أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-02-2015
3790
التاريخ: 12-4-2016
3280
التاريخ: 2024-02-17
2027
التاريخ: 12-4-2016
3767
|
لاقى عمر ربه ومضى الى مقره الأخير فأحاط الشرطة بأعضاء الشورى وألزمهم بالاجتماع لينفذوا وصية عمر ويختاروا للمسلمين حاكما منهم فاجتمع المرشحون في بيت المال وقيل في بيت مسرور بن محرمة وأشرف على الانتخاب الامام الحسن (عليه السلام) وعبد الله بن عباس وازدلف عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة الى محل الانتخاب فجلسا في الباب فعرف قصدهما سعد بن أبي وقاص فنهرهما وقال : تريدان ان تقولا : حضرنا وكنا في أهل الشورى؟!
وتداول الاعضاء الحديث فيما بينهم عمن هو أحق بالامر وأولى به وأكثرهم قدرة وقابلية على ادارة شؤون الحكم وانبرى إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فأقام عليهم الحجة وحذرهم مغبة ما يحدث في البلاد من الفتن ان استجابوا لنزعاتهم ولم يؤثروا الحق فقال (عليه السلام) : لم يسرع أحد قبلي الى دعوة حق وصلة رحم وعائدة كرم فاسمعوا قولي وعوا منطقى عسى أن تروا هذا الامر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السيوف وتخان فيه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلال وشيعة لأهل الجهالة .
ولم يعوا منطق الامام ولم يتأملوا فيه وانطلقوا مدفوعين وراء أطماعهم وأهوائهم وكشف الزمن بعد حين صدق تنبؤ الامام فقد انتضوا السيوف وخانوا العهود ليصلوا الى صولجان الحكم والسلطان وصار بعضهم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة ؛ وعلى اي حال فقد كثر الجدال فى الموضوع وانفضت الجلسة ولم تنته على محصل وكان الناس ينتظرون بفارغ الصبر النتيجة الحاسمة التي تسفر عن اجتماعهم فلم يظفروا بشيء وانعقد الاجتماع مرة أخرى ولكنه لم يسفر عن اي نتيجة وأخذت فترة الزمن التي حددها عمر تضيق فأشرف أبو طلحة الانصارى على الاعضاء وقال لهم : لا والذي نفس عمر بيده! لا أزيدكم على الايام الثلاثة التي أمرتم , واقترب اليوم الثالث فانعقد الاجتماع فانبرى طلحة ووهب حقه لعثمان وانما فعل ذلك لعلمه بانحرافه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فاراد يقوي جانبه ويضعف جانب الامام وانطلق الزبير فوهب حقه للامام لأنه رأى الامام قد ضعف جانبه واندفع سعد فوهب حقه لعبد الرحمن ابن عوف لأنه ابن عمه أما عبد الرحمن الذي أناط به عمر أمر الشورى وجعل رأيه هو الفيصل فكان يرى في نفسه الضعف وعدم القدرة على ادارة شؤون الحكم فاتجه الى ترشيح غيره وكانت ميوله مع عثمان ، واستشار القرشيين فزهدوه في أمير المؤمنين وحببوا له عثمان ودفعوه الى اختياره وانتخابه ؛ وحلت الساعة الرهيبة التي تغير فيها مجرى التأريخ فقال عبد الرحمن لابن اخته : يا مسور اذهب فادع لي عليا وعثمان ؛ فقال : بأيهما أبدأ يا خال؟
قال: بأيهما شئت .
فانطلق مسور فاحضر الامام وعثمان وحضر المهاجرون والانصار وازدحمت الجماهير في الجامع لتأخذ القرار الحاسم فقام عبد الرحمن وقال : أشيروا علي في هذين واشار الى سليل هاشم وشيخ الامويين , فانبرى إليه الطيب ابن الطيب عمار بن ياسر فقال له : ان أردت ألا يختلف الناس فبايع عليا ؛ وأشار عليه بالرأي الصائب الذي يصون الامة من الاختلاف ويحميها من النزاع والانشقاق وانطلق المقداد فأيّد مقالة عمار فقال : صدق عمار , وإن بايعت عليا سمعنا واطعنا ؛ فقام عبد الله بن ابي سرح أحد أعلام الامويين الذين ناهضوا النبي (صلى الله عليه واله) وناجزوه فخاطب ابن عوف فقال له : إن أردت ألا تختلف قريش فبايع عثمان , واندفع عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي فقال : صدق إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا , وانبرى عمار بن ياسر فشتم ابن أبي سرح وقال له : متى كنت تنصح للإسلام؟؟! وصدق عمار فمتى كان ابن أبي سرح يقيم وقارا للاسلام او ينصح المسلمين ويهديهم الى طريق الحق وقد كان من اعدى الناس الى رسول الله (صلى الله عليه واله) ولما فتح مكة أمر (صلى الله عليه واله) بقتله ولو كان متعلقا باستار الكعبة أمثل هذا الوغد يتدخل في شؤون المسلمين؟ ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون.
وتكلم بنو هاشم وبنو أميّة واحتدم الجدال بين الاسرتين فانطلق ابن الاسلام البار عمار بن ياسر فقال : أيها الناس إن الله اكرمكم بنبيه وأعزكم بدينه فالى متى تصرفون هذا الامر عن اهل بيت نبيكم!!؟
لقد كان كلام عمار حافلا بمنطق الاسلام الذي وعاه قلبه فان قريشا وسائر العرب إنما اعزها الله بدينه وأسعدها بنبيه فهو مصدر عزهم وشرفهم ومجدهم فليس من الانصاف ولا من العدل أن يصرفوا الامر عن أهله وعترته ويضعونه تارة في تيم واخرى في عدي ويجهدون الآن ليضعونه في قبيلة اخرى وانبرى إليه رجل من مخزوم فقطع عليه كلامه قائلا : لقد عدوت طورك يا ابن سمية وما أنت وتأمير قريش لأنفسها!!؟ وقد أترعت نفس الرجل بروح الجاهلية فراح يندد بابن سمية ويرى أنه عدا طوره وتجاوز حده لتدخله فى شئون قريش وأي حق لقريش في هذا الامر؟! وهي التي ناهضت النبي (صلى الله عليه واله) وناجزته ووقفت في وجه دعوته وإنما الامر للمسلمين يشترك فيه ابن سمية الذي أعزه الله بدينه وسائر الضعفاء الذين ساندوا الرسول وحاموا عن دعوته فهؤلاء لهم الرأي ولهم الحكم وليس لطغاة قريش أي رأي لو كان هناك منطق أو حساب وعلى أي حال فبعد ما كثر النزاع بين القوى الاسلامية الواعية وبين القوى المنحرفة عنه التفت سعد الى عبد الرحمن فقال له : يا عبد الرحمن , افرغ من امرك قبل أن يفتتن الناس .
فاسرع عبد الرحمن الى الامام : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل ابي بكر وعمر؟ فرمقه الامام بطرفه واجابه بمنطق الايمان ومنطق الاحرار قائلا : بل على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي ؛ ولا يتوقع من الامام (عليه السلام) غير ذلك فان مصدر التشريع في الاسلام كتاب الله وسنة نبيه فعلى ضوئهما تسير الدولة وتعالج مشاكل الرعية وليس فعل ابي بكر وعمر من مصادر التشريع وقد نهج أبو بكر في سياسته منهجا خاصا لم يوافقه عمر فيه ويرى انه كان بعيدا عن سنن التشريع فقد كان لأبي بكر رأيه الخاص في خالد بن الوليد حينما قتل مالك بن نويرة وزنى بزوجته فقد رأى أبو بكر أن خالدا تأول فأخطأ فلا يستحق أن يقام عليه الحد ويرى عمر أنه لا بد من اقامة الحد عليه ولا مجال لاعتذار ابي بكر وسلك أبو بكر في سياسته المالية منهجا اقرب الى المساواة من سياسة عمر التي انتهجت في كثير من شؤونها منهج الطبقية وتقديم بعض المسلمين على بعض في العطاء وحرم عمر المتعتين وهما حسب اعترافه كانتا مشروعتين في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) ولعمر فتواه المتعارضة فى ميراث الجدة وغيرها فعلى أي منهج منها يسير ابن أبي طالب رائد العدالة الاجتماعية الكبرى في الارض ولو كان (عليه السلام) يروم الأمرة والسلطان لالتزم لابن عوف بشرطه وبعد ذلك يسير برأيه الخاص في الحكم ويعتقل المعارضين له ولكنه (عليه السلام) أبى ذلك وحجزه إيمانه الوثيق أن يقر شيئا لا يراه مشروعا ؛ ولما يئس ابن عوف من الامام انبرى الى عثمان فشرط عليه ذلك فابدأ عثمان الموافقة لأي شرط وأرسل يده فصفق عبد الرحمن بكفه عليها وقال : اللهم , إني قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان , وعلا الضجيج والصخب بين الناس فقد فاز عميد الامويين بالحكم وآلت إليه امور الخلافة وانطلق أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لابن عوف : والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه ، والتفت الى القرشيين فقال لهم : ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ؛ واندفع ابن عوف الى الامام يهدده : يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا ؛ وغادر الامام المسجد وهو يقول : سيبلغ الكتاب أجله .
وانطلق الطيب ابن الطيب عمار بن ياسر وهو يخاطب ابن عوف : يا عبد الرحمن , أما والله لقد تركته وانه من الذين يقضون بالحق وبه كانوا يعدلون .
وخرج المقداد وهو مثقل الخطا ويقول : تالله ما رأيت مثل ما أتى الى أهل هذا البيت بعد نبيهم!! واعجبا لقريش!! لقد تركت رجلا ما اقول ولا أعلم أن أحدا أقضى بالعدل ولا اعلم ولا اتقى منه أما لو أجد أعوانا ؛ وقطع عليه عبد الرحمن كلامه فقال له : اتق الله يا مقداد فاني خائف عليك الفتنة ؛ واشرف الامام الحسن على الانتخاب فراعه ما رأى من انقياد القوم نحو الاغراض الشخصية والمطامع واستبان له أن المهاجرين من قريش يحملون في نفوسهم حقدا وضغنا على أبيه وان الدين لعق على ألسنتهم يحوطونه حيث ما درّت معايشهم وقد تركت تلكم الصور التي اجتازت عليه في نفسه أشد الاستياء والتذمر وعرفته ان القوم يسيرون وراء مصالحهم وأطماعهم ولا شأن لهم بالمصلحة العامة .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|