اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ آياتِكَ بِأَكرمِها ، وَكُلُّ آياتِكَ كريمَةٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِآياتِكَ كُلّهَا |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
![]()
التاريخ: 2023-11-26
![]()
التاريخ: 2023-08-05
![]()
التاريخ: 2025-03-11
![]() |
قد انكشف لك في بعض المباحث السالفة ([1]) ، وانفتح على بصيرة قلبك في شرح بعض الفقرات السابقة أنّ سلسلة الوجود من عنصرياتها وفلكياتها وأشباحها وأرواحها وغيبها وشهودها ونزولها وصعودها كتبٌ إلهية ، وصحف مكرّمة ربوبية ، وزبر نازلة من سماء الأحدية .
وكلّ مرتبة من مراتبها ودرجة من درجاتها ، من سلسلتي الطولية والعرضية آيات مقروّة على آذان قلوب الموقنين الذين خلصت قلوبهم عن كدورة عالم الهيولى وغبارها ، وانتبهوا عن نومتها ؛ متلوّة على الذين انبعثوا عن قبر عالم الطبع وتخلّصوا عن سجن المادّة الظلمانية وقيودها ؛ ولم يجعلوا غاية هممهم الدنيا الدنيّة وزخرفها وزبرجها ؛ ولم يخلدوا على الأرض ، غير قاطنين فيها ؛ وكان دخولهم فيها للزرع لا للحصاد ؛ فإنّ الدنيا مزرعة الآخرة ، وورودهم فيها لأجل الحركة الانعطافية التي بها يصير الإِنسان إنساناً ، ومنها الرجوع إلى الوطن الأصلي مقرّ أبينا آدم عليه السلام ؛ وإليه الإشارة في كلام المولوي :
بشنو از نى چون حكايت مىكند * از جداييها شكايت مىكند
إلى أن قال : هر كسى كو باز ماند از أصل خويش * باز جويد روزگار وصل خويش ([2]).
إلى آخر ما قال ؛ دون الحركة الاستقامية التي كان أبونا آدم - عليه السلام - يريدها ، على ما أفاد شيخنا العارف دام ظلّه ([3]) . وهم في الدنيا كالراحل المريد للتجهيز والمهيّأ للمسافرة . ولم يكن نظرهم إليها إلّا بما أنّها مثال لما في عالم الغيب ؛ كما قال الصادق - عليه السلام - على ما روي : « ما رأيت شيئاً إلّا ورأيت اللَّه قبله ومعه وبعده » ([4]) .
فالسالك البالغ إلى هذا المقام رأى كلّ شيء آية لما في الغيب ؛ فإنّ كلّ موجود حتّى الجماد والنبات كتاب إلهي ، يقرء السالك إلى اللَّه والمجاهد في سبيله ، منه الأسماء والصفات الإِلهية بمقدار الوعاء الوجودي له :
وفي كلّ شيء له آيةٌ * تدلّ على أنّه واحد ([5]), بل عند استهلاكه في غيب الهويّة ومقام جمع الأحدية كان كوناً جامعاً لجميع مراتب الأسماء والصفات ، وعالماً مستقلّاً فيه كلّ الأشياء .
وفي آثار الرضا عليه السلام : « قد علم أولوا الألباب كلّ ما هناك لا يعلم إلّا بما هاهنا » ([6]) .
ثمّ اعلم إنّ الإنسان الكامل لكونه كوناً جامعاً وخليفة اللَّه في الأرضين وآية اللَّه على العالمين كان أكرم آيات اللَّه وأكبر حججه ؛ كما عن مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين ، أو عن سيّدنا الصادق عليهما الصلاة والسلام : « إنّ الصورة الإنسانية أكبر حجج اللَّه على خلقه ؛ وهي الكتاب الذي كتبه بيده ؛ وهي مجموع صورة العالمين . . . » ([7]) إلى آخر الكلام على قائله الصلاة والسلام .
فهو بوحدته واجد لجميع مراتب الغيب والشهادة ، وببساطة ذاته جامع لكلّ الكتب الإلهية ؛ كما في الآثار العلوية ، صلوات اللَّه عليه : وتزعَم أنّك جرم صغير * وفيك انطوى العالَمُ الأكبر ([8])
وقال الشيخ الكبير محيي الدين العربي الأندُلسي : أَنا القرآنُ والسَّبع المثاني * وروحُ الروح لا روحُ الأداني ([9]), وانتبه يا أخا الحقيقة عن نوم الغفلة ، وافتح عين قلبك ، وبصر فؤادك ، واقرأ كتاب نفسك كفى بها شهيداً . قال تعالى : سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ([10]) .
وقيل : ليس مِن اللَّه بمستنكَر * أن يجمع العالَم في واحد ([11])
وما دام تكون في غشوة عالم الطبع وسُكر خمر الهيولى لا يمكنك شهودُ نفسك ونفسيتك ، وقراءةُ كتاب ذاتك وزبور حقيقة وجودك ، فأخرج عن هذه القرية الظالمة المظلمة والدار الموحشة المستوحشة والنشأة الكدرة الضيّقة واقرء وارقَ .
تو را ز كنگرهء چرخ مىزنند صفير * ندانمت كه در اين دامگه چه افتاده است ([12]) واخرق حجاب الطبع والطبيعة ؛ فإنّك من عالم القدس والطهارة ودار النور والكرامة ؛ كما قال العارف الشيرازي قدّس سرّه :
چاك خواهم زدن اين دلق ريايى چه كنم * روح را صحبت ناجنس عذابي است اليم ([13]), فإذا خرقت الحجب الظلمانية ترى ظهور الحقّ في كلّ الأشياء ، وإحاطتَه عليها ، وأ نّها آياته وبيّناته الدالّة بكمالاتها على كمال منشئها وبارئها .
[1] تقدّم في الصفحة 57 وما بعدها .
[2] مثنوى معنوي : 5 ، دفتر أول ، بيت 4 .
[3] انظر رشحات البحار ، الإنسان والفطرة : 172 و 203 .
[4] شرح أصول الكافي ، صدر المتألّهين 3 : 432 ؛ شرح الأسماء ، السبزواري : 516 ؛ مرآة العقول 10 : 391 ، والرواية في المصادر مروية عن أمير المؤمنين عليه السلام لكن نقل في رسالة لقاء اللَّه عن الصادق عليه السلام كما أشار إليه الإمام الخميني في حاشية مصباح الهداية . راجع لقاء اللَّه ، الملكي التبريزي : 29 ؛ مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية ، مصباح 20 .
[5] ديوان أبي العتاهية : 45 .
[6] التوحيد ، الصدوق : 438 ؛ عيون أخبار الرضا عليه السّلام 1 : 175 ؛ انظر شرح الأسماء ، السبزواري : 141 .
[7] تقدّم في الصفحة 8 .
[8] الديوان المنسوب إلى الإمام علي عليه السّلام : 178 .
[9] الفتوحات المكّية 1 : 9 ؛ الإسراء إلى مقام الأسرى : 4 .
[10] فصّلت ( 41 ) : 53 .
[11] ديوان أبي نواس : 179 .
[12] ديوان حافظ : 90 ، غزل 23 .
[13] ديوان حافظ : 497 ، غزل 430.
|
|
ليس التفاح.. أطباء يكشفون فاكهة تبقيك بعيدا عن الاكتئاب
|
|
|
|
|
إيلون ماسك يعلن تعرض منصة "إكس" لهجوم سيبراني "ضخم"
|
|
|
|
|
الهيأة العليا لإحياء التراث تواصل أمسياتها الرمضانية المخصّصة لكتاب "تهذيب الأحكام"
|
|
|