المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



الاحتياجات المهمة للأطفال / الحاجة الى المواساة والملاطفة  
  
1615   10:19 صباحاً   التاريخ: 2-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص215ــ224
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-1-2023 1150
التاريخ: 2023-03-02 1362
التاريخ: 11-9-2016 2198
التاريخ: 20-4-2016 2108

ان الاساس في الحياة الاسلامية يعتمد على الالفة والانسجام والمحبة والمواساة. ويجب ان يكون الافراد خلال حياتهم في وضع وحالة يحبون معها الخير بعضهم للبعض الآخر، ويبادرون الى ابداء المساعدة ومواساة بعضهم البعض في حالات المعاناة والألم، وهذا الأمر هو نفس الموضوع المطروح تحت عنوان الحاجة الى المواساة بالنسبة للأفراد.

ويشاهد هذا الامر بشكل أكبر بالنسبة للأطفال؛ والسبب في ذلك يعود الى ان ارتباط الاطفال بالوالدين اكبر، وحاجتهم اكثر لآبائهم وامهاتهم . إذ أنه يبدي حساسية اكبر ازاء ما نسميه بالمعاناة، وما يسبب له الاذى ويشعر بسوء حظه اكثر من بقية المجاميع السنية الأخرى . ولو تعرض لمشكلة أو معاناة معينة فانه يتوقع المواساة والمداراة اكثر من غيره. وعندما يشعرون بالأسى لقلة أهميتهم واعتبارهم فانهم يسعون الى الاختلاط مع الذين يراودهم نفس هذا الشعور.

أساس المواساة :

يسود الاعتقاد بان لهذه الحاجة اساس غريزي وفطري ويقولون بان الدليل على ذلك عندما يضرب أحد الافراد امام الطفل، فانه أي الطفل يكون في صدد الدفاع عن ذلك الفرد، وعندما يجد نفسه غير قادر على الدفاع والمواجهة يبكي أو يتخندق بشكل أو آخر. ويفسرون هذا الأمر على انه يصدر عن المحبة والتعلق والثقة الذي يترعرع عليه الطفل في احضان الأم. ويقولون أيضاًن حب العدالة والمساواة يدفعان الفرد أحيانا الى المواساة.

ويقول علماء النفس ان سبب الرغبة في المواساة هو الحصول على المحبة، ويعتقدون بوجوب اشباع هذا التمني بصورة صحيحة لكي لا يقود الى اتخاذ اساليب وطرق غير صحيحة. والأمر المهم للطفل هو الجو العاطفي السليم والمواساة الصادقة في ظل الحوار مع الذين يفهمون مشاعره ويواسونه.

مظهر هذه الحاجة لدى الطفل :

الحاجة الى المواساة لها مظاهر متعددة منها :

* ان الافراد الكبار يُبدون تحرقاً وشفقة معينة لدى سماعهم أمراً أو حادثة معينة، مثل واقعة كربلاء، ويتفاقم احساسهم بالمواساة وهذا الأمر يعد بحد ذاته مظهراً من مظاهر هذه المسألة.

* عندما يرى الطفل ان أحد أقرانه يتعرض للضرب أو يشعر بالمعاناة يشرع بالبكاء، وحتى انه يطلب من الآخرين ان يوقفوا الضرب وهذا دليل على المواساة.

* عندما يرى الطفل بانه كأقرانه وزملائه، ويكتشف مواساتهم اياه عند تعرضه للأذى، يجد نفسه في حالة من السكينة والهدوء، ويعتبر هذه المواساة سببا من اسباب نموه ونضوجه.

* وعندما يرى الطفل ان الآخرين يعاملونه بلطف ومحبة يبدي مقابل ذلك رد الفعل المناسب، مثلا يشعر أن آلامهم كالآمه أو يسعى الى ان يجعل نفسه بالشكل الذي يستحق معه ان يعاملوه بلطف اكبر ويكسب رضا الآخرين وودهم.

وتجدر الاشارة الى ان هذه الحالة تحدث عندما يتمكن الفرد أولاً ان يعرف ما يجري على غيره، وثانياً يعامله بلطف ومحبة.

احساس الطفل ازاء المواساة :

ان الطفل الذي يتلمّس مواساة الآخرين له، ويشاهد محبتهم الفائقة تجاهه، يشعر بانه يمتلك شخصية معينة، وانه يستحق الاهتمام والتقدير. انه يشعر في هذه الحالة بأنكم معه، وتقفون الى جانبه وتساندوه، وهذا الشعور يضفي عليه سعادة كبيرة وفرحة عارمة.

كما انكم عندما تقفون امام مضجعه وتشعرون بعدم الارتياح لمعاناته والامه يتولد لديه احساس يقول له، ان والديه يفكران به ويهتمان بمصيره وحالته. وهذا الاحساس يصبح سبباً لمواصلته الحياة بثقة واعتماد اكبر، وان يتصف بمواقف متزنة امام المشكلات والأمور التي تعترض حياته، وستكون نتيجة هذا الأمر تحقق النجاح والموفقية في سلامته ونجاته وان يفتح أمامه سبيل النمو والنضوج .

ضرورة ذلك وأهميته :

وبناءً على هذا الاساس، يمكن القول ان المواساة – امراً ضرورياً للطفل ويلعب دورا مهم في سلامته ونجاته أيضاً. وفيما يتعلق بأهميته وضرورته يمكن القول:

لو قلنا بأن المحبة تعد صفة ضرورية وعماد الاخلاق، سنضطر الى الاقرار بالمواساة، التي تمثل مظهراً من مظاهر المحبة، وأساس السلوك الصحيح، وتوجب الدفيء في محيط العائلة والعيش سوية، إذ ان العنصر الاساسي للوحدة والاتحاد يتجلى في اطار المواساة باسم المحبة، ولابد من وجود المواساة في الحياة الاجتماعية، وإلا فان تحتل المشاكل سيكون أمراً صعباً للغاية، وسوف لن تجد شخصاً مستعداً للسهر على راحة المريض الى الصباح مطلقاً. ويمكن أيضاً من خلال ذلك تحريك الدوافع النفعية للآخرين وجعل الاطفال بصفة الانسان الناضج من خلال المحبة. وتصبح مسائل التضحية والايثار، والمعاضدة والمساندة ممكنة في ظل هذا الوضع.

ان اغلب الام الاطفال غير قابلة للإفصاح، واساسها غير واضح كما ان الاطفال لا يملكون القدرة على الادلاء بذلك وغير قادرين على صرف الانظار والمواساة نحوهم. ومن هذا المنطلق تصبح مواساة الوالدين للطفل اكثر ضرورة ووجوباً من غيرهم.

سعي الطفل الى استدرار المواساة :

يلجأ الاطفال الى استخدام اساليب متنوعة لغرض توجيه مواساة الكبار نحوهم ، ومن ضمن تلك الاساليب التمارض؛ إذ انهم يتظاهرون أحياناً بالمرض ليتمكنوا من تحريك عواطف الوالدين وتوجيه محبتهم وعطفهم نحوهم، حتى انه لوحظ في هذا الصدد انهم يلجأون أحيانا الى رمي انفسهم من مكان مرتفع، أو يحدثون جرحا في أجسامهم ليسيل الدم منهم، ليؤدي ذلك بالتالي الى تهييج قلوب اوليائهم ويدفعهم الى الاهتمام بالطفل.

ان جزء من فعاليات ونشاطات الاطفال، واحداث الضوضاء، والدلال والتملق يعود السبب فيها الى فقدان الأمن، وعدم الشعور بالمواساة. انه يريد بهذا الاسلوب تقوية وتدعيم نقطة ارتكازه ويحصل على الامن والاطمئنان. وحتى انه يريد ان يقوم الوالدين بتقديم محبتهم في طبق الاخلاص ويقدمونه له.

فوائد ذلك للطفل :

وفيما يتعلق بفوائد ذلك للطفل يمكن الاشارة الى نفس موضوع أهميته وضرورته وكذلك الالتفات الى هذه الملاحظة وهي ان المواساة بالنسبة للطفل المتألم يعد سبباً لتخفيف معاناته وآلامه. انه يستلهم بسبب ذلك القوة والثبات ويطيب خاطره ويتمكن ان يشعر بالفرح والسرور بروحية أقوى ويبدي تحملاً اكبر للألم.

ان المواساة هي السبب في إغناء العلاقات الانسانية وسلامة المجتمع، والتوازن والمعاضدة في مسألة الاصلاح والبر اكثر فأكثر. ويمكن أن تؤدي بالطفل في السنوات التالية الى يتصف بصفات جيدة كالجرأة والشجاعة، وتدفعه للاعتماد على نفسه، ويندفع الى الامام بحيوية واشتياق.

ويعتقد علماء الاجتماع ان المواساة تعتبر من العوامل المحركة الهامة للتحرك والاتحاد. ويقولون بانها تنجم عن العاطفة السامية وعن مستوى ادراك الشخص بذاته. وعندما يتلمس الطفل المحبة والملاطفة يتنور قلبه، وتتبلور مفاهيمه ويصبح لها معنى، ويتسببن في ان يتحمل الألم بشكل اكبر ويشعر بهدوء اكبر.

اضرار فقدانها:

من اجل ان تتوضح جوانب القضية، من الافضل ان نتطرق الى دراسة اضرار فقدان المواساة.

ان الدراسات العلمية تؤكد انه في حالة فقدان المواساة في محيط الاسرة فان العلاقات تصاب بالتمزق. ويصبح باطن الطفل مظلماً حالكاً، وتبدو عليه القساوة والعنف.

وقد اثبتت دراسات علماء الجريمة ان الانسان الذي يكبر في محيط يفتقد الى عامل المواساة، فانه سيتحول على المدى القريب الى فرد خشن ومرعب ويكون عاجزاً حقاً عن ابراز حبه تجاه الآخرين. وتصل مشاعر المحبة والانسجام لديه الى ادنى مستوياتها وتبدو عليه حالة الانزواء في الحياة الاجتماعية.

كما تظهر الدراسات والملاحظات اليومية ان فقدان المواساة في محيط العائلة يبعث على ضعف النشاط والفعالية لدى الطفل، وايجاد الألم والحزن والحرمان وزوال سمو الاخلاق والشهامة لدى الفرد. ويتعاظم الشعور بالضعف واليأس لدى هؤلاء الافراد، وتتسم الرغبة الى الاستسلام وعدم التطور فيهم بالعلانية والوضوح وتتفاقم لديهم حالة فقدان الروحية والانهزامية. انهم لا يعرفون طعم النجاح، ومحرومون من لذة المشاعر العاطفية .

تصورٌ خاطيء تجاه المواساة :

ان بعض الوالدين والمربين يظنون ان مواساة الطفل ستصبح السبب في تحوله الى فرد قلق وكثير التوقع، مما يؤدي هذا الامر الى الحاق الضرر والاذى به فيما بعد. ويجب ان نقول للأولياء والمربين لا يمكن اطلاقا ان يتعرض الطفل الى هذا الضرر والاذى وان المواساة لن تبعث على جعله فردا سريع الضجر والتألم وحساساً اكثر مما ينبغي أو انه يسيء الفهم من ذلك فيما بعد.

نعم لو أردتم تطييب خاطره في كل صغيرة وكبيرة، فقد أقدمتم على عمل خطير، ولكن في نفس الوقت فان الضرر الناجم عن فقدان المواساة اكبر من الضرر الناجم عن الافراط في المحبة والمواساة تجاه الطفل لان نمو الطفل وشخصيته مرتبطان بهذا الأمر.

كيفية المواساة :

وهذه المسألة مهمة أيضاً إذ على الوالدين والمربين ان يعرفوا كيف تجب مواساة الطفل، لأننا أحياناً وبسبب عدم خبرتنا في هذا المجال نقع في بعض الاخطاء. ويلزم هنا ان نقول انه من الضروري أحياناً ان نذهب حتى الى التجسس والبحث عن معاناة والآم الاطفال، ونرى طبيعة الأمر الذي يشكو منه. وان نعطيه للإفصاح عما يعانيه ويتألم منه، ويبين ذلك لنا ثم نشرع بمواساته ومشاطرته آلامه في هذه الحالة.

ان رعاية الطفل المريض يعد بحد ذاته نوعاً من المواساة القيمة، والمكوث الى جنبه وملاطفته سيساعد كثيراً على تسليته وتسكينه، وقد يستلزم الأمر أحياناً إلى المبيت الى جنب المريض أو نجعل له مكانة خاصة.

والأمر الذي تجدر الاشارة إليه في هذه الحالة، هو انكم مضطرون الى اظهار مواساتكم ومشاطرتكم اياه ومدى علاقتكم به من خلال هذا الاسلوب حفاظا على مصالح الطفل، ومراعاة لحاله وما يعانيه. والواقع ان الطفل يشعر في ظل مواساتكم اياه بتخفيف آلامه وتحقق هدوئه وسكينته.

حالات مضاعفة المواساة :

بالرغم من رعايتنا الفائقة للطفل من الضروري في بعض الحالات ان نضاعف من مستوى مواساتنا تجاهه. ومنها الحالات التي يعاني فيها الطفل خوفاً شديداً ويشعر بالحاجة الى احتضانه وتطييب خاطره.

* وكذلك في الحالات التي يكون فيها الطفل مريضاً وخاصة عندما يتألم بشدة من مرض معين.

* عندما يجد نفسه في مكان ما ويشعر بعدم وجود الملاذ أو ان شخصاً آخر في صدد ضربه ولا حول له سوى التحمل.

* في حالة كون الطفل ناقص العضو كاليد أو الرجل ويتخلف عن الآخرين في تناول الطعام والمسير وارتداء الملابس.

* الطفل الذي يعيش أزمة نفسية ويعاني من عدم الارتياح الشديد بسبب الانكسار والفشل أو اللوم والتحقير.

* عندما يشعر بانه مظلوم ويفكر مع نفسه بانه لو كانت لديه القدرة والقوة لما استضعف هكذا.

* وعندما يؤدي عملاً ما ويتحمل مشقة معينة إلا ان الآخرين لا يقدرون ثمن أتعابه، ويثيرون له الاشكالات فيشتكي بشدة من هذا النكران وعدم التقدير.

ضرورة تقوية ذلك :

من الناحية التربوية من الضروري ان نعمل على تقوية حالات المواساة لدى الطفل ، لأنه اساس النمو والتكامل. وعلى الوالدين والمربين ان يعملوا على خلق موجبات هذا الأمر لدى الطفل ويعلموه درسا كهذا من خلال مواساتهم اياه .

ان الطفل الذي يذوق طعم المواساة في محيط الاسرة أو المجتمع، سيكون قادراً فيما بعد على ان يكون لطيفاً تجاه الآخرين وحريصاً عليهم ومشاطرا لهم عند الحاجة. وينبغي ان يفهم معنى ذلك ويجرب صورتها العملية في محيط البيت.

وفي هذا المجال لوكان الطفل يعاني من معضلة معينة فمن الضروري ان يصار الى حلها أو تخفيفها الى اقل حد ممكن؛ إذ ان حل هذه المعضلات يساعد كثيرا على امكانية صدور اللطف من قبل الاطفال وجعلهم اطفالا طيبين . ويجب على الوالدين ان لا يتصرفوا بالشكل الذي يشعر معه الطفل بالحزن في البيت ولا يجد من يواسيه. اننا بحاجة الى ان يصل الطفل الى ابداء المواساة المتقابلة فيما بعد، وهذا الأمر يحتاج الى التمرين.

مراعاة حدود ذلك :

وكما ذكرنا سابقاً يجب ان تكون حالات المواساة على أساس ضوابط معينة وبعيداً عن حد الافراط والتفريط . ومن الممكن ان يتسبب الافراط في ذلك أحياناً الى حصول الدلال والملق وكثرة التوقع. ويحصل ذلك عندما يسرع الوالدين الى الحضور بين يدي الطفل في كل صغيرة وكبيرة ويشرعون بالويل والثبور. وهذا الأمر سيصبح السبب في ان يعتمد الطفل اعتمادا كلياً على الوالدين أولاً، وثانياً ان يستغل هذه الحالة استغلالاً سيئاً أحياناً.

نعم، ان المواساة ضرورية ولازمة ولكن بحدود تخفيف الام الطفل وان يعلمه درساً طيباً في العاطفة والمحبة. ولو شعرنا أحياناً بان المواساة تسببت في انتقال حالته من السيء الى الاسوأ لابد من غض الطرف عن ذلك أو تخفيفه الى أقل حدٍ ممكن، ومن جانب آخر من الضروري على أية حال وجود المحبة والمواساة لكي يصبح الطفل فردا محبا واجتماعيا وذو مواصفات انسانية.

ان الاولياء الذين لا يظهرون مواساتهم ومحبتهم تجاه اطفالهم؛ كيف بوسعهم ان يطالبوه بالمحبة أو يطالبوه بمحبة الناس؟

انكم مضطرون الى محبة ابنائكم ليصبح بالإمكان التأثير على قلوبهم بمحبتكم اياهم .

عدم استغلال المواساة :

ان هذه التوصية والتحذير مهمة وضرورية للأولياء بأن يعاملوا الطفل بطريقة معينة لا تسمح له باستغلال هذا الأمر. ان استغلال الطفل للمواساة يصبح السبب في ان يستخدم الطفل قدراته بنحو سيء ويخرب بالتالي البناء الاخلاقي لطفل ونظام الحياة داخل الاسرة.

ان المواساة أمر ضروري بشرط ان يصب في خدمة مسيرة يناء الطفل وارشاده وليس في تخريبه. ولابد من وجود الاستمالة بحدودها المتعارفة لكي لا تتسبب في ملق الطفل ولا تصبح أيضاً لسبب في الاتكال والتبعية الشديدة. وعندما يحاول الطفل ان يجعل من المواساة محملاً للاستغلال والاساءة الاخلاقية ويحصل بالتالي على مكانة معينة لنفسه، يجب ان لا نفتح الطريق أمامه ؛ إذ لابد من ان يتلمس المواساة، ولكن يجب ان لا يستخدم ذلك كوسيلة لتحقيق مآربه الباطلة. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.