المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



التربية والتكريم للطفل  
  
2575   01:09 مساءاً   التاريخ: 20-4-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص383-386
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

لقد اهتم الاسلام العزيز بتربية الطفل وتكريمه بصورة منقطعة النظير، ولا مثيل لها البتّة. لأنه دين الحياة والسعادة الانسانية وقد فاق بأساليبه التربوية، ومناهجه الاخلاقية والتعليمية كل المبادئ والنظم والمناهج التربوية والتعليمية السائدة على مسرح الحياة البشرية. لأنه من صنع الله (عز وجل)، العالم بالغيب والمحيط بدقائق الامور ومفردات المصلحة والحكمة والسعادة الانسانية.

ولا شك أن الاطفال لو قوبلوا بالتكريم والاحترام من الابوين في محيط الاسرة، ومن المربّين في المجتمع ومعاهد الدراسة والتعليم فلا ينشأون حقراء أذلاء ولا يشعرون في انفسهم بالخسة والضعة.

ومن هذا المنطق كرم الاسلام الاطفال وأشعرهم بالاحترام والمودة واهتم قادته المبدئيون بإرساء مبادئ التكريم وتجسيدها على ارض الواقع وقد شمّروا عن سواعدهم في تربية الطفل وتقدمه وتطوره. فالرسول الاعظم (صلى الله عليه و آله) والائمة المعصومون (عليهم افضل الصلاة والسلام) قد أبدوا اهتماماً بالغاً بتكريم الاطفال وتربيتهم تربية صالحة على الرغم من الجهل والضلال السائدين آنذاك في المجتمع فبدأوا يرشدون اتباعهم إلى التعاليم الاسلامية في هذا الصدد ويعلمونهم مبادئ التربية الحقة واهمية تكريم الاطفال فيها.

ولا ريب إن الاسلام الاصيل قد عالج جميع القضايا التي ترتبط بالعلاقات الزوجية، وشروط اختيار شريك الحياة وأهمية طهارة المولد والمنحدر وكذلك شروط الرضاع وتنشئه الطفل ورعايته خطوة خطوة وقد ذكر أئمتنا (عليهم السلام) في القرون الماضية كثيراً من الحقائق النفسية والتربوية ذات العلاقة بمنهج تربية الاطفال ومسائل علمية اخرى وموضوعات شتى في التربية والايمان وتحقيق السعادة والنجاح في الحياة. قبل ان يذكرها العلماء المعاصرون في كتبهم وابحاثهم وقد أتانا منها النزر اليسير فقط لعوامل كثيرة منها:

صعوبة التدوين والكتابة وحرق الاعداء و الشانئين ذخائرنا العلمية والتربوية والنفسية. إن التعاليم الاسلامية بهذا الخصوص عظيمة جداً. وقد تعدّت إلى أبعد من ذلك حيث شملت جميع جوانب الحياة الانسانية الاخرى.

ومما لا شك فيه ان اكثر المشاكل الاجتماعية والمآسي والانحرافات الاخلاقية لأبنائنا يعود: إلى سقم وخطأ الاساليب التربوية المتبعة بحقهم في ايام الطفولة. أضف إلى ذلك ان المستوى الذي يبلغه الاباء والامهات من حيث التكامل الروحي او الانحطاط المعنوي له دخل كبير في استقامة الابناء أو انحرافهم في الحياة.

فالآباء الفاسدون لا يربون ابناءهم إلا على الفساد والانحراف والآباء الصالحون لا يربون اولادهم الا على الصلاح والترتيب والنظام، لان الاطفال يتعلمون دروس الصلاح او الفساد وحسن الخلق او سوء الخلق من آبائهم وامهاتهم فينشأون على ذلك السلوك وقطعا ان السلوك الحسن يعكس في المجتمع آثاراً حسنة والعكس صحيح ايضاً.

وبناءً على هذا يجب على الاباء والامهات ان يصرفوا جلَّ اهتمامهم واكثر اوقاتهم على توفير الغذاء واللباس والسكن لأطفالهم فقط وإنما عليهم ذات الوقت ان يهتموا بالجوانب التربوية والخلقية لأطفالهم ويفكروا جدّيا في معرفة واستيعاب المناهج التربوية والتعليمية الصالحة لهم وان لا يتهاونوا في ذلك مطلقا لان التصورات الخاطئة والاساليب التربوية الناقصة وترك الاطفال بيد الاقدار والصدف والحوادث المفاجئة تلعب بهم كيف تشاء تفقد الاطفال شخصياتهم وثقتهم بأنفسهم.

مما يمهد الطريق إلى انحرافهم عن الطريق المستقيم وجادة الحق والصواب وبالتالي جرهم إلى الاقدام على فعل الجرائم الخطيرة والمعاصي الكبيرة، والوزر في ذلك كله يعود على الاباء والامهات. إن اساس الخلقيات والفضائل والاستقامة ينشأ في دور الطفولة لذلك احتل هذا الدور اهمية عظمى في بناء ونمو شخصية الطفل وسعادته وتقرير اساس حياته، وبهذا الصدد يصرّح القرآن الكريم: (قل كل يعمل على شاكلته).

والشاكلة هي : خلق الانسان وطبيعته فأفعال الانسان واقواله تتماشى مع خلقه وطبيعته التي تربى عليها وهذا ما صرحت به الآية الكريمة واكدت عليه.

جاء في كتاب: (عقدة حقارة ص9) ما نصه:

(ان الحقيقة التي تتضح يوما بعد يوم هي ان للإدراكات الحاصلة في دور الطفولة والحوادث والتجارب الواقعة في تلك الفترة تأثيراً قاطعاً على حياة الانسان، اذ نستطيع القول بصراحة بان هذه الادراكات والتجارب تعتبر الاساس لسلامة الافراد وصحتهم وسعادتهم وشقائهم طيلة ايام العمر.

إن الطفل يصنع في الاعوام الاولى من حياته، سدى حياته ولحمتها بمجرد انه يترك المهد ويأخذ في المشي يكون قد تقرر ما ينبغي ان يقع وما لا ينبغي.

تصب ركائز مشاعر الطفل واحاسيسه الاولى ايام الرضاعة، أي ان العالم الخارجي اما ان يبدوا امرا منسجما وباعثا على الامل في نظره، او انه يفهم منذ ذلك اليوم انه عبارة عن مجموعة من اليأس والعذاب اما ان يفهم منذ البداية انه يجب التغلب على المحيط الخارجي بصورة جيدة ويهيئ له العوامل المساعدة.

هذه الحقائق وحقائق أخرى تترك اثراً كبيراً على تفكير الطفل الرضيع، بحيث تلازم شخصيته طيلة ايام الطفولة والمراهقة والشيخوخة)

أجل ان ادراكات الطفل والحوادث والتجارب الواقعة له في تلك الفترة من عمره ،تترك اثرا بالغ الاهمية على تفكيره ليس في دور طفولته فحسب وانما في كل ايام حياته وادوار شبابه ومراهقته وحتى شيخوخته، لذا فان المسؤولية الواقعة على الاباء والامهات والمربين تكون كبيرة جدا وعليهم ان يبذلوا قصارى جهدهم بأداء واجبهم التربوي المقدس، لكي ينقذوا اطفالهم من كل شذوذ وانحراف وضلال ويحققوا السلامة والاستقامة والسعادة لهم، ومن هنا يبرز اهمية الدور الديني.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.