أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-2-2019
2814
التاريخ: 17-2-2019
2822
التاريخ: 9-10-2015
4080
التاريخ: 10-02-2015
6343
|
1 - خَطَبَها كبار الصحابة فردهم النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) !
روى الجميع أن أبا بكر وعمر وغيرهما خطبا الزهراء « عليها السلام » ، فردهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) . قال ابن سعد في الطبقات : 8 / 19 : « إن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا أبا بكر أنتظر بها القضاء ، فذكر ذلك أبو بكر لعمر فقال له عمر : ردك يا أبا بكر . ثم إن أبا بكر قال لعمر : أخطب فاطمة إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فخطبها فقال له مثلما قال لأبي بكر : أنتظر بها القضاء ، فجاء عمر إلى أبي بكر فأخبره فقال : له ردك يا عمر » !
وفي تذكرة الخواص / 276 ، عن أحمد في الفضائل : « فقال رسول الله : إنها صغيرة ، وإني أنتظر بها القضاء ، فلقيه عمر فأخبره ، فقال : ردك ، ثم خطبها عمر فرده » .
وفي سنن النسائي : 6 / 62 : « فقال رسول الله : إنها صغيرة فخطبها علي فزوجها منه » .
وفي مجمع الزوائد : 9 / 204 عن الطبراني الكبير : 22 / 408 ووثقه : « خطب أبو بكر وعمر فاطمة فقال النبي : هي لك يا علي » .
وفي المناقب : 3 / 122 : « اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وجابر الأنصاري ، وأنس بن مالك ، والبراء بن عازب ، وأم سلمة ، بألفاظ مختلفة ومعان متفقة ، أن أبا بكر وعمر خطبا إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) مرة بعد أخرى فردهما . وروى ابن بطة في الإبانة أنه خطبها عبد الرحمن فلم يجبه . وفي رواية غيره أنه قال : بكذا من المهر ، فغضب ( صلى الله عليه وآله ) ومد يده إلى حصى فرفعها فسبحت في يده ، وجعلها في ذيله فصارت دراً ومرجاناً ، يعرض به جواب المهر » .
وفي الصحيح من السيرة : 5 / 270 : « وقد عاتب الخاطبون النبي ( صلى الله عليه وآله ) على منعهم وتزويج علي ( عليه السلام ) ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : والله ما أنا منعتكم وزوجته ، بل الله منعكم وزوجه ! وقد ورد عنه ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : لو لم يُخلق علي ما كان لفاطمة كفؤ » .
وفي عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 203 : « عن علي ( عليه السلام ) قال : قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي لقد عاتبتني رجال قريش في أمر فاطمة ، وقالوا : خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت علياً ؟ ! فقلت لهم : والله ما أنا منعتكم وزوجته بل الله تعالى منعكم وزوجه ! فهبط عليَّ جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا محمد إن الله جل جلاله يقول : لو لم أخلق علياً لما كان لفاطمة ابنتك كفو على وجه الأرض ، آدم فمن دونه » !
وفي كشف الغمة : 2 / 100 : « إن الله عز وجل زوجك فاطمة « عليها السلام » ، وجعل صداقها الأرض ، فمن مشى عليها مبغضاً لها مشى حراماً » .
ورد الشريف المرتضى روايتهم بأن علياً ( عليه السلام ) آذى فاطمة « عليها السلام » فقال : « إن الله تعالى هو الذي اختار علياً لفاطمة ، فكيف يختار لها من يؤذيها ويغمها » ! الشافي : 2 / 277 .
2 - تولى الله أمر فاطمة ( عليها السلام ) دون أبيها ( ( صلى الله عليه وآله ) )
النبي ( صلى الله عليه وآله ) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، لكن لا ولاية له على ابنته الزهراء « عليها السلام » !
فقد علل رده لمن خطبها غير علي ( عليه السلام ) بأن أمرها لله تعالى وليس له !
وفي الكافي : 5 / 568 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم ، إلا فاطمة ، فإن تزويجها نزل من السماء » .
وفي كشف الغمة : 1 / 363 ، من كلام أبي بكر قال : « قد خطبها الأشراف من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : إن أمرها إلى ربها ، إن شاء أن يزوجها زوجها » .
وهذا يدل على أنها كانت منذورة لله تعالى مثل مريم « عليها السلام » ، أو أن الله تعالى أمر نبيه أن يترك أمرها له ! وهذا مقام عظيم لم يبلغه قبلها رجل ولا امرأة !
وقد حاول بعضهم أن ينتقص من مقامها « عليها السلام » ويعمم هذه الفضيلة ، فروى الحاكم : 4 / 49 أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ما أنا أزوج بناتي ولكن الله تعالى يزوجهن » . لكنه ( صلى الله عليه وآله ) زوج زينب وأم كلثوم ولم يقل إن أمرهن لله تعالى وليس له !
ويشبه ذلك ما رواه الحاكم : 2 / 201 ، عن عروة عن خالته عائشة أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال عن ابنته أو ربيبته زينب : « هي أفضل بناتي أصيبت فيَّ . فبلغ ذلك علي بن الحسين فانطلق إلى عروة فقال : ما حديث بلغني عنك تحدثه تنتقص فيه حق فاطمة « عليها السلام » ؟ فقال : والله ما أحب أن لي ما بين المشرق والمغرب وأني أنتقص فاطمة حقاً هو لها ! وأما بعد ، فلك أن لا أحدث به أبداً .
قال عروة : وإنما كان هذا قبل نزول آية : أدْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَأَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ . . » .
ومعناه أنه يعتذر عن خالته عائشة بأنها قالت إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال بنتي قبل نزول النهي عن النسبة بالتبني . ومعناه أن زينب ربيبة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وليست بنته .
3 - عرس الزهراء ( عليها السلام ) أعظم عرس في تاريخ الأنبياء ( ( عليهم السلام ) )
أمر الله نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن يزوج فاطمة من علي « عليهما السلام » ويحتفل بعرسها . قال أنس : « كنت قاعداً عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) فغشيه الوحي فلما سُرِّيَ عنه قال : أتدري يا أنس ما جاء به جبريل من عند صاحب العرش ؟ قلت : بأبي وأمي ! وما جاء به جبريل من عند صاحب العرش ؟ قال : إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي » . تاريخ دمشق : 37 / 13 ، نحوه كبير الطبراني : 10 / 156 ، الزوائد : 9 / 204 ، المناقب لابن مردويه / 196 ، الجامع الصغير : 1 / 258 ، كنز العمال : 11 / 606 ، و 13 / 671 ، الكشف الحثيث / 174 ، جواهر المطالب : 1 / 155 ، سبل الهدى : 11 / 38 ، الحلبية : 2 / 471 وغيرها وصححوه .
ووصفت الأحاديث في مصادر الطرفين مراسم الخطبة ، ثم العقد ، ثم تهيئة المنزل ، وتأثيثه ، ثم وليمة الزفاف . وتبلغ نحو خمسين صفحة !
4 . أيها الرسول : زوج النور من النور
نزل جبرئيل بأمر الله تعالى لرسوله ( صلى الله عليه وآله ) أن يزوج النور من النور ، فتحدث النبي ( صلى الله عليه وآله ) في المسجد وأمر علياً ( عليه السلام ) أن يخطب فخطب وطلب منه يد فاطمة « عليها السلام » ، وأجابه النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول ، وأخبر المسلمين باحتفال الملأ الأعلى بعرسهما .
ثم باع علي ( عليه السلام ) درعه وجاء بثمنه مهراً وأعطاه للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فأعطى منه قبضة إلى أم سلمة وأم أيمن لشراء لوازم عرس الزهراء « عليها السلام » ، وقبضة لسلمان وأبي بكر ، لشراء لوازم المنزل . ثم أمر الصحابة والصحابيات بتهيئة المنزل .
وبقيت الزهراء بعد عقد زواجها مدة في بيت أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم أقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) مراسم زفافها فأولم وليمة كبيرة لم يحدث التاريخ بأوسع منها في كل سيرته ( صلى الله عليه وآله ) . والأحاديث في مراسم زواج الزهراء « عليها السلام » عديدة ، اخترنا نماذج منها :
في المناقب : 3 / 123 وتاريخ بغداد : 4 / 432 : « طلع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ووجهه مشرق كالبدر ، فسأله ابن عوف عن ذلك فقال : بشارة أتتني من ربي لأخي وابن عمي وابنتي ، واللهُ زوج علياً بفاطمة « عليهما السلام » ، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاعاً بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور ، ودفع إلى كل ملك صكاً براءة من النار ، بأخي وابن عمي وابنتي ، فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي .
دعاه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : أبشر يا علي فإن الله قد كفاني ما كان من همتي تزويجك ، أتاني جبرئيل ومعه من سنبل الجنة وقرنفلها ، فتناولتهما وأخذتهما فشممتهما ، فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنقل ؟ قال : إن الله أمر سكان الجنة من الملائكة ومن فيها أن يزينوا الجنان كلها ، بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها ، وأمر ريحها فهبت بأنواع العطر والطيب ، وأمر حور عينها بالقراءة فيها طه ويس وطواسين وحم وعسق ، ثم نادى مناد من تحت العرش : ألا إن اليوم يوم وليمة علي ، ألا إني أشهدكم أني زوجت فاطمة من علي ، رضاً مني ببعضهما لبعض .
ثم بعث الله سبحانه سحابة بيضاء فقطرت من لؤلؤها وزبرجدها ويواقيتها ، وقامت الملائكة فنثرن من سنبلها وقرنفلها ، وهذا مما نثرت الملائكة » .
وفي حديث خباب بن الأرت : أن الله تعالى أوحى إلى جبرئيل : « زوج النور من النور وكان الولي الله ، والخطيب جبرئيل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي إسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود ملائكة السماوات والأرضين . ثم أوحى إلى شجرة طوبى أن انثري ما عليك ، فنثرت الدر الأبيض والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر واللؤلؤ الرطب ، فبادرن الحور العين يلتقطن ، ويهدين بعضهن » .
وفي تعبير : زوج النور من النور سرٌّ لطيف ، لأن نور النبوة صار جزءين ، وافترق في عبد الله وأبي طالب : جزء للنبوة ، وجزء للإمامة ، ثم اجتمع في الحسن والحسين « عليهما السلام » .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) « الكافي : 1 / 442 » : « إن الله كان إذ لا كان ، فخلق الكان والمكان وخلق نور الأنوار ، الذي نورت منه الأنوار ، وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الأنوار ، وهو النور الذي خلق منه محمداً ( صلى الله عليه وآله ) وعلياً ( عليه السلام ) ، فلم يزالا نورين أولين ، إذ لا شئ كون قبلهما ، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الأصلاب الطاهرة ، حتى افترقا في أطهر طاهرين في عبد الله وأبي طالب « عليهم السلام » » .
وقال القاضي سعيد في شرح توحيد الصدوق : 2 / 79 : « وعندها يتحد النوران اللذان اقتسما في عبد الله وأبي طالب رضي الله عنهما » .
5 . خطبة علي ( ( ع ) ) الرسمية وجواب النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
قال في المناقب : 3 / 126 : « وخطب النبي على المنبر في تزويج فاطمة « عليها السلام » خطبة ، رواها يحيى بن معين في أماليه ، وابن بطة في الإبانة بإسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعاً ، ورويناها عن الرضا ( عليه السلام ) . وروى ابن مردويه أنه قال لعلي : تكلم خطيباً لنفسك ، فقال : الحمد لله الذي قرب من حامديه ، ودنا من سائليه ، ووعد الجنة من يتقيه ، وأنذر بالناس من يعصيه ، نحمده على قديم إحسانه وأياديه ، حمد من يعلم أنه خالقه وباريه ، ومميته ومحييه ، ومسائله عن مساويه ، ونستعينه ونستهديه ، ونؤمن به ونستكفيه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة تبلغه وترضيه ، وأن محمداً عبده ورسوله ، صلاة تزلفه وتخطيه ، وترفعه وتصطفيه .
والنكاح ما أمر الله به ورضيه ، واجتماعنا مما قدره الله وأذن فيه ، وهذا رسول الله زوجني ابنته فاطمة على خمس مائة درهم وقد رضيت ، فاسألوه واشهدوا .
وفي خبر : زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن ، وقد رضيت بما رضي الله لها ، فدونك أهلك فإنك أحق بها مني .
وفي خبر : فنعم الأخ أنت ، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت ، وكفاك برضى الله رضاً ، فخر عليٌّ ساجداً شكر الله تعالى وهو يقول : رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : آمين » .
6 . عرس فاطمة ( عليها السلام ) في السماء
في تفسير العياشي : 2 / 211 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : « أمر الله طوبى فنثرت عليهم من حللها وسندسها ، وإستبرقها ، ودرها ، وزمردها ، وياقوتها ، وعطرها ، فأخذوا منه حتى ما دروا مايصنعون به . ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة « عليها السلام » ، فهي في دار علي بن أبي طالب » .
وفي المناقب : 3 / 128 : « قيل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قد علمنا مهر فاطمة في الأرض فما مهرها في السماء فقال : سل ما يعنيك ودع ما لا يعنيك . قيل : هذا مما يعنينا يا رسول الله ، قال : كان مهرها في السماء خمس الأرض ، فمن مشى عليها مبغضاً لها أو لولدها ، مشى عليها حراماً إلى أن تقوم الساعة » .
وفي روضة الواعظين / 144 ، عن علي ( عليه السلام ) قال : « أتاني رسول رسول لله فقال لي : أجب النبي وأسرع ، فما رأينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أشد فرحاً منه اليوم ! قال : فأتيته مسرعاً فقال : أبشر يا علي فإن الله تعالى قد كفاني ما كان من همي من أمر تزويجك . قلت : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : أتاني جبرئيل ومعه سنبل الجنة وقرنفلها فناولنيهما ، فأخذتهما فشممتهما فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنفل ؟ فقال : إن الله تعالى أمر سكان الجنة من الملائكة ومن فيها أن يزينوا الجنان كلها ، بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها ، ثم نادى مناد : ألا يا ملائكتي وسكان جنتي ، باركوا علي بن أبي طالب حبيب محمد وفاطمة بنت محمد ، فقد باركت عليهما . قال علي : فقلت : يا رسول الله بلغ من قدري حتى أني ذكرت في الجنة وزوجني الله في ملائكته . فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله تعالى إذا أكرم وليه وأحبه ، أكرمه بما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ، فاختار الله لك يا علي . فقلت : رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ . . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : آمين » .
وفي تاريخ دمشق : 42 / 126 : « عن جابر بن عبد الله قال : دخلت أم أيمن على النبي وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك لا أبكى الله عينيك ؟ قالت : بكيت يا رسول الله لأني دخلت منزل رجل من الأنصار قد زوج ابنته رجلاً من الأنصار ، فنثر على رأسها اللوز والسكر ، فذكرت تزويجك فاطمة من علي بن أبي طالب ولم ينثر عليها شيئاً ! فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لا تبكي يا أم أيمن فوالذي بعثني بالكرامة واستخصني بالرسالة ما أنا زوجته ولكن الله زوجه ، ما رضيت حتى رضي علي ، وما رضيت فاطمة حتى رضي الله رب العالمين . يا أم أيمن ، إن الله لما أن زوج فاطمة من علي أمر الملائكة المقربين أن يحدقوا بالعرش فيهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ، وأمر الجنان أن تزخرف فتزخرفت ، وأمر الحور العين أن يتزينَّ فتزينَّ ، وكان الخاطب الله وكان الملائكة الشهود ! ثم أمر شجرة طوبى أن تنثر فنثرت عليهم اللؤلؤ الرطب مع الدر الأبيض مع الياقوت الأحمر مع الزبرجد الأخضر ، فابتدر حور عين من الجنان يرفلن في الحلي والحلل يلتقطنه ، ويقلن هذا من نثار فاطمة بنت محمد ، فهن يتهادينه بينهن إلى يوم القيامة » .
أقول : يظهر أن أم أيمن تتكلم عن المرحلة الأولى من عرس فاطمة « عليها السلام » ، فقد ورد في حديث زفافها أنهم نثروا في عرسها : « فخرج مولى لأم سلمة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنثر سكراً ولوزاً ونثر الناس من كل جانب » . الهداية الكبرى / 115 .
7 . تهيئة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) منزل فاطمة وعلي « عليهما السلام »
روى الطبراني في الأوسط : 6 / 290 وابن ماجة : 1 / 615 : « عن عائشة وأم سلمة قالتا : أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن نجهز فاطمة حتى ندخلها على علي ، فعمدنا إلى البيت ففرشناه تراباً ليناً من أعراض البطحاء ، ثم حشونا مرفقتين ليفاً فنفشناه بأيدينا ، ثم أطعمنا تمراً وزبيباً وسقينا ماء عذباً ، وعمدنا إلى عود فعرضناه في جانب البيت ليلقى عليه الثوب ويعلق عليه السقاء . فما رأينا عرساً أحسن من عرس فاطمة » .
وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يسكن في بيت مع أمه فاطمة بنت أسد ، وعندما تزوج انتقل إلى بيته الجديد وسكنت معه والدته « عليها السلام » .
ففي ذخائر العقبى / 51 1 : « فقال علي لأمه فاطمة بنت أسد : إكفي بنت رسول الله الخدمة خارجاً ، سقاية الماء والحاجة وتكفيك العمل في البيت : العجن والطحن » .
8 . وصف أثاث بيت فاطمة ( عليها السلام )
في المناقب : 3 / 127 : « قال الصادق ( عليه السلام ) : وسكب الدراهم في حجره ، فأعطى منها قبضة كانت ثلاثة وستين أو ستة وستين إلى أم أيمن لمتاع البيت ، وقبضة إلى أسماء بنت عميس للطيب ، وقبضة إلى أم سلمة للطعام ، وأنفذ عماراً وأبا بكر وبلالاً لابتياع ما يصلحها . وكان مما اشتروه قميص بسبعة دراهم ، وخمار بأربعة دراهم ، وقطيفة سوداء خيبرية وسرير مزمل بشريط ، وفراشان من خيش مصر حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من جز الغنم ، وأربع مرافق من أدم الطايف ، حشوها إذخر ، وستر من صوف ، وحصير هجري ، ورحاء اليد ، وسقاء من أدم ومخضب من نحاس ، وقعب للبن ، وشن للماء ، ومطهرة مزفتة ، وجرة خضراء ، وكيزان خزف . . ونطع من أدم ، وعباء قطراني ، وقربة ماء » . إلى آخر الروايات .
9 . أفخم الأعراس عرس فاطمة ( عليها السلام )
أقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأمر ربه عرساً لفاطمة وعلي « عليهما السلام » لا نظير له في تاريخ الأنبياء « عليهم السلام » ، فقد زوج بناته أو ربيباته قبل فاطمة « عليها السلام » وبعدها ، وتزوج هو ، وكانت احتفالاته مختصرة ، فكان يدعو من حضر إلى طعام من تمر وسمن وما شابه ، وانتهى الأمر .
وقد جاء في رواية الطبراني في الأوسط : 6 / 290 وابن ماجة : 1 / 615 : « عن عائشة : فما رأينا عرساً أحسن من عرس فاطمة » .
وضاق بعض حساد علي وفاطمة ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الحديث فقالوا إنه كان أحسن عرس فقط بالحَيْس ، أي حلاوة التمر ، أو الطحين التي تحاس بالدهن !
ورووا « عن جابر : حضرنا عرس علي ، فما رأينا عرساً كان أحسن منه حَيْساً » « الطبراني الأوسط : 6 / 290 » . ثم حاولوا أن يضعفوا رواية ابن ماجة بسلم بن خالد الزنجي ، فقال في مجمع الزوائد : 4 / 50 : « وهو ضعيف وقد وثق » .
وقد وثقه ابن معين والدارقطني وابن حبان ، وهم من كبار الأئمة عندهم !
ففي تاريخ ابن معين : 1 / 50 : « سألت يحيى عن مسلم بن خالد الزنجي فقال ثقة » . وفي مشاهير ابن حبان / 234 : « كان أبيض مشرب الحمرة ، فلذلك قيل زنجي ! مات سنة تسع وسبعين ومائة ، وكان من فقهاء أهل مكة ، ومنه تخرج الشافعي وإياه كان يجالس قبل أن يلقى مالكاً » . « قال الدارقطني : ثقة » . تهذيب التهذيب : 10 / 117 .
فقد ضعفوه لروايته فضائل أهل البيت « عليهم السلام » ! قال بخاري في الضعفاء / 110 : « منكر الحديث » ! ولعلهم لبغضهم إياه سموه زنجياً ، مع أنه أبيض أحمر !
10 . وليمة الزفاف بعد شهر من العقد
أقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) وليمة عامة لعرس علي وفاطمة « عليهما السلام » ، ومدَّ السفر للناس في المسجد ، ففي مناقب علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) لأبي بكر بن مردويه / 198 ، ومناقب ابن شهرآشوب : 3 / 129 : « في حديث : فمكث علي تسعة وعشرين ليلة ، فقال له جعفر وعقيل : سله أن يدخل عليك أهلك ، فعرفت أم أيمن ذلك وقالت : هذا من أمر النساء فخلت به أم سلمة فطالبته بذلك ، فدعاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال : حباً وكرامة ، فأتى الصحابة بالهدايا ، فأمر بطحن البُر وخبزه ، وأمر علياً بذبح البقر والغنم ، فكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يُفَصِّل « الذبيحة » ولم يُرَ على يده أثر دم !
فلما فرغوا من الطبخ أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن ينادى على رأس داره : أجيبوا رسول الله وذلك كقوله تعالى : وأذن في الناس بالحج « والناس في أماكنهم يسمعون دعوته » فأجابوا من النخلات والزروع ، فبسط النطوع في المسجد وصدر الناس ، وهم أكثر من أربعة آلاف رجل وسائر نساء المدينة ، ورفعوا منها ما أرادوا ، ولم ينقص من الطعام شئ ! ثم عادوا في اليوم الثاني وأكلوا ! وفي اليوم الثالث أكلوا مبعوثة أبي أيوب ، ثم دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالصحاف فملئت ووجه إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحفة وقال : هذا لفاطمة وبعلها .
ثم دعا فاطمة ، وأخذ يدها فوضعها في يد علي وقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله يا علي نعم الزوج فاطمة ، ويا فاطمة نعم البعل علي .
وفي مناقب آل أبي طالب : 1 / 114 : « وأتى أبو أيوب بشاة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في عرس فاطمة فنهاه جبرئيل عن ذبحها ، فشق ذلك عليه فأمر ( صلى الله عليه وآله ) زيد بن جبير الأنصاري فذبحها بعد يومين ، فلما طبخ أمر ألا يأكلوا إلا باسم الله وأن لا يكسروا عظامها ، ثم قال : إن أباأيوب رجل فقير ، إلهي أنت خلقتها وأنت أفنيتها وإنك قادر على إعادتها ، فأحيها يا حي لا إله إلا أنت . فأحياها الله وجعل فيها بركة لأبي أيوب وشفاء المرضى في لبنها ، فسماها أهل المدينة المبعوثة ، وفيها قال عبد الرحمن بن عوف أبياتاً منها :
ألم ينظروا شاة ابن زيد وحالها * وفي أمرها للطالبين مزيد
وقد ذبحت ثم استُجِرَّ إها بها * وفصلها فيما هناك يزيد
وأنضج منها اللحم والعظم والكلى * فهلهله بالنار وهو هريد
فأحيى له ذو العرش والله قادر * فعادت بحال ما يشاء يعود
11 . تزيين النساء لفاطمة ( عليها السلام )
« وكان النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمر نساءه أن يزينها ، ويصلحن من شأنها في حجرة أم سلمة ، فاستدعين من فاطمة « عليها السلام » طيباً فأتت بقارورة ، فسألت عنها فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيقول لي : يا فاطمة هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك ، فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه .
فسئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن ذلك فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل !
وأتت بماء ورد ، فسألت أم سلمة عنه فقالت : هذا عرق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كنت آخذه عند قيلولة النبي عندي .
وروي أن جبرئيل ( عليه السلام ) أتى بحلة قيمتها الدنيا ، فلما لبستها تحيرت نسوة قريش منها ، وقلن : من أين لك هذا ؟ قالت : هذا من عند الله » . المناقب : 3 / 130 .
وفي المعجم الكبير للطبراني : 22 / 408 : « عن عبد الله بن مسعود قال : سأحدثكم بحديث سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، سمعته في غزوة تبوك يقول ونحن نسير معه : إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي « عليهما السلام » ففعلت ، قال جبريل : إن الله بنى جنة من لؤلؤة « ووصفها بتفصيل » قلت : يا جبريل لمن بنى الله هذه الجنة ؟ قال : بناها لفاطمة ابنتك وعلي بن أبي طالب ، سوى جنانها ، تحفة أتحفها وأقر عينيك يا رسول الله » .
12 . مراسم زفاف فاطمة لعلي « عليهما السلام »
في شرح الأخبار : 2 / 358 : « ثم قال : يا أسماء ، إملئي لي مخضب ماء وآتيني به ، فملأت وأتته به ، فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منه ومجَّه في فيه ، ثم غسل فيه وجهه وقدميه ، ودعا فاطمة « عليها السلام » فأخذ كفاً من ذلك الماء فنضحه على صدرها ، وأخذ كفاً ثانياً فنضحه على ظهرها ، ثم أمرها أن تشرب بقية الماء .
ثم دعا بعلي ( عليه السلام ) فصنع به مثل ذلك ، ثم قال : اللهم إنهما مني وأنا منهما ، فكما أذهبت عني الرجس وطهرتني ، فأذهبه عنهما وطهرهما . ثم قال : قُوما إلى بيتكما جمع الله بينكما ، وبارك لكما في سيركما ، وأصلح بالكما .
قالت أسماء : إنه ( صلى الله عليه وآله ) لم يزل يدعو لهما لم يشرك في دعائه أحداً حتى توارى في حجرته » . وكشف الغمة : 1 / 382 ، كشف اليقين / 198 ، ينابيع المودة : 2 / 64 ، المناقب : 3 / 131 .
وفي رواية أنه ( صلى الله عليه وآله ) دعا لهما : « اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطهرهما . . . اللهم اجمع شملهما ، واجعلهما وذريتهما من ورثة جنة النعيم . اللهم بارك فيهما وبارك عليهما ، وأنت وليهما في الدنيا والآخرة » . خصائص أمير المؤمنين / 115 ، مناقب أمير المؤمنين : 2 / 203 والبحار : 43 / 122 .
وفي مناقب آل أبي طالب : 3 / 130 ، عن كتاب مولد فاطمة « عليها السلام » للصدوق قال : « أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة « عليها السلام » وأن يفرحن ويرجزن ويكبرن ويحمدن ، ولا يقلن ما لا يرضي الله . قال جابر : فأركبها على ناقته ، وفي رواية على بغلته الشهباء ، وأخذ سلمان زمامها ، وحولها سبعون حوراء والنبي ( صلى الله عليه وآله ) وحمزة وعقيل وجعفر وأهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ، ونساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) قدامها يرجزن . فأنشأت أم سلمة » . ثم ذكر أراجيز أم سلمة ، وعائشة ، وحفصة ، ومعاذة أم سعد بن معاذ .
وروى الطبراني في معجمه الكبير : 22 / 410 حديثاً مطولاً فيه ذكر مراسم زفاف فاطمة « عليها السلام » شبيهاً بحديث المناقب .
وفي المناقب : 3 / 130 : « تاريخ الخطيب ، وكتاب ابن مردويه ، وابن المؤذن ، وابن شيرويه الديلمي ، بأسانيدهم عن علي بن الجعد ، عن ابن بسطام ، عن شعبة بن الحجاج ، وعن علوان عن شعبة ، عن أبي حمزة الضبعي ، عن ابن عباس وجابر : أنه لما كانت الليلة التي زُفت فاطمة إلى علي « عليهما السلام » كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من خلفها ، يسبحون الله ويقدسونه » .
أقول : هذا مقام رباني عظيم ، حيث خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ومعه كبار الملائكة « عليهم السلام » ، مع فاطمة « عليها السلام » من بيته إلى بيت علي ( عليه السلام ) الذي كان أول الأمر بعيداً نسبياً عن المسجد .
وفي شرح إحقاق الحق : 25 / 410 ، عن توضيح الدلائل للإيجي / 334 ، عن ابن سيرين ، عن أم سلمة ، وسلمان من حديث : « حتى إذا صلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عشاء الآخرة انصرف إلى بيت فاطمة « عليها السلام » فدعاها فأجلسها خلف ظهره ، ثم دعا علياً فأخذ بيد فاطمة فوضعها في يد علي وقال ( صلى الله عليه وآله ) : انطلقا إلى بيتكما ولا تحدثا شيئاً حتى آتيكما . فقامت فاطمة « عليها السلام » معه غير عاصية ولامتلكئة حتى دخلا بيتهما فجلسا على فراش ، ثم قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى دخل عليهما فجلس بينهما ، ثم قال لعلي : قم فائتني بماء ، فأخذ علي قعباً فاصطب من ماء شلوة فأتاه به ، فأخذ رسول الله القعب بيده ثم أخذ ملء فيه ماء فتمضمض به ثم أعاده في القعب ، فأخذ قبضة من الماء فنضح به رأس علي ووجهه وصدره ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : إشربه فشربه .
ثم قال لفاطمة : قومي فائتني بماء ، فجاءت به أيضاً في القدح ، فأخذ رسول الله ملء فيه فتمضمض به فأعاده في القدح ، ثم أخذ قبضة فنضح به رأس فاطمة ووجهها ونحرها . ثم قام وخلاهما . ولبث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أربعاً لا يدخل عليهما » .
وفي الإصابة : 8 / 265 : « وأخرج الدولابي في الذرية الطاهرة بسند جيد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليلة بني علي بفاطمة : لا تحدث شيئاً حتى تلقاني فدعا بماء فتوضأ منه ثم أفرغه عليهما وقال : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما » .
المعجم الكبير للطبراني : 22 / 409 : « فجاءت مع أم أيمن فقعدت في جانب البيت وأنا في جانب فجاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : ههنا أخي ؟ فقالت : أم أيمن أخوك قد زوجته بنتك ! فدخل النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال لفاطمة ائتيني بماء ، فقامت إلى قعب في البيت فجعلت فيه ماء فأتته به فمج فيه ثم قال لها قومي فنضح بين ثدييها وعلى رأسها . ثم قال : اللهم أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم . ثم قال لها أدبري فأدبرت فنضح بين كتفيها ، ثم قال : اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ، ثم قال ائتيني بماء فعملت الذي يريده فملأت القعب ماء فأتيته به فأخذ منه بفيه ثم مجه فيه ثم صب على رأسي وبين يدي ثم قال : اللهم إني أعيذه وذريته من الشيطان الرجيم ، ثم قال : أدخل على أهلك بسم الله والبركة » .
13 . صديقات أمها ( عليها السلام ) حضرن عرسها
ورد في أحاديث زواج فاطمة « عليها السلام » ذكر أسماء بنت عميس وأم سلمة ، وكانتا صديقتين لأمها خديجة « عليها السلام » وروي أنها أوصتهما بفاطمة « عليها السلام » . وكانت أم سلمة مع زوجها أبي سلمة المخزومي ، فرجعوا إلى مكة ثم هاجروا إلى المدينة .
أما أسماء فأشكل بعضهم بأنها كانت مع زوجها جعفر بن أبي طالب في الحبشة « كشف الغمة للإربلي : 1 / 383 » لكنه يدل على أنها حضرت خصيصاً لخدمة الزهراء « عليها السلام » في عرسها ، وقد كثر مجئ المهاجرين من الحبشة إلى المدينة ، وشارك عدد منهم في بدر وأحد ، وبقي جعفر بن أبي طالب ينفذ المهام التي أمره بها النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمتعلقة بالحبشة ، فقد كانت مركز الروم في أفريقيا . وفي السنة السابعة أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) جعفراً « رحمه الله » بالعودة مع بضعة أشخاص كانوا معه لأسباب مختلفة .
وقد روى الطبراني في معجمه الكبير : 22 / 412 وغيره حضور أسماء عرس فاطمة « عليها السلام » قال : « ثم إن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دخل فلما رأينه النساء ذهبن وبينهن وبين النبي ستر ، وتخلفت أسماء بنت عميس فقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : على رسلك من أنت ؟ قالت أنا التي أحرس ابنتك ، إن الفتاة ليلة تبنى بها لا بد لها من امرأة تكون قريبة منها إن عرضت لها حاجة ، أو أرادت شيئاً أفضت بذلك إليها . قال : فإني أسأل إلهي أن يحرسك من بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك ، من الشيطان الرجيم » .
14 . ولادة الإمام الحسن ( ( ع ) )
في أمالي الصدوق / 197 : « عن زيد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ( عليه السلام ) قال : لما ولدت فاطمة « عليها السلام » الحسن ( عليه السلام ) قالت لعلي : سمه . فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله . فجاء رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) فأُخرج إليه في خرقة صفراء فقال : ألم أنهكم أن تلفوه في خرقة صفراء ! ثم رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفه فيها ، ثم قال لعلي ( عليه السلام ) : هل سميته ؟ فقال : ما كنت لأسبقك باسمه ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ) : وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط واقرئه السلام وهنئه ، وقل له : إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمه باسم ابن هارون ، فهبط جبرئيل فهنأه من الله عز وجل ، ثم قال : إن الله عز وجل يأمرك أن تسميه باسم ابن هارون . قال : وما كان اسمه ؟ قال : شبر . قال : لساني عربي . قال : سمه الحسن ، فسماه الحسن .
فلما ولد الحسين ( عليه السلام ) أوحى الله عز وجل إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه وهنئه ، وقل له : إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمه باسم ابن هارون ، قال : فهبط جبرئيل فهنأه من الله تبارك وتعالى ثم قال : إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون . قال : وما اسمه ؟ قال : شبير . قال : لساني عربي . قال : سمه الحسين ، فسماه الحسين » .
وفي الكافي : 1 / 461 : « ولد الحسن بن علي « عليهما السلام » في شهر رمضان في سنة بدر ، سنة اثنين بعد الهجرة . وروي أنه ولد في سنة ثلاث ومضى ( عليه السلام ) في شهر صفر في آخره من سنة تسع وأربعين ، ومضى وهو ابن سبع وأربعين سنة وأشهر » .
وفي الكافي : 6 / 33 : « عن الحسين بن خالد قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن التهنية بالولد متى ؟ فقال إنه قال : لما ولد الحسن بن علي هبط جبرئيل بالتهنية على النبي ( صلى الله عليه وآله ) في اليوم السابع وأمره أن يسميه ويكنيه ويحلق رأسه ويعق عنه ويثقب أذنه ، وكذلك حين ولد الحسين ( عليه السلام ) أتاه في اليوم السابع فأمره بمثل ذلك .
قال : وكان لهما ذؤابتان في القرن الأيسر ، وكان الثقب في الأذن اليمنى في شحمة الأذن ، وفي اليسرى في أعلى الأذن ، فالقرط في اليمنى والشنف في اليسرى ، وقد روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس . وهو أصح من القرن » .
وفي الهداية للصدوق / 70 : « وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) لفاطمة « عليها السلام » : أنقبي على أذني ابني الحسن والحسين خلافاً على اليهود » . وفي قاموس الكتاب المقدس / 316 : « وكانت عادة قومية عند الإسماعيليين أن يلبس الرجال أقراطاً » . قضاة : 8 25 و 26 .
أقول : اتفق جمهور المؤرخين على أن ولادة الإمام الحسن ( عليه السلام ) في نصف شهر رمضان ، واختلفوا هل كانت في السنة الثانية للهجرة أو الثالثة ، تبعاً لتاريخ زواج علي وفاطمة ( صلى الله عليه وآله ) . والمرجح قول الإربلي في كشف الغمة : 2 / 136 : « أصح ما قيل في ولادته أنه ولد بالمدينة في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، وكان والده علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قد بنى بفاطمة « عليها السلام » في ذي الحجة من السنة الثانية
من الهجرة » .
فالمرجح أن الأمر الإلهي بزواج فاطمة بعلي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) نزل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) عندما كثر الخاطبون لها ( عليها السلام ) في السنة الأولى من الهجرة ، ولعله ( صلى الله عليه وآله ) عقد زواجهما في تلك الفترة ، كما روى ابن سعد واليعقوبي ، وأخر زفافها إلى السنة الثانية في ذي الحجة كما نصت رواية ابن المسيب عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : « فقلت لعلي بن الحسين : فمتى زوج رسول الله فاطمة من علي ؟ فقال : بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يومئذ تسع سنين » « الكافي 8 / 338 » . ومعنى تسع سنين أنها دخلت في العاشرة ، لأن ولادتها في العشرين من جمادى الثانية سنة خمس للبعثة ، أي بعد أربع سنوات ونصف من البعثة التي كانت في رجب نصف السنة فحسبت سنة ، ويكون عمرها عند هجرته ( صلى الله عليه وآله ) في ربيع الأول في السنة الثالثة عشرة من بعثته نحو ثمان سنين ، وعمرها عند زواجها في ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة نحو تسع سنين ونصفاً ، وولدت الحسن ( عليه السلام ) وعمرها نحو عشر سنوات ونصفاً .
وتؤيد رواية اليعقوبي : 2 / 41 ما ذكرناه : « زوجها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من علي بعد قدومه بشهرين ، وقد كان جماعة من المهاجرين خطبوها إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلما زوجها علياً قالوا في ذلك ! فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما أنا زوجته ولكن الله زوجه » .
ورواية ابن سعد : 8 / 22 : « تزوج علي بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في رجب بعد مقدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) المدينة بخمسة أشهر ، وبنى بها مرجعه من بدر » .
15 . ولادة الإمام الحسين ( ( ع ) )
في الكافي : 1 / 463 : « ولد الحسين بن علي « عليهما السلام » في سنة ثلاث ، وقبض ( عليه السلام ) في شهر المحرم من سنة إحدى وستين من الهجرة ، وله سبع وخمسون سنة وأشهر .
عن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان بين الحسن والحسين « عليهما السلام » طهرٌ ، وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشراً » .
وفي مصباح المتهجد / 826 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أن مولده ( عليه السلام ) في الثالث من شعبان .
وفي عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 52 : « عن سُليم بن قيس الهلالي قال : سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول : كنت عند معاوية والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمه ، وأسامة بن زيد يذكر حديثاً جرى بينه وبينه وأنه قال لمعاوية بن أبي سفيان : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم أخي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابني الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم ابني الحسين ( عليه السلام ) أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا استشهد فابني علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وستدركه يا علي ، ثم ابني محمد بن علي الباقر أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا عبد الله ، وتكملة اثني عشر إماماً ، تسعه من ولد الحسين . قال عبد الله : ثم استشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمه وأسامة بن زيد ، فشهدوا لي عند معاوية . قال سليم بن قيس : وقد كنت سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وأسامة ، أنهم سمعوا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » .
وفي كامل الزيارات / 140 : « عن إبراهيم بن شعيب الميثمي قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن الحسين بن علي « عليهما السلام » لما ولد أمر الله عز وجل جبرئيل ( عليه السلام ) أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الله ومن جبرئيل ( عليه السلام ) ، قال : وكان مهبط جبرئيل ( عليه السلام ) على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له : فطرس ، كان من الحملة فبعث في شي فأبطأ فيه ، فكسر جناحه وألقي في تلك الجزيرة يعبد الله فيها ست مائة عام ، حتى ولد الحسين ( عليه السلام ) فقال الملك لجبرئيل ( عليه السلام ) : أين تريد . قال : إن الله تعالى أنعم على محمد ( صلى الله عليه وآله ) بنعمة فبعثت أهنيه من الله ومني ، فقال : يا جبرئيل إحملني معك لعل محمداً ( صلى الله عليه وآله ) يدعو الله لي ، قال فحمله فلما دخل جبرئيل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهنأه من الله وهنأه منه وأخبره بحال فطرس ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا جبرئيل أدخله ، فلما أدخله أخبر فطرس النبي ( صلى الله عليه وآله ) بحاله فدعا له النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقال له : تمسح بهذا المولود وعد إلى مكانك . قال : فتمسح فطرس بالحسين ( عليه السلام ) وارتفع ، وقال : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أما أن أمتك ستقتله وله عليَّ مكافاة أن لا يزوره زائر إلا بلغته عنه ، ولا يسلم عليه مسلِّم إلا بلغته سلامه ، ولا يصلي عليه مصل إلا بلغته عليه صلاته ، قال : ثم ارتفع » .
أقول : حديث فطرس صحيح السند فيجب قبوله ، لكن الإشكال فيه أنه يدل على ارتكاب الملائكة للذنوب واستحقاقهم للعقوبة ، وأنه يعارض قول تعالى : عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لايَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ . وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ . وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ . لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ . لكن الصحيح أن هذه الآيات تتكلم عن زبانية جهنم المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول . فلا مانع أن هناك أنواع أخرى ، تصدر منهم المعصية مثل فطرس .
على أن المعصية أمر نسبي ، كما أن اعتراض الملائكة في استخلاف آدم ( عليه السلام ) عُدَّ معصية : قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ . « وروى في الكافي : 4 / 188 » : « فأعرض عنها « الملائكة » فرأت أن ذلك من سخطه فلاذت بعرشه ، فأمر الله ملكاً من الملائكة أن يجعل لها بيتاً في السماء السادسة يسمى الضراح بإزاء عرشه ، فصيره لأهل السماء يطوف به سبعون ألف ملك في كل يوم لا يعودون ويستغفرون » .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|