أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2021
2101
التاريخ: 18-7-2017
1818
التاريخ: 2023-07-28
1034
التاريخ: 2024-02-04
1346
|
من الثابت ان السعادة الزوجية لا تتحقق، ولا ينال الزوجان ما يصبوان اليه من رغد وهناء، الا اذا احسن كل منهما اختيار صاحبه، وشريك حياته، واصطفاه على ضوء القيم الاصيلة والمقاييس الثابتة، التي من شانها ان توثق الروابط الزوجية، وتنشر السعادة والسلام في ربوع الحياة الزوجية. وكما ان سوء الاختيار كثيرا ما يعرضها للفشل والاخفاق.
وقد عالج اهل البيت (عليهم السلام) هذا الجانب الموضوعي من حياة الناس، فأوضحوا محاسن ومساوئ كل من الرجل والمرأة ليكون كل منهما على بصيرة في اختيار زوجه وشريك حياته .... اما الان سوف نذكر الصفات المطلوب توافرها في الزوج المثالي من خلال الاطار الذي تعرضه الشريعة الاسلامية.
الزوج المثالي : هو الرجل الكفوء الذي تسعد المرأة في ظلاله، وتنعم بحياة زوجية هانئة. فليست الكفاءة كما يتوهما غالب الناس، منوطة بالزخارف المادية فحسب، كالقصر الفخم، او السيادة الفارهة، او الرصيد المالي الضخم، وليست هي كذلك منوطة بالشهادة العالية او الوظيفة المرموقة، او الحس الرفيع، فقد تتوافر هذه الأمور في الرجل، وهي رغم ذلك لا تحقق سعادة الزوجة وامانيها في الحياة.
وقد اعربت عن ذلك زوجة معاوية وقد سئمت في كنفه مظاهر الترف والبذخ والسلطات والثراء، وحنت الى فتى احلامها وان كان خلوا من ذلك فقد كانت مطلقة وتزوجت من معاوية فلم تذق معه طعم السعادة، وبينت ذلك في قولها(1):
لبيت تخفق الارواح فيه احب الي من قصر منيف
ولبس عباءة وتقر عيني احب الي من لبس الشفوف
وخرق من بني عمي نجيب احب الي من علج عنيف
فالكفاءة الحقة هي مزيج من عناصر ثلاثة :
1ـ التمسك بالدين.
2- التحلي بحسن الخلق.
3-القدرة على اعالة الزوجة ورعايتها ماديا وادبياً.
وأكد الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) على اختيار الزوج الكفوء. فقال:(صلى الله عليه واله):( وانكحوا الاكفاء، وانكحوا فيهم ، واختاروا لنطفكم)(2).
وفي هذا السياق يحدد الإمام الصادق (عليه السلام) الخطوط العامة للكفاءة الزوجية بقوله : (الكفوء أن يكون عفيفاً وعنده يسار)(3).
وعند التمعن في هذا الحديث نجد ان الإمام (عليه السلام) يركز على أهمية توفر شرطين أساسيين في الكفاءة يتوقف عليها نجاح الحياة الزوجية وضمان استمرارها ،وهما :الشرط الأخلاقي المتمثل بالعفة، والشرط الاقتصادي المتمثل باليسار وبتعبير ادق انه يرى ان الكفاءة التامة تتحقق بتوفير البعدين : المعنوي والمادي معاً.
هذه هي النظرة الواقعية للكفاءة، فالإسلام لا يريد من الرجل أن يكون راهبا يقبع في احد زوايا الدار او المسجد للعبادة والنسك، ويترك زوجته واطفاله عرضة لعوامل الفقر والفاقة، ولا
يرتضي أن يكون غنياً في غاية الثراء، ولكن لا رصيد له من الفضيلة والعفة.
كان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لما خطب فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقيراً حتى ان نساء قريش قد عيّرنها بفقره، فقال لها النبي (صلى الله عليه واله) : (اما ترضين يا فاطمة زوجك اقدمهم اسلاماً، واكثرهم علماً، ان الله تعالى اطلع الى اهل الارض اطلاعه فاختار منهم اباك فجعله نبياً، واطلع اليهم ثانية فاختار منهم بعلك فجعله وصياً، واوحى الله الي ان انكحك اياه...)(4).
فضحكت فاطمة (عليها السلام) واستبشرت...(5).
هذا الموقف الذي سجله التاريخ بسطور من نور يعطي الشباب درسا في الاختيار السليم لكي يضعوا نصب اعينهم الكفاءة المعنوية ويمنحوها الاولوية.
والشرع اكد على الرجل بشكل خاص ولربما اكثر من المرأة، وينبثق ذلك من مواقع المسؤوليات الجسمية الملقاة على عاتقه بصفته رجلا، واحد الشريكين في هذه الشركة الزوجية، فالرجل عنصر مهم في الحياة الزوجية تترتب عليه اغلب الاثار التربوية والمعنوية؛ لأنه هو شريك عمر الزوجة وهو المسؤول عنها وعن تنشئة الاطفال واعدادهم نفسيا وروحيا وهو المسؤول عن توفير ما تحتاجه الأسرة من حاجات مادية ومعنوية. وكذلك لان المرأة تتأثر بدين زوجها والتزامه بقدر تأثرها بأخلاقه وآدابه اكثر من تأثره هو بدينها وآدابها، قال الإمام الصادق (عليه السلام) : (تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم. لان المرأة تأخذ من آداب زوجها، ويقهرها على دينه)(6)...
فان لم يقع الاختيار على الزوج الصالح الذي يتمتع بقابليات عالية جديدة بان ترشيحه لأهلية الرئاسة للبيت الزوجي فحتما ستكون الحياة الزوجية معرضة للاضطراب، والانحلال، لذا يستحب اختياره طبقا للموازين الإسلامية، من اجل سلامة الزوجة والأسرة من الناحية الخلقية والنفسية، لظهور صفاته واخلاقه على جميع افراد الاسرة من خلال المعايشة فله الاثر الكبير في سعادة الأسرة او شقائها.
وعليه اكدت الشريعة المقدسة على أن يكون الزوج مرضيا في خلقه ودينه، والرسول (صلى الله عليه واله) وكذا الأئمة من اهل البيت (عليهم السلام) يضعون لنا حدود الرجل اللائق للزواج، وذلك من خلال احاديثهم قال (صلى الله عليه واله) : (اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه)(7) وكذلك فقد نهي (صلى الله عليه واله) عن رفض صاحب الخلق والدين فقال (صلى الله عليه واله) : (انكم الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير)(8).
وفي حديث اخر لجابر بن عبدالله عن النبي (صلى الله عليه واله) انه قال : (الا اخبركم بخيار رجالكم؟ قلنا : بلى يا رسول الله. قال : إن خير رجالكم التقي النقي السمح الكفين السليم الطرفين البر بوالديه ولا يلجئ عياله الى غيره)(9).
وأضاف الإمام محمد الجواد (عليه السلام) صفة الامانة الى التدين فقال : (من خطب اليكم فرضيتم دينه وامانته فزوجوه، الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير)(10).
فنرى من خلال هذه الاحاديث ان اهم صفة لا بد من توافرها في الزوج هي (الدين)، لان الزوج يقوم بدافع من واجبه الديني بالإنفاق على أسرته، وتحمل ما تفرضه الشريعة المقدسة من المسؤولية الكبرى تجاه ما تضمنه هذه الأسرة من افراد. وان هذا الدافع الديني هو الذي يضع الزوج امام الامر الواقع فلا يتهرب من تلك المسؤولية، ويلجئ عياله الى غيره كما ونهى عليه الخبر المتقدم. فلا يؤمن بعدها على تلك الاسرة من التسكع والانحراف في تيار الرذائل والموبقات، ومثل هذا الزوج هو الذي ترى الفتاة فيه فتى احلامها لتجد في كنفه سعادتها، وسعادة اسرتها.
اما لو منيت هذه الاسرة بأب يُقصر في واجباته بدافع من ضعف العامل الديني، لان ذلك الزوج لا يدرك المسؤولية التي يفرضها الشرع المقدس عليه، وهو مقصر في اداء واجباته تجاه اسرته مما يؤدي الى النتيجة الحتمية فالنتيجة الحتمية لهذه العملية هو التسيب والانحطاط، لذا نرى رسول الله (صلى الله عليه واله) قد بين النتائج الوظيفية المترتبة من رد الزوج المحافظ ويعده رده خطراً اجتماعياً.....، قال : (الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض ،وفساد كبير) وجاء هذا الخبر في جواب سؤال احد أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) حيث كان السائل قد توقف في امر بناته اذ لم يجد لهن كفؤاً ممن تقدم لخطبتهن فلم يدر ما يصنع، لذلك هرع الى الامام يسأله عن رايه ويطلب منه ان يبين له المقياس الحقيقي للزوج الذي يكون كفؤاً واهلا للنزول عليه فان الامر يتطلب الى الحيطة والحذر من دون المجازفة والتهور في قبول أي خاطب كان، لان الزوج ليس سلعة يتركها المشتري اذا لم يجد فيها ما يحقق رغباته، ويستجيب الامام (عليه السلام) لسائله فيشرح له ما يتطلبه الموقف من دقة، وتثبت ويرشده الى غاية ليلفت نظره الى نقطة دقيقة، تلك هي ان يكون واقعيا في هذه الحياة لينظر الى الزوج نظرة صادقة من اطار الإسلام ونافذته، فيختار من تجتمع فيه الصفات الفاضلة وفي مقدمتها الإيمان، وليكن الدين هو المنطلق لعملية الاختيار المذكور. ففي الإيمان كرم النفس، وفي ظل الايمان يرى الانسان من الاستقرار ما لا يدركه.
ومن الواقع ان الاستقرار هو اهم ما تتطلبه الأسرة في عهدها الجديد يقول الإمام (عليه السلام) وهو يجيب سائلا قائلاً: (فهمت ما ذكرت من امر بناتك وانك لا تجد احداً مثلك فلا تنظر في ذلك رحمك الله فان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : (اذا جاءكم من ترضون خلقه ، ودينه ، فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير)(11). وايضاً نقل عن الامام الرضا (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : (النكاح رق فاذا نكح احدكم وليدة فقد ارقها فلينظر احدكم لمن يرق كريمته)(12)، ولم تكتف الشريعة بهذا المقدار من الحث على اعتبار الجانب الديني في الزوج، بل عرضت لخصوصيات دقيقة تناولتها لتقدم للزوجة الزوج الكفوء، ففي اكثر من مورد حذرت الاباء من تزويج بناتهم لشارب الخمر فعن الإمام الصادق (عليه السلام) ان النبي (صلى الله عليه واله) قال : (شارب الخمر لا يتزوج اذا خطب)(13)
ويحدثنا احد الرواة ان سائلا تصدى للإمام الصادق (عليه السلام) يساله عن السر في تحريم الخمر فقال : (فلِم حرم الله الخمر ولا لذة افضل منها)(14)، ولا شك ان الخمر فيه لذة، وفيه منافع كما يحدث القرآن الكريم عن ذلك في الآية:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}[البقرة: 219] ولكن هذا النفع ضئيل، ولا شيء فيها يتصل بالفساد الذي يترتب على الخمر كما يبين ذلك القرآن الكريم {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}[البقرة: 219] ومن هذه الحقيقة القرآنية يقتبس الإمام (عليه السلام) الجواب ليرد على سائله بقوله : (حرمها لأنها ام الخبائث، ورأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه، فلا يعرف ربه ولا يترك معصية الا ركبها. ولا حرمة الا انتهكها، ولا رحماً ماسة الا قطعها، ولا فاحشة الا أتاها، والسكران زمامه بيد الشيطان، ان امره ان يسجد للأوثان سجد، وينقاد حيثما قاده)(15) اذن فشارب الخمر لا يتزوج لهذه المحاذير، كما قال الإمام في حديثه السابق:
فكيف يحصل لأبي البنت؟ -والحالة هذه- الاطمئنان ليدخل الى المخدع الزوجي مثل هذا الانسان
المتجرد عن القيم الرفيعة ؟ وهل تسمح له نفسه ان يسلم زهرة العمر وفلذة كبده لمثل هذا الشقي الذي ابسط ما يقال فيه انه فَقَدَ عقله فركب رأسه؟ واذا به لا يقف عند حد ولا يتورع من قطع الرحم وانزال انواع العذاب، والاذى بعائلته قد حذر الاسلام من تزويج المرأة المشهورة بالزنا، فقد حذر ايضاً من تزويج الرجل المعلن بالزنا قال الامام الصادق (عليه السلام): (لا تتزوج المرأة المعلنة بالزنا، ولا يتزوج المعلن بالزنا، الا بعد ان تعرف منهما التوبة)(16).
فعقاب الزاني رجما بالحجارة حتى الموت لاستهتاره بقدسية الاعراف وكرامتها المصونة، لذا فقد اكد الشرع المقدس على العفة والحصانة ضد الفجور والآثام الجنسية، وهذا ما عناه النبي (صلى الله عليه واله) بقوله : (من تزوج احرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر).
_________________
1ـ مجالس الصقور : www.ghamid.net
2- الوسائل ج14، ص29 كتاب النكاح باب 13- الحديث3.
3- التهذيب : ج7 باب الكفاءة في النكاح الحديث3.
4- بحار الأنوار ج37ص42.
5- الارشاد : 1/36.
6- الكافي : ج348:5، حديث1.
7- وسائل الشيعة : ج14، ص51، الباب28 من مقدمات النكاح: حديث 1.
8- تهذيب الاحكام 394:7.
9- وسائل الشيعة الباب7، ج14، ص18، من مقدمات النكاح : حديث 2.
10- تهذيب الاحكام 7:396.
11- وسائل الشيعة : ج14، باب28، ح1، ص51.
12- المصدر نفسه : ج14، باب28، ح8، ص52.
13- لزواج في القران والسنة : 122.
14- وسائل الشيعة ج25، باب 12، ح12، ص317.
15- وسام الشيعة : ج25، الباب 12، ح11، ص317.
16- وسائل الشيعة : ج20، الباب13، ح1، ص438.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|