أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2014
![]()
التاريخ: 13/12/2022
![]()
التاريخ: 9-11-2014
![]()
التاريخ: 2-12-2015
![]() |
الصانع تعالى وحده
قال تعالى : {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} [الروم : 51 - 55].
قال الشيخ الطبرسي : ثم عاب سبحانه كافر النعمة فقال : وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً مؤذنة بالهلاك باردة فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا أي : فرأوا النبت والزرع الذي كان من أثر رحمة اللّه مصفرا من البرد بعد الخضرة والنضارة .
وقيل : إن الهاء يعود إلى السحاب ، ومعناه : فرأوا السحاب مصفرا ، لأنه إذا كان كذلك ، لم يكن فيه مطر لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ أي : لصاروا من بعد أن كانوا راجين مستبشرين ، يكفرون باللّه وبنعمته ، ولم يرضوا بقضاء اللّه تعالى فيه ، فعل من جهل صانعه ومدبره ، ولا يعلم أنه حكيم لا يفعل إلا الأصلح ، فيشكر عند النعمة ، ويصبر عند الشدة .
ثم قال سبحانه لنبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ يا محمد الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ شبه الكفار في ترك تدبرهم فيما يدعوهم إليه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تارة بالأموات ، وتارة بالصم ، لأنهم لا ينتفعون بدعاء الداعي ، فكأنهم لا يسمعونه . إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ أي : إذا أعرضوا عن أدلتنا ، ذاهبين إلى الضلال والفساد ، غير سالكين سبيل الرشاد .
وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ يعني : إنهم كالعمي لا يهتدون بالأدلة ، ولا تقدر على ردهم عن العمى ، إذ لم يطلبوا الاستبصار . إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا ليس تسمع إلا من يصدق بآياتنا وأدلتنا ، فإنهم المنتفعون بدعائك وإسماعك . فَهُمْ مُسْلِمُونَ منقادون لأمر اللّه .
ثم عاد سبحانه إلى ذكر الأدلة فقال : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ أي : من نطف . وقيل : معناه خلقكم أطفالا لا تقدرون على البطش ، والمشي ، والتصرفات . ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً أي : شبابا . ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يعني : حال الشيخوخة ، والكبر يَخْلُقُ ما يَشاءُ من ضعف وقوة وَهُوَ الْعَلِيمُ بما فيه مصالح خلقه الْقَدِيرُ على فعله بحسب ما يعلمه من المصلحة .
ثم بين سبحانه حال البعث فقال : وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ أي : يحلف المشركون ما لَبِثُوا في القبور غَيْرَ ساعَةٍ واحدة . وقيل : يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة لاستقلالهم مدة الدنيا .
وقيل : يحلفون ما لبثوا بعد انقطاع عذاب القبر غير ساعة . ومتى قيل : كيف يحلفون كاذبين مع أن معارفهم في الآخرة ضرورية ؟ قيل فيه أقوال .
أحدها : إنهم حلفوا على الظن ، ولم يعلموا لبثهم في القبور ، فكأنهم قالوا : ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا .
وثانيها : إنهم استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة ، فكأنهم قالوا : ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة ، فاستقلوا حيث اشتغلوا في المدة اليسيرة بما أوردهم تلك الأهوال الكثيرة .
وثالثها : إن ذلك يجوز أن يقع منهم قبل إكمال عقولهم . كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ في دار الدنيا أي : يكذبون . وقيل : يصرفون . صرفهم جهلهم عن الحق في الدارين . ومن استدل في هذه الآية على نفي عذاب القبر ، فقد أبعد لما بينا أنه يجوز أن يريدوا أنهم . لم يلبثوا بعد عذاب اللّه إلا ساعة « 1».
وقال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ يعني من نطفة منتنة ضعيفة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وهو الكبر « 2 » .
وقال أحمد بن محسن الميثميّ ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام ، في حديث يتضمن الاستدلال على الصانع سبحانه وتعالى ، قال ابن أبي العوجاء - في الحديث بعد ما ذكر أبو عبد اللّه عليه السّلام الدليل على الصانع تعالى - فقلت له : ما منعه إن كان الأمر كما تقولون أن يظهر لخلقه ، ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ، ولم احتجب عنهم ، وأرسل إليهم الرسل ، ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به ؟
فقال لي : « ويلك ، وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك : نشوءك ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك ، وقوتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد قوتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغضبك بعد رضاك ، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وبغضك بعد حبّك ، وحبّك بعد بغضك ، وعزمك بعد أناتك ، وأناتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهيتك ، وكراهيتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجائك ، وخاطرك بما لم يكن في وهمك ، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك » . وما زال يعدّد عليّ قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه « 3 » .
_____________
( 1 ) مجمع البيان : ج 8 ، ص 70 - 71 .
( 2) تفسير القمّي : ج 2 ، ص 160 .
( 3 ) الكافي : ج 1 ، ص 58 ، 2 .
|
|
هدر الطعام في رمضان.. أرقام وخسائر صادمة
|
|
|
|
|
كالكوبرا الباصقة.. اكتشاف عقرب نادر يرش السم لمسافات بعيدة
|
|
|
|
|
في مدينة الحلة الفيحاء .. الأمانة العامة للعتبة الكاظمية تحتفي بميلاد الإمام الحسن
|
|
|