أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-6-2016
6688
التاريخ: 2024-06-27
641
التاريخ: 30-4-2022
3214
التاريخ: 2024-06-19
733
|
تتمثل المستلزمات الموضوعية في وجوب توافر ركائز أساسية وهي الإرادة والمحل فضلاً عن السبب والصلاحية، وسنسلط الضوء على هذه المستلزمات ومدى تأثيرها على صحة التبليغات القضائية وكما يأتي بيانه:
أ. الإرادة: ان الإرادة لكي تنتج آثارها، وحتى يمكن الاعتداد بها قانوناً، لابد من الافصاح عنها، لكون الارادة مسالة كامنة في النفس، والتعبير عن الارادة اما يتخذ شكل التعبير الصريح واما يكون بشكل التعبير الضمني(1). والإرادة كما هي مهمة في مجال التصرفات القانونية، فهي في الوقت نفسه تحتل نفس الأهمية في مجال التبليغات القضائية، فاذا وجدت الإرادة سليمة وحرة، عندها تنشا التبليغات صحيحة ومنتجة لآثارها. وتجدر الإشارة انه قد تكون هناك مراعاة للشكل المقرر قانوناً فيما يتعلق بالتبليغات الا ان خللاً قد أصاب الإرادة بحيث أصبحت معيبة، ففي هذه الحالة يمكن التمسك ببطلان تلك التبليغات لكون الإرادة مشوبة بعيب أخل بصحته. فان كانت الإجراءات القضائية ومنها التبليغات القضائية لا تعد من قبيل التصرفات القانونية ويحدد القانون آثاره كمبدأ عام، الا انه لا يمكن ان يصح الإجراء من شخص لم يكن يريد القيام به رغم مراعاة للشكل المقرر قانوناً(2).ومن أهم عيوب الإرادة في مجال التبليغات القضائية، هي وقوع إكراه على الإرادة بحيث يفسد الرضا(3). الامر الذي لا يعكس الصورة الحقيقية للارادة، ومن هذا القبيل ما قد يقع على ارادة القائم بالتبليغ من إكراه بحيث لا تكون الإرادة حرة في التعبير عن الواقع. فعلى سبيل المثال، قد يقع اكراه على ارادة القائم بالتبليغ، تجبره ان يذكر في ورقة التبليغ بان المطلوب تبليغه امتنع عن تسلم ورقة التبليغ، أو ان يؤكد في الورقة ان المطلوب تبليغه مجهول محل الإقامة، أو ان العنوان المذكور هو عنوان وهمي أو ان المطلوب تبليغه قد انتقل إلى جهة غير معلومة، وغير هذه الحالات والتي لا تؤكد الحقيقة الواقعية نتيجة لذلك الاكراه الذي وقع على ارادة القائم بالتبليغ، من قبل طالب التبليغ كل ذلك قد ينبع من رغبة طالب التبليغ في الحيلولة دون حضور المطلوب تبليغه للمرافعة مما يترتب على ذلك من سلب حق المطلوب تبليغه في الدفاع عن نفسه الامر الذي يمهد لنظر الدعوى غيابياً بحق المدعي عليه (المطلوب تبليغه). وفي هذه الحالات وان تمت مراعاة الشكلية في التبليغات القضائية، الا ان الشكلية هنا لا تقوى على تصحيح العيب الذي شاب الارادة، فهنا يمكن التمسك بالبطلان، أي بطلان التبليغات القضائية، وذلك لان إرادة القائم بالتبليغ شابها إكراه مما يعني عدم انصراف الإرادة نحو القيام بالتبليغات على الوجه الصحيح.
ب. المحل: من المستلزمات الموضوعية الأخرى لصحة التبليغات القضائية هي ضرورة وجود المحل. والمحل في التبليغات القضائية هو ما ترد عليه تلك التبليغات بمعنى آخر، أي أنها مضمون التبليغات، وهو إلحاق علم الشخص بأمر ما(4). والمحل في التبليغات القضائية شأنها في ذلك شأن أي محل آخر لأي إجراء قضائي يفترض ويشترط فيه عدة أمور وهي:
1. ان يكون المحل في التبليغات القضائية موجوداً: وهذا الشرط يعني انه ومن اجل ان يكون التبليغ صحيحاً شكلاً مثلاً ينبغي ان يكون المخاطب بموجب ورقة التبليغ موجوداً بمعنى ان لا يكون وهمياً، فاذا ما كان المخاطب بموجب ورقة التبليغ وهمياً فان ورقة التبليغ تكون غير صحيحة من حيث الشكل مما يعني رفض الإجراء شكلاً.
2. ان يكون المحل في التبليغات القضائية معيناً: وهذا الشرط يعني انه ومن اجل ان تنشأ التبليغات صحيحة ينبغي ان يكون المحل في التبليغات معيناً بمعنى ان يكون محدداً، الامر الذي يزيل الغموض أو الجهالة على محل التبليغ، فعلى سبيل المثال لو كانت ورقة التبليغ موجهة إلى عدة أشخاص فينبغي تحديد أسمائهم بشكل دقيق و محدد في ورقه التبليغ بحيث يمكن معرفتهم مع بيان عناوينهم ووظائفهم ومحل اقامتهم، كل ذلك من شانه ان يزيل الغموض والجهالة عن ورقه التبليغ.
3. ان يكون المحل في التبليغات القضائية ممكناً: بمعنى ان لا يكون المحل في هذه التبليغات مستحيلا، والاستحالة هنا اما تكون مادية أو تكون قانونية، فالاستحالة المادية على سبيل المثال هنا ان يتم توجيه ورقة التبليغ إلى شخص تبين وفاته فيما بعد، اما الاستحالة القانونية فعلى سبيل المثال ان يتم توجيه ورقه التبليغ على عنوان خيالي لاوجود له. وهناك من يضيف شرطاً اخر في المحل يتمثل في امكانية ان يكون المحل مما يجوز التعامل فيه، الا ان الدكتور فتحي والي(5). له رأي مخالف لهذا الشرط مشيراً إلى ان قابلية المحل للتعامل فيه بالنسبة للإجراءات القضائية على وجه العموم ليس له اهمية في هذه الاعمال وذلك لان القانون الاجرائي يقوم مقدماً بتحديد مضمون كل عمل حيث لا يترك للإرادة سلطان في هذا الشان، فلا يمكن تصور قيام المشرع بتحديد شيء غير مشروع، وذلك على عكس التصرفات القانونية والذي يشكل فيه هذا الشرط أهمية كبيرة.
ج. السبب: ان السبب في مجال الإجراءات القضائية هي عبارة عن الظروف والمعطيات التي تبرر الإجراءات على وجه العموم(6).لقد أثارت مسالة السبب ومدى إمكانية كونها إحدى المستلزمات الضرورية لصحة الإجراءات القضائية -وبضمنها التبليغات القضائية- جدلاً بين الفقهاء، فمن الفقهاء من يذهب إلى اعتبار السبب ركناً في الإجراءات القضائية حيث يرى هذا الاتجاه ان هناك سبباً عاماً لكل الاعمال الإجرائية، وذلك سواء كانت صادرة من الخصوم أو من القاضي أو من اتباعه، وهذا السبب هو المصلحة وانه إلى جانب هذا السبب العام يوجد هناك سبب خاص لكل عمل إجرائي، وفي صدد كيفية معالجة السبب في مجال الإجراءات القضائية يرى انصار هذا الاتجاه امكانية الرجوع إلى قواعد القانون المدني، وذلك بطريق القياس في حالة عدم النص على تلك المعالجات في القوانين الإجرائية(7).ونتفق مع الاتجاه الغالب والذي يذهب عكس الاتجاه السابق حيث يؤكد على عدم الاعتداد بالسبب في مجال الإجراءات القضائية بالاستناد على الفكرة القائلة باقتران السبب بعنصر الإرادة، بحيث إذا ما توسع سلطان الارادة كان للسبب مجال واسع وكبير، وبمفهوم المخالفة حيثما قل سلطان الارادة وطغى طابع الشكلية عليه فان السبب يتلاشى بحيث لا يكون له اهمية تذكر، وهذا ما يلاحظ بالنسبة للاجراءات القضائية والتي تعد أعمالاً قانونية بالمعنى الضيق وما يتركه ذلك من اثر على سلطان الارادة وبالتالي انعكاس اثره على السبب(8). وبالرجوع إلى التبليغات كاحدى الإجراءات القضائية نجد ان السبب لا يشكل اهمية كبيرة فيه، فالتبليغ القضائي إذا تمت فيه مراعاة الأوضاع القانونية وبالشكل الذي حدده المشرع عندها يعد ذلك التبليغ منتجا لأثاره بغض النظر عن القصد الحقيقي فيه، وهي إعلام الشخص المخاطب بفحوى تلك الورقة، وذلك لان ورقة التبليغ لا يتسلمها دائما المخاطب بها مما يحقق الإعلام، بل قد يتسلمها آخرون مخولون بذلك كالزوجة أو الأقارب أو الأصهار المقيمون مع ذلك الشخص، أو فيما يتعلق بالموظف الذي يعد مبلغاً بمجرد تسلم دائرته لتلك الورقة وغيرها مما يعد ذلك الشخص مبلغاً حكماً بفحوى تلك الورقة، فالقصد من التبليغ هنا لم يتحقق فعلا وهي الإعلام بل تحقق حكماً.
د. الصلاحية: لكي تنشأ التبليغات القضائية صحيحة ومنتجة لآثارها يقتضي الأمر ان يقوم بهذه التبليغات ممن لهم الصلاحية للقيام بها، بمعنى انه لا يجوز القيام بهذا الإجراء إلا ممن حددهم المشرع في ذلك، ومن اجل معرفة مدى تأثير الصلاحية على التبليغات القضائية، تنبغي الإشارة إلى أنواع الصلاحية في هذا المجال وما يتركه من اثر على التبليغات، حيث تنقسم الصلاحية إلى نوعين:
أولاً. الصلاحية العامة: يراد بالصلاحية العامة في مجال الإجراءات القضائية بشكل عام، ان يكون القائم بالإجراء القضائي متمتعاً بالاختصاص الوظيفي والذي يعطيه تلك الصلاحية للقيام بذلك الإجراء القضائي(9). والذي يهمنا هنا هو في مجال التبليغات القضائية، حيث أوجب المشرع ان يقوم بمهمة التبليغات القضائية فئات معينة على وجه الحصر متمثلة بالمبلغين القضائيين والذين يتم تعيينهم من قبل وزير العدل كذلك يعد موظفو البريد مخولون باجراء التبليغات، فضلا عن ذلك يتم الاستعانة بأفراد الشرطة في حال اقتضى الأمر التبليغ في الأماكن النائية أو البعيدة(10).هنا الاختصاص الوظيفي باجراء التبليغات محصور بجهات معينة دون غيرها وهي ما تسمى بالصلاحية العامة.
ثانياً. الصلاحية الخاصة: اما الصلاحية الخاصة فيقصد بها، ان يكون القائم بالعمل صالحاً لأداء وظيفته وذلك بالنسبة لهذا العمل بالذات وعلى وجه التحديد(11).والصلاحية الخاصة بهذا الوصف هي ذات شقين: الشق الاول: موضوعي ويسمى بالاختصاص اما الشق الثاني: فهو شخصي وتسمى بالصلاحية الشخصية، وهذا ما سنبحثه تباعاً.
أ- الاختصاص: ان القائم بالتبليغ يجب ان يكون مختصاً بذلك الإجراء .
ب- الصلاحية الشخصية: قد يتوافر في القائم بالاجراء الاختصاص اللازم لمباشرة وظيفته، وكذا الحال بالنسبة للتبليغات القضائية حيث يتوافر في القائمين بها الاختصاص اللازم لاجراء التبليغات، لكن مع ذلك قد لا يكونوا صالحين أو مؤهلين لا جراء تلك التبليغات مما يعني انتفاء الصلاحية الشخصية لهم، الأمر الذي يمنعهم من القيام بذلك لوجود سبب شخصي يتعلق بهم. من اجل ان تنشا التبليغات القضائية صحيحة، ومن اجل عدم التشكيك في عمل القائمين بالتبليغ ونزاهتهم وهم بصدد القيام بعملهم وما يترتب على ذلك من عدم قناعة الخصوم بصحة التبليغات إذا وجد سبب يدعو إلى ذلك، وازاء خلو قانون المرافعات العراقي من نص يمنع القائمين بالتبليغ من مباشرة عمل يدخل في نطاق وظائفهم إذا تعلق الامر بأزواجهم أو أقاربهم، نرى ان يتم اقتراح نص مادة تحت عنوان (عدم صلاحية القائمين بالتبليغ) وذلك أسوة بمبدأ عدم صلاحية القضاة بحيث يتوجب على القائم بالتبليغ التنحي وجوباً عن القيام بالتبليغات إذا تعلقت بأقاربه أو أصهاره بحيث تكون المادة على النحو الآتي:
1. لا يجوز للقائمين بالتبليغ ان يباشروا عملاً يدخل في حدود وظائفهم وذلك في الدعاوى الخاصة بهم أو بأزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم حتى الدرجة الرابعة والا كان التبليغ باطلا.
2. للقائم بالتبليغ إذا استشعر بالحرج من اجراء التبليغات القضائية ان يعرض أمر تنحيته على رئيس محكمة الاستئناف التابع لهما للبت في المسالة. ان اقتراح هذا النص امر توجبه الضرورات حيث لا يخلو موقف القائم بالتبليغ من الشبهات إذا تعلق الامر بأحد اقاربه، اذ قد لا يفصح عن الحقيقة عند قيامه بوظيفته الأمر الذي ينعكس سلبا على نظر الدعوى.
_____________________________________________________
1- د. عبد المجيد الحكيم، عبد الباقي البكري، محمد طه البشير، مصادر الالتزام، طبع جامعة بغداد، 1980، ص32.
2- د. ادم النداوي، فلسفة إجراءات التقاضي، مصدر سابق، ص34.
3-نصت الفقرة (1) من المادة (112) من القانون المدني العراقي ان الاكراه هو اجبار الشخص بغير حق على ان يعمل عملاً دون رضاه.
4-د. ادم وهيب النداوي، المرافعات المدنية، طبع جامعة بغداد، 1988، ص139.
5-د. فتحي والي، نظرية البطلان، مصدر سابق، ص421-422.
6- د. ادم النداوي، فلسفة إجراءات التقاضي، مصدر سابق، ص37.
اما في مجال التصرفات القانونية فالسبب قد يقصد به الغرض المباشر المجرد الذي يقصد الملتزم الوصول اليه من وراء التزامه، وقد يفهم السبب بمعنى آخر، وهو الباعث الدافع إلى التعاقد.
للمزيد من التفصيل راجع: د. عبد المجيد الحكيم وآخرون، مصادر الالتزام، مصدر سابق، ص101 وما بعدها.
7- كارنيلوتي، نظم الخصومة، ج1، رقم 350، ص247، كالفوزاش، دراسات ردنتي، ج1، ص214، ديلوجو، نظرية عدم القبول، رقم 70، ص82، زانزوكي، المرافعات، ج1،ص403.
مشار اليه في مؤلف د. فتحي والي، نظرية البطلان، مصدر سابق، ص427-429.
8- د. فتحي والي، نظرية البطلان، مصدر سابق، ص429 وما بعدها، د. آدم النداوي، فلسفة إجراءات التقاضي، مصدر سابق، ص37-38.
9- د. آدم النداوي، فلسفة إجراءات التقاضي، مصدر سابق، ص61.
10- راجع الفقرة (1) من المادة (13) مرافعات عراقي.
11- د. عبد المنعم الشرقاوي، فتحي والي، مصدر سابق، ص45.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|