المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



سبط ابن التعاويذي  
  
5259   01:50 صباحاً   التاريخ: 27-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص389-393
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو الفتح محمد بن عبيد اللّه بن عبد اللّه الكاتب، كان أبوه مولى تركيّا للمظفّر رئيس الرؤساء، و كان اسمه نشتكين (وفيات الأعيان 2:394، 399) فغيّره هو و جعله عبيد اللّه. أما نسبته «ابن التعاويذيّ» فقد جاءته من جده لأمه أبي محمد المبارك بن عليّ بن نصر السرّاج (496-553 ه‍) الجوهريّ الزاهد الصوفي المعروف بابن التعاويذي (و لعلّ المبارك بن محمد كان يكتب التعاويذ، أي الرقى و الحروز) . و نشأ شاعرنا في كفالة جدّه لأمه فنسب إليه و عرف باسم «سبط ابن التعاويذيّ» .

ولد سبط ابن التعاويذي في بغداد (10 رجب سنة 519-13-8-1124) . و لمّا شيّب خدم في ديوان الإقطاعات. و له ثلاث قصائد في صلاح الدين الايوبي أرسلها اليه من بغداد. و في سنة 579 ه‍(1183 م) كفّ بصره. ثم توفّي بعد بضع سنوات، في 2 شوّال 583(5-12-1187 م).

قال ابن خلكان (2:394) : «كان أبو الفتح شاعر وقته. . . جمع شعره بين جزالة الألفاظ و عذوبتها و (بين) رقّة المعاني و دقّتها، و هو في غاية الحسن و الحلاوة» . و رتّب محمود سامي البارودي ديوان سبط ابن التعاويذيّ على الحروف (1299 ه‍) و عمل له ديباجة قال فيها: «هو سريع البادرة مليح النادرة حذا في شعره حذو ابن نباته و تمسّك بأذيال الشريف الرضيّ و مشى على آثار مهيار الديلمي» .

و كان سبط ابن التعاويذي قد جمع شعره قبل عماه و رتّبه أربعة فصول: مدح الخلفاء الراشدين، مدح الامراء و الاكابر و الصدور و غيرهم، ضروبا مختلفة من مراث و زهد و غزل و عتاب و هجاء. و أما القصائد التي نظمها سبط ابن التعاويذي بعد عماه فقد سمّاها الزيادات ثم ألحقها بديوانه.

و لسبط ابن التعاويذي نثر أنيق؛ و له كتاب الحجبة و الحجاب نحو خمس عشرة كرّاسة (وفيات 2:398) (1)

مختارات من آثاره:

- قال سبط ابن التعاويذي في الشدّة و الرخاء:

و قائلة: قم واسع في طلب الغنى... و كيف يقوم المرء و الحظّ قاعد

اذا لم يكن وقت الرخاء بدائم... فأحر بها ألاّ تدوم الشدائد

و قال يمدح الخليفة المستضيء بقصيدة طويلة منها:

كيف تلوى كتيبة لبني العبّـ...ـاس آل النبيّ فيها لواء (2)

أقسم النصر لا يفارق جيشا... لهم فيه راية سوداء (3)

و يمينا، لتملكنّ وشيكا... ما أظلّته تحتها الخضراء (4)

و لتوفي على أقاصي خراسا... ن غدا منك غارة شعواء (5)

بجيوش تصمّ مسمع أهل الـ...ـص‍ين منها كتيبة خرساء (6)

راميا في بلادها الترك بالتر... ك فتغزو آباءها الأبناء

كلّ يوم أنضاء ركب على با... بك منهم ركائب أنضاء (7)

و وفود على وفود أبادت... عيسهم في رجائك البيداء (8)

رسلا للملوك ما ملّكت أم‍را... عليها من قبلك الأمراء (9)

تتنافى اللّغات و الدين و الأخ‍ـ...ـلاق منهم و الزيّ و الأسماء (10)

ألّفتهم مع التباين نع‍ما... ك حتّى كأنهم خلطاء (11)

نزلوا من جنابك الرحب (12) في جن‍ـْ...ـنَة عدن تظلّها النعماء

يتلاقون بالتحيّة و الإكـ...ـرام لا بغضة و لا شحناء (13)

فإذا فارقوا بلادك ظنّوا... أنهم في بلادهم غرباء

و قال يصف البرق:

آه للبرق أضاء... أيمن الغور (14) عشاء

عنَّ علويا فلم يه‍ـ...ـد لنا الا العناء (15)

واصفا تلك الوجوه ال‍ـ...ـعربيات الوضاء (16)

يا له من ضاحك علْـ...ـلَم عينيّ البكاء

كان لي داء، و للأطـ...ـلال أقوين دواء (17)

من رأى جذوة نار... قبله تحمل ماء

و قال في بطيخة (18):

ربّ عذراء أتتنا... و هي في أحسن حُلّة

تعتريها صفرة في... لونها من غير علّة (19)

حلوة الريق حلالٌ... دمها في كلّ ملّة

نصفها بدر؛ و إن ق‍سْـ...ـسَمتها فهي أهلّة

و قال في الغزل و النسيب:

قل لمن أصلى هواها... كبدي نارا تلظّى (20)

يا قضيب البان قداً... و غزال الرمل لحظا

أنت أحلى من لذيذ الـ...ـنّوم في عيني و أحظى (21)

أنت من أعذب خلق الـ...ـل‍ه أخلاقا و لفظا

فمتى أقبل نصحا... فيك أو أسمع وعظا (22)

قد بذلت الوصل في الطّي‍ـ...ـف، فلم أعرضت يقظى

ما أرى لي- و المودّا... ت حظوظ - منك حظّا

بعد ما ضيّعت رعياً... لك أيامي و حفظا

آه من رقّة خدٍّ... جعلت قلبك فظّا

___________________

1) جاءت ترجمة سبط ابن التعاويذي في شذرات الذهب (4:281) في وفيات سنة 584 ه‍.

2) لوى المدين الدائن بدينه: مطله، أجله، أخره-كيف تلوى كتيبة (جيش) كيف يتأخر عنها الظفر و النصر و لواؤها (قائدها) من بني العباس آل الرسول صلّى اللّه عليه و سلم.

3) راية سوداء: عباسية (السواد كان شعار بني العباس و شعار دولتهم) .

4) وشيكا: عما قريب. الخضراء: السماء.

5) لتوفي على أقصى خراسان: ستشرف على أبعد مكان في خراسان (ستصل الى أقصى البلاد المعمورة) . غارة شعواء: متفرقة الاتجاهات (ستعم جميع الارض و لا تلزم مكانا واحدا) .

6) تصم مسمع أهل الصين: عظيمة الجلبة (بفتح الجيم و اللام: الصوت) لكثرة ما فيها من الرجال و السلاح حتى أن صوتها ليصل الى أبعد بلاد العالم. الكتيبة الخرساء: الكثيرة السلاح الثقيلة الحركة التي يكثر الوقار في رجالها فلا تعلو أصواتهم كيلا يدري بقدومهم أعداؤهم (يحسن ألا نحاسب الشاعر على تناقض قولين في هذا البيت، فالمقصود عنده التأثير البلاغي لا التقرير العلمي) .

7) النضو (بكسر النون) : الذي أهزله و أنحله التعب. يأتي الى بابك كل يوم ركب (وفد) ناحلون، للمشقة التي قاسوها (بفتح السين) في الوصول اليك من بلادهم البعيدة. و ركائبهم (مطاياهم، الخيل التي يركبونها) أنضاء أيضا (لطول المسافة و مشقة الطريق) .

8) أبادت (أهلكت) عيسهم (نياقهم) البيداء (الصحراء) في رجائك (طمعا في الحصول منك على هبات و عطايا عظيمة حتى إنهم لم يبالوا ببعد المسافة و مشقة الطريق) .

9) كانت تلك الوفود رسلا يحملون مراسم الطاعة و اموال الخراج من ملوك ما بسط سلطانه (بفتح النون) عليهم أحد غيرك من قبل.

10 و 11) لغاتهم و أديانهم و أخلاقهم. . . مختلفة (أجنبيون، لا صلة لبعضهم ببعض) ، و مع ذلك فان نعمتك عليهم (حكمك العادل في بلادهم) جمعت بينهم على تباين (اختلاف) أحوالهم، حتى ليظن الانسان أنهم خلطاء (جمع خليط: المشارك في حقوق الملك كالماء للشرب و الطريق للمرور) : الذين تعودوا أن يعيشوا معا.

12) الرحب (مفعولا فيه أو به) في المكان الرحب. و يجوز الرحب (بكسر الباء) نعتا للكلمة «جنابك» .

13) البغضة (بكسر الباء) : البغض و الكره. الشحناء: العداوة.

14) الغور: الارض المنخفضة، الوادي الواسع. و الشاعر يعني المنطقة (بكسر الميم) الممتدة من ذات عرق (بكسر العين) و هي ميقات الحجيج العراقي (المكان الذي يحرم فيه الحجاج القادمون من العراق) خارج مكة شرقا الى البحر الاحمر.

15) عن: ظهر. علويا: من جهة العالية (منطقة عند مكة، و قرى بظاهر المدينة) . العناء: اشتغال القلب و تعب البال.

16) واصفا: شبيها أو يوحي بشبه (لتلك الوجوه) العربيات (البدويات المجاورات للحجاز كأمثال ليلى العامرية مثلا) . الوضاء جمع وضيء: حسن، مليح، جميل.

17) أقوى: أصبح خربا ماحلا. كان للأطلال التي أقوت دواء (لأنه بشرها بقرب المطر) . كان لي داء (لأنه ذكرني بحب قديم لا سبيل اليه الآن) .

18) المفروض أنه يصف بطيخة حمراء الداخل خضراء الظاهر؛ و هو الذي يسمى في العراق رقي و في المغرب دلاع.

19) ان الجانب الذي يمس الارض من البطيخة (و لا تراه الشمس) يظل أبيض اللون، فاذا نضجت البطيخة تماما مال هذا الجانب الى الاصفرار. -و البيتان التاليان يجردان عادة (يذكران وحدهما) و يلقيان لغزا.

20) أصلى: عرض للنار، أحرق.

21) أحظى: أكثر حظوة (أحب الى نفسي) .

22) فمتى أقبل نصحا. . . : (للابتعاد عنك و ترك حبك) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.