أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-03
979
التاريخ: 2023-02-23
1260
التاريخ: 29-12-2022
1378
التاريخ: 29-9-2016
1827
|
أنّ الأساس والقاعدة الأصلية التي يقوم عليها المجتمع البشري هو الاعتماد المتقابل بين الأفراد ، وهذا الاعتماد المتقابل هو سبب اتّحاد الصفوف والتعاون والتكاتف بين أفراد المجتمع وبالتالي يتسبب في تقدّم المجتمع وتكامله على جميع الصُعد.
وقد أولى الإسلام أهميّة كبيرة لحفظ هذا العنصر الأساس وهو اعتماد الناس ووحدة صفوفهم وحرّم أي فعل من شأنه أن يلحق الضرر بوحدة المجتمع وقوّته ، وأوجب كذلك كل فعل يسبب في تقوية شرائح المجتمع وشد أركانه (تارة من خلال الحكم الوجوبي واخرى من خلال الحكم الإستحبابي.
ولا شك أنّ النميمة هي من العوامل المهمّة للتفرقة وإيجاد سوء الظن بين أفراد المجتمع وتفضي إلى العداوة وتعميق حالة الحقد والكراهية بين الأفراد ، وتارة تؤدّي إلى تلاشي الأسر وتمزّق العوائل ، ولهذا السبب فإنّ الروايات المذكورة آنفاً تعدّ الشخص النّمام أشر أفراد المجتمع وأسوأهم.
ونقرأ في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : «إِيّاكُم وَالنِّمائِمَ فَإِنَّها الضَّغائِنِ» ([1]).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام أيضاً قوله : «إِيّاكَ وَالنَّميمةَ فَإِنَّها تزرَعُ الضَّغِينَةَ وَتُبَعِّدُ عَنِ اللهِ وَالنّاسِ» ([2]).
وجاء في أحاديث اخرى التعبير بكلمة (شحناء) والتي تأتي بمعنى العداوة والضغينة أيضاً ، ويتّضح من الأحاديث الشريفة السابقة أنّ النمّام هو أسوأ خلق الله تعالى بسبب سعيه للتفرقة بين الأحبّة والأصدقاء وتحرّكه من موقع إتّهام الأشخاص الطاهرين.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ الشخص النّمام يعيش في المجتمع منفوراً ومطروداً ، لأنّ طرفي النزاع اللذين استمعا لكلامه وصدقا به فإنّهما غالباً يندمان بعد ذلك ويجدان في أنفسهما الكراهية الشديدة للشخص الذي سبب الفرقة بينهما ويلعنانه ويحذّران الناس من الاتّصال مع هذا الشخص والتصديق بأقواله ، وقد مرّ علينا في أحد الأحاديث الشريفة أنّ النمام بعيد عن الله وبعيد عن خلق الله.
والإمام الصادق (عليه السلام) يشبّه النّمام بالساحر الذي يفرّق بين الأحبّة بسحره ويقول في حديث مختصر وعميق المغزى : «إِنّ مِنْ أَكبَرِ السِّحرِ النَّمِيمَةِ يُفَرِّقُ بِها بَينَ المُتَحابِينَ وَيَجلِبُ العَداوَةَ عَلى المُتَصافِّينَ وَيَسفِكُ بِها الدِّماءَ وَيَهدِمُ الدُّورَ وَيَكشِفُ بِها السُّتُورَ ، وَالنَّمامِ أَشرُّ مَنْ وَطأ عَلَى الأرضِ بِقَدَمِ» ([3]).
وطبعاً النميمة ليست بسحر ، ولكنّها تحمل في نتائجها آثار السحر ، ولذلك فإنّ الإمام قال عنها أنّها من أكبر أنواع السحر.
والجدير بالذكر أنّ النميمة لها أثر تخريبي كبير وعادة تكون العناصر المخرّبة أقوى أثراً وأسرع نتيجة من العناصر الخيّرة والمصلحة ، لأنّ الأرضية لسوء الظن موجودة في القلوب ، وعند ما يتحرّك النّمام في إثارتها وتفعيلها فإنّها تتحرّك بسرعة وتستيقظ بذلك عناصر الشر في واقع الإنسان ونفسه ، ومن الممكن أن تقوم كلمات قليلة بعملية التفرقة بين صديقين حميمين مضى على صداقتهما أربعون سنة ، كما أنّ بناء سد مفيد لخزن المياه يمكن أن يستغرق عشرات السنين ولكنّ تخريبه وانهدامه بواسطة الديناميت والمواد المتفجرة قد لا يستغرق سوى بضع ساعات ، ونختم هذا الكلام بالحديث الشريف عن الإمام الصادق حيث قال : «السَّاعِي قاتِلُ ثَلاثَةٍ ، قاتِلُ نَفسَهِ وَقاتِلُ مَنْ يُسعى بِهِ وَقاتِلُ مَن يُسعى لَهُ» ([4]).
الكثير من الموارد المشهودة في حالات الامراء والملوك تبيّن أنّ من سعى إليهم بالنميمة ضدّ شخص آخر فإنّه يلاقي حتفه على يدهم ، وبهذه الصورة يكون الساعي أي النّمام قاتل نفسه أمام الله تعالى ، وكذلك الشخص الذي سعى إليه بالوشاية لأجل عدم التحقيق الكافي فَكأنّه قتل بيد ذلك الساعي لأنّه قتل بريئاً.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ بعض العلماء وأرباب اللغة ذهبوا إلى إشراك السعاية والنميمة في المعنى في حين أنّه من الممكن وجود فرق بينهما (رغم أنّهما متشابهان جدّاً) فالنميمة هي التفرقة بين صديقين أو بين قريبين أو شريكين ، ولكنّ السعاية هي أن يتحدّث الشخص بعيوب شخص آخر عند كبير من الكبراء ، وبهذا يعرض ذلك الشخص إلى الخطر ، ولذلك وردت السعاية في كثير من الروايات بعنوان السعاية عند السلطان وأمثال ذلك ، ولكن تشابههما في المعنى تسبب في أن يذكران تحت عنوان واحد.
|
|
العمل من المنزل أو المكتب؟.. دراسة تكشف أيهما الأفضل لصحتك
|
|
|
|
|
عناكب المريخ.. ناسا ترصد ظاهرة غريبة
|
|
|
|
|
استقطاب المرضى الأجانب.. رؤية وخطط مستقبلية للعتبة الحسينية في مجال الصحة داخل العراق
|
|
|