هذه العناوين عندهم لأجل ملاكات وتخيّلات مركوزة في أذهانهم ، ومن الممكن كون الأثر مترتّباً على المتعقّب في نظر العرف دون العقل ، كما هو السند والمعتمد في سائر الموضوعات الشرعية . وعليه فالشرط مقارن أيضاً ، وهذا الوجه يرجع إلى ما ذهب إليه القوم .

مقال المحقّق النائيني في تحرير محلّ النزاع ودفعه إنّ بعض الأعاظم من أهل العصر حرّر النزاع على خلاف ما هو المعروف ، وحاصله : أنّه لا إشكال في خروج المقدّمات العقلية وعدم جواز تأخّرها عن معاليلها .

كما لا إشكال في خروج العناوين الانتزاعية ; لأنّها إنّما تنتزع عمّا تقوم به ، وليس للطرف الآخر دخل في انتزاعها عن منشأها ; لأنّ السبق إنّما ينتزع من نفس السابق بالقياس إلى ما يوجد بعد ذلك ، وكذا اللحوق من اللاحق ، ولا دخل بشيء منهما في انتزاع العنوان عن صاحبه فما فرض شرطاً هو المقارن لا المتأخّر .

كما أنّ التحقيق خروج شرائط المأمور به من حريـم النزاع ; بداهة أنّ شرطية شيء للمأمور به ليست إلاّ بمعنى أخذه قيداً في المأمور به ، فكما يجوز تقييده بأمر سابق أو مقارن كذلك يجوز تقييده بأمر لاحق ، فلا ينبغي الإستشكال في جواز تأخّر شرط المأمور به عن مشروطه ; إذ لا يجاوز الشرط بالمعنى المزبور عن الجزء الدخيل في المأمور به تقيّداً وقيداً ، بل لا يعقل تعلّق الأمر بالانتزاعيات ، فلابدّ من إرجاعه إلى القيد . فكما أنّ الأمر بالمركّب يتعلّق بكلّ واحد من أجزائه فكذلك الأمر بالمقيّد يتعلّق بقيده . فامتثال الأمر المتعلّق بما تقيّد بقيد متأخّر إنّما يكون بإتيان الشرط المتأخّـر ، كما أنّ امتثال المركّب التدريجي إنّما هو بإتيان الجزء الأخير .

وأ مّا شرائط الجعل والعلل الغائية : فبما أ نّها لا تكون بوجودها الخارجي مؤثّرة في الحكم ، بل بوجودها العلمي فلا محالة يكون مقارناً مع الجعل ، فالنزاع ينحصر في شرائط الحكم المجعول.

وتوضيحه : أنّ القضايا إمّا خارجية ; وهي التي يكون الموضوع فيها الأشخاص الموجودة في الخـارج في زمان الحكم ، فلا يتوقّف الحكم فيها على  غير دواعي الحكم المؤثّرة فيه بوجودهـا العلمي ; طابـق الواقـع أم لا ، فيخرج عن محطّ الكلام ; فإنّ الحكم فيها يدور مدار علم الحاكم ; كان المعلوم مقارناً أم مؤخّراً .

وإمّا حقيقية ; وهي التي حكم فيها بثبوت الحكم على الموضوعات المحقّق أو المقدّر وجودها ، فيحتاج الحكم فيها إلى أمرين :

أحدهما : ما يكون داعياً إلى جعل الحكم ، وهو أيضاً كالعلل الغائية خارج عن البحث .

وثانيهما : ما يكون موضوعاً له وقد اُخذ مفروض الوجود في مقام الحكم ، والشرائط داخلة في ذلك القسم ; لأنّ شرائط الحكم ترجع إلى قيود الموضوع ، وهذا هو الذي وقع محلّ البحث .

والحقّ : امتناع الشرط المتأخّر منه ; سواء قلنا بأنّ المجعول هي السببية وأمثالها ، أو المجعول هو الحكم عند وجود السبب :

أمّا الأوّل فواضح ; لأنّه يرجع إلى تأخّر أجزاء العلّة الفعلية عن المعلول ، وأمّا الثاني فللزوم الخلف والمناقضة من وجود الحكم قبل وجود موضوعه ، وقد عرفت أنّ الشرائط ـ كلّها ـ ترجع إلى قيود الموضوع(16) ، انتهى ملخّصاً .

ولا يخفى : أنّ في كلامه مواقع للنظر :

أمّا أوّلا : فلأنّ خروج العلل العقلية إنّما هو لعدم وجود ملاك البحث فيها ، الذي يتعلّق به غرض الفقيه ; فإنّ البحث عن التكوين ليس من شؤون المجتهد حتّى يبحث عنه ويجزم بأحد الطرفين .

وثانياً : أنّ خروج الانتزاعيات وإن كان صحيحاً ، وإنّما انجرّ الكلام إليها لدفع الإشكال ، لكن خروجها ليس بالملاك الذي قرّره من جواز انتزاعها عمّا تقوم به ، من غير دخالة الطرف الآخر فيه ;  لأنّه إن أراد أنّ العنوان الانتزاعي الإضافي ينتزع من غير إضافة إلى الطرف الآخر فهو واضح البطلان ، مع أ نّه صرّح بأنّ السبق ينتزع من نفس السابق بالقياس إلى ما يوجد بعد ذلك .

وإن أراد أ نّه ينتزع منه فعلا بالقياس إلى ما سيصير طرف الإضافة ، من غير أن يكون الطرف موجوداً بالفعل فهو مثله ; لأنّ كون المنتزع موجوداً بالفعل مع عدم منشأ له يكفي في بطلانه أدنى تصوّر ، وهل هذا إلاّ كادّعاء جواز انتزاع الاُبوّة من طفل نعلم أ نّه سيولد له ولد ؟

وإن أراد أنّ المعدوم مضاف إليه فعلا فهو أوضح بطلاناً .

وإن تعجب فعجبٌ قوله وإصراره بأ نّه لا يتوقّف انتزاع عنوان عن شيء على وجود المتأخّر في موطن الانتزاع ; لأنّ عنوان التقدّم ينتزع من اليوم الحاضر ; لتحقّق الغد في موطنه ; إذ فيه الخلط بين التقدّم الذاتي وبالواقع ، وبين التقدّم بالمعنى الإضافي المقولي ، وقد مرّ وجه انتزاع العرف مفهوم التقدّم من اليوم قبل حلول الغد .

فإن قلت : فرق واضح بين الاُبوّة وبين المفاهيم الانتزاعية المتضائفة ; فإنّ الاُولى التي ربّما يعتمد عليها في إثبات تكافؤ المتضائفين لها ماهية ووجود ، وهذا بخلاف الانتزاعيات ; فإنّه لا وجود لها حتّى تنزع الماهية من حدودها ، سوى كونها موجودة بوجود منشأ انتزاعها .

قلت : كون شيء ذا ماهية ووجود لا يجدي في المقام ; إذ البحث في الانتزاعيات التي هي مفاهيم إضافية ، ولا ينتزع إلاّ وينتزع معه معنى إضافي آخر ، والبرهان المبرم في محلّه من تكافؤ المتضائفين(17)  جار في الجميع .

وثالثاً : أنّ القول بأنّ الأمر بالمقيّد يتعلّق بقيده من العجائب ; إذ لازم ذلك انقلاب الشرط عن كونه شرطاً إلى كونه جزءً . والحقّ : أنّ الأمر متعلّق بالطبيعة المتقيّدة ، وتحصيل التقيّد بإيجاد القيد عقلي .

ورابعاً : فإنّ إخراج شرائط المأمور به ممّا لا وجه له ; لأنّ الكلام ليس في تقيّد المركّب بقيد خارجي ، بل في صحّة المأمور به فعلا ـ أعني صوم المستحاضة إذا أتت بالأغسال المستقبلة ـ والإشكال المتوهّم في هذا الباب جار في الأجزاء أيضاً لو قيل بصحّة الجزء الأوّل ، كصحّة التكبيرة بالفعل ، مع كونها مشروطة بوقوع الأجزاء الاُخر ، فلا ينفع الفرار عن الإشكال بجعل شرائط المأمور به من قبيل الأجزاء حكماً .

وخامساً ـ  بعد تسليم إمكان القضية الحقيقية في الإنشائيات  ـ  : أ نّه لا وجه لتخصيص الامتناع على الحقيقية ، بل الخارجية مثلها في الامتناع ، فلو حكم المولى القائل بشرطية الإجازة بصحّة عقد معيّن ، كقول رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلَّم ـ في بيع عروة(18)  فيسري الإشكال إليه أيضاً ، فيقال : كيف صحّ العقد من أوّله مع عدم اقترانه بالشرط ؟

والقول بأنّ الخارجية لا يتوقّف إلاّ على شرائط الجعل ; وهي الشرائط العلمية التي تؤثّر بوجودها العلمي لا العيني ، عجيب جدّاً ; إذ الخلط حصل من بعض الأمثلة الجزئية ، وقد عرفت خلافه في توقّف البيع الشخصي على الإجازة .

فتلخّص : أنّ البحث لملاكه عامّ يشمل شرائط الجعل كالقدرة المتأخّرة ، وشرائط المكلّف به كالأغسال المتأخّرة ، وشرائط الوضع كالإجازة في البيع الفضولي ـ بناءً على الكشف ـ والجواب هو الجواب .

____________

1 ـ اُنظر هداية المسترشدين 2 : 164 .

2 ـ كفاية الاُصول : 115 .

3 ـ راجع الحكمة المتعالية 2 : 82 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 108 .

4 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 315 ـ 316 .

5 ـ تقدّم في الصفحة 283 ـ 284 .

6 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 269 ـ 271 ، أجود التقريرات 1 : 219  ـ  220 .

7 ـ راجع شرائع الإسلام 1 : 27 ، اُنظر مدارك الأحكام 6 : 57 .

8 ـ بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 320 ـ 321 .

9 ـ يأتي في الصفحة 304 ـ 305 .

10 ـ الفصول الغروية : 80 / السطر35 .

11 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 273 و 281 .

12 ـ يأتي في الصفحة 437 .

13 ـ كفاية الاُصول : 118 ـ 119 .

14 ـ المباحث المشرقية 1 : 678 ، الحكمة المتعالية 3 : 115 ـ 118 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 257 .

15 ـ الشفاء ، الطبيعيات 1 : 170 ، الحكمة المتعالية 3 : 180 .

16 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 271 ـ 280 ، أجود التقريرات 1 : 220 ـ 226 .

17 ـ الحكمة المتعالية 2 : 109 ـ 111 و 4 : 188 ـ 198 ، شرح المنظومة ، قسم الحكمة : 145 .

18 ـ عوالي اللآلي 3 : 205 / 36 ، مستدرك الوسائل 13 : 245 ، كتاب التجارة ، أبواب عقد البيع وشروطه ، الباب 18 ، الحديث 1 .

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.