أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-16
472
التاريخ: 31-5-2016
1967
التاريخ: 2024-08-13
469
التاريخ: 2023-04-03
1070
|
قال تعالى : {وَالْمُحْصَنَاتُ
مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ
بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء : 24]
لقد إتفق عامّة علماء المسلمين ، بل
قامت ضرورة الدين على أنّ الزواج المؤقت (المتعة) كان أمراً مشروعاً في صدر
الإِسلام (والكلام حول دلالة الآية الحاضرة على مشروعية المتعة لا ينافي قطعية
وجود أصل الحكم لأنّ المخالفين يرون ثبوت مشروعية هذا الحكم في السنة النبوية) ، بل
كان المسلمون في صدر الإِسلام يعملوا بهذا الحكم ، والعبارة المعروفة المروية عن
عمر : «متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا محرمهما
ومعاقب عليهما ، متعة النساء ومتعة الحج»
(1) دليل واضح على وجود هذا الحكم في عصر النّبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) ، غاية ما في الأمر أن من خالف هذا الحكم ادعى أنّه قد
نسخ في ما بعد ، وحرم هذا النوع من الزواج.
ولكن الملفت للنظر هو أنّ الروايات الناسخة لهذا الحكم التي ادعوها مضطربة اضطراباً كبيراً ، فبعضها يقول : إِنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه هو الذي نسخ هذا الحكم ، وعلى هذا يكون الناسخ لهذا الحكم القرآني هو السنة النبوية ، وبعضها يقول : إِنّ ناسخه هو آية الطلاق إِذ يقول سبحانه : (إِذا طلقتم النساء فطلقوهنّ لعدّتهن) في حين أنّ هذه الآية لا ترتبط بالمسألة المطروحة في هذا البحث لأنّ هذه الآية تبحث في الطلاق ، في حين أن الزواج المؤقت (أو المتعة) لا طلاق فيه ، والإِفتراق بين الطرفين في هذا الزواج يتمّ بانتهاء المدّة المقررة.
إِنّ القدر المتيقن في المقام هو أن أصل مشروعية هذا
النوع من الزواج في زمن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أمر قطعي ومفروغ عنه ، وليس
ثمّة أي دليل يمكن الإِطمئنان إِليه ويثبت نسخ هذا الحكم ، ولهذا فلابدّ من أن
نحكم ببقاء هذا الحكم ، بناء على ما هو مقرر وثابت في علم الأصول.
والعبارة المشهورة المروية عن «عمر» خير شاهد على هذه
الحقيقة ، وهي أنّ هذا الحكم لم ينسخ في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
... وإِلخ.
ثمّ إن من البديهي أنّه لا يحق لأحد إِلاّ النّبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) أن ينسخ الأحكام ، فهو وحده يحق له ـ وبأمر من الله سبحانه
وإِذنه ـ أن ينسخ بعض الأحكام ، وقد سد باب نسخ الأحكام بعد وفاة النّبي تماماً ، وإِلاّ
لإستطاع كل واحد أن ينسخ شيئاً من الأحكام الإِلهية حسب اجتهاده ومزاجه ، وحينئذ
لا يبقى شيء من الشريعة الخالدة الأبدية ، وهذا مضافاً إِلى أنّ الإِجتهاد في
مقابل النص النّبوي لا ينطوي على أية قيمة أبداً.
والملفت للنظر أننا نقرأ في صحيح الترمذي الذي هو من
صحاح أهل السنة المعروفة ، وكذا عن الدار قطني أن رجلا من أهل الشام سأل «عبد الله
بن عمر» عن التمتع بالعمرة إِلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل ، قال : فإِن أباك
كان ينهى عنها ، فقال : ويلك فإِن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) وأمر به أفبقول أبي آخذ ، أم بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) قم عنّي (2).
وقد ورد نظير هذا الحديث وبنفس الصورة التي قرأتها حول
زواج المتعة عن «عبد الله بن عمر» في صحيح الترمذي (3).
وجاء في كتاب «المحاضرات» للراغب أنّ رجلا من المسلمين
كان يفعلها (أي المتعة) فقيل له : عمّن أخذت حلّها؟ فقال : عن عمر ، فقالوا : كيف
ذلك وعمر هو الذي نهى عنها وعاقب على فعلها ؟ فقال : لقوله : متعتان كانتا على عهد
رسول الله ، وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما متعة الحج ومتعة النساء ، فأنا أقبل
روايته في شرعيتها على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما أقبل نهيه
من قبل نفسه (4).
ثمّ إن هناك مطلباً آخر لابدّ أن نذكر به هنا وهو أن
الذين ادعوا نسخ هذا الحكم (أي انتساخه) قد واجهوا مشكلات عديدة.
أوّلا : أنّه صرّح في روايات عديدة في مصادر أهل السنة
بأنّ هذا الحكم لم ينسخ في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أبداً ، بل
نهي عنه في عهد عمر ، وعلى هذا يجب على مدعي النسخ أن يجيبوا على هذه الروايات
البالغة ـ عدداً ـ عشرين رواية ، جمعها العلاّمة الأميني (رحمه الله) مفصلة في
الجزء السادس من «الغدير» وها نحن نشير إِلى نموذجين منها.
1 ـ روي في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه
كان يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيّام على عهد رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر حتى ـ ثمّ ـ نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (5).
2 ـ وفي حديث آخر في كتاب «الموطأ» لمالك و«السنن
الكبرى» للبيهقيروي عن «عروة بن زبير» إنّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب
رضي الله عنه فقالت : إنّ ربيعة بن أميّة استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر
رضي الله عنه يجرّ رداءه فزعاً فقال : هذه المتعة لو كنت تقدمت فيه لرجمته ، (أي
أمنع منها من الآن) (6).
وفي كتاب «بداية المجتهد» تأليف «ابن رشد الأندلسي» نقرأ
أيضاً أنّ جابر بن عبد الله الأنصاري كان يقول : تمتعنا على عهد رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى عنها عمر الناس (7).
والمشكلة الاُخرى هي أنّ الروايات التي تتحدث عن نسخ حكم
المتعة في عهد رسول الله مضطربة ومتناقضة جدّاً ، فبعضها يقول نسخ في خيبر وبعضها
يقول : نسخ يوم فتح مكّة ، وبعض يقول : في معركة تبوك وآخر يقول : يوم أوطاس وما
شابه ذلك ، ومن هنا يتبيّن إِن هذه الأحاديث المشيرة إِلى النسخ موضوعة برمتها لما
فيها من التناقض البيّن والتضارب الواضح.
من كل ما قلناه اتّضح أنّ ما كتبه صاحب تفسير المنار حيث
قال : «وقد كنّا قلنا في (محاورات المصلح
والمقلد) التي نشرت في المجلدين الثالث والرابع :
من المنار أن عمر نهى عن المتعة اجتهاداً منه وافقه
عليه الصحابة ثمّ تبيّن لنا أنّ ذلك خطأ فنستغفر الله منه» (8)
إِنّه حديث العصبية لأنّ هناك في مقابل الرّوايات
المتضاربة المتناقضة التي تتحدث عن انتساخ حكم المتعة في عهد رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) روايات تصرّح باستمرار المسلمين على ممارسة هذا الأمر (أي المتعة)
إِلى عهد عمر ، وعلى هذا ليس المقام مقام الإِعتذار ولا الإِستغفار ، فالشواهد
التي ذكرناها سابقاً تشهد بأن كلامه الأوّل مقترن بالحقيقة وليس كلامه الثّاني
كذلك.
ولا يخفى أنّه لا «عمر» ولا أي شخصية أُخرى حتى أئمّة أهل
البيت (عليهم السلام) وهم خلفاء النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقادرين على نسخ
أحكام ثبتت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل لا معنى للنسخ ـ أساساً
ـ بعد وفاة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وانسداد باب الوحي وانقطاعه ، وحملهم
كلام «عمر» على الإِجتهاد مثير للعجب ، لأنّه من «الإِجتهاد» في مقابل «النص».
وأعجب من ذلك أن جماعة من فقهاء السنة اعتبروا الآيات
المرتبطة بأحكام الزواج مثل الآية (6) من سورة المؤمنين ناسخة لآية المتعة ، وكأنّهم
تصوروا أن زواج المتعة ليس زواجاً أصلا ، في حين أنّه أحد أقسام الزواج.
_______________________
1. تفسير كنز العرفان , ج2 , ص158 , تفسير القرطبي , ج2.ص365
, ذيل الآية 196من سورة البقرة.
2. المراد من المتعة الحج التي حرمها عمر هو لو اننا
صرفنا النظر عن حج التمتع , فان حج التمتع عبارة عن الامر التالي : ان يحرم الشخص
اولا . ثم بعد الاتيان بمناسك ((العمرة )) يخرج من احرامه (فيحل له كل شيء حتى
الجماع) ثم يحرم من جديد ليؤدي مناسك الحج من تاسع ذي الحجة .وقد كان الناس في
الجاهلية يبطلون هذا العمل ويستغربون ممن يدخل مكة ايام الحج ثم يأتي بالعمرة
ويخرج من احرامه قبل ان يأتي بالحج , ولكن الاسلام اباح هذا وقد صرح بهذا الامر في
الآية 186من سورة البقرة .
3. شرح اللمعة الدمشقية , ج2 , كتاب النكاح .
4. تفسير كنز العرفان , ج2 , ص159الهامش.
5. الغدير , ج6 , ص205و206.
6. الغدير , ج1 , ص210 , وكنز العمال , ج16 , ص520.
7. بداية المجتهد , ج2 , ص47 , كتاب النكاح.
8. تفسير المنار , ج5 , ص16.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|