أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
4973
التاريخ: 2023-11-24
1365
التاريخ: 2023-11-18
925
التاريخ: 10/12/2022
1056
|
إنّ الشرك وعبادة الأصنام كسائر الظواهر الاجتماعية لا تنشأ من عامل واحد بل توجد عوامل مختلفة تعاضدت على ايجاده ، من بينها.
الميل إلى المحسوسات والإستئناس بها والمطالبة بإله محسوس.
واللجوء إلى الأوهام في المجتمعات المتخلّفة (الظنّ بتأثير الأصنام في الشفاعة والعزّة والنصر والتقرّب إلى اللَّه والظنّ بعدم إمكانية عبادة اللَّه بصورة مباشرة ووجوب استخدام الوسائط والظنّ بقداسة التماثيل المصنوعة على هيئة الأنبياء والصلحاء وأوهام اخرى).
وهكذا التقليد الأعمى للأسلاف وعدم الإستعداد للتحقيق في قضيّة المعرفة الإلهيّة.
كذلك استغلال المستكبرين والمستعمرين للميل إلى الشرك وعبادة الأصنام للوصول إلى أهدافهم الشيطانية ، واستغفال الناس كانت عوامل مختلفة سبّبت نشوء فكرة الشرك أو استمراره وبقاءه على طول التاريخ.
وقد واجهت هذه التيارات المنحرفة القويّة خطّ الأنبياء الذي يدعو البشر من جهة إلى التحرّر من إطار الحسّ وإدراك ما وراء الطبيعة ، ومن جهة اخرى يدعوهم إلى عبادة اللَّه مباشرةً والخضوع بين يدي ربّ الكون كلِّه واللجوء إلى ذاته المقدّسة في كلّ حال والقضاء على الأوهام.
ومن جهة ثالثة يدعو لكسر طوق التقليد الأعمى والإقبال على البحث في عالم الوجود ومعرفة الآيات الإلهيّة في الآفاق والأنفس.
ومن جهة رابعة يدعو عالم البشرية إلى الوحدة وتحطيم الأصنام المفرِّقة والتحرّر من نير الإستغلال والاستعمار والغفلة والاستضعاف.
هذه هي الخطوط العامّة للكفر والإيمان والشرك والتوحيد.
ونختم هذا الكلام بما أورده العلّامة الطباطبائي رحمه الله في تفسير الميزان في ذيل الآيات 36- 49 من سورة هود تحت عنوان (كيف وُجِدَ الشرك) : «اتّضح من الفصل المتقدّم أنّ الإنسان في مزلّةٍ من تجسيم الامور المعنوية وسبك غير المحسوس في قالب المحسوس بالتمثيل والتصوير وهو مع ذلك مفطور للخضوع أمام أي قوّة فائقة قاهرة والإعتناء بشأنها ، ولذا كانت روح الشرك والوثنية سارية في المجتمع الإنساني سراية تكاد لا تقبل التحرّز والإجتناب في المجتمعات الراقية الحاضرة وحتّى في المجتمعات المبنية على أساس رفض الدين ، فترى فيها من النُّصب وتماثيل الرجال وتعظيمها واحترامها والمبالغة في الخضوع لها ما يمثّل لك وثنية العهود الاولى والإنسان الأوّلي ، على أنّ اليوم من الوثنية على ظهر الأرض ما يبلغ مئات الملايين قاطنين في شرقها وغربها.
ومن هنا يتأيّد بحسب الاعتبار أن تكون الوثنية مبتدئة بين الناس باتّخاذ تماثيل الرجال العظماء ونصب أصنامهم وخاصّة بعد الموت ليكون في ذلك ذكرى لهم ، وكان ربّ البيت في الرومان واليونانيين القدماء- على ما يذكره التاريخ- يُعبد في بيته ، فإذا مات اتّخذ له صنم يعبده أهل بيته ، وكان كثير من الملوك والعظماء معبودين في أقوامهم ، وقد ذكر القرآن الكريم منهم نمرود الملك المعاصر لإبراهيم عليه السلام ... وهو ذا يوجد في بيوت الأصنام الموجودة اليوم ، وكذا بين الآثار العتيقة المحفوظة عنهم أصنام كثير من عظماء رجال الدين كبوذا وأصنام كثير من البراهمة وغيرهم ، واتّخاذهم الموتى وعبادتهم لها من الشواهد على أنّهم كانوا يرون أنّهم لا يبطلون بالموت وإنّ أرواحهم باقية بعده ، لها من العناية والأثر ما كان في حال حياتهم بل هي بعد الموت أقوى وجوداً وأنفذ إرادةً وأشدّ تأثيراً من شوب المادّة ونجت من التأثيرات الجسمانية والإنفعالات الجرمانية ، وكان فرعون موسى يعبد أصناماً له وهو إله معبود في قومه : {وَقَالَ المَلَأُ مِنْ قَومِ فِرعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وقَومَهُ لِيُفسِدُوا فِى الأرضِ وَيَذَرَكَ وآلِهَتَكَ} «1».
وما جاء في هذا البحث هو بعض عوامل الشرك ، ولا بأس من الإشارة أخيراً إلى نقطة تثير العجب ذكرها المؤرّخ الغربي الشهير (ويل ديورانت) في كتابه التاريخي (قصّة الحضارة) وأيّده الكثير من الذين سافروا إلى خارج البلاد في هذا العصر بملاحظاتهم في تلك البلدان وهو وجود أصنام كثيرة صنعت على صورة الأجهزة التناسلية للذكر والانثى! حيث تعبد من قبل مجموعة كبيرة!
ويكتب : لَعلَ (القمر) هو أوّل شيء كانت له أولوية العبادة ، فقد كان الإله المحبوب لدى النساء وعبدنه حامياً لهنّ ، واعتقدن بأنّ للقمر حكومة على الأنواء الجوّية وينزل هذا الجرم السماوي المطر والثلوج ، حتّى أنّ الضفادع- كما في الأساطير- تتضرّع إليه كي ينزل المطر.
وبعد التفصيل في هذا المجال وفي عبادة الشمس والأرض والجبال والبحار يضيف : بما أنّ الإنسان الأوّل لم يدرك أنّ حقيقة انعقاد نطفة الإنسان من (الحيمن) و (البويضة) ، فلذلك كانوا يعتقدون بأنّ المبدأ الوحيد في وجود البشر هو هذا الموجود العجيب أي (الآلة التناسلية لدى الرجل والمرأة) اعتقدوا وجود روح عجيبة فيهما هي المبدأ لهذا الأثر العجيب ، وهذا الأمر كان سبباً في الإعتقاد التدريجي بإلُوهيتهما وتحوّلهم إلى عبَدة لتماثيل الآلة التناسلية!!
والأعجب أنّه يكتب : قلّما نجد قوماً لا يعبدون هذا الصنم بشكل ما! «2».
وكما أشرنا فإنّ عبادة الأصنام لا تزال منتشرة في الهند واليابان في الوقت الحاضر.
ومن هنا يتّضح جيّداً أنّ الإنسان إذا انحرف عن تعليمات الأنبياء : سيقع في مستنقعات متعفّنة وسيرتكب أعمالًا مضحكة ومخجلة.
أمّا الموحّدون ذوو الدين الحقّ والقلب السليم فعليهم أن يشكروا اللَّه كثيراً على تحرّرهم بفضل تعليمات الأنبياء من التلوّث بالشرك والسقوط في هذه الأودية الموحشة.
____________________
(1) تفسير الميزان ، ج 10 ، ص 275- 277 (مع التلخيص).
(2) تاريخ ويل ديورانت ، ج 1 ، ص 95 (مع التلخيص).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|