أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-6-2016
15183
التاريخ: 1-9-2020
5834
التاريخ: 12-6-2016
2169
التاريخ: 5-4-2017
5527
|
لاشك ان الانحراف في سلطة يقترن بغاية القرار الاداري، حيث ان للقرارات الادارية غاية متفق عليها ودون الحاجة الى وجود نص يقررها وهي غاية تحقيق الصالح العام. الا ان المشرع قد يحدد لطائفة من القرارات غايات معينة، تلزم مصدر القرار بتحقيقها وهو ما يعرف بتخصيص الاهداف(1). ان ما يميز هذا العيب هو ان القرار الاداري يكون في ظاهرة مستوفيا لمقوماته ويكون النعي عليه بالانحراف في السلطة نعيا على نية مصدر القرار ونفسيته، وهذا ما حدا ببعض الفقه في فرنسا الى عدم الانحراف به كعيب مستقل من العيوب الغاء القرار الاداري استنادا الى انه يرتبط باخلاقيات الادارة(2). الا ان الراي السائد في الفقه الفرنسي وفي قضاء مجلس الدولة المستقر هو اعتبار هذا العيب عيبا قانو نيا لارتباطه بغاية القرار الاداري التي هي ركن من اركانه . وقد تناول العديد من الفقهاء وبعض احكام القضاء الاداري تعريف هذا العيب فقد عرفه الفقيه بونار بانه (( نوع من عدم المشروعية ينحصر في انه عمل قانوني يكون سليما في جميع عناصره عدا عنصر الغرض المحدد له))(3) . بينما عرفه الاستاذ اوبي ودراجو بانه (( عيب من عيوب القرار الاداري يقوم عندما تستخدم سلطة ادارية سلطاتها بارادتها لهدف غير الهدف الذي اعطيت هذه السلطات لتحقيقه)) اما الفقيه جورج فوديل يعرفه بانه (( استعمال السلطة الادارية لسلطاتها لغاية غير التي من اجلها منحت تلك السلطات ))(4). كما عرف العديد من الفقه العربي هذا العيب الا ان ادق التعريفات ما جاء به الدكتور سليمان الطماوي عندما عرفه بانه ( استعمال رجل الادارة سلطته التقديرية لتحقيق غرض غير معترف له بها)(5) ويلاحظ ان هذا التعريف بالرغم من ايجازه قد جاء جامعا مانعا، كما انه اشار الى السلطة التقديرية التي هي المجال الوحيد الذي يمكن ان يظهر فيه هذا العيب، حيث يقترن عيب الانحراف بالسلطة التقديرية للادارة وجودا وعدما فاذا كان لرجل الادارة بموجب هذه السلطة ان يتدخل او يمتنع وان يحدد نوع تدخله اذا ما قرر التدخل، فان هذه السلطة ليست مطلقة بل يرد عليها قيد عام وهو تحقيق الصالح العام، فاذا ما انحرفت عن هذا الهدف فان قرارها يكون مشوبا بعيب الانحراف في السلطة لذلك لا يمكن تصور وجود هذا العيب في حالة مباشرة الادارة لاختصاص مقيد أي اختصاص محدد بنصوص قانونية صريحة لان الادارة ان طبقت نصوص القانون من حيث الاختصاص والشكل والقواعد الموضوعية لايمكن ان يكون قرارها غير مشروع لان في هذه الحالة توجد قرينة مفترضة غير قابلة لاثبات العكس بان النيات كانت سليمة ما دام عمل الادارة قد اقتصر على تنفيذ القانون. اما اذا خالفت الادارة هذه الاحكام فيكون قرارها مشوبا باحد العيوب ولا يمكن ان يكون بأي حال من الاحوال انحرافا في السلطة(6). اما بشأن اهمية عيب الانحراف فلا شك ان هذا العيب بشكل اهمية كبيرة من الناحية القانونية ومن الناحية العملية. فمن الناحية القانونية يعد هذا العيب مظهرا لاتساع نطاق الرقابة القضائية على اعمال الادارة، فلم تعد هذه الرقابة محصورة في فحص المشروعية الخارجية او الظاهرة لا عمال الادارة بل امتدت الى الكشف النوايا عن الداخلية والبواعث النفسية التي تدفع الادارة الى مباشرة سلطاتها او ممارسة اختصاصها. اما من الناحية العملية فقد ادى ظهور هذا العيب كسبب من اسباب الالغاء الى زيادة عدد دعاوى الالغاء زيادة كبيرة اذ انه اكثر العيوب شيوعا وانتشارا واكثرها وقوعا في العمل(7). وقد برزت هذه الاهمية منذ ظهور هذا العيب في فرنسا عام 1870 كعيب مستقل عن عيوب الالغاء الاخرى، ذلك لانه لم يكن بمقدور الطاعن الدفع بعد صحة اسباب القرار في ذلك الوقت، فعلى سبيل المثال ابطل مجلس الدولة الفرنسي لاساءة استعمال السلطة العقوبة التاديبية التي فرضت على مأمور شرطة الذي نظم محضرا اصوليا بحق صديق رئيس البلدية(8)، ذلك لان المجلس لم يكن في تلك المرحلة يعتقد انه يمكن التحقق من وجود اخطاء قانونية وكذلك تكييفها القانوني. الا ان هذه الاهمية قد تقلصت الى حد كبير في الوقت الراهن وذلك لان القاضي الاداري في هذه الايام غير مجبر على الغوص في نيات مصدر القرار لاكتشاف الرغبة في الانتقام ليثبت وجود عيب الانحراف مادام بامكانه الغاء القرار لانعدام الاسباب(9). ومع ذلك فان اهمية هذا العيب وان تقلصت في وقتنا الراهن الا انها تبقى كعلاج نهائي في بعض الحالات عندما يتعذر اكتشاف عدم المشروعية عن طريق أية رقابة خارجية على القرار. ويرى جانب من الفقه ان تطور الرقابة الموضوعية على القرار الاداري لا يحول دون احتفاظ رقابة الانحراف بفائدتها واهميتها لسببين اولهما ان الرقابة التي يمارسها القاضي الاداري سواء في فرنسا ومصر تقتصر- كمبدا عام- على التحقق من وجود السبب ولا تمتد الى تقدير خطورته، الا في حالات استثنائية، ويترتب على ذلك انه اذا عمدت الادارة الى المبالغة في تقدير اهمية وخطورة السبب، فانه لن يكون في مقدوره الطاعن سوى البحث في عيب الانحراف في سلطة، مادام القاضي سيمتنع –طبقا للقاعدة السابقة- عن مراجعة تقدير اهمية السبب. اما السبب الثاني الذي يبرر بقاء اهمية عيب الانحراف فمرده الى اعتبارات عملية تتعلق بالدور الذي يجب ان يقوم به القاضي الاداري في حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وردع الادارة عن استخدام سلطتها لتحقيق اغراض غير مشروعة(10).
__________________
1- ينظر د. محسن خليل، القضاء الاداري مصدر سابق-ص451-452.
2- ينظر راي الفقيه هو ريو مشار اليه في مؤلف د. محمد مصطفى حسن-السلطة التقديرية-المصدر السابق ص296-297.
3- Reger Bonmard – précis d drait admini – stratif – part cencrade . Recueil , sire , paris , 1933 . p 223 .
4- جورج فوديل، المصدر السابق ص251 .
5- ينظر د. سلمان الطماوي، نظرية التعسف في استعمال السلطة، المصدر السابق ص69 .
6- ينظر د. سعاد الشرقاوي، المصدر السابق ص110-111، د. محمود محمد حافظ المصدر السابق، ص654.
7- محمود د. محمد حافظ. المصدر السابق، ص648-649.
8- حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 15 تشرين الثاني 1900 قضية Mang, ras مشار اليه في مؤلف د. جورجد فوديل، المصدر السابق ص252.
9- المصدر السابق، ص253.
10- ينظر د.محمد حسنين عبد العال-المصدر السابق، ص306-308.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|