أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-12-2017
3354
التاريخ: 27-1-2021
2121
التاريخ: 12-3-2022
3632
التاريخ: 26-7-2016
3582
|
باعتبار أن الأطفال هم (مجمع الغد تحت الإعداد) فقد أولاهم الإسلام بالغ الرعاية وعظيم الاهتمام ، فاعتبر التربية – والتي يعبر عنها علماء الشريعة (أدب الطفل وتأديب النشء ورياضة الصغار) والذي ينصب على الإعداد السلوكي للطفل ببناء مفاهيمه القيمية على أسس وقواعد الآداب الإسلامية ، وإعداده بالتعليم المطلوب لمواجهة الحياة – اعتبرها الإسلام فرائض واجبة لا يسع الوالدين أو المكلفين برعاية الصغار إهمالها أبدا .
يقول الله تعالى في كتابه الكريم :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم: 6] . قال المفسرون في هذه الآية (علموهم وأدبوهم)(1) وقال (عليه الصلاة والسلام): (ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن)(2) , وقال (عليه السلام) : (من كانت له ابنة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ، وأوسع عليها من نعم الله التي أوسع عليه كانت له سترا من النار) رواه مسلم .
وأما التعليم للصغير فهو من الفرائض الواجبة على الوالدين في دور الحضانة والتأديب وواجب على الأمة أن تهيئه لجميع الراغبين من المسلمين ، يقول الحق سبحانه مرغبا في طلب العلم :{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: 9] ، ويقول جل ذكره :{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: 11]. ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله):(طلب العلم فريضة على كل مسلم)(3).
ويستدل من ذلك على وجوب تأديب الطفل وتعليمه وتثقيفه , وقد عني علماء المسلمين قديما (4) وحديثا بهذا الجانب عناية بالغة , ونورد فيما يلي نموذجا يوضح ذلك من كلام الفقيه (ابن قدامة المقدسي من كتابه : مختصر القاصدين) (5) وذلك كنموذج يوضح مدى العناية , إلى جانب أسلوب التناول الذي يوضح منهج التربية في البيئة الإسلامية .
ـ يقول ابن قدامة :
(اعلم أن الصبي أمانة عند والديه , وقلبه جوهرة ساذجة , وهي قابلة لكل نقش فإن عود الخير نشأ عليه وشاركه أبواه ومؤدبه في ثوابه ، وإن عود الشر نشأ عليه ، وكان الوزر في عنق وليه ، فينبغي أن يصونه ويؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء , ولا يعوده التنعم , ولا يحبب إليه أسباب الرفاهية فيضيع عمره في طلبها إذا كبر ، بل ينبغي أن يراقبه من أول عمره ، فلا يستعمل في رضاعه وحضانته إلا امرأة صالحة متدينة تأكل الحلال ، فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه ، فإذا بدت ــ في الولد – مخايل التمييز وأولها الحياء – وذلك علامة النجابة , وهي مبشرة بكمال العقل – فهذا يستعان على تأديبه بحيائه .
وأول ما يغلب (على الطفل) من الصفات شره الطعام ، فينبغي أن يعلم آداب الأكل .. ويقبح عنده كثرة الأكل ، ويشغله في المكتب بتعليم القرآن والحديث ، وأحاديث الأخبار ليغرس في قلبه حب الصالحين ، ولا يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق .
ومتى ظهر في الصبي خلق جميل وفعل محمود فينبغي أن يُكرم عليه ، ويجازى بما يفرح به ويمدح بين أظهر الناس ، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال تغوفل عنه ولا يكاشفه ، فإن عاد عوتب سرا وخوف من اطلاع الناس عليه , ولا يكثر عليه العتاب ؛ لان ذلك يهون عليه سماع
الملامة ، وليكن حافظا هيبة الكلام معه .
وينبغي أن يمنع من النوم نهارا؛ لأنه يورث الكسل .. ويتعود الخشونة في المفرش والملبس والمطعم ، ويعود المشي والحركة والرياضة لئلا يغلب عليه الكسل , ويمنع أن يفتخر على أقرانه بشيء مما يملكه أبواه أو بمطعمه أو ملبسه ، ويعود التواضع والإكرام لمن يعاشره , و يمنع أن يأخذ شيئا من صبي مثله , ويعلم أن الأخذ دناءة وأن الرفعة في الإعطاء .
ويقبح عنده حب (المال) الذهب والفضة ، ولا يعود أن يبصق في مجلسه ،ولا يتمخط ولا يتثاءب بحضرة غيره ، ولا يضع رجلا على رجل ,ويمنع من كثرة الكلام .
ويعود ألا يتكلم إلا جوابا , ,أن يحسن الاستماع إذا تكلم غيره ممن هو اكبر منه , وأن يقوم لمن هو فوقه ويجلس بين يديه .
ويمنع من فحش الكلام ومن مخالطة من يفعل ذلك , فإن أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء .
ويحسن أن يفسح له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل , ليستريح به من تعب التأديب كما قيل : (روح القلوب تعب الذكر) , وينبغي أن يعلم طاعة والديه ومعلميه وتعظيمهم .
وإن بلغ سبع سنين أمر بالصلاة , ولم يسامح في ترك الطهارة ليتعود ويخوف من الكذب والخيانة , وإذا قارب البلوغ القيت إليه الامور)(6) .
وبعد .. فهذا نموذج من النماذج الفذة التي جمعت بين مدلولات النصوص من الكتاب والسنة ووقائع من التجارب حيث شكلت جملة من الأساليب والوسائل التربوية للآباء والأمهات والمربين ، وهنا نموذج آخر من نماذج التربية الإسلامية التي حواها كتاب الله الكريم وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ، من أساليب التربية التي استقصاها الشيخ محمد قطب (7) فبين أن الإسلام يربي إنسانه (بالقدوة الصالحة ، ويربي بالموعظة الحسنة ، ويربي بالعقوبة غير المبرحة، كما يربي بالقصة والعبرة ، ويربي بالعادة والتعويد , ويربي بأسلوب تفريغ الطاقة ويربي الأحداث والوقائع) .
_____________
1ـ مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة ص 109 ، دار الدعوة 1398هـ دمشق .
2- الفتح الكبير ح 3 ص 126 .
3- رواه ابن ماجه في سننه برقم (224) .
4- مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة , وإحياء علوم الدين للغزالي ، وأدب الدنيا والدين للماوردي .
5- ص 159 وما بعدها .
6- ابن قدامة – المرجع السابق ص 159 ح 161 .
7- راجع كتابه ، منهج التربية الإسلامية جـ 1 ص 180 – 222 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|