المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18467 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من قصة أصحاب الايكة
2025-03-04
من قصة الخضر عليه السلام
2025-03-04
من قصة النبي سليمان عليه السلام
2025-03-04
من قصة النبي صالح عليه السلام مع قومه
2025-03-04
مرض العفن الوردي في عرانيص الذرة Gibberella Stalk and Ear Rot
2025-03-04
مقبرة الملك شبكا
2025-03-04



من قصة الخضر عليه السلام  
  
26   03:11 مساءً   التاريخ: 2025-03-04
المؤلف : الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
الكتاب أو المصدر : التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة : ج 4 ص277-283.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / قصص الأنبياء / قصة ذي القرنين وقصص أخرى /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014 1899
التاريخ: 11-10-2014 4021
التاريخ: 11-10-2014 2425
التاريخ: 2025-03-04 27

من قصة الخضر عليه السلام

قال تعالى : { وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً ( 56 ) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً ( 57 ) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً ( 58 ) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً ( 59 ) وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ( 60 ) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً ( 61 ) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً ( 62 ) قالَ أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً ( 63 ) قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً ( 64 ) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ( 65 ) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ( 66 ) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ( 67 ) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ( 68 ) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ( 69 ) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ( 70 ) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً ( 71 ) قالَ أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ( 72 ) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً ( 73 ) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ( 74 ) قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ( 75 ) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً ( 76 ) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً ( 77 ) قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ( 78 ) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً ( 79 ) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً ( 80 ) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ( 81 ) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً }[ سورة الكهف : الآيات 56 - 82 ].

قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ . أي يدفعوه وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً إلى قوله : بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ فهو محكم .

قال : وقوله تعالى : لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا أي ملجأ : وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً أي يوم القيامة يدخلون النار ، فلمّا أخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قريشا خبر أصحاب الكهف ، قالوا : أخبرنا عن العالم الذي أمر اللّه موسى أن يتّبعه ، وما قصّته ؟ فأنزل اللّه عزّ وجلّ : وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً « 1 » .

وقال جعفر بن محمد عليه السّلام : « إنّ الخضر كان نبيّا مرسلا ، بعثه اللّه تبارك وتعالى إلى قومه ، فدعاهم إلى توحيده ، والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه ، وكانت آيته أنّه كان لا يجلس على خشبة يابسة ولا أرض بيضاء إلا أزهرت خضراء ، وإنما سمّي خضرا لذلك ، وكان اسمه ياليا بن ملكان بن عابر بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السّلام ، وإنّ موسى لمّا كلّمه اللّه تكليما ، وأنزل عليه التوراة وكتب له في الألواح من كلّ شيء موعظة وتفصيلا لكلّ شيء ، وجعل آيته في يده وفي عصاه ، وفي الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم ، وفلق البحر ، وأغرق اللّه عزّ وجلّ فرعون وجنوده ، وعملت البشرية فيه حتى قال في نفسه : ما أرى أن اللّه عزّ وجلّ خلق خلقا أعلم منّي . فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى جبرئيل عليه السّلام : يا جبرئيل ، أدرك عبدي موسى قبل أن يهلك ، وقل له : إن عند ملتقى البحرين رجلا عابدا فاتبعه وتعلم منه ، فهبط جبرئيل عليه السّلام على موسى عليه السّلام بما أمره به ربّه عزّ وجلّ ، فعلم موسى عليه السّلام ، أن ذلك لما حدّثته به نفسه .

فمضى هو وفتاه يوشع بن نون عليه السّلام حتى انتهيا إلى ملتقى البحرين ، فوجدا هناك الخضر عليه السّلام يعبد اللّه عزّ وجلّ ، كما قال اللّه عزّ وجلّ في كتابه فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قال له الخضر عليه السّلام : إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً لأنّي وكلت بعلم لا تطيقه ، ووكلت أنت بعلم لا أطيقه . قال موسى : بل أستطيع معك صبرا . فقال الخضر : إن القياس لا مجال له في علم اللّه وأمره وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ؟ قال له موسى : سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً فلمّا استثنى المشيئة قبله . قال : فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً فقال موسى عليه السّلام : لك ذلك عليّ . فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها الخضر عليه السّلام ، فقال له موسى عليه السّلام : أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً قال : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ؟ ! قال موسى عليه السّلام : لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ أي بما تركت من أمرك وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً .

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ الخضر عليه السّلام ، فغضب موسى عليه السّلام وأخذ بتلابيبه وقال له : أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ؟ ! قال له الخضر : إن العقول لا تحكم على أمر اللّه تعالى ذكره ، بل أمر اللّه يحكم عليها ، فسلّم لما ترى مني واصبر عليه ، فقد كنت علمت أنك لن تستطيع معي صبرا . قال موسى عليه السّلام : إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً .

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ وهي الناصرة ، وإليها تنسب النصارى اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فوضع الخضر عليه السّلام يده عليه فأقامه فقال له موسى عليه السّلام : لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قال له الخضر عليه السّلام : هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً فقال : أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صالحة غَصْباً فأردت بما فعلت أن تبقى لهم ، ولا يغصبهم الملك عليها ، فنسب إلابانة « 2 » في هذا الفعل إلى نفسه لعلّة ذكر التعييب ، لأنه أراد أن يعيبها عند الملك حتى إذا شاهدها فلا يغصب المساكين عليها ، وأراد اللّه عزّ وجلّ صلاحهم بما أمره به من ذلك .

ثمّ قال : وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فطبع كافرا ، وعلم اللّه تعالى ذكره أنه إن بقي كفر أبواه وافتتنا به وضلّا بإضلاله إيّاهما ، فأمرني اللّه تعالى ذكره بقتله ، وأراد بذلك نقلهم إلى محل كرامته في العاقبة ، فاشترك في الإبانة بقوله : فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً « 3 » وإنّما اشترك في الإبانة لأنه خشي ، واللّه لا يخشى لأنّه لا يفوته شيء ، ولا يمتنع عليه أحد أراده ، وإنما خشي الخضر من أن يحال بينه وبين ما أمر فيه فلا يدرك ثواب الإمضاء فيه ، ووقع في نفسه أن اللّه تعالى ذكره جعله سببا لرحمة أبوي الغلام ، فعمل فيه وسط الأمر من البشرية مثل ما كان عمل في موسى عليه السّلام ، لأنه صار في الوقت مخبرا ، وكليم اللّه موسى عليه السّلام مخبرا ، ولم يكن ذلك باستحقاق الخضر عليه السّلام للرّتبة على موسى عليه السّلام وهو أفضل من الخضر ، بل كان لاستحقاق موسى للتبيين .

ثمّ قال : وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً ولم يكن ذلك الكنز بذهب ولا فضة ، ولكن كان لوحا من ذهب مكتوب فيه : عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، عجب لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ، عجب لمن أيقن أن البعث حق كيف يظلم ، عجب لمن يرى الدنيا وتصرّف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئنّ إليها ، وكان أبوهما صالحا ، وكان بينهما وبين هذا الأب الصالح سبعون أبا ، فحفظهما اللّه بصلاحه ، ثم قال : فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما فتبرّأ من الإبانة في آخر القصص ، ونسب الإرادة كلها إلى اللّه تعالى ذكره في ذلك لأنه لم يكن بقي شيء مما فعله فيخبر به بعد ويصير موسى عليه السّلام به مخبرا ومصغيا إلى كلامه تابعا له ، فتجرّد من الإبانة والإرادة تجرّد العبد المخلص ، ثمّ صار متنصّلا مما أتاه من نسبة الإبانة في أول القصة ، ومن ادعائه الاشتراك في ثاني القصّة ، فقال : رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً .

ثم قال جعفر بن محمد عليه السّلام : « إنّ أمر اللّه تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ومن حمل أمر اللّه على المقاييس هلك وأهلك ، إنّ أول معصية ظهرت ، الإبانة من إبليس اللعين ، حين أمر اللّه تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا ، وأبى إبليس اللعين أن يسجد ، فقال عزّ وجلّ : {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف : 12] فكان أوّل كفره قوله : أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ثمّ قياسه بقوله : خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فطرده اللّه عزّ وجلّ عن جواره ولعنه وسماه رجيما ، وأقسم بعزّته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوّه إبليس في أسفل درك من النار » « 4 ».

وقال أبو عبد اللّه عليهما السّلام : « لمّا كان من أمر موسى عليه السّلام الذي كان ، أعطي مكتلا « 5 » فيه حوت مملّح ، وقيل له : هذا يدلك على صاحبك عند عين مجمع البحرين ، لا يصيب منها شيء ميتا إلا حيي ، يقال لها : الحياة ، فانطلقا حتى بلغا الصخرة ، فانطلق الفتى يغسل الحوت في العين ، فاضطرب الحوت في يده حتى خدشه ، فانفلت منه ، ونسيه الفتى ، فلمّا جاوز الوقت الذي وقّت فيه أعيا موسى عليه السّلام : قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً قال : أَ رَأَيْتَ إلى قوله تعالى : عَلى آثارِهِما قَصَصاً فلمّا أتاها وجد الحوت قد خرّ في البحر ، فاقتصّا الأثر حتى أتيا صاحبهما في جزيرة من جزائر البحر ، إمّا متكئا وإما جالسا في كساء له ، فسلّم عليه موسى عليه السّلام ، وعجب من السّلام ، وهو في أرض ليس فيها سلام ، فقال : من أنت ؟ قال : أنا موسى . قال : أنت موسى بن عمران الذي كلّمه اللّه تكليما ؟ قال : نعم . قال : فما حاجتك ؟ قال : أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً.

قال : إنّي وكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا أطيقه ، وقال له : إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً فحدّثه عن آل محمد عليهم السّلام ، وعمّا يصيبهم حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدّثه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وعن أمير المؤمنين عليه السّلام ، وعن ولد فاطمة عليهم السّلام ، وذكر له من فضلهم وما أعطوا ، حتى جعل ، يقول : يا ليتني من آل محمد ، وعن رجوع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم إلى قومه ، وما يلقى منهم ، ومن تكذيبهم إيّاه ، وتلا هذه الآية : {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [الأنعام : 110] فإنه أخذ عليهم الميثاق » « 6 ».

__________
( 1 ) تفسير القميّ : ج 2 ، ص 37 ، وقال أبو جعفر عليه السّلام « الحقب ثمانون سنة » - نفس المصدر :

ج 2 ، ص 40 .

( 2 ) الظاهر أن المراد الإرادة .

( 3 ) قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « إن الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى عليه السّلام وهو قول اللّه عزّ وجلّ : فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً أبدلهما اللّه به بنتا ، ولدت سبعين نبيّا » ( الكافي : ج 6 ، ص 6 ، ح 11 ) .

 ( 4 ) علل الشرائع : ص 59 ، ح 1 .

( 5 ) المكتل : الزبيل الكبير .

( 6) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 329 ، ح 41 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .