المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

تخزين الثوم
2024-11-22
الركوع واحكامه
2024-10-26
مسألة المعاملة بالمثل في الاتفاقيات الإنسانية
7-4-2016
الزراعة الدائمة Permaculture
2024-02-28
الكزبرة
2024-08-24
صحة الجسد من قلة الحسد
16-2-2021


سفير الحسين في ضيافة طوعة  
  
3683   04:32 مساءاً   التاريخ: 29-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج2, ص386-388.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-04-2015 3408
التاريخ: 8-04-2015 3756
التاريخ: 21/9/2022 2298
التاريخ: 18-4-2019 54966

سار القائد العظيم سليل هاشم وفخر عدنان متلدّداً في أزقّة الكوفة وشوارعها ومضى هائماً على وجهه في جهة كندة يلتمس داراً لينفق فيها بقيّة الليل وقد خلت المدينة مِن المارة وعادت كأنّها واحة موحشة فقد أسرع كلّ واحد مِنْ جيشه وأعوانه إلى داره وأغلق عليه الأبواب ؛ مخافة أنْ تعرفه مباحث الأمن وعيون ابن زياد بأنّه كان مع ابن عقيل فتلقي عليه القبض , وأحاطت بمسلم تيّارات مذهلة مِن الهموم وكاد قلبه أنْ ينفجر مِنْ شدّة الألم وعظيم الحزن وقد هاله إجماع القوم على نكث بيعته وغدرهم به واستبان له أنّه ليس في المصر رجل شريف يقوم بضيافته وحمايته أو يدلّه على الطريق ؛ فقد كان لا يعرف مسالك البلد وطرقها , وسار وهو حائر الفكر خائر القوى حتّى انتهى إلى سيّدة يُقال لها طوعة هي سيّدة مَنْ في المصر رجالاً ونساءً بما تملكه مِنْ إنسانية ونبل وكانت أولدت للأشعث بن قيس فأعتقها فتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالاً  وكانت السيّدة واقفة على الباب تنتظر ابنها وترتقب طلوعه للأحداث الرهيبة التي حلّت في المصر ولمّا رآها مسلم بادر إليها فسلّم عليها فردّت عليه السّلام بتثاقل وقالت له : ما حاجتك؟ 

ـ اسقني ماءً.

فبادرت إلى دارها وجاءته بالماء فشرب منه ثمّ جلس فارتابت منه فقالت له : ألمْ تشرب الماء؟

ـ بلى.

ـ اذهب إلى أهلك إنّ مجلسك مجلس ريبة .

وسكت مسلم فأعادت عليه القول بالانصراف وهو ساكت وكرّرت عليه القول ثالثاً فلمْ يجبها فذعرت منه وصاحت به : سُبحان الله! إنّي لا أحل لك الجلوس على بابي , ولمّا حرّمت عليه الجلوس لمْ يجد بداً مِن الانصراف فقال لها بصوت خافت حزين النبرات : ليس لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة فهل لك إلى أجر ومعروف؟ ولعلّي اُكافئك بعد اليوم , وشعرت المرأة بأنّ الرجل غريب وأنّه على شأن كبير وله مكانة عظمى يستطيع أنْ يجازيها على معروفها وإحسانها فبادرته قائلة : ما ذاك؟ فقال لها وعيناه تفيضان دموعاً : أنا مسلم بن عقيل كذّبني القوم وغرّوني , فقالت المرأة في دهشة وإكبار : أنت مسلم بن عقيل؟!

ـ نعم .

وانبرت السيّدة بكلّ خضوع وتقدير فسمحت لضيفها الكبير بالدخول إلى منزلها وقد حازت الشرف والمجد ؛ فقد آوت سليل هاشم وسفير ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأدخلته في بيت في دارها غير البيت الذي كانت تأوي إليه وجاءته بالضياء والطعام فأبى أنْ يأكل ؛ فقد مزّق الأسى قلبه الشريف وأيقن بالرزء القاصم وتمثّلت أمامه الأحداث الرهيبة التي سيواجهها وكان أكثر ما يفكّر به كتابه للحُسين بالقدوم إلى الكوفة , ولمْ يمضِ قليل مِنْ الوقت حتّى جاء بلال ابن السيّدة طوعة فرأى أمّه تُكثر الدخول والخروج إلى ذلك البيت لتقوم برعاية ضيفها فأنكر عليها ذلك واستراب منه فسألها عنه فأنكرته فألحّ عليها فأخبرته بالأمر بعد أنْ أخذت عليه العهود والمواثيق بكتمان الأمر , وطارت نفس الخبيث فرحاً وسروراً وقد أنفق ليله ساهراً يترقّب بفارغ الصبر انبثاق نور الصبح ؛ ليخبر السلطة بمقام مسلم عندهم وقد تنكّر هذا الخبيث للأخلاق العربية التي تلزم بقرى الضيف وحمايته فقد كان هذا الخُلق سائداً حتّى في العصر الجاهلي وإنّا لنتّخذ مِنْ هذه البادرة مقياساً عاماً وشاملاً لانهيار القِيَم الأخلاقية والإنسانية في ذلك المجتمع الذي تنكّر لجميع العادات والقِيَم العربية , وعلى أيّ حالٍ فقد طوى مسلم ليلته حزيناً قد ساورته الهموم وتوسّد الأرق وكان فيما يقول المؤرّخون قد قضى شطراً مِن الليل في عبادة الله ما بين الصلاة وقراءة القرآن وقد خفق في بعض الليل فرأى عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأخبره بسرعة اللحاق به فأيقن عند ذلك بدنو الأجل المحتوم منه.

ولمّا انهزمت جيوش أهل الكوفة وولّت الأدبار تصحب معها العار والخيانة وقد خلا الجامع الأعظم منهم فلمْ يطمئن الطاغية الجبان مِنْ ذلك ؛ خوفاً مِنْ أنْ يكون ذلك مكيدة وخديعة فعهد إلى أذنابه بالتأكد مِن انهزام جيش مسلم وأمرهم بأنْ يشرفوا على ظلال المسجد لينتظروا هل كمِن أحد مِن الثوار فيه؟ وأخذوا يدلون القناديل ويشعلون النار في القصب ويدلونها بالحبال فتصل إلى صحن الجامع وفعلوا ذلك بالظلّة التي فيها المنبر فلمْ يروا إنساناً فأخبروه بذلك فاطمئن بفشل الثورة وأيقن بالقضاء عليها .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.