قال تعالى : {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } [الواقعة : 71 - 73] .

سأتناول معجزة النار والخشب ، التي تعبير عن جانب من (معجزة الطاقة) ، التي بدأ العالم يشعر بقيمتها ف هذه الاية ، لما يتهدده في المستقبل من نقص في الطاقة . سوف اكمل الحديث عن هذه الاية المعجزة في الموضوع التالي (الطاقة الشمسية والطاقية النووية) .

معجزة النار والخشب :

يتألف الخشب كما هو معروف من مادة كيميائية اساسية هي السللوز . ويوجد السللوز في القطن بشكل نقي ، بينما يوجد في الخشب بشكل مشوب.

ويتركب السللوز كيميائياً من ثلاثة عناصر اساسية هي : الهدروجين والاوكسجين والكربون (الفحم) . ومن معجزات الله تعالى وشمول قدرته وعظمته انه من هذه العناصر الثالثة فقط ، وامكن حتى الان تركيب اكثر من مليون مركب كيميائي ، وذلك حسب اختلاف ارتباط هذه العناصر وانتظامها بالنسبة بعضها . وهذه المركبات هي التي تدعى (مركبات العضوية ) ، وهي في الاغلب يتم صنعها وتركيبها في النبات ، ومن هذه المركبات [السللوز].

ان هذه المادة الكيميائية يركبها النبات من مواد اولية مشاعة ومتوفرة بدون ثمن هي : الهواء (الاوكسجين وغاز الفحم) ، والماء واشعة الشمس .

وكل هذه المواد موجودة بكميات وافرة تحت تصرف كل انسان وبدون ثمن . ولقد جهد العلماء الكيميائيون على تقليد مادة الخشب (السللوز ) فلم يستطيعوا ان يصنعوا ولا فتاته واحدة من الخشب ، فجاء الاعجاز الالهي يخاطبهم  قائلا: ايها المهتدون بأنفسكم والمنكرون لقدرة الله ، ان كنتم قادرين وعالمين فاصنعوا قطعة من خشب من هذه المواد الاولية المتوفرة لديكم وفي متناول ايديكم ، وهي الهواء والماء واشعة الشمس ، فان عجزتم عن ذلك فاعلموا ان هنالك قوة قادرة مفكرة اعلى من قوتكم وتفكيركم يمكنها صنع ذلك ! . فهذه هي النباتات والاشجار امامكم تصنع مادة الخشب ليل نهارا ، من تلك المواد الاولية التي لا قيمة لها ولا ثمن !

هذه ناحية من نواحي الاعجاز في (مادة الخشب) والناحية الاخرى هي ان مادة الخشب التي تتركب من الماء ،هي من اعظم مصادر النار ، مع ان الماء ضد النار . وهذا سر الاعجاز في قوله تعالى : {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ}.