ان الخلاف الحاد في اقوال اللغويين التي عللوا بها اسباب نشأة اللغة يجعل الوصول الى رأي قاطع في تلك الاسباب امراً مستحيلاً في الوقت الحاضر (وكل ما يمكننا الوصول اليه لن يكون الا ضرباً من الاجتهاد لا يخرج عن حيز التخمين او الافتراض ، حتى ان الجمعية اللغوية في باريس قررت سنة 1878 م منع تقديم ابحاث عن هذا الموضوع)⁽¹⁾ .

ص19

ولا يعني هذا المنع ان اللغويين المحدثين كفوا عن البحث في اصل اللغة ونشأة اللغات الانسانية .

ومهما وصل بنا الحديث عن نشأة اللغات فإن البحث اللغوي يقف عند حدود لا يتعداها لأنهم (لا يصلون الا الى لغات قد تطورت وتركت خلفها تاريخاً ضخماً لا نعرف عنه شيئاً. اما فكرة الوصول الى اعادة بناء رطانة بدائية بمقارنة لغات موجودة بالفعل فسراب خداع)⁽²⁾.

كما ان الجري وراء النظريات الجديدة ، وترك الموروث الذي جاد به علماؤنا المتقدمون لا يقطع صلتنا بتلك النظريات التي اعطت للدرس اللغوي جرأة النظر والتحليل ، وعززته بمقومات التجديد .

ص20

_________________

(1) فقه اللغة في الكتب العربية 77 .

(2) اللغة . ج  . فندريس 29 .