أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016
3073
التاريخ: 6-4-2016
3018
التاريخ: 4-03-2015
3061
التاريخ: 5-4-2016
3449
|
بقي الإمام (عليه السلام) فى الكوفة أياما وهو مكلوم القلب قد طافت به الهموم والآلام يتلقى من شيعته مرارة الكلام وقسوة القول ومن معاوية وحزبه الاستهانة بمركزه الرفيع وهو مع ذلك صابر محتسب قد كظم غيظه وأوكل أمره الى الله وقد عزم على مغادرة العراق البلد الذي غدر به وبأبيه من قبل والشخوص الى مدينة جده وقد أظهر عزمه ونيته الى أصحابه ولما أذيع ذلك دخل عليه المسيب بن نجبة الفزاري وظبيان ابن عمارة التميمي ليودّعاه فالتفت لهما ونفسه الشريفة مترعة بالألم والحزن على ما آل إليه أمر المسلمين قائلا : الحمد لله الغالب على أمره لو أجمع الخلق جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا ؛ ويلمس في كلامه التسليم لقضاء الله وقدره والحزن واللوعة على ضياع حقه الشرعي ولما رأى المسيب الشجا قد بدا على غصني النبوة وفرعي الإمامة وذلك لخوفهم على شيعتهم من أن يضاموا في عهد هذا الطاغية التفت لهما مهدئا روعهما قائلا : إنه والله ما يكبر علينا هذا الأمر إلا أن تضاموا وتنتقصوا فأما نحن فإنهم سيطلبون مودتنا بكل ما قدروا عليه.
فانبرى إليه الإمام الحسين (عليه السلام) يشكره على ولائه وإخلاصه قائلا : يا مسيب نحن نعلم أنك تحبنا .
والتفت إليه الإمام الحسن (عليه السلام) فبشره بحبه لهم قائلا : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : من أحب قوما كان معهم .
وطلب منه المسيب وظبيان المكث في الكوفة فأمتنع (عليه السلام) من اجابتهم وقال : ليس الى ذلك من سبيل ؛ وأخذ (عليه السلام) يعمل في تهيئة سفره وبعدها توجه هو وأهل بيته الى عاصمة جده وقد خرج أهل الكوفة بجميع طبقاتهم الى توديعه وهم ما بين باك وآسف , يندبون حظهم التعيس وسعادتهم التي حطموها بأيديهم فقد نقلت الخلافة ومعها بيت المال من بلدهم الى دمشق وقد أقض ذلك مضاجعهم ولكن بعد أن سبق السيف العذل فقد كانوا أصحاب الدولة وإذا ببلدهم بعد غدرهم بالامام وعدم مناصرته قد أصبحت مصرا من الأمصار وإذا القطع السورية من الجيش تدخل مصرهم وتسيطر عليهم ويقام في بلدهم حكم ارهابي عنيف لا يعرف الرحمة والرأفة.
لقد رحل (عليه السلام) عن الكوفة هو وأهل بيته ومعه أبو رافع خازن بيت المال وقد غشيتها الكابة وخيم عليها الحزن وحل بها الشقاء والوبال والدمار فلقد صبّ الله عليها بعد خروج الامام الطاعون فقضى على كثير من أبنائها وفرّ منها المغيرة بن شعبة وإليها ثم بعد مدة عاد إليها فلما وصل جرفه الطاعون فمات به وسارت قافلة الامام تطوي البيداء فلما انتهت الى دير هند القى الامام (عليه السلام) على عاصمته نظرة ملؤها الأسى واللوعة ثم تمثل ببيت من الشعر يلمس فيه مدى استيائه وحزنه قائلا :
ولا عن قلى فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي وذماري
لقد ودع الامام الكوفة بالأسى والحسرات ولم يذكر ما لاقاه من الغدر والخيانة به فأي نفس ملائكية هذه التي لقيت من نشوز هذه الحاضرة ومن بوائقها ما لقيت ثم هي تودعها بهذا البيت من الشعر فلا تذكر من تاريخها الطويل العريض إلا وفاء الأوفياء المانعين الحوزة والذمار وهم الذين منعوا عنه من أراده في المدائن والذين ثبتوا على طاعته يوم العسرة في مسكن فكانوا اخوان صدق وخيرة الأنصار على قلتهم وسار موكب الامام ولكنه لم يبعد كثيرا حتى أدركه رسول معاوية يريد أن يرده الى الكوفة ليقاتل طائفة من الخوارج خرجت عليه فأبى (عليه السلام) أن يعود وكتب الى معاوية : لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك فإني تركتك لصلاح الأمّة وحقن دمائها ؛ ثم مضى (عليه السلام) ولم يعتن بمعاوية وما اجتاز موكبه على حي أو قرية إلا وخف من فيهما الى استقباله والتشرف بمقابلته وكان أول حديث يبدؤون به السؤال عما صار إليه أمره مع معاوية فيخبرهم (عليه السلام) بالحال فيظاهرون له الاستياء والتذمر وعدم الرضا وذلك لخوفهم من سلطة معاوية ولكنه (عليه السلام) ما يصنع وقد مني جيشه وشعبه بالتمرد والخذلان حتى التجأ الى الصلح والمسالمة , وانتهت قافلة الامام الى يثرب فلما علم أهلها بتشريفه (عليه السلام) خفوا جميعا لاستقباله فقد أقبل إليهم الخير وحلت في ديارهم السعادة والرحمة وعاودهم الخير الذي انقطع عنهم منذ نزح أمير المؤمنين عنهم جاء الى يثرب فاستقام فيها عشر سنين فملأ رباعها بعطفه المستفيض ورقيق حنانه وحلمه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|