أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2016
2449
التاريخ: 11-1-2016
2696
التاريخ: 2024-06-15
756
التاريخ: 2024-03-19
1025
|
من الواجب تشجيع الإجراءات المؤدية إلى ضمان تربية الطفل في كنف أسرته لأن ذلك هو الوسيلة الأساسية لتجنيبه الحرمان من الأمومة. ويعتبر تقرير عصبة الأمم لعام 1938 مشجعاً من ناحية احتمال نجاح هذه الإجراءات. فقد انتهى التقرير بعد استعراض الوسائل المتاحة لكل باحث حاذق إلى أن (استخدام هذه الطرق والوسائل بعناية، يؤكد في الغالبية العظمى من الحالات نوع الرعاية الكافي المقابلة الحد الأدنى من احتياجات المجتمع دون أن تكون هناك حاجة إلى نقل الطفل من بيته الخاص). وتتضمن مثل هذه الإجراءات عادة مساعدات فعالة للوالدين من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والطبية.
وتثار عادة ثلاثة اعتراضات في وجه كل مجتمع يتحمل مسئولية مثل هذا العمل. فالاعتراض الأول اقتصادي. ويجب للرد عليه أن تتصور التكاليف الهائلة التي يتحملها المجتمع نتيجة العجز عن اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة حالات اعتلال الصحة وعدم كفاية العمل والإجرام ووجود طائفة من الأطفال المحرومين. والاعتراض الثاني هو أن تزويد الوالدين بالمعونة يحطم فيهم روح المبادأة والاعتماد على النفس ويجعلهم عالة على المجتمع. وقد يحدث هذا بالطبع إذا منحت هذه المساعدة دون تسجيل النشاط التعاوني لأولئك الذين تقدم إليهم المساعدة. ومع كل فإنه لا حاجة لذلك. لأن الباحثين الاجتماعيين المهرة قد عرفوا كيف يتعاملون مع عملائهم، ومن ذلك تنمية قدراتهم على مساعدة أنفسهم وإذا سمحت الباحثة أو شجعت عملاءها على الاعتماد على الغير بتقديم خدمات لهم بوسائل عرفية ودون مشاركتهم، فإنما تفعل ذلك بقصد الوصول إلى نتيجة في هذا الصدد. وخلاصة القول إن تدخل الدولة في الحياة العائلية لا يزال موضع جدل، وهذا يثير كثيراً من المسائل. ولكن يجب أن يلاحظ أنه كما أن الأطفال يعتمدون اعتماداً كاملا على والديهم في إعالتهم، فإن الوالدين كذلك في معظم المجتمعات البدائية وبخاصة الأمهات يعتمدون على جماعة أكبر للحصول على احتياجاتهم الاقتصادية. ويجب على المجتمع، الذي يعرف قدر أطفاله، أن يعمل على إعزاز والديهم.
المعونة المباشرة للأسرة
المعونة الاقتصادية:
ولو أن تقرير عصبة الأمم قد أوضح أنه (يمكن كمبدأ من مبادئ رعاية الطفل ألا يبعد أي طفل عن رعاية الوالدين الأكفاء وبخاصة عندما تجعل معونة الأم ذلك الإبعاد غير ضروري). إلا أنه من الواضح أن كثيراً من الأقطار لم تعمل بهذا المبدأ بعد، بل توجد الآن حكومات على استعداد لإنفاق عشرة جنيهات في الأسبوع على إقامة طفل في مؤسسات الرعاية، بينما ترتعد فرقاً من إعطاء نصف هذا المبلغ لأرملة أو لأم غير متزوجة أو لجدة للمساعدة على رعاية الطفل في بيته. وليس هناك في الواقع ما هو أكثر وضوحاً من وجهة نظر الجمهور والمتطوعين منه تجاه هذه المشكلة من حيث الرغبة في إنفاق مبالغ كبيرة من المال للعناية بالأطفال بعيداً عن بيوتهم، مع التمسك بالشح في تقديم المساعدة للبيت نفسه. ويمكن إعطاء أمثلة كثيرة عن المبالغ الكبيرة التي تنفق لإيواء طفل في مستشفى مع مقارنة ذلك بالمبالغ الأقل كثيراً والتي تلزم للعناية به في بيته، وعما تنفقه إحدى السلطات المحلية في بريطانيا والذي يصل مثلا إلى خمسة جنيهات في الأسبوع نظير إقامة كل طفل، بينما يمكن عن طريق هذه السلطات إنفاق نحو ثلاثين شلناً لإعداد فراش لتيسير إقامة الطفل في بيته. وقد تكون هناك صعوبات تسببها التفرقة في المعاملة بين الأسر المختلفة. فيقال مثلا: لماذا تحصل مسز سميث على بطاطين ولا تحصل عليها مسز جونز؟ ولكن يجب التغلب على هذه الصعوبات بطرق أخرى غير استبقاء الأطفال في إحدى المؤسسات.
وقد وجه انتباه قليل جداً بصفة خاصة لاحتياجات البيوت التي فقدت أحد الوالدين بسبب الوفاة أو المرض أو أي سبب آخر. وهذه حالة تنطبق على ربع الأطفال الموضوعين تحت الرعاية. ويجب بصراحة أن يبذل كل جهد لمساعدة الوالد الآخر على رعاية الأطفال.
ولأمهات اللاتي لا أزواج لهن، ويعلن أطفالا أقل من خمس سنوات وخاصة من هم دون الثالثة وهم الذين لا يزالون غير لائقين للالتحاق بمدارس الأطفال أو أي نوع آخر من أنواع الحياة الجماعية، يواجهن أعظم الصعوبات في معظم الأقطار من ناحية العمل لكسب القوت والعناية بالأطفال في نفس الوقت. فهذه جهود يستحيل الاستمرار في تحملها عندما يكون الأطفال صغاراً جداً. ومع أن المساعدة المباشرة التي تمنح للأمهات تكون ضئيلة عادة فإن مبالغ من الأموال العامة أو التبرعات تنفق في كثير من الحالات على تمويل دور الحضانة النهارية التي تتكلف في بعض جهات انجلترا مثلا أكثر من ثلاثة جنيهات لكل طفل في الأسبوع. وليست هذه هي الطريقة المثمرة لإنفاق المال لا من ناحية الصحة ولا من ناحية الإنتاج الصناعي، فمن ناحية الصحة تشتهر دور الحضانة بأن معدل انتشار الأمراض المعدية فيها معدل مرتفع، ومن المعتقد أن تأثير هذه الدور ضار بنمو الأطفال العاطفي. وأما من ناحية الإنتاج فإن صافي الربح الناتج عن عمل القوة البشرية النسائية قليل. إذ تحتاج كل مائة أم تعمل إلى خمسين عاملة الرعاية أطفالهن، ويعلم كل اقتصادي أن أمهات الأطفال الصغار يعتبرن عاملات غير مرضي عنهن، فغالباً ما يتغيبن عن العمل بسبب أبسط الأمراض رغبة في البقاء بالمنزل. ولهذه الأسباب يجب أن تقتصر رعاية الأطفال نهاراً كوسيلة لمساعدة الأم التي لا زوج لها، على الأطفال فوق سن الثالثة الذين يمكن إلحاقهم بدور الحضانة، كما يجب تقديم مساعدة اقتصادية مباشرة للأم حتى يصل طفلها إلى هذه السن.
وفي حالة الآباء الذين يرعون أطفالا لا أمهات لهم سواء كان ذلك مؤقتاً بسبب وجود الأم في مستشفى أو كان بصفة دائمة، فإن إيجاد مديرة منزل أفضل بكثير من إبعاد الأطفال، وقد تطور هذا النوع من الخدمة في كندا والولايات المتحدة الأمريكية، وبيانه كالآتي:
يختلف الوقت الذي تقضيه مديرات المنازل من ساعتين في اليوم إلى الإقامة طول اليوم، وقد تستمر مديرة المنزل في عملها عدة سنوات مع أسرة واحدة. وتطالب الوكالة، قبل التحاق مديرة المنزل بالخدمة، بأن يكون أحد أفراد الأسرة مسئولا، ويكون هذا المسئول عادة هو الأب أو أكبر الأطفال سناً. وقد قيل أن مديرات المنازل هن (بديلات للأمهات). إلا أنه من غير المعقول أن تكون بديلة الأم شابة وإن كان ذلك محتملا في حالة مديرة المنزل. وهناك اختلاف آخر ملفت للنظر وهو أنه بينما تنفق بديلة الأم من مالها الخاص فإن مديرة المنزل تنفق من مال شخص آخر.
وقد لخصت مزايا خدمة مديرة المنزل كما يأتي:
- تبقى على اهتمام الوالد وإحساسه بالمسئولية.
ـ تهيء للأطفال أمنا أكثر في علاقاتهم العائلية.
ـ بمحافظتها على البيت ومعداته تمنع الانهيار الطويل الأمد الذي ينتج عادة عن وضع الأطفال في إحدى النزل، مهما يكن إخلاص الأب.
ـ أقل كلفة من الإقامة نظير أجر مع أسرة كبيرة.
ـ تهيء للطفل علاقة طبيعية أقوى، وحالة ثابتة في المجتمع أفضل مما لو عاش في منزل نظير أجر.
ـ تجنب الطفل المأساة التي تحدث عندما ينتزع، بعد أن يكبر. من العائلة التي عاش معها نظير أجر.
ويلاحظ - على الأقل في العائلات الكبيرة العدد - أن هذه الطريقة أقل نفقة فعلا من إبعاد الأطفال، ومع ذلك، ففيما عدا مشروعات المساعدة المنزلية في بريطانيا والسويد، فإنه يبدو أنها لم تعمم بعد في باقي الأقطار الأوروبية.
ومن المأمول، من ناحية الاقتصاد والصحة العقلية للطفل، أن تنظر الحكومات والهيئات المتطوعة على السواء، قبل إنفاق أموال أكثر على رعاية الأطفال بعيداً عن بيوتهم، فيما إذا كانت كل المعونات المالية قد بذلت لمساعدة الآباء والأمهات على رعاية الأطفال في بيوتهم. وقد أوضح سبنس Spence الأمر بقوة عندما أشار إلى أن (كثيراً مما بذل كمعونة اجتماعية للأمهات قد أوّلت بطريقة أثارت مخاوفهن وقوضت ثقتهن. لقد تخلصن من أطفالهن بينما كان ينبغي أن يتخلص من متاعبهن).
المعونة الاجتماعية الطبية:
ومع أن المساعدة المالية غالباً ما تكون أساسية إلا أنها لا أهمية لها دائماً ما لم تساندها مساعدة اجتماعية طبية كذلك. ففي كثير من الحالات لا توجد مشكلة مالية بالمرة ما لم تكن بسبب أمراض جسمية أو عقلية أو بسبب انحراف خلقي أو صراع عائلي. ومع أن تقديم الخدمات للعناية بصحة الوالدين الجسمية وبخاصة الأمهات ذوات الأطفال له أعظم الأهمية، فإنه لا حاجة إلى أن يتوقف عنده هنا، إذ أصبح ذلك إجراءاً متفقاً عليه في كثير من الأقطار الغربية، والخدمة الخاصة التي لم تنل ما تستحقه من تقدير هي تهيئة الاستراحات لاستقبال الأمهات مع أطفالهن الصغار. وقد أقيمت استراحة من هذا النوع بالقرب من مانشستر منذ نهاية الحرب الأخيرة. ويمكن الأم التي تعاني من اعتلال الصحة الجسمية أو على وشك الانهيار العقلي أن تذهب إلى هذه الاستراحة وأن تبقى فيها عدة أسابيع أو أشهر للنقاهة دون أن تشغلها مشكلة تدبير أمر رعاية الصغار أو القلق المثير بشأن دفع أجور إقامتهم، وهو قلق مشهود ولا يمكن تجنبه بالنسبة إلى الأم ذات الأطفال الصغار. وفضلا عن ذلك فإنه لو جرت الأمور في مثل هذه الاستراحة ببصيرة نفاذة من ناحية مشاكل الأمهات والأطفال العاطفية، فإنه يمكن مع كثير من الهدوء تقديم مساعدة للأمهات لتكوين علاقات يسودها الشعور بالأمن والحب المتبادل، وعليهما يتوقف مستقبل الصحة العقلية للطفل كما هو معروف.
ولا تزال خدمة أخرى في مرحلتها الأولى فقط في كثير من الأقطار وتلك هي إرشادات الزواج: ويجب قبل تقديم أية اقتراحات فعالة لمساعدة الزوجين اللذين تواجههما المتاعب، أن يكون هناك فهم سليم لأسباب فشل الزواج. وقد وجه اهتمام له اعتباره في معظم الأقطار إلى موضوع الجهل بالناحية الجسمية من الزواج.
ولكن معظم ذوي الخبرة يدركون الآن أن هذا جانب يسير من المشكلة ويسهل علاجه، وأن شخصية الزوجين أكثر من ذلك أهمية إلى حد بعيد. وخلاصة أبحاث الباحثين التي يجب ألا تغيب عن البال هي أن (علاقات المحبة في الطفولة هي التي تشكل علاقة الحب عند الكبار). وقد أشار أحد الباحثين الاجتماعيين الأمريكيين إلى ذلك في كتاباته عن تشخيص وعلاج مشاكل الزواج فقال: (إننا نرى أن الأشخاص الذين يأتون إلينا، بسبب الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم الزوجية، قد تأثروا إلى درجة كبيرة في زواجهم بمشاكلهم التي لم تحل منذ عهد الطفولة). وما لم يعرف ذلك بوضوح ويوجه إليه الانتباه فإنه لا يمكن التقدم في سبيل تحقيق التوافق بين الزوجين. ومن الضروري للباحث بصفة خاصة أن يكون متنبها إلى الدوافع القوية غير الشعورية التي تؤدي بالزوجين إلى خلق المشكلة التي يعانون منها، وإلى الضوء الخافت الذي يرى فيه كل من الزوجين سلوك الآخر. فالأزواج والزوجات لا يثيرون فقط سخط شركائهم في الزواج، ولكنهم يعتقدون مخلصين بأن سلوك هؤلاء الشركاء أسوأ بكثير مما هو في الواقع. فالصعوبة إذا هي أن أحد الشريكين أو كليهما يجد صعوبة في تكوين علاقات إنسانية مرضية، ولو أنه يجب اعتبار اضطرابات الشخصية التي تبدأ منذ عهد الطفولة من أهم العوامل المتكررة ذات الأثر في عدم انسجام الحياة الزوجية، فإنه ينبغي ألا يغض النظر أيضاً عن مساوئ الحياة الاجتماعية التي يعيش فيها الزوجان. وقد سبقت الإشارة إلى الانفصام الاجتماعي الذي يسود كثيراً من المجتمعات الغربية في الوقت الحاضر. وهذا جدير بأن يرغم الأزواج على: (أن يبحثوا في داخل الأسرة عن سد احتياجاتهم الشخصية والاجتماعية التي هي بطبيعة الحال مستحيلة التحقيق في نطاقها، وفي هذه الظروف تحمل الروابط العائلية ـ إن صح هذا التعبير - تياراً كهربياً لم تكن مهيئة له، وليس من المستغرب أن يتكرر حدوث ما يماثل، الماس الكهربي في العلاقات).
ولكن تكون إرشادات الزواج فعالة فإنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار كل من الحياة الاجتماعية للأسرة ككل والصعوبات النفسية الباطنية لكل من الشريكين، ويجب ألا تعالج الظواهر العارضة فقط بل لابد من الاتجاه إلى الأسباب الكامنة لمتاعبهم أيضاً.
وتنطبق نفس هذه الاعتبارات في حالة وجود احتكاك بين الآباء والأطفال مما يؤدي عادة إلى إبعادهم عن بيوتهم. فالمشاكل الخاصة مثل التبول في الفراش والسرقة والعدوان وغيرها إنما هي مظاهر تلفت النظر إلى المواقف المعقدة الكامنة التي تلعب المشاكل العاطفية للوالدين دوراً كبيراً فيها. ويدرك العاملون في ميدان توجيه الأطفال هذا إدراكا تاماً رغم التسمية التي نطاق عليهم. فإنهم يخصصون حالياً كثيراً من الوقت لعلاج الوالدين مثل الذي يخصصونه لعلاج الأطفال. وحقيقي إنه غالباً ما كانت خدمات توجيه الأطفال نفسها هي السبب في وقت ما في إبعاد الأطفال عن بيوتهم، ولكن العيادات الرائدة في أوروبا وأمريكا لم تعد تنظر إلى إبعاد الأطفال عن بيوتهم على أنه خطوة حكيمة. وهناك بطبيعة الحال حالات يمكن أن يكون التغيير المؤقت فيها ذا قيمة، وأخرى يكون فيها بيت الطفل غير قابل للإصلاح. ومع هذا فإن إدراكا أوسع للعلاقات العائلية مدعما بممارسة فنية أعظم قد أدى إلى مدى بعيد إلى تغيير الخطة، وذلك بالاتجاه إلى إصلاح المنزل بدلا من تحطيمه. وقد اتضح أنه من الممكن علاج كثير من المشكلات التي تبدو ميئوساً منها إذا ما تم تناولها بمهارة وخدمة. وطالما أن معظم العائلات تحس بالحاجة الكبرى إلى أن يعيش أفرادها معاً في انسجام أتم، مما يؤدي إلى خلق دافع أقوى نحو تغيير أفضل، فإن مهمة الباحث سواء أكانت طبية أم لم تكن، هي المساعدة على تهيئة الظروف لتشجيع هذا الدافع.
ولو أنه من المحتمل ألا يصل كل شيء إلى مرتبة الكمال، إلا أنه من الممكن الاحتفاظ بالمظاهر الأساسية للبيت الصالح، والخدمات التي يقدمها موجهو الأطفال بسخاء يجب أن تعتبر مساعدة أولية للمحافظة على الحياة العائلية وبالتالي لتقدم الصحة العقابية. وفضلا عن ذلك فإنه من المتفق عليه الآن أن عملا كهذا له قيمة خاصة بالنسبة إلى صغار الأطفال وأمهاتهم، لأن الأسس التي تقوم عليها حياة الطفل عندما يصبح أبا إنما توضع في السنوات القليلة الأولى من العمر. فاضطرابات المراهقين ليست إلا صدى للصراع الذي بدأ في هذه السنوات المبكرة. والمشاكل التي يصعب حلها في سن الثالثة عشرة يمكن تناولها بسرعة وبطريقة فعالة في سن الثالثة. وتتوقف أعظم آمالنا في تجنب الحرمان على إعطاء الأولوية في العمل لمشاكل الطفولة المبكرة.
والإجراءات التربوية الخاصة بالأطفال الذين أهملت تربيتهم لها أيضاً قيمتها. فقد هيأت مدينة أمستردام، منذ عام 1939، مدرسة أو مدرستين من مدارس الأطفال النهارية التي يعنى فيها بالأطفال في قسم خاص بالصحة العقلية بعد إجراء استقصاء وتشخيص دقيق للصحة العقلية للطفل. وحيث يوجد أيضاً اتصال وثيق بين المعلمين وأطباء الصحة العقلية، كما تبذل جهود خاصة لمشاركة آباء الأطفال في تنظيم توجيهات مهنية لهم والعناية بهم بعد ترك المدرسة. وقد قامت مقاطعة لندن أخيراً بمثل ما قامت به مدينة أمستردام.
أما من ناحية الأطفال الأكبر سناً - ثماني سنوات فأكثر - فربما تكون الاستفادة من الأماكن البديلة، مثل المدارس الداخلية، ذات قيمة. وربما كان مفيداً للطفل سيء التربية أن يكون بعيداً فترة من العام عن جو التوتر الذي سبب له المتاعب. وكذلك الحال إذا كان البيت غير صالح بطريقة أو بأخرى.
وللمدرسة الداخلية ميزة عظمى في احتفاظ الطفل بالروابط العائلية البالغة الأهمية له وأن يكن ذلك بصورة ضئيلة، وبما أن المدرسة الداخلية قد صارت مألوفة بالنسبة إلى الحياة الاجتماعية الغربية في الوقت الحاضر، فإن الطفل الذي يذهب إليها لا يشعر بفارق بينه وبين غيره من الأطفال. وفضلا عن ذلك فإن تخلص الآباء من أطفالهم فترة من العام تتيح لبعضهم فرصة تهيئة أحوال أفضل لأطفالهم بقية العام.
وأخيراً هناك مسألة الأسر المشكلة. ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات:-
(أ) أولئك الذين يمكن أن يصبحوا مرة أخرى وحدات اجتماعية فعالة إذا منحوا مساعدات طبية ومالية.
(ب) أولئك الذين قد يكونون في حاجة إلى قدر معين من المساعدة الدائمة، ويمكن أن يستجيبوا لها بشكل مرضي.
(ج) أولئك الذين لا تجدي في مساعدتهم كل الإجراءات الاجتماعية العادية. والعمل اللازم للمجموعتين الأوليتين إذا أريد لهما أن تقفا على أقدامهما مرة ثانية قد وضح في تقرير لجنة مسز هاباك Mrs. Hubback عن (الطفل المهمل وأسرته). ولقد أظهرت التجربة أن الجمع بين التبصر في الأسباب والمشاركة الوجدانية والعمل الشاق وبين المساعدات الطبية والمالية، تؤدي إلى إنقاذ كثير من البيوت التي كان من الممكن من نواحي أخرى اعتبارها موصومة أدبياً ومنهارة. ولمثل هذه المساعدة قيمتها الخاصة عندما يكون الجهل والفقر واعتلال الصحة الجسمية هي أسباب انهيار الأسرة. ولكن مثل هذه الإجراءات تفشل عادة عندما تكون إصابة الوالدين باضطراب المزاج أو بالأمراض النفسية هي الأسباب الأساسية. ولهذا السبب فإن الباحثين يحتاجون إلى إلمام بالصحة النفسية إذا أريد لهم أن يتجنبوا تحطيم قلوبهم من أجل الحالات التي لا يستطيعون تقديم عون لها.
ولا توجد حتى الآن خطة متفق عليها للألمام بالأسر التي يرجع إنهيارها إلى اضطرابات الوالدين النفسية المزمنة. ومن المحتمل أن يكون الاقتراح الإيجابي المعقول والمعروض للبحث في الوقت الحاضر، هو وضع هذه الأسر تحت الإشراف والتحفظ، وذلك بأن يعهد بها إلى وحدات خاصة كل منها تختص بعدد قليل من الأسر المشكلة، على أن يكون المسئولون عنها باحثين مدربين.
ومثار الجدل هو أنه إذا ما اعتبرنا أنه من الضروري وضع أفراد مصابين بأمراض عقلية تحت الإشراف لصالحهم وصالح الآخرين، فمن المعقول كذلك وضع عائلاتهم، وذلك لتعرض أفرادها أنفسهم وتعرض غيرهم للخطر. ويحتاج برنامج من هذا النوع إلى تشريع في معظم الأقطار، وهذا ما يخطط له الآن في هولندا. ومن المعروف أن هذا الاقتراح يتضمن تقييداً خطيراً للحرية الشخصية مع احتمال سوء التنفيذ. ولكن الأسر المشكلة تشكل خطراً شديداً ومتجدداً على التقدم الاجتماعي، وإلى أن يمكن إيجاد إجراءات أكثر فاعلية لشفاء هؤلاء المرضى نفسياً، وإلى أن توجد إجراءات طويلة المدى خاصة بالصحة العقلية يثبت نجاحها في منع تطور هذه الأمراض، فإن هذا في الواقع هو الحل الصحيح.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|