أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-16
1016
التاريخ: 2024-07-13
649
التاريخ: 2024-08-11
605
التاريخ: 13-8-2019
2174
|
ويُعَدُّ هذا الفرعون ثاني ملوك مصر الذين حكموا البلاد في عهد هذه الأسرة، وقد وقع له حادث مشئوم يذكِّرنا بالحادث الذي أصاب الفرعون «توت عنخ آمون» وهو الكشف الحديث عن مقبرته التي وُجدت سليمة، ولكنه مع ذلك أخرجه من عالم النسيان إلى عالم الشهرة ما وُجد معه من أثاث كان في الوقت نفسه سببًا في إقلاق راحته الأبدية، كما حدث لسائر ملوك مصر الذين كُشف عن مومياتهم.
وسنتكلم عن «بسوسنس» أولًا من الوجهة التاريخية، ثم نَصِفُ بعد ذلك مقبرته التي عُثر عليها حديثًا.
فنعرف له زوجتين كلتاهما ابنة «سمندس»، وهما إما أختاه من أبيه وأمه، أو أختاه من أبيه، فالأولى تدعى «استمخب»، وقد رُكِّب اسمها مع اسم بلدة خبيت (2) التي ولد فيها «حور خبيت» ابن وزير في أعالي الدلتا، والثانية هي المتعبدة «لحتحور حنت تاوي»، وهي معروفة أكثر من الأولى؛ فقد كانت بنت «تنتآمون» زوج «سمندس» عندما كان لا يزال وزيرًا، وهاك ألقابها: البنت، والزوجة، والأم الملكية، وأم المتعبدة الإلهية لآمون، وكاهنة الإلهة «موت»، وأم الإلهة «خنسو» الطفل الإلهي. وهذه الألقاب تعبر عن تعبد فريد لآمون ولزوجه ولابنه (أي ثالوث طيبة). وكان زوجها يشاطرها تمامًا عواطفها، فعندما نصب كاهنًا أكبر لآمون وضع هذا اللقب في كل من طغراءيه، وكذلك نجد أن النقوش والعناوين التي حُفرت على مجوهراته وعِصِيِّهِ وأوانيه تبرهن على ولائه الخالص للإلهة «موت»، وقد عُثر في قبره على كأس من الذهب النُّضار كان قد أهداه له «بينوزم» الكاهن الأكبر ابن «بيعنخي». ومن ذلك نفهم أن الأسرتين اللتين حكمتا البلاد كانتا على أحسن ما يكون من صلات الود والمهادنة، غير أنه يلاحظ أن الملك «بسوسنس» كان يحكم صعيد البلاد وريفها جميعًا، وألقابُه تدل على ذلك دلالة واضحة؛ فاسمه العَلَم يعني في الواقع «الثور الشجاع منحة آمون» «والثري الذي يظهر في طيبة»، واسمه الذي يرمز إليه بالنسر والصل هو: «العظيم الآثار في الأقصر»، أما اسم التتويج فعاديٌّ جدًّا: «الكاهن الأول لآمون» أو «عاخبر رع»، واسمه العَلَم هو «باسب خعنوت»؛ أي النجم الذي يظهر في المدينة (أي طيبة) (3). والواقع أن آثار نشاطه كانت بارزة بوجه خاص في «تانيس»؛ فقد أصلح سور مقر الملك الذي كان قد أحدث فيه المحاصرون ثغورًا عظيمة خلال الحروب الأخيرة التي أشرنا إليها (راجع الجزء الثامن).
وفي داخل هذه المدينة أقام جدارين قويين ليكونا بمثابة حاجز يصد أية غارة أخرى يقوم بها الأنجاس وحلفاؤهم على المعبد ومساكنه وجبانته، وكذلك بدأ في إقامة المعبد كما يدل على ذلك ودائع الأساس التي عَثَرَ على جزء منها «مريت» والتي عثر على جزء آخر منها حديثًا «مونتييه». ويدل على مقدار ما لمشروعاته من مزايا قِطَع الحجر الجيري الأبيض المنقوشة والملونة التي عُثر عليها في المعبد الكبير أو في معبد الإلهة «عنتا». وعلى أية حال فإن العمل الرئيسي الذي قام به «بسوسنس» في «تانيس» هو إقامة قبر له على الرمل على مسافة بضعة أمتار من المسلة الأولى للمعبد، فإذا وازنَّا بين قبره وبين أهرام الملوك في «منف» ومقابر الملوك في وادي الملوك ظهر حقيرًا ضئيلًا، ولعل العذر في ذلك أنه أراد أن يجعل مثواه في داخل سور المعبد، وكان هذا المكان محدود المساحة. والقبر يتألف من مبنى منخفض مربع الشكل تقريبًا، أقيم الجزء الشرقي منه من الحجر الجيري، والغربي من الجرانيت، ولم تُقطع أحجاره من المحاجر مباشرة؛ لأن العمال امتنعوا عن قطع الأحجار من المحاجر المشهورة منذ أن قاموا بالإضرابات التي سبق ذكرها، واشتركوا مع أهالي أواريس وجماعات الأجانب في نهب مقابر الملوك وتخريبها في أواخر عهد الأسرة العشرين، ومن أجل ذلك أقيم هذا القبر وغيره من المباني من أنقاض الخرائب التي تخلفت من مدينة «بررعمسيس» و«أواريس».
ويصل الإنسان إلى القبر من بئر مربعة تؤدي إلى ممر، وهذا الممر يوصِّل إلى حجرة بنقوش غائرة ملونة تلوينًا جميلًا تُخفي وراءها الممرات التي تؤدي إلى الحجرتين المصنوعتين من الجرانيت، ولكنهما كانتا مسدودتين بأحجار من مسلات، ومن ثم إلى ضريح صغير من الحجر الجيري لا تزال النقوش الغائرة التي على جدرانه حافظة لرونقها بحالة مدهشة، وهذا المأوى الجنازي كان على حسب المعتاد — كما دل الفحص وقتئذ — مخصَّصًا لأشخاص عديدين. وإذا كان ضريح «بسوسنس» بذاته قد روعيت قداسته؛ فإن الأضرحة الأخرى قد تناولتها يد الإنسان بالعبث؛ فنجد في الضريح الصغير المصنوع من الحجر الجيري أن اسم ساكنه الأول وصُوَرَه قد محيت، وفي الحجرة الأولى وُجدت أواني أحشاء وتماثيل صغيرة جنازية لعدة أشخاص مكدسة على غير نظام أو ترتيب تقرأ عليها اسم ابن ملكي لرعمسيس يدعى «عنخف نموت»، وهذا الأمير بالذات قد صنع للفرعون «بسوسنس» قدحًا من الفضة ممهورًا باسمه. ثم مدير معبد «خنسو» ويدعى «أوندباوندد» وقد عثر على قبره فيما بعد. وكذلك وُجد من بين تابوتين مصنوعين من الخشب المذهب تابوت الملك «حقا-خع خبر شيشنق» المصنوع من الفضة، والظاهر أن أيديًا أمينة وضعته في هذا المكان بعد مضي قرنين من دفن الفرعون «بسوسنس».
أما «بسوسنس» نفسه فنعلم كما أسلفنا أن قِطع الجرانيت والحجر الجيري الخاصة بقبره قد أُخذت من الخرائب المجاورة؛ فلدينا التابوت الضخم المصنوع من الجرانيت الوردي والمزين بصورة فخمة لأوزير مضطجعًا على ظهره، وبصورة الإلهة «نوت» إلهة السماء مرسومة رسمًا بارزًا، وكذلك زُين برسوم غائرة، هذا إلى التابوت الداخلي المصنوع من الجرانيت الأسود. والتابوتان ليسا من القطع الفنية الأصلية التي صُنعت لهذا الفرعون بخاصة، فنجد مثلًا أن طغراءات «بسوسنس» العديدة قد نُقشت نقشًا غائرًا؛ مما يبرهن على أن طغراء المالك الأول الذي كان على التابوت قد محيت، وقد وجدت بعض إشارات في داخل الطغراءات وبخاصة في صورة العلامة الدالة على كل من الإلهين: «بتاح» و«رع»، وبالفحص وُجد أن الأسماء التي مُحيت كانت على وجه التأكيد تقريبًا هي أسماء الفرعون «مرنبتاح»، وقد ترك المغتصب سهوًا طغراء على حزام صورة أوزير التي على التابوت للملك «مرنبتاح»؛ مما يقدم لنا برهانًا قاطعًا على أن التابوت لم يكن في الأصل للفرعون «بسوسنس». وعلى ذلك يمكن القول بأن الفرعون «مرنبتاح» كان قد أمر ببناء مقبرة له في جبانة «تانيس» العاصمة الثانية الدينية وأمده بتابوت فخم، غير أنه على ما يظهر قد تركه بدون استعمال؛ وذلك لأننا وجدنا أن «مرنبتاح» قد دُفن في مقبرة فخمة حفرها لنفسه في طيبة الغربية بوادي الملوك، وقد نُقلت جثته كما ذكرنا آنفًا (راجع الجزء السابع) إلى خبيئة «الدير البحري»، والأثاث الجنازي الذي وجد في هذا القبر — إذا استثنينا بعض القطع وبخاصة إبريق من الذهب من عهد الملك «أحمس الأول» وموقد من البرنز من عهد «رعمسيس الثاني» — كله من صناعات الصياغ والنحاتين من عصر الأسرة الواحدة والعشرين.
وهذه الصناعات تضارع في إتقانها ودقتها صناعات الدولة الحديثة الممتازة بأناقتها؛ فالنقوش الصغيرة التي حُفرت على الأواني والأسلحة والمجوهرات قد أبرزت لنا فعلًا ألقابه كاملة، وكذلك أسماء والديه وزوجاته، وقد أدهشنا كمية الذهب التي وجدت في أثاثه، وكذلك كانت دهشتنا عظيمة لِمَا وُجد من حجر اللازورد بكمية عظيمة في هذا القبر؛ فقد عُثر على اثني عشر قلبًا وجعلًا، هذا إلى مائة خرزة من هذا الحجر بين صغيرة وكبيرة، وقد نُظِمَ من كل هذا عقدان، ونُقِشَ على محبس أكبرهما — وهو المصنوع من الذهب: «الملك «بسوسنس» قد صنع عقدًا من اللازورد الحقيقي مما لم يعمل مثله ملك.» ونحن نعلم أن اللازورد ليس من أحجار الصحراء المصرية، وقد جلبه القدامى والمحدثون على السواء من بلاد «أفغانستان» كما ذكر ذلك الأستاذ «لوريه». والواقع أن لدينا حبة صغيرة من حبات العقد الصغير قد مُيِّزَتْ من بين أترابها لا بلونها الأزرق المنقطع النظير فحسب، بل بوجود ثلاثة أسطر متوازية بالخط المسماري نُقشت على سطحها بدقة متناهية، وكنا نأمل أن يصل علماء اللغة البابلية إلى حل رموز هذه الحبة ومعرفة اسم الملك المحالف لمصر الذي أرسل هدية اللازورد، غير أن البحث لم يسفر عن حقيقة تشفي الغلة، ولكن مع ذلك يمكن أن نسجل هنا أن الملك «بسوسنس» كان له علاقات مع ملك آسيوي على أية حال.
ويقول «مونتيه»: إن الملك «بسوسنس» قد اشترك معه في أواخر حُكمه مَلِك يُدعى «نفر كارع حقا واست» (ملك طيبة) ابن الشمس «أمنمسوت» (آمون ملك)، وقد نُقش طغراءا هذين الملكين معًا على منزعَتَيْنِ (كَمَّاشَتَيْنِ) من الذهب يحتمل أنهما كانتا تغطيان طرفي قوس. والمقصود هنا من الملك الجديد — بطبيعة الحال — هو نفرخرس Nefercheres الذي حشره «مانيتون» في الأسرة الواحدة والعشرين بعد «بسوسنس» وقبل الملك «أمنمأبت»، ولم نكن نعرف كتابة اسمه بالمصرية القديمة حتى هذا الكشف الجديد، ولكن جاء الأثري «جردزلوف» وعارض «مونتيه» في هذا الرأي، وجعل «نفر كارع» قبل «بسوسنس» كما سنرى بعد (4).
.................................................
1- انظر تقرير دري (A. S. Vol. 40 p. 969) عن مومية «بسوسنس».
2- كوم الخبيزة الحالي في شمالي الدلتا.
3- وُجدت هذه الألقاب على مشبك قلادة موضوعة فوق موميته كما سنرى ذلك فيما بعد.
4- راجع Le Drame D’avaris p. 194.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
بالتعاون مع العتبة العباسية مهرجان الشهادة الرابع عشر يشهد انعقاد مؤتمر العشائر في واسط
|
|
|