أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-10-2014
![]()
التاريخ: 5-2-2016
![]()
التاريخ: 10-10-2014
![]()
التاريخ: 10-10-2014
![]() |
من قصة النبي موسى مكوثه مع شعيب
قال تعالى : {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [القصص : 20، 35].
1 - قال محمد بن مسلم : قال أبو جعفر عليه السّلام - في حديث طويل قد مر ذكره - : « وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى ، قد كتم إيمانه ستمائة سنة ، وهو الذي قال اللّه : {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر: 28] ، وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل ، فطلبه ليقتله ، فبعث المؤمن إلى موسى عليه السّلام : إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها ، كما حكى اللّه : خائِفاً يَتَرَقَّبُ - قال - يلتفت يمنة ويسرة ، ويقول : رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .
ومرّ نحو مدين ، وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيّام ، فلمّا بلغ باب مدين ، رأى بئرا يستقي الناس منها لأغنامهم ودوابهم ، فقعد ناحية ، ولم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا ، فنظر إلى جاريتين في ناحية ، ومعهما غنيمات ، لا تدنوان من البئر ، فقال لهما : ما لكما لا تستقيان ؟ قالتا ، كما حكى اللّه : لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ ، فرحمهما موسى ، ودنا من البئر ، فقال لمن على البئر : أستقي لي دلوا ، ولكم دلوا ، وكان الدلو يمدّه عشرة رجال ، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب ، وسقى أغنامهما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وكان شديد الجوع .
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : إنّ موسى كليم اللّه حيث سقى لهما ، ثمّ تولّى إلى الظلّ ، فقال : ربّ إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير ، واللّه ما سأل اللّه إلا خبزا يأكل ، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه ، من هزاله .
فلمّا رجعت بنتا شعيب إلى شعيب ، قال لهما : أسرعتما الرّجوع !
فأخبرتاه بقصّة موسى عليه السّلام ، ولم تعرفاه ، فقال شعيب لواحدة منهما : اذهبي إليه ، فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا . فجاءت إليه ، كما حكى اللّه تعالى :
تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا ، فقام موسى معها ، ومشت أمامه ، فصفقتها « 1 » الريح ، فبان عجزها ، فقال لها موسى : تأخّري ، ودلّيني على الطريق بحصاة تلقينها أمامي أتبعها ، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء .
فلمّا دخل على شعيب ، قصّ عليه قصّته ، فقال له شعيب : لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، قالت إحدى بنات شعيب : يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ . فقال لها شعيب : أمّا قوّته ، فقد عرفته بسقي الدّلو وحده ، فبم عرفت أمانته ؟ فقالت له : إنه لما قال لي : تأخّري عني ، ودليني على الطريق ، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء ، عرفت أنّه من القوم الذين لا ينظرون أعجاز النساء ، فهذه أمانته .
فقال له شعيب : إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ .
فقال له موسى : ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ أي لا سبيل عليّ إن عملت عشر سنين ، أو ثمان سنين . فقال موسى وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ » .
قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام : أيّ الأجلين قضى ؟ قال : « أتمّها عشر سنين » .
قلت له : فدخل بها قبل أن يقضي الأجل ، أو بعده ؟ قال : « قبل » .
قلت : فالرجل يتزوّج المرأة ، ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا ، أيجوز ذلك ؟ قال : « إنّ موسى علم أنه يتمّ له شرطه ، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي » « 2 » .
قلت له : جعلت فداك ، أيّهما زوّجه شعيب من بناته ؟ قال : « التي ذهبت إليه فدعته ، وقالت لأبيها : يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ » .
« فلمّا قضى موسى الأجل ، قال لشعيب : لا بد لي أن أرجع إلى وطني ، وأمي ، وأهل بيتي ، فما لي عندك ؟ فقال شعيب : ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق « 3 » فهو لك ؟ فعمد موسى عندما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصا ، فشقّ منها بعضا ، وترك بعضا ، وغرزها في وسط مربض الغنم ، وألقى عليها كساء أبلق ، ثم أرسل الفحل على الغنم ، فلم تضع الغنم في تلك السنة إلّا بلقا .
فلمّا حال عليه الحول ، حمل موسى امرأته ، وزوّده شعيب من عنده ، وساق غنمه ، فلمّا أراد الخروج ، قال لشعيب : أبغي عصا تكون معي ، وكانت عصي الأنبياء عنده ، قد ورثها مجموعة في بيت ، فقال له شعيب : ادخل هذا البيت ، وخذ عصا من بين العصي . فدخل ، فوثبت إليه عصا نوح وإبراهيم عليهما السّلام ، وصارت في كفّه ، فأخرجها ، ونظر إليها شعيب ، فقال :
ردّها ، وخذ غيرها . فردّها ليأخذ غيرها ، فوثبت إليه تلك بعينها ، فردّها ، حتى فعل ذلك ثلاث مرّات ، فلمّا رأى شعيب ذلك ، قال له : اذهب ، فقد خصّك اللّه بها .
فساق غنمه ، فخرج يريد مصر ، فلمّا صار في مفازة ومعه أهله ، أصابهم برد شديد وريح وظلمة ، وجهنّم الليل ، فنظر موسى إلى نار قد ظهرت ، كما قال اللّه : فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ « 4 » - قال أبو جعفر عليه السّلام : « لمّا قضى موسى الأجل ، وسار بأهله نحو بيت المقدس ، أخطأ الطريق ليلا ، فرأى نارا ، فقال لأهله : امكثوا ، إنّي آنست نارا » « 5 » - .
فأقبل نحو النار يقتبس ، فإذا شجرة ونار تلتهب عليها ، فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه ، ففزع منها وعدا ، ورجعت النار إلى الشجرة ، فالتفت إليها وقد رجعت إلى مكانها ، فرجع الثانية ليقتبس ، فأهوت إليه ، فعدا وتركها ، ثمّ التفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة ، فرجع إليها ثالثة ، فأهوت إليه ، فعدا ولم يعقّب ، أي لم يرجع ، فناداه اللّه : أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ، قال موسى : فما الدليل على ذلك ؟ قال اللّه : ما في يمينك يا موسى ؟ قال : هي عصاي . قال : {أَلْقِهَا يَا مُوسَى} [طه : 19] فألقاها ، فصارت حيّة تسعى ، ففزع منها موسى عليه السّلام ، وعدا ، فناداه اللّه : خذها وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ . أي من غير علّة ، وذلك أن موسى عليه السّلام كان شديد السّمرة ، فأخرج يده من جيبه ، فأضاءت له الدنيا ، فقال اللّه عزّ وجلّ : فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ .
فقال موسى ، كما حكى اللّه عزّ وجلّ : رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ » « 6 ».
2 - وقال أنس بن مالك : بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مصدّقا إلى قوم ، فعدوا على المصدّق فقتلوه ، فبلغ ذلك النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فبعث إليهم عليّا عليه السّلام ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذرّيّة ، فلمّا بلغ عليّ عليه السّلام أدنى المدينة ، تلقّاه النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والتزمه ، وقبل ما بين عينيه ، وقال : « بأبي أنت وأمّي ، من شدّ اللّه به عضدي ، كما شدّ عضد موسى بهارون » « 7 ».
وقال البرسيّ : روي أن فرعون ( لعنه اللّه ) لمّا لحق هارون بأخيه موسى ، دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه ، فإذا فارس يقدمهما ، ولباسه من ذهب ، وبيده سيف من ذهب ، وكان فرعون يحبّ الذّهب ، فقال لفرعون : أجب هذين الرّجلين ، وإلا قتلتك . فانزعج فرعون لذلك ، وقال : عودا إليّ غدا .
فلمّا خرجا ، دعا البوّابين وعاقبهم ، وقال : كيف دخل عليّ هذا الفارس بغير إذن ؟ فحلفوا بعزّة فرعون أنه ما دخل إلا هذان الرّجلان . وكان الفارس مثال علي عليه السّلام ، هذا الذي أيّد اللّه به النبيّين سرّا ، وأيّد به محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم جهرا ، لأنّه كلمة اللّه الكبرى التي أظهرها اللّه لأوليائه فيما شاء من الصّور ، فنصرهم بها ، وبتلك الكلمة يدعون اللّه فيجيبهم وينجيهم ، وإليه الإشارة بقوله : وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا .
قال ابن عباس : كانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس « 8 ».
وروى البرسيّ أيضا ، قال : روى أصحاب التواريخ : أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان جالسا وعنده جنّي يسأله عن قضايا مشكلة ، فأقبل أمير المؤمنين عليه السّلام فتصاغر الجنّي حتى صار كالعصفور ، ثم قال : أجرني ، يا رسول اللّه . فقال :
« ممّن ؟ » فقال : من هذا الشابّ المقبل . فقال : « وما ذاك ؟ » فقال الجنّي : أتيت سفينة نوح لأغرقها يوم الطوفان ، فلمّا تناولتها ضربني هذا فقطع يدي ، ثم أخرج يده مقطوعة ، فقال النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « هو ذاك » « 9 » .
ثم قال البرسيّ : وبهذا الإسناد : أنّ جنيّا كان جالسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأقبل أمير المؤمنين عليه السّلام ، فاستغاث الجنيّ ، وقال : أجرني - يا رسول اللّه - من هذا الشاب المقبل . قال : « وما فعل بك ؟ » قال : تمرّدت على سليمان ، فأرسل إليّ نفرا من الجنّ ، فطلت « 10 » عليهم ، فجاءني هذا الفارس فأسرني وجرحني ، وهذا مكان الضّربة إلى الآن لم يندمل « 11 ».
_____________
( 1 ) الصّفق : الضرب الذي يسمع له صوت . « لسان العرب - صفق - ج 10 ، ص 200 » .
( 2) مجمع البيان : ج 7 ، ص 390 .
( 3 ) البلق : سواد وبياض ، وبلق الدابة : ارتفاع التحجيل إلى الفخذين . « لسان العرب - بلق - ج 10 ، ص 25 » .
( 4 ) قد مر ذكر هذه القصة في تفسير الآيات ( 3 و 4 ) من هذه السورة .
( 5 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 391 .
( 6 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 135 .
( 7 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 415 ، ح 6 ، شواهد التنزيل : ج 1 ، ص 435 ، ح 598 .
( 8 ) مشارق أنوار اليقين : ص 81 ، وفيه زيادة : والسلطان .
( 9 ) مشارق أنوار اليقين : ص 85 .
( 10 ) طال عليه : علاه وترفّع عليه . « لسان العرب - طول - ج 11 ، ص 412 . »
( 11 ) مشارق أنوار اليقين : ص 85 .
|
|
السكر والملح وسرطان الجهاز الهضمي.. دراسة تحدد "صلة قوية"
|
|
|
|
|
روسيا تطلق صاروخا يحمل مركبة فضائية لأغراض دفاعية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يعلن عن محاور مؤتمر الإمام الهادي (عليه السلام)
|
|
|